الدهشة تجاه الظاهرة الوبائية تقود الكاتبة التونسية إلى مشاعر مختلفة يختلط فيها الألم بالأمل.
مثلما لا نعيش زمن الثورات كل يوم فإننا لا نعيش زمن الأوبئة كل يوم
كتاب "صديقتي قاتلة" يتضمن 55 نصا
تونس ـ يتنزل كتاب "صديقتي.. قاتلة" للكاتبة فاطمة بن محمود الذي صدر عن دار الكتاب بتونس، يتنزل في أدب يوميات زمن الكورونا. تضمن الكتاب خمسة وخمسين نصا في 280 صفحة من الحجم المتوسط، تصميم الغلاف لمحمد أسامة الطوصلي (ابن الكاتبة).
وتشير بن محمود في تقديم الكتاب أنه "مثلما لا نعيش زمن الثورات كل يوم فإننا لا نعيش زمن الأوبئة كل يوم، لذلك قادتني الدهشة تجاه هذه الظاهرة الوبائية إلى مشاعر مختلفة يختلط فيها الألم بالأمل، وكان يجب ألا يعبر الوباء حياتي بصمت ساذج لذلك كانت طريقتي في التعاطي معه هي بالكتابة فيه وعنه وحوله ومن هنا وُلد هذا المشروع الأدبي الجديد".
توضح بن محمود أن أفضل ما قدمته لها الكورونا زمن الحجر الصحي التفرغ التام للكتابة وهو ما يحتاجه كل مبدع يحمل هواجس كثيرة، لذلك كانت نظرتها للكورونا مختلفة عن السائد، وهذا ما جعلها تعتبرها صديقة للمرأة المبدعة لأنها تخفف عنها الكثير من ضغوطات اليومي، وتقول بن محمود: "كان يجب أن أجعل من الكورونا صديقتي حتى أكتب بتلقائية وعنف وتوتر وقلق ولذلك يجد القارئ هنا ذاتا متألمة ومنكسرة ومرهقة وحالمة وعنيدة وثائرة وأحيانا قتيلة".
تأتي هذه "اليوميات" لتكون مجرد محمل أدبي ووسيلة لترويض الوباء وتحويله إلى مادة أدبية بحيث أصبحت الكتابة بالنسبة لي ممارسة يومية يمكن من خلالها أن أدرك العوالم الجوانية للذات الكاتبة كما يمكن أن أقرأ الواقع الذي عشتُ فيه، لذلك أعتبر هذه اليوميات تعكس بشكل ما ذاتا واعية ومتشظية وحالمة كما أنها شهادة عن واقع متأزم وعنيف بمختلف أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
الكتابة بديلا عن الموت:
تضيف بن محمود "لم أرغب أن أكتب وفق خط صارم لذلك اخترت أن أكتب أحيانا كتابة كرونولجية انطلق من الصباح إلى المساء وفق خط عمودي ألتقط فيه أهم اللحظات التي أمر بها وأحيانا أخرى أكتب وفق خط أفقي ألتقط فكرة من أحداث اليوم تمثل بؤرة توتر وأشتغل عليها تحليلا وتفكيكا مما يجعلها تستدعي أفكارا أخرى.
لذلك تبدو هذه اليوميات بمثابة نصوص أدبية تضيء على الذات الكاتبة وتبرز بعضا من مواقفها في الحياة والأدب، تدجين الوباء وتحويله إلى مادة للكتابة جعل من الكورونا الخيط الناظم في هذه اليوميات.
وتختم بن محمود بقولها "إذا كان خليل الشيخ اختار أن يعنون يوميات كافكا "بالكتابة بديلا عن الحياة"، وإن كان هذا يبدو ملائما للفضاء المأزوم الذي وقف فيه كافكا وحيدا ومنعزلا جعلته مهتزا ولذلك انجرف إلى سوداوية عنيفة فإن الكتابة بالنسبة لي كانت شكلا من أشكال ترويض الوباء ومقاومة الواقع، وهذا ما يجعل من الكتابة عندي بديلا عن الموت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق