اليوم تمر ٦ سنوات على اتفاق المبادئ و١٠ سنوات من المفاوضات ويتبقى مائة يوم أو أقل على الملء الثاني لسد إثيوبيا الذي بات يهدد حياة المصريين.. تواريخ وأرقام وما بينهما اجتماعات ومؤتمرات ومراوغات ومماطلات، وفي الختام تتبادل الابتسامات أمام الكاميرات دون نتيجة تذكر، وبلا فائدة تسجل.. راهنت أديس أبابا على الوقت وكسبت، وعلى حسن نوايا دول المصب وربحت، وعلى رضا شعبي زائف وفازت.
هي إثيوبيا المتعنتة المراوغة المماطلة تعلن صراحة أنها ماضية في طريق العدوان على المصريين.. بملء أحادي للسد دون تنسيق مع دول المصب، كما ينص اتفاق المبادئ الذي يدخل عامه السابع اليوم.. ملء يهدد الأمن القومي لمصر هكذا قال رئيس الوزراء.. ملء ستكون له تداعيات سلبية "ضخمة" على مصر.. هكذا قال وزير الري.. ملء يضر بشعب وادي النيل ويمنع عنهم الماء الذي وهبه الله لهم ويحرق أرضهم ويغتال أرزاقهم..
هذا هو شعور ملايين المصريين إلا أن أديس أبابا لا ترى في كل ذلك ما يجعلها تتوقف عن المضي إلى غايتها، والسير في طريق العدوان، حتى المفاوضات انتزعت لها حق تحديد من يتفاوض معها فرفضت مقترح "الرباعية" الدولية الذي طرحته السودان لإيجاد تسوية تحقق مصالح جميع الأطراف، مثلما انسحبت في السابق من مفاوضات واشنطن التي كانت قد توصلت إلى اتفاق يحقق الحد الأدنى من التوافق بين الدول الثلاث.
إذن هو عدوان مع سبق الإصرار، واعتداء على حقوق تاريخية ثابتة لمصر في مياه النيل، وبما أنها حقوق فهي من سيادة الدولة المصرية التي عرف عنها على مر التاريخ أنها دولة سلام ولم تكن في يوم ما داعية حرب أو مصدر شر، وتحفظ لجيرانها وأشقائها في إفريقيا كل الخير والسلام.
المؤكد أن الدولة المصرية التي تحمل غصن الزيتون لكل البشرية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ضرر محدق بأهلها، وعدوان مرتقب على حياة شعبها، وتهديد وشيك على أمنها، ولعل الخطاب الخشن الذي بدا واضحًا في تصريحات المسئولين خلال الأسابيع الماضية يحمل من الدلالات ما يشير إلى تغير في النهج وتطور في الأسلوب، وتحول في التعاطي.
ولعلي لا أتجاوز الحقيقة إذا قلت إن الدولة المصرية بدأت خطة ما يمكن وصفه بدبلوماسية القوة التي تجعل باب التفاوض مفتوحًا والود موصولًا وحسن النوايا متوافرًا حتى آخر لحظة.. مفاوضات تحافظ على الحقوق وتضمن لإثيوبيا حق التنمية ولمصر حق الحياة، وفي ذات الوقت تمسك بيدها الأخرى مفاتيح حاسمة للحلول، ووسائل مختلفة لصون الحقوق ورد العدوان.
ولا شك أن دبلوماسية القوة غالبًا ما تؤتي بنتائج إيجابية، وتدفع الطرف المراوغ إلى إعادة حساباته وتعديل توجهاته، والعدول عن عدوانه، وأظن أن المائة يوم القادمة التي تسبق الملء الثاني المزعوم لسد إثيوبيا ستكون حبلى بالمعطيات وملأى بالتطورات، هو صراع الحق والباطل، وسباق الخير والشر وربما تنفرج الأزمة وتتلاشى التهديدات، فهو اختبار أخير للعقل، وفرصة لن تتكرر للوصول إلى اتفاق مرضٍ للجميع.
أما السيناريو البديل فهو في قادم الأيام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق