خلافاً لما هو شائع ومتعارف عليه في وقت الأزمات والحروب والثورات والاضطرابات الشعبية والعسكرية حيث تتوقف سبل الحياة العامة والحياة الثقافية على وجه الخصوص، ذلك أنها تذهب إلى المراكز المتأخرة من الاهتمام والعناية، ها هي دمشق السورية تعيش ومنذ السنوات الأولى للأزمة وخصوصاً بعد عسكرة الحال السورية ودخول البلد في آتون حرب مسعورة، ملمحاً ثقافياً جديداً بدأ بالظهور والتمدد وهو عبارة عن حراك ثقافي يتمثل في عروض موسيقية ومسرحية وسينمائية، ولا سيما في المجال السينمائي حيث ظهرت أفلام تحت شعار دعم سينما الشباب، وازدادت وتيرة الإنتاج السينمائي بشكل ملحوظ، وهنا نحن لا نتحدث عن النوعية أو الفنية بل عن سياق حركي أفقي في مسار العملية السينمائية.
وكشكل من أشكال التعويض عن غياب مهرجان دمشق السينمائي عن التواجد في ساحة المهرجانات العربية خلال السنوات الثمان الماضية لجأت المؤسسة العامة للسينما إلى مهرجان صغير بداية يعنى بتقديم الأفلام السورية الشابة المدعومة وما عُرف بسينما دعم الشباب، وتوالت السنون وكبر حجم المهرجان حتى بلغ دورته الخامسة هذا العام، فلم يكتف بمسابقة للأفلام السورية الشابة بل أصبح للمهرجان مسابقتين محلية وعربية للأفلام القصيرة.
فمساء أمس الخميس أًختتمت فعاليات مهرجان دعم سينما الشباب والأفلام القصيرة في دورته الخامسة بعرض فني وتوزيع الجوائز. وكان المهرجان قد أفتتح يوم الجمعة السابق في دار الأوبرا السورية بدمشق وامتد في الفترة ما بين 27 نيسان (أبريل) ولغاية 3 أيار (مايو)، بحفل فني لفرقة آرام للمسرح الراقص، سينوغرافيا واخراج لنبال بشير والسيناريو لكفاح الخوص.
وتضمنت هذه الدورة وجود مسابقتين سينمائيتين، واحدة للهواة (مشروع دعم سينما الشباب) أي الأفلام التي تدعمها المؤسسة العامة للسينما لعدد من المخرجين الشباب وطلاب دبلوم العلوم السينمائية، والتي بلغ عددها هذا العام نحو 30 فيلماً قصيراً، والثانية احترافية عربية تتضمن مشاركات عربية متعددة. كما أُقيمت تظاهرة للأفلام العالمية الطويلة تضم أهم الأفلام التي نالت جوائز سينمائية عالمية في الألفية الثالثة.
وانطلقت التظاهرة بمؤتمر صحفي عقده مراد شاهين، مدير عام المؤسسة العامة للسينما، قدم خلاله البرنامج العام لمهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة في دورته الخامسةن الذي تنظمه وزارة الثقافة – المؤسسة العامة للسينما، بالتعاون مع دار الأسد للثقافة والفنون.
ورأس لجنة أفلام دعم سينما الشباب الفنان الممثل والمخرج السوري أيمن زيدان، وفي عضويتها كل من: مصطفى الكيلاني (من مصر) وأمل عرفة (من سورية) ونورس الرويسي (من تونس).
أما مسابقة الأفلام العربية الاحترافية القصيرة فكان في رئاسة لجنتها التحكيمية االمصري الأمير أباظة
وتوزعت الجوائز في مسابقة دعم سينما الشباب إلى 6 جوائز وهي: جائزة تنويه خاصة - جائزة أفضل سيناريو - جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلى جانب الجوائز البرونزية والفضية والذهبية.
وبالنسبة لمسابقة الأفلام الاحترافية القصيرة هناك ثلاثة جوائز وهي: جائزة أحسن فيلم- جائزة أحسن إخراج وجائزة أحسن سيناريو.
وكان المهرجان خلال حفل الافتتاح كرم مجموعة من الفنانين السوريين والعرب وهم الممثلة أمل عرفة والمونتيرة انطوانيت عازارية، والفنانة سوزان نجم الدين والكاتب محمود عبدالواحد والمخرج نجدت أنزور (من سوريا) ومدير التصوير سمثير فرج من مصر والممثلة كارمن لبس من لبنان.
ونذكر انه في مسابقة الأفلام القصيرة الاحترافية، تنافس 23 فيلم من 6 دول عربية هي لبنان وتونس وسلطنة عُمان ومصر والعراق، بينما شارك 5 أفلام من سورية هي: «حكايا من مراكز الإيواء» لغسان شميط، «تاتش» ليزن أنزور، «أفراح سوداء» لكوثر معراوي، «يوم من 365 يوم» لأوس محمد، و«حنا مينا (الريس)» لنضال سعد الدبن قوشحة.
وقد تميّزت أفلام دورة هذا العام بتوسع في عدد الأفلام المشاركة وظهور أسماء جديدة شابة ودول والضيوف ونسبة الجمهور المتابع للعروض، لكنها بقيت في الامتداد الأفقي، فحجم المتميز كان قليلاً، وافتقدت العروض إلى نقاشات وحوارات تغني الحال السينمائية المعوّل عليها في التأسيس لما هو قادم من سينما جديدة ومغايرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق