قالت صحيفة إسبانية إن "إسرائيل بدلا من إدارة ظهرها لطلب المحكمة الجنائية الدولية، فضلت الرد بأنها ترفض التعاون في التحقيق في جرائم الحرب في فلسطين الذي فتحه قضاة لاهاي (مقر المحكمة)".
وأضافت "الباييس" أنه "في هذا السياق، تصر حكومة بنيامين نتنياهو بالوكالة على أنها تنكر اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على إسرائيل، التي ليست من الجهات الموقعة على نظام روما الأساسي، المعاهدة التي أنشأتها عام 2002".
ولكن الرد على المذكرة التي تطلب فيها المدعية العام، فاتو بنسودة، معلومات، توحي باعتراف "بحكم الأمر الواقع" بالعملية التي أجرتها المحكمة قبل شهر.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل "ردت على الطلب خلال اللحظة الأخيرة (انتهى الموعد النهائي للرد في 9 أبريل/نيسان 2021) وأثارت الشكوك حول علاقتها بالمحكمة الجنائية الدولية".
جرائم حرب
وعموما، يعد التحقيق الجنائي في لاهاي - الذي قد يؤدي إلى إصدار مذكرات توقيف دولية في حق كبار المسؤولين والقادة العسكريين، وانتكاسة للصورة الخارجية للكيان الصهيوني - هو أحد القضايا القليلة التي تولد إجماعا بين الطبقة السياسية الإسرائيلية، التي عانت من الاستقطاب بعد 4 انتخابات بنتائج غير حاسمة خلال العامين الماضيين.
وأضافت الصحيفة أن "نتنياهو حشد خصومه في صناديق الاقتراع، مثل وزير الدفاع بالإنابة بيني غانتس، وفي المحكمة، مثل المدعي العام أفيخاي ماندلبليت، الذي قدم لائحة الاتهام التي أجبرته على المحاكمة بتهمة الفساد، لاتخاذ قرار بشأن الرد على المدعي العام بنسودة".
ونبهت "البايس" إلى أن إسرائيل تتبنى موقف "أطيع، لكن لا أمتثل"، تبعا لذلك، قرر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي "عدم التعاون مع المحكمة الدولية، مع الاستمرار في الرد على رسالة المدعي العام"، بحسب بيان رسمي صدر في 9 أبريل/نيسان الجاري.
كما أوضحت هذه الهيئة "أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها سلطة التحقيق وأن إسرائيل تعرف كيف تحقق مع الأحداث التي تجري في أراضيها"، بينما نفت جميع "الاتهامات بارتكاب جرائم حرب".
وفي جميع الأحوال، ليس من المتوقع أن تسمح حكومة إسرائيل للمدعين العامين وعملاء المحكمة الجنائية الدولية بالوصول إلى الأراضي الفلسطينية عبر المراكز الحدودية التي تسيطر عليها جميعها باستثناء رفح، مع مصر، في جنوب غزة.
وأوردت الصحيفة أن "هذا البيان لا يجيب على السؤال الذي طرحته منذ شهر المدعية العامة بنسودة على إسرائيل وفلسطين، في الأساس، طلب منهم تحديد إذا كانوا في وضع يسمح لهم بمنع إطلاق عملية لاهاي من خلال إثبات أن أنظمتهم القضائية قد حققت أو ستحقق في الأحداث التي رأت فيها المحكمة الجنائية أدلة على جرائم حرب".
في هذا السياق، نقلت "البايس" أن يائيل فياس جفريسمان، مديرة معهد القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي في شمال تل أبيب، قالت لصحيفة "معاريف" العبرية إن "أفضل شيء هو اتباع إجراءات المحكمة، كما أن عدم أخذها في الاعتبار وعدم الاعتراف باختصاصها يمكن أن يمثل مشكلة لإسرائيل".
وأفادت الصحيفة بأن "الإجراءات التي بدأها القضاء العسكري الإسرائيلي بشأن شكاوى جرائم الحرب في غزة لم تؤد إلى ملاحقات قضائية، بالإضافة إلى ذلك، تم تعليق قضية مقتل 4 أطفال كانوا يلعبون على شاطئ غزة منتصف الحرب عام 2014 دون توجيه اتهامات عام 2015".
من ناحية أخرى، أكد تحقيق أجرته منظمة "عدالة" غير الحكومية، من الأقلية العربية في إسرائيل، أخيرا أن "الأطفال قد لقوا حتفهم بسبب صاروخين أطلقا من طائرة دون طيار، وفقا لبيانات الشرطة العسكرية نفسها".
من جهته، يصر الجيش على أن الأطفال "قتلوا بالخطأ بسبب الاشتباه في كونهم من نشطاء حماس في منطقة حر ب .
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الدفاع غانتس - الذي كان مرتبطا بنتنياهو العام الماضي في الحكومة والذي انضم الآن إلى المعارضة - صرح من جهته أن "العدالة قد ظهرت" في إسرائيل وأن الرد المقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية ليس فقط "من أجل" أسباب إجرائية فنية، ولكن أيضا لأسباب قانونية وأخلاقية ".
وكان الجنرال السابق غانتس قائد الجيش الذي قاد حرب غزة عام 2014، والتي قتل فيها 2500 فلسطيني، ثلثاهم من المدنيين، و73 إسرائيليا، 67 منهم عسكريون.
وأضافت الصحيفة أن "تحقيق لاهاي يشمل القوات المسلحة الإسرائيلية، لشن هجمات غير متناسبة ضد المدنيين، وأيضا جهات فلسطينية في القطاع، مثل حركتي حماس أوالجهاد الإسلامي، بسبب إطلاق الصواريخ بشكل عشوائي على السكان المدنيين الإسرائيليين".
وفي 5 فبراير/شباط 2021، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارا يقضي بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وهي قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ليمهد الطريق للتحقيق في جرائم حرب فيها.
وأشار التقرير إلى أنه في ديسمبر/كانون الأول 2019، طلبت المدعية العامة بنسودة من المحكمة فتح تحقيق في جرائم الحرب.
وأضافت أن "هناك مؤشرات منطقية على إجراء تحقيق في الوضع بفلسطين بسبب تدخل الجيش الإسرائيلي".
وختمت بنسودة قائلة: "أنا مقتنعة بأن جرائم حرب قد ارتكبت أو يتم ارتكابها في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية".
وقد فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي عقوبات على بنسودة ومسؤولين آخرين في المحكمة في لاهاي نتيجة هذا القرار، لكن الرئيس الحالي، الديمقراطي جو بايدن، رفعها مؤخرا.
وبالإضافة إلى التحقيق في حرب غزة سنة 2014، تخطط المحكمة الجنائية الدولية أيضا للتحقيق في جرائم الحرب المزعومة في مقتل ما يقرب من 300 متظاهر فلسطيني بإطلاق النار من قبل القوات الإسرائيلية على حدود غزة بين عامي 2018 و2019، وكذلك توسيع المستوطنات من قبل المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إن "حكومة إسرائيل تخشى من أن يؤدي التحقيق الجنائي الدولي إلى توجيه لوائح اتهام ضد مسؤولين عسكريين ومدنيين إسرائيليين، ونتيجة لذلك، قد يتم اعتقالهم في الخارج على أساس مذكرات توقيف صادرة عن قضاة لاهاي".
واستدركت: "لكن، لا تملك المحكمة الجنائية جهاز شرطة خاص بها لإنفاذ قراراتها، فهي تتطلب تعاون 123 دولة ملتزمة بولايتها القضائية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق