لوحة فتاة الثورة - حامد عيسى
رواد الفن التشكيلي الثوري مهدوا لثورة يوليو 1952
ومع ذلك رغم تباين المشهد البصرى والفكرى على النحو السابق إلا أن الميثاق دليل العمل الوطنى فى تلك الفترة أكد ما يلى نصه:
أن تحرير الطاقات الخلاقة لأى شعب من الشعوب يرتبط بالتاريخ ويرتبط بالتطورات السائدة والمؤثرة فى العالم الذى يعيش فيه، كما يؤكد أن مجتمع الرفاهية قادر أن يصوغ قيماً أخلاقية جديدة لا تؤثر عليها القوى الضاغطة المتخلفة من العلل التى عانى منها مجتمعنا زمناً طويلاً. كذلك فإن القيم لابد لها أن تعكس نفسها فى ثقافة وطنية حرة تفجر ينابيع الإحساس بالجمال فى حياة الإنسان الفرد الحر.
وفي معرض حديث عز الدين نجيب في كتابه محمد حامد عويس الإبداع والثورة عن لوحة (الزعيم وتأميم القنال 1957) يقول:
كان من الطبيعي أن يجد الشاب الثوري محمد عويس في الزعيم جمال عبد الناصر أمل الأمة ورمز نهضتها لانتصارها، خاصة بعد تأميمه قناة السويس متحدياَ الاستعمار بكل قواه التي أتحدت بإجهاض هذا الأمل واحتلت أجزاء من أرض مصر بجيوش الدول الثلاث وكان لابد للفنان أن يعـبر عن هذا التلاحم الحميم ولو بأسـلوب مباشر يبرز تلك الحالة الكاريزمية لعبد الناصر، الذى تعملق فى اللوحة بحجم أسطورى بالنسبة للجماهير الملتحمة به.
وإذا كانت السمة التقريرية المباشرة الغالبة على اللوحة، فإن الانتقاء الرمزى لفئات الشعب المختلفة بين عامل وفلاح وجندى وأمراة وطفل وشيخ حول الزعيم يجعل من اللوحة عملاً صرحياً رمزياً وإن شابته روحة الدعاية المرتبطة بفن المناسبات، فقد كان نابعة من دافع ذاتى محض للفنان بعيداً عن أى توجيه أو تكليف، بدليل أن الدولة لم تقتنِ اللوحة وما تزال ضمن مجموعته الخاصة. ولا أعلم ما إذا كان النظام كان أستخدمها فى دعايته أم لا.
نتيجة الحماس
وفى ذروة حماس والتزام العديد من الفنانين بالخط الثورى وخاصة بعد صدور قوانين يوليو الاشتراكية قام عدد من الصحفيين بمجلة أخر ساعة فى عام 1964 بتقديم مجموعة من رسوم قرد مدرب يعمل فى السيرك، إلى عدد من الفنانين المصريين التجريديين على أنها من رسم الفنان العالمى بابلو بيكاسو(1881-1973).. فقال الفنانون التجريديون عن هذة الأعمال كلاماً يمجدها وأبدوا إعجابهم بالمرحلة الجديدة لفن بيكاسو ولم يتمكنوا من التفرقة بين أسلوب الفنان العالمى من ناحية ورسوم القرود المدربة من ناحية أخرى.
كانت الشرعية التى منحتها ثورة يوليو للعديد من طوائف الشعب ممثلة فى التأكيد على قيمة الاستقلال الذاتى والسيادة الوطنية، وحقوق المواطنة هذة الشرعية دفعت روح جديدة فى العروق، تبعث على الأمل وإعلاء قيمة العمل كقيمة أساسية فى مكونات ثقافة المرحلة، وتفتح المسام لأفكار ووجهات النظر الجديدة والمبتكرة بأتجاة مجتمع وواقع جديد تصنعه الأغلبية التى أمنت بفكر ومبادئ الثورة، وإذا كنا قد رأينا نهضة فى السنيما والمسرح تترجم هذة التوجهات، ففى الفن التشكيلى أصبحت المرجعية القومية تستمد محاورها من وحدة فكرية أصيلة تعتمد على عمل تماس مع تراث طويل يتسع محيطه ليشمل الإقليم كله، اعتماداً على طبقات حضارية متراكمة تبدأ من مصر القديمة مروراً بالحضارة القبطية والرومانية و الإسلامية وهو ما رأينا فى أعمال أحمد عبد الوهاب (1932) النحتية وكذلك صالح رضا (1932) ومصطفى أحمد (1930-1999) وعز الدين نجيب(1940)، بل ودوائر أخرى فى العالم مع مناطق ودول تشترك معنا فى التوجهات كالهند والمكسيك وإندونيسيا وتشسلوفاكيا، على سبيل المثال لا الحصر.<br />
وكامتداد طبيعى للجماعات الثورية التى نشطت فى الأربعينات ألتف 5 فنانين فى جماعة واحدة تحمل أسم (الفنانين الخمسة) فى العام 1962 بهدف أحداث مناخ ثقافى لكن تحت مظلة الدولة وهم
رضا زاهر
عبد الحميد الدواخلى(1940-1991)،
نبيل وهبة
فرغلى عبد الحفيظ
نبيل الحسينى
أما جماعة التجريبيين بالإسكندرية فظهرت كجماعة مغلقة فى منتصف الستينات وتضـم ثلاثة فنانين هم:
مصطـفى عبد المعطى(1938)،
سعـيد العدوى (1938-1973)،
محمود عبد الله
واتجهت من البداية نحو البحث عن صيغ جديدة تجريبية سرعان ما تبلورت حول قضايا تهم المجتمع.
جاءت الفنون الشعبية فى مقدمة المجالات التى توجه إليها الفنانين بحثاَ عن منطلقات جديدة ويذكر هنا جهود الفنان والمعلم
سعد الخادم (1892-1982)
وزوجته عفت ناجى(1912-1994)
وسعد كامل(1924) و
خميس شحاتة(1918 – 1996)
وعلى الدسوقى(1937)
وسوسن عامر
بل أن الفنان صلاح عبد الكريم (1925-1988) وجد فى الخردة والحديد وسيلة للتعبير عن قيم جمالية جديدة ويشترك معه فى نفس المنحى
إبراهيم تايب(1929-1987)
وإذا كنا تحدثنا عن فن قومى فى النصف الثانى من القرن العشرين لابد أن نرجعها إلى الجذور التى وضعها الرعيل الأول بقيادة خالد الذكر مثال مصر الأول
محمود مختار(1891-1934) بهدف تأسيس دعائم نهضة فنية وليدة مزجت بين منطلقات الفن الأوروبى وعناصر تراثية وقومية ممثلة فى التعبير عن جمال الريف ومظاهر الحياة اليومية والكشف عن كوامن الإنسان المصرى التى تمتد جذورها إلى روح فنانى مقابر بنى حسن، لذا يعد عطاء جيل الثورة حلقة من حلقات تواصل العطاء والأجيال،
فعلى سبيل المثال لا الحصر جاءت إبداعات جمال السجينى (1917-1973) النحتية معبرة عن أفكار ثورة يوليو وكان السجينى قد خرج من عباءة مختار، الذى فتح الطريق للنحت العربى الحديث ووضع علاماته المميزة للجيل التالى من النحاتـين كـ
عبد القـادر رزق(1912-1978)
وأحمـد عثـمان(1908-1970)
ومصطفى متولى(1911)
ومحمود موسى(1913-2002)
وحسن العجاتى(1923-1979)
وعبد البديع عبد الحى(1916)
التقط العديد من الفنانين موضوعات سياسية للتعبير عنها منهم
عبد الهادى الجزار(1925-1966)،ى فى لوحته الشهيرة الميثاق، والتعبير عن النهضة الصناعية والسد العالى،
عبد الوهاب مرسي (1931)،
أحمد نوار(1945)، فى رسمه السد العالى،
فتحى عفيفى(1950)،
فتحى أحمد(1939)،
;فاروق شحاتة(1939)،
محمد صبرى(1919) فى لوحته خطاب السلام الأمم المتحدى أنجزها عام 1961 وكذلك لوحة اتفاقية القاهرة (1991) تلك اللوحة التى تجسد تدخل الزعيم جمال عبد الناصر لحل الأزمة التى تفاقمت بين الأردن والمقاومة الفلسطينية وهى أخر الأزمات التى تعرض لها الزعيم بعده لفظ أنفاسه الأخيرة.
ويبقى أن الثورة لم يثبت تاريخياً أنها أملت على أحد توجهات أو أساليب أو طرق أو موضوعات تعكس التحولات الجذرية التى حدثت مع فجر 23 يوم يوليو 1952
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق