خلال فترة الستينيات، كان سباق التسلح بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي بأوجه حيث اتجه الطرفان لإنتاج أعداد هائلة من الدبابات والطائرات المتقدمة استعدادا لنزاع مسلح قد يندلع بأية لحظة بينهما خاصة مع تسارع وتيرة الأبحاث العلمية حول برنامج غزو الفضاء واكتساب الطرفين للسلاح النووي وظهور أزمة الصواريخ الكوبية التي كادت أن تقود العالم لما لا تحمد عقباه.
صواريخ عملاقة
وفي خضم الحرب الباردة، لم يتردد الاتحاد السوفيتي خلال منتصف الستينيات، أثناء فترة نيكيتا خروتشوف (Nikita Khrushchev)، في اللجوء للخديعة لتعويض تخلفه التكنولوجي ومغالطة الأميركيين. فيوم التاسع من شهر أيام/مايو 1965، أجرى الاتحاد السوفيتي استعراضا عسكريا ضخما بالساحة الحمراء بموسكو احتفالا بذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية على الساحة الأوروبية وانتصارهم على ألمانيا النازية. وأثناء هذا الاحتفال السنوي، عرض السوفيت صواريخ عملاقة قيل إنها كانت قادرة على حمل رؤوس نووية. وبالتزامن مع ذلك، شيدت آلة الدعاية السوفيتية بهذه الصواريخ مؤكدة على قدرتها على استهداف أي منطقة بالعالم.
3 صور صورة لصواريخ سوفيتية عملاقة
إلى ذلك، لم تتوقف المصادر السوفيتية طيلة العام عن تقديم معلومات خاطئة حول تمكنها من إتقان تقنيات صواريخ باليستية جديدة قادرة على استهداف عمق الولايات المتحدة الأميركية كما تحدّث القائد السوفيتي خروتشوف عن دقة هذه الصواريخ، التي قيل إنها كانت من نوع جي آر 1 (GR-1)، وسرعتها الفائقة التي تتيح لها ضرب مواقع العدو بشكل سريع ومباغت.
خدعة سوفيتية
لكن في حقيقة الأمر، لم تكن هذه الصواريخ السوفيتية العملاقة قادرة على الإقلاع والتحليق كما لم توجد بها أية شحنات منفجرة فكانت بذلك أشبه بكمية من الحديد وضعت بداخلها محركات لإرهاب البعثات الدبلوماسية الغربية التي حضرت الاحتفال وتساءلت حول المناطق التي سيضع بها الاتحاد السوفيتي مثل هذه الصواريخ. وبينما تحدّث البعض عن إمكانية وضعها بغرب البلاد لتهديد أمن أوروبا الغربية، رجّح الأميركيون إمكانية نقلها نحو شرق الاتحاد السوفيتي بسبب قرب تلك المناطق من أراضي الولايات المتحدة الأميركية.
4 صور صورة لعدد من الصواريخ السوفيتية العملاقة بالقرن الماضي
وأمام هذا الوضع، تحدّث الأميركيون عن تقدم البرنامج الصاروخي للاتحاد السوفيتي واحتاروا حول كيفية مواجهته فاتجهوا طيلة السنوات التالية لإنفاق مليارات الدولارات لتجهيز البلاد ببرامج دفاعية متطورة لمواجهة خطر هذه الصواريخ السوفيتية العملاقة التي أثارت الرعب في نفوس عدد كبير من سكان الولايات المتحدة الأميركية عند عرض صورها.
برنامج تسلح متخلف ومشاكل عدّة
في الأثناء، مثلت هذه الصواريخ السوفيتية خدعة حاول من خلالها قادة الاتحاد السوفيتي إخبار الأميركيين أنهم جاهزون للحرب. لكن في الحقيقة، عانى البرنامج الصاروخي السوفيتي من تأخر مقارنة بنظيره الأميركي. فعلى حسب موقع الأسوشيتد برس (Associated Press) امتلك السوفيت أثناء الفترة التي ألقى فيها خروتشوف خطابه 4 صواريخ باليستية عابرة للقارات بينما كان بحوزة الأميركيين 60 صاروخا من هذا النوع. فضلا عن ذلك، تخلى السوفيت منذ العام 1964 عن برنامج الصاروخ جي آر 1 بسبب مشاكل عديدة عند الإطلاق وعدم قدرته على إصابة أهدافه بدقة، كما عانت برامج صواريخ آر تي 15 (RT-15) وآر تي 20 (RT-20) من بعض المشاكل المشابهة أثناء التجارب.
أيضا، شهدت نفس الفترة حديثا حول مشاكل جمّة بالمدفعية المتنقلة 2 بي 1 أوكا (2B1 Oka) عيار 420 ملم التي لطالما وصفها السوفيت بالمدفعية القادرة على قصف مواقع على بعد 50 كلم حيث أكد الخبراء حينها على تعطّل حركة هذه المدفعية المتنقلة وتوقف محركها عن العمل عقب إطلاقها لبعض القذائف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق