فتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عدة جبهات، خلال عام 2020، وأدخل بلاده في معارك مع العديد من دول العالم، إما بحثا عن أمجاد ماضية، وإما طمعا في ثروات بعض الدول.
وبنظرة سريعة، نجد أن الحاكم التركي ورط دولته وشعبه في صراعات كثيرة، سواء على مستوى الدول العربية، في العراق وسوريا وليبيا، أو على الصعيدين الإقليمي والدولي، في قبرص واليونان ومنطقة شرق البحر المتوسط عموما، وإقليم ناجورنو كاراباخ.
وأدخل أردوغان بلاده في أزمة مع فرنسا، ودخل في معركة مع الرئيس إيمانويل ماكرون، كما ورّطها في مواجهة مع أوروبا عموما، وأمريكا بشكل خاص، بسبب شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية ” إس – 400″، وهو ما أدى إلي توقيع عقوبات أمريكية على أنقرة، المتضرر الأول فيها هو الشعب التركي.
شمال سوريا
قوات أردوغان تقاتل حالياً فى سوريا، وما زالت تحتل مساحات كبيرة من الأراضي، وباتت تسيطر على شمال البلاد، لدرجة أن العملة التركية أصبحت أساس التعاملات بين السوريين هناك، وبالتالي أصبح تواجد القوات التركية أمرا واقعا في انتهاك سافر للشؤون الداخلية لدولة عربية ذات سيادة.
وتدخلت أنقرة في الشأن السوري بزعم أن “وحدات حماية الشعب” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا تُعد امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض صراعاً مسلحاً ضد تركيا منذ ثمانينيات القرن الماضي من أجل الحكم الذاتي للأكراد في مناطق تواجدهم في جنوبي شرقي تركيا.
ولا تنكر وحدات حماية الشعب تبنيها أفكار الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، لكنها تصر على أنها “كيان مستقل ولا علاقة لها به عسكرياً”.
وتقول تركيا إن هذه الجماعة “إرهابية” مثلها مثل “تنظيم داعش”، بينما ترفض الولايات المتحدة ذلك، على سبيل المثال.
وخاضت تلك الوحدات معارك دامية وشرسة ضد تنظيم داعش عندما كانت في أوج قوته عامي 2014 و2015، كما خاضت العديد من المعارك ضد الجماعات السورية المتشددة مثل “جبهة النصرة” وغيرها عندما حاولت الأخيرة السيطرة على المدن والمناطق الكردية في سوريا.
ومع دخول الولايات وغيرها من الدول الغربية عسكريا في سوريا بهدف القضاء على تنظيم داعش بعد أن شنت الأخيرة عمليات دامية في أوروبا وأمريكا، وقطعت رؤوس صحفيين ورهائن غربيين، كان المقاتلون الأكراد الطرف الوحيد المؤهل الذي قبل التعاون مع الجانب الأمريكي لمحاربة التنظيم، وهو ما أثار مخاوف نظام أنقرة من تزايد قوة هؤلاء المقاتلين، ما يهدد أمن تركيا.
وعملت تركيا بقوة، منذ البداية كعادتها، على استثمار الأزمة السورية المشتعلة منذ نحو 9 سنوات، من أجل تحقيق أطماعها التاريخية في المنطقة، بداية من استخدام ورقة اللاجئين السوريين لابتزاز أوروبا وتقوية موقفها التفاوضي مع الاتحاد الأوروبي، وبخاصة من أجل تحقيق حلمها في الحصول على عضوية الاتحاد.
ومن أجل تحقيق أهدافها المشبوهة، دفعت تركيا إلى سوريا بالعديد من الميليشيات والجماعات الإرهابية مثل “جبهة النصرة” الإرهابية.
كما لعبت أنقرة بورقة التصدي لهجمات المقاتلين الأكراد، فاحتلت مناطق شاسعة من الأراضي السورية في شمال شرق نهر الفرات، وأقامت ما يُعرف بالمنطقة الآمنة في شمال سوريا لحماية الأمن التركي من هذه الجماعات، حسب مزاعمها.
وقد مُنيت القوات التركية بالعديد من الهزائم في شمال سوريا، حيث انسحبت أنقرة من 7 مواقع مراقبة عسكرية في شمال غرب البلاد، وسحبت قواتها من الأراضي التي يسيطر عليها الجيش السوري إلى المناطق التي يسيطر عليها مسلحون ومرتزقة مدعومون من أنقرة.
وكانت تركيا قد أقامت عشرات المواقع العسكرية في المنطقة في عام 2018 في إطار اتفاق لم يكتب له الاستمرار توصلت إليه مع روسيا وإيران لتهدئة القتال بين القوات الحكومية السورية والمعارضة.
وتدعم أنقرة القوات التي تُقاتل بشار الأسد بينما تدعم موسكو وطهران الرئيس السوري.
وحاصرت القوات السورية المدعومة من روسيا عدة مواقع عسكرية تركية العام الماضي.
وتعهدت تركيا في ذلك الوقت بالحفاظ على وجودها هناك لكنها بدأت الانسحاب في أكتوبر تشرين الأول.
ولتركيا ما يتراوح بين 10 و15 ألف جندي في شمال غرب سوريا إلى جانب مقاتلي المعارضة الذين تدعمهم والمتشددين الذين التزموا بنزع سلاحهم واحتوائهم.
شمال العراق
وفى شمال العراق أيضا، تنتهك القوات التركية سيادة البلاد بالقصف الدائم لمواقع كردستان العراق، كما تنفذ عمليات عسكرية للقضاء على العناصر الكردية في الشمال.
كما تعمل تركيا على بناء المزيد من القواعد العسكرية المؤقتة في شمال العراق، وهو ما يوسّع خريطة الانتهاكات التركية للأراضي العراقية، ويكشف طبيعة أطماع نظام أردوغان في البلد العربي الشقيق.
وتحتفظ تركيا بأكثر من 10 قواعد مؤقتة موجودة بالفعل شمالي العراق، فيما تسعى لإقامة المزيد منها بمبرر حربها ضد المقاتلين الأكراد.
وتمتد مناطق انتشار القواعد التركية في إقليم كردستان العراق على طول الحدود، وذلك بدءاً من معبر خابور وصولاً إلى منطقة صوران.
وفي عام، 2014 مع ظهور داعش، أنشأت تركيا قواعد في بعشيقة وصوران وقلعة جولان، إلى جانب قواعدها في أربيل بما يشمل ذلك المقرات العسكرية القريبة من جبال قنديل.
وتصب إقامة مزيد من القواعد العسكرية التركية وزيادة في عدد الجنود والقوات في الشمال العراقي في اتجاه واحد هو تأمين ما تزعم أنقرة أنها مصالحها الاستراتيجية، ويأتي على رأسها مواجهة التمدد الكردي في العراق وسوريا.
وتُعد هزيمة حزب العمال الكردستاني، هدفا طويل الأمد تقول تركيا إنها تسعى لتحقيقه منذ زمن بعيد، لكن مراقبين يرون أن أنقرة تتطلع لما هو أبعد من إضعاف المقاتلين الأكراد، وهو تكريس الوجود التركي في شمال العراق.
الصراع في ليبيا
شهد عام 2020 أيضا تدخلا تركيا في الأزمة الليبية، حيث بدأت بدفع عناصر المرتزقة من شمال سوريا لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج ودعمته بالميليشيات والمرتزقة والأسلحة والطائرات المسيرة من دون طيار، الأمر الذى رجّح كفة الميزان العسكري لصالح قوات السراج.
واستغلالا لذلك، قامت تركيا بعقد اتفاقية أمنية وترسيم الحدود البحرية الليبية بهدف استغلال الثروات الليبية، وهو الأمر الذى لم يوافق عليه البرلمان الليبي، ولكن جاء اتفاق ترسيم الحدود البحرية المصرية – اليونانية ليقضي على آمال تركيا في التنقيب عن الغاز أمام السواحل الليبية.
وتركّز الهدف الأساسي لتركيا في ليبيا على تأمين دعم حكومة السراج في أمر يهم حلفاء أردوغان القوميين، وهو تقوية الموقف التركي في أزمة منطقة شرق المتوسط.
وتركيا على خلاف مع اليونان وقبرص بشأن حقوق التنقيب عن مصادر الطاقة قبالة جزيرة قبرص المقسمة، وكذلك حول الحدود البحرية في المنطقة.
وهدف أردوغان، من البداية، هو إعادة رسم الحدود البحرية في شرق المتوسط، طمعا في الموارد الطبيعية بالمنطقة، وأرسلت تركيا بالفعل سفناً حربية لحماية سفن التنقيب في شرق المتوسط، ما هدد باندلاع مواجهة مع اليونان شريكتها في الناتو.
وتراجعت الاستعدادات التي كانت تقوم بها قوات السراج بدعم تركي لمعركة سرت، المدينة الاستراتيجية شرق ليبيا، بسبب تحذير الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من ملامسة “الخط الأحمر”، المتمثل في منطقتي سرت والجفرة، ملوّحا بالتدخل عسكريا في ليبيا حال الاقتراب من ذلك الخط.
وكان الرئيس السيسي قد أكد، في 20 من شهر يونيو/حزيران الماضي، أنه لن يسمح بأي تهديد لحدود مصر الغربية مع ليبيا، مشددا على أن أي تجاوز لمدينتي سرت والجفرة في ليبيا يعتبر خطا أحمر بالنسبة لمصر.
ودخلت الأطراف المتصارعة في ليبيا في مفاوضات على عدة مسارات في عدة دول ” سويسرا، مصر،المغرب” لحل الأزمة الليبية بالطرق السلمية، إلا أن أنقرة تحاول حاليا وبشتى الطرق إفشال هذه المباحثات، بهدف استمرار تواجدها على الأرض الليبية وتحقيق أطماعها، سواء في الثروات الليبية أو ثروات شرق المتوسط.
شرق المتوسط
وتدخلت أنقرة في الشأن السوري بزعم أن “وحدات حماية الشعب” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا تُعد امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض صراعاً مسلحاً ضد تركيا منذ ثمانينيات القرن الماضي من أجل الحكم الذاتي للأكراد في مناطق تواجدهم في جنوبي شرقي تركيا.
ولا تنكر وحدات حماية الشعب تبنيها أفكار الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، لكنها تصر على أنها “كيان مستقل ولا علاقة لها به عسكرياً”.
وتقول تركيا إن هذه الجماعة “إرهابية” مثلها مثل “تنظيم داعش”، بينما ترفض الولايات المتحدة ذلك، على سبيل المثال.
وخاضت تلك الوحدات معارك دامية وشرسة ضد تنظيم داعش عندما كانت في أوج قوته عامي 2014 و2015، كما خاضت العديد من المعارك ضد الجماعات السورية المتشددة مثل “جبهة النصرة” وغيرها عندما حاولت الأخيرة السيطرة على المدن والمناطق الكردية في سوريا.
ومع دخول الولايات وغيرها من الدول الغربية عسكريا في سوريا بهدف القضاء على تنظيم داعش بعد أن شنت الأخيرة عمليات دامية في أوروبا وأمريكا، وقطعت رؤوس صحفيين ورهائن غربيين، كان المقاتلون الأكراد الطرف الوحيد المؤهل الذي قبل التعاون مع الجانب الأمريكي لمحاربة التنظيم، وهو ما أثار مخاوف نظام أنقرة من تزايد قوة هؤلاء المقاتلين، ما يهدد أمن تركيا.
وعملت تركيا بقوة، منذ البداية كعادتها، على استثمار الأزمة السورية المشتعلة منذ نحو 9 سنوات، من أجل تحقيق أطماعها التاريخية في المنطقة، بداية من استخدام ورقة اللاجئين السوريين لابتزاز أوروبا وتقوية موقفها التفاوضي مع الاتحاد الأوروبي، وبخاصة من أجل تحقيق حلمها في الحصول على عضوية الاتحاد.
ومن أجل تحقيق أهدافها المشبوهة، دفعت تركيا إلى سوريا بالعديد من الميليشيات والجماعات الإرهابية مثل “جبهة النصرة” الإرهابية.
كما لعبت أنقرة بورقة التصدي لهجمات المقاتلين الأكراد، فاحتلت مناطق شاسعة من الأراضي السورية في شمال شرق نهر الفرات، وأقامت ما يُعرف بالمنطقة الآمنة في شمال سوريا لحماية الأمن التركي من هذه الجماعات، حسب مزاعمها.
وقد مُنيت القوات التركية بالعديد من الهزائم في شمال سوريا، حيث انسحبت أنقرة من 7 مواقع مراقبة عسكرية في شمال غرب البلاد، وسحبت قواتها من الأراضي التي يسيطر عليها الجيش السوري إلى المناطق التي يسيطر عليها مسلحون ومرتزقة مدعومون من أنقرة.
وكانت تركيا قد أقامت عشرات المواقع العسكرية في المنطقة في عام 2018 في إطار اتفاق لم يكتب له الاستمرار توصلت إليه مع روسيا وإيران لتهدئة القتال بين القوات الحكومية السورية والمعارضة.
وتدعم أنقرة القوات التي تُقاتل بشار الأسد بينما تدعم موسكو وطهران الرئيس السوري.
وحاصرت القوات السورية المدعومة من روسيا عدة مواقع عسكرية تركية العام الماضي.
وتعهدت تركيا في ذلك الوقت بالحفاظ على وجودها هناك لكنها بدأت الانسحاب في أكتوبر تشرين الأول.
ولتركيا ما يتراوح بين 10 و15 ألف جندي في شمال غرب سوريا إلى جانب مقاتلي المعارضة الذين تدعمهم والمتشددين الذين التزموا بنزع سلاحهم واحتوائهم.
شمال العراق
وفى شمال العراق أيضا، تنتهك القوات التركية سيادة البلاد بالقصف الدائم لمواقع كردستان العراق، كما تنفذ عمليات عسكرية للقضاء على العناصر الكردية في الشمال.
كما تعمل تركيا على بناء المزيد من القواعد العسكرية المؤقتة في شمال العراق، وهو ما يوسّع خريطة الانتهاكات التركية للأراضي العراقية، ويكشف طبيعة أطماع نظام أردوغان في البلد العربي الشقيق.
وتحتفظ تركيا بأكثر من 10 قواعد مؤقتة موجودة بالفعل شمالي العراق، فيما تسعى لإقامة المزيد منها بمبرر حربها ضد المقاتلين الأكراد.
وتمتد مناطق انتشار القواعد التركية في إقليم كردستان العراق على طول الحدود، وذلك بدءاً من معبر خابور وصولاً إلى منطقة صوران.
وفي عام، 2014 مع ظهور داعش، أنشأت تركيا قواعد في بعشيقة وصوران وقلعة جولان، إلى جانب قواعدها في أربيل بما يشمل ذلك المقرات العسكرية القريبة من جبال قنديل.
وتصب إقامة مزيد من القواعد العسكرية التركية وزيادة في عدد الجنود والقوات في الشمال العراقي في اتجاه واحد هو تأمين ما تزعم أنقرة أنها مصالحها الاستراتيجية، ويأتي على رأسها مواجهة التمدد الكردي في العراق وسوريا.
وتُعد هزيمة حزب العمال الكردستاني، هدفا طويل الأمد تقول تركيا إنها تسعى لتحقيقه منذ زمن بعيد، لكن مراقبين يرون أن أنقرة تتطلع لما هو أبعد من إضعاف المقاتلين الأكراد، وهو تكريس الوجود التركي في شمال العراق.
الصراع في ليبيا
شهد عام 2020 أيضا تدخلا تركيا في الأزمة الليبية، حيث بدأت بدفع عناصر المرتزقة من شمال سوريا لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج ودعمته بالميليشيات والمرتزقة والأسلحة والطائرات المسيرة من دون طيار، الأمر الذى رجّح كفة الميزان العسكري لصالح قوات السراج.
واستغلالا لذلك، قامت تركيا بعقد اتفاقية أمنية وترسيم الحدود البحرية الليبية بهدف استغلال الثروات الليبية، وهو الأمر الذى لم يوافق عليه البرلمان الليبي، ولكن جاء اتفاق ترسيم الحدود البحرية المصرية – اليونانية ليقضي على آمال تركيا في التنقيب عن الغاز أمام السواحل الليبية.
وتركّز الهدف الأساسي لتركيا في ليبيا على تأمين دعم حكومة السراج في أمر يهم حلفاء أردوغان القوميين، وهو تقوية الموقف التركي في أزمة منطقة شرق المتوسط.
وتركيا على خلاف مع اليونان وقبرص بشأن حقوق التنقيب عن مصادر الطاقة قبالة جزيرة قبرص المقسمة، وكذلك حول الحدود البحرية في المنطقة.
وهدف أردوغان، من البداية، هو إعادة رسم الحدود البحرية في شرق المتوسط، طمعا في الموارد الطبيعية بالمنطقة، وأرسلت تركيا بالفعل سفناً حربية لحماية سفن التنقيب في شرق المتوسط، ما هدد باندلاع مواجهة مع اليونان شريكتها في الناتو.
وتراجعت الاستعدادات التي كانت تقوم بها قوات السراج بدعم تركي لمعركة سرت، المدينة الاستراتيجية شرق ليبيا، بسبب تحذير الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من ملامسة “الخط الأحمر”، المتمثل في منطقتي سرت والجفرة، ملوّحا بالتدخل عسكريا في ليبيا حال الاقتراب من ذلك الخط.
وكان الرئيس السيسي قد أكد، في 20 من شهر يونيو/حزيران الماضي، أنه لن يسمح بأي تهديد لحدود مصر الغربية مع ليبيا، مشددا على أن أي تجاوز لمدينتي سرت والجفرة في ليبيا يعتبر خطا أحمر بالنسبة لمصر.
ودخلت الأطراف المتصارعة في ليبيا في مفاوضات على عدة مسارات في عدة دول ” سويسرا، مصر،المغرب” لحل الأزمة الليبية بالطرق السلمية، إلا أن أنقرة تحاول حاليا وبشتى الطرق إفشال هذه المباحثات، بهدف استمرار تواجدها على الأرض الليبية وتحقيق أطماعها، سواء في الثروات الليبية أو ثروات شرق المتوسط.
شرق المتوسط
تأزمت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشدة بسبب قيام أنقرة بأعمال التنقيب أمام سواحل قبرص، إحدى دول الاتحاد، وقيامها بدفع السفن التركية للتنقيب عن الغاز في منطقة شرق المتوسط، الأمر الذي أثار غضب اليونان، ودفع قبرص لتقديم شكواها للاتحاد الأوروبى، لذلك أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبى، جوزيف بوريل، أن الاتحاد مُقبل على اتخاذ قرارات صعبة ضد تركيا، بسبب انتهاك تركيا سيادة إحدى دول الاتحاد، وهي قبرص.
ويحتدم الخلاف على الحدود البحرية بين شطري الجزيرة، إذ قامت قبرص اليونانية بترسيم منطقتها الاقتصادية في شرق المتوسط بشكل أحادي في عام 2010، وردت قبرص التركية بتوقيع اتفاق مع تركيا لترسيم جرفها القاري في عام 2011.
وتُجري تركيا عمليات تنقيب في المنطقة المحيطة بقبرص والقريبة من اليونان باعتبارها شريكا ولحماية “مصالح القبارصة الأتراك”، حسب مزاعمها.
وتعترض قبرص اليونانية واليونان على ذلك وتعتبر انه انتهاك لسيادتهما ومياههما الإقليمية، بينما تؤكد تركيا أنها تنقب داخل جرفها القاري، حسب قولها.
وهو الأمر الذي دعا على إثره الاتحاد الأوروبي تركيا إلى احترام الحقوق السيادية لقبرص.
وتعهدت قبرص بحماية حقوق القبارصة الأتراك إذا انسحبت القوات التركية من شمال البلاد، إلا أن أنقرة رفضت المقترح وواصلت التنقيب في المنطقة المتنازع عليها، كما هددت بمقاطعة الشركات النفطية العاملة في المياه القبرصية، وقاطعت شركة “إيني” النفطية الإيطالية قبل أن تربح الشركة دعواها أمام القضاء الأوروبي.
ويقدر احتياطي الغاز في المنطقة التي أعلنتها قبرص منطقتها الاقتصادية، ما بين 102 و170 مليار متر مكعب.
ولتضمن قبرص حقوقها في هذه الثروة دون تدخل من تركيا، وقعت اتفاقيات منطقة اقتصادية مع لبنان ومصر وإسرائيل، كما وقعت صفقات مع شركات الطاقة العملاقة، إيني وتوتال وإكسون موبيل لإجراء أعمال الحفر.
وبخلاف قبرص واليونان، تحتج تركيا أيضا على اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية المصرية المطلة على المياه القبرصية، وهو ما رفضته القاهرة باعتباره “تدخلا في شؤونها السيادية.
ووقعت مصر واليونان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما من أجل قطع الطريق على الآمال التركية في غاز المتوسط ونفطه.
وتُعد هذه الاتفاقية بين مصر واليونان، امتدادا لمنتدى شرق البحر الأبيض المتوسط الذي يستثني تركيا.
وقد شُكل هذا المنتدى ومقره القاهرة، في يناير/ كانون الثاني 2019، ليضم وزراء الطاقة في دول شرق المتوسط: مصر وفلسطين والأردن وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا.
وزعمت الخارجية التركية أن الاتفاقية تنتهك الجرف القاري التركي، وبعدها أرسلت تركيا سفنها للتنقيب قرب الجزر اليونانية.
وردا على الاستفزازات التركية في شرق المتوسط، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن زعماء الاتحاد الأوروبي يعتزمون مناقشة صادرات الأسلحة لتركيا مع الشركاء في حلف شمال الأطلسي وواشنطن، وذلك بعد أن ضغطت اليونان لفرض حظر أسلحة على أنقرة.
وتحدثت ميركل بعد قمة اتفق فيها زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددها 27 دولة، على إعداد عقوبات محدودة على أفراد أتراك بسبب اعتراض اليونان وقبرص على أعمال تنقيب تركية لكنهم أرجأوا المناقشات بشأن أي إجراءات أشد حتى مارس آذار.
وقالت ميركل، في مؤتمر صحفي: “تحدثنا عن ضرورة بحث مسائل صادرات الأسلحة داخل حلف شمال الأطلسي.. قلنا إننا نريد أن ننسق مع الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن تركيا”.
وتُبرز تصريحات ميركل تشديدا لموقف حكومات الاتحاد الأوروبي من تركيا، وبخاصة في ظل إصرار قوات أردوغان على إجراء مناورات استفزازية، من وقت لآخر، في شرق البحر المتوسط.
ورغم أن حكومات أوروبية عديدة كانت قد رفضت في السابق الإجراءات العقابية على أنقرة، التي تُعد مقر السوريين الفارين من الحرب الأهلية الذين يريدون الوصول إلى أوروبا، إلا أن دول التكتل أصبحت أشد انتقادا لتركيا بخصوص عدة قضايا أبرزها الأطماع التركية في غاز شرق المتوسط.
المشكلة القبرصية
عادت تركيا مجددا لإثارة المشكلة القبرصية، عندما قام أردوغان بزيارة مدينة فاروشا القبرصية التي وصفها الرئيس القبرصي بأنها زيارة استفزازية، لأنها لا تساهم فى استئناف المحادثات للوصول إلى حل للمشاكل، وبالتالي فإن إثارة المشكلة من جديد لم تكن في الحسبان وهي العودة إلى حل القضية القبرصية من خلال الدولتين، وهو أمر يرفضه المجتمع الدولي، وبالتالى أثار ذلك موجة من التوتر فى المنطقة من جديد.
كما أثارت زيارة أردوغان إلى فاروشا في قبرص التركية، ردود فعل دولية، فقد أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن المنظمة تابعت التطورات في فاروشا بقلق.
وقال لوكالة الأنباء القبرصية: “موقف الأمم المتحدة بشأن فاروشا لم يتغير، والأطراف مدعوة لتجنب الإجراءات أحادية الجانب”.
بالتزامن مع ذلك، تظاهر قبارصة يونانيّون في الشطر الجنوبيّ من الجزيرة، عند معبر على طول المنطقة العازلة، ضد زيارة الرئيس التركي، والذي جاء حديثه في فاروشا يناقض الرؤية الأممية لتوحيد قبرص.
وجزيرة قبرص مقسمة إلى شطرين، إذ تسيطر الحكومة القبرصية اليونانية على القسم الجنوبي، وهو ما يعادل ثلثي مساحة الجزيرة، وتحظى باعتراف دولي، كما أنها عضو في الاتحاد الأوروبي. بينما يخضع الشطر الشمالي “قبرص التركية” لسيطرة أنقرة منذ عام 1974، ولا تعترف بها إلا تركيا وتحتفظ أنقرة بـ30000 جندي فيها، ويفصل بين الشطرين منطقة أممية عازلة تعرف بـ”الخط الأخضر”.
الصراع في ناجورنو كاراباخ
ولأن التدخل في الصراعات والشؤون الداخلية للدول الأخرى ليس جديدا على نظلم أنقرة، تدخّل أردوغان في الصراع بين حكومة أذربيجان وأرمينيا في النزاع حول إقليم ناجورنو كاراباخ، بل قامت تركيا بدفع مرتزقة سوريين للقتال مع قوات أذربيجان ضد الأرمن.
وأقل ما يوصف به التدخل التركي في أزمة ناجورنو كاراباخ بأنه “بلطجة سياسية”، حيث إن الدفع بأكثر من 4 آلاف من الميليشيات والمرتزقة من الشمال السوري إلى أذربيجان، يؤكد أن النظام التركي أصبح يعتمد في جزء كبير من سياسته الخارجية على أسلوب البلطجة، وهي السياسة التي تعتمد عليها أنقرة الآن كعقيدة في سياستها الخارجية تجاه دول العالم.
وعندما توقف القتال في الإقليم، بعد جولات من المعارك راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى، طالبت تركيا بوجود قواتها ضمن عناصر حفظ السلام، وهو الأمر الذي رفضته روسيا، لكن تم الاتفاق على وجود غرفة عمليات في تركيا لمتابعة تطبيق اتفاق السلام ووقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بين الأطراف المتنازعة برعاية موسكو.
تسييس أزمة الرسوم المسيئة
أزمة الرسوم المسيئة أدت إلى تأزم العلاقات بين تركيا وفرنسا، حيث استغل أردوغان الأزمة ليُظهر نفسه في صورة المدافع عن الإسلام.
وانتهز أردوغان انتقاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتطرف الإسلامي عقب مقتل مدرس فرنسي بعد عرضه صورا مسيئة للرسول “عليه الصلاة والسلام”، وهاجم الرئيس الفرنسي بشراسة، وذكر أنه يحتاج إلى فحص لقواه العقلية، وبالتالي أصبحت تركيا بالنسبة لفرنسا دولة عليها تحفظات، ما أثّر على طبيعة العلاقات بين الدولتين حاليا ومستقبلاً، خاصة فى المجال الاقتصادي، وتركيا لديها من المشاكل الاقتصادية التي لا تتحمل أن تزيدها بهذا الموقف مع فرنسا.
وقال مراقبون، تعليقا على موقف الرئيس التركي، إنه لو أراد أردوغان الدفاع عن المسلمين، لكان شن هجومه اللاذع على الصين التي تضطهد ملايين المسلمين، على سبيل المثال، لكن مصالح بلاده مع بكين استوجبت عليه الصمت، بل إن صحفاً أجنبية عدة نقلت تعاون أردوغان مع الصين في عمليات ترحيل مسلمي الإيغور الموجودين على الأراضي التركية.
وأتت حادثة إعادة نشر الصور المسيئة وما لحقها من تصريحات للرئيس الفرنسي، التي اُعتبرت مستفزة لمشاعر المسلمين، لتعطي ذريعة لأردوغان لكي يحول الخلاف السياسي والاقتصادي بسبب التنافس والمصالح بين البلدين، إلى حرب للدفاع عن الإسلام والمسلمين، ولكن أخطر ما في هذه الحرب أنها تؤجج مشاعر ملايين المسلمين وتزج بهم في معركة ظاهرها الدفاع عن الرسول الكريم، ولكن حقيقتها معركة سياسية بامتياز بين خصمين.
والخلافات بين فرنسا وتركيا ظهرت في السنوات الأخيرة بوضوح أيضا في الصراع في كل من ليبيا وسوريا، كذلك في شرق البحر المتوسط، والحدود البحرية مع اليونان، والحرب بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناجورنو كاراباخ.
وارتفع منسوب التوتر بين البلدين مؤخرا بسبب دعم أنقرة لأذربيجان في الحرب مع أرمينيا في الإقليم، مقابل التأييد الفرنسي لأرمينيا.
الأزمة مع أمريكا
جبهة جديدة من المعارك فتحها نظام أردوغان، من خلال قيام تركيا بشراء منظومة الدفاع الجوي الروسية ” إس – 400″، وهو ما أثار حفيظة دول حلف شمال الأطلنطي وبخاصة أمريكا، حيث إن الدستور الأمريكي يرى فرض عقوبات ضد هذا الإجراء، وهذا ما قرره الكونجرس الأمريكي مؤخراً، بفرض عقوبات على أنقرة.
وقد أجّل الرئيس المنهتية ولايته دونالد ترامب تنفيذ هذه العقوبات إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية.
وعادت الولايات المتحدة، خلال الأيام الماضية، وفرضت عقوبات على أنقرة بسبب شرائها هذه المنظومة، ما يعقد العلاقات المتوترة بالفعل بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي.
وقال مسؤولون أمريكيون كبار، إن شراء أنقرة منظومة إس-400 ورفضها التراجع عن قرارها لم يترك للولايات المتحدة أي خيار آخر.
وتستهدف العقوبات أكبر هيئة لتطوير الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها إسماعيل دمير و3 موظفين.
ورغم اقتصار العقوبات على مؤسسة واحدة، رجح محللون أن تؤثر على الاقتصاد التركي في وقت تكافح فيه البلاد تباطؤا بسبب فيروس كورونا وتضخما في خانة العشرات.
وحصلت أنقرة على أنظمة الدفاع الجوي أرض جو إس-400 في منتصف عام 2019، وتقول إنها لا تشكل أي تهديد للحلفاء في حلف شمال الأطلسي، لكن واشنطن تعارض الأمر منذ فترة طويلة، واستبعدت تركيا العام الماضي من برنامج طائرات إف-35.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: “الولايات المتحدة أوضحت لتركيا على أعلى المستويات وفي مناسبات عديدة أن شراءها نظام إس-400 سيعرض أمن التكنولوجيا العسكرية الأمريكية والعسكريين الأمريكيين للخطر وسيقدم أموالا كثيرة لقطاع الدفاع الروسي”.
وقال كريستوفر فورد مساعد وزير الخارجية لشؤون الأمن الدولي وحظر الانتشار، إن واشنطن سعت إلى حل لكن أنقرة رفضت كل العروض.
وقال الدبلوماسي التركي السابق سنان أولجن، الذي يرأس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية ومقره إسطنبول، إن العقوبات ستمنع المشاريع المشتركة أو نقل التكنولوجيا بين الشركات الأمريكية والشركات التركية المرتبطة برئاسة الصناعات الدفاعية.
كما أنها تفرض قيودا على القروض والائتمانات التي تقدمها المؤسسات المالية الأمريكية لرئاسة الصناعات الدفاعية والتي تبلغ قيمتها في المجمل أكثر من 10 ملايين دولار، مع فرض تجميد الأصول وقيود على إصدار التأشيرات لرئيس الهيئة وثلاثة موظفين آخرين.
ونددت تركيا بالعقوبات وقالت إنها “خطأ جسيم” وحثت واشنطن على مراجعة “قرارها الجائر”، مؤكدا أن العقوبات ستضر حتما بالعلاقات الثنائية وهددت بتحركات انتقامية لم تحددها.
ويحتدم الخلاف على الحدود البحرية بين شطري الجزيرة، إذ قامت قبرص اليونانية بترسيم منطقتها الاقتصادية في شرق المتوسط بشكل أحادي في عام 2010، وردت قبرص التركية بتوقيع اتفاق مع تركيا لترسيم جرفها القاري في عام 2011.
وتُجري تركيا عمليات تنقيب في المنطقة المحيطة بقبرص والقريبة من اليونان باعتبارها شريكا ولحماية “مصالح القبارصة الأتراك”، حسب مزاعمها.
وتعترض قبرص اليونانية واليونان على ذلك وتعتبر انه انتهاك لسيادتهما ومياههما الإقليمية، بينما تؤكد تركيا أنها تنقب داخل جرفها القاري، حسب قولها.
وهو الأمر الذي دعا على إثره الاتحاد الأوروبي تركيا إلى احترام الحقوق السيادية لقبرص.
وتعهدت قبرص بحماية حقوق القبارصة الأتراك إذا انسحبت القوات التركية من شمال البلاد، إلا أن أنقرة رفضت المقترح وواصلت التنقيب في المنطقة المتنازع عليها، كما هددت بمقاطعة الشركات النفطية العاملة في المياه القبرصية، وقاطعت شركة “إيني” النفطية الإيطالية قبل أن تربح الشركة دعواها أمام القضاء الأوروبي.
ويقدر احتياطي الغاز في المنطقة التي أعلنتها قبرص منطقتها الاقتصادية، ما بين 102 و170 مليار متر مكعب.
ولتضمن قبرص حقوقها في هذه الثروة دون تدخل من تركيا، وقعت اتفاقيات منطقة اقتصادية مع لبنان ومصر وإسرائيل، كما وقعت صفقات مع شركات الطاقة العملاقة، إيني وتوتال وإكسون موبيل لإجراء أعمال الحفر.
وبخلاف قبرص واليونان، تحتج تركيا أيضا على اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية المصرية المطلة على المياه القبرصية، وهو ما رفضته القاهرة باعتباره “تدخلا في شؤونها السيادية.
ووقعت مصر واليونان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما من أجل قطع الطريق على الآمال التركية في غاز المتوسط ونفطه.
وتُعد هذه الاتفاقية بين مصر واليونان، امتدادا لمنتدى شرق البحر الأبيض المتوسط الذي يستثني تركيا.
وقد شُكل هذا المنتدى ومقره القاهرة، في يناير/ كانون الثاني 2019، ليضم وزراء الطاقة في دول شرق المتوسط: مصر وفلسطين والأردن وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا.
وزعمت الخارجية التركية أن الاتفاقية تنتهك الجرف القاري التركي، وبعدها أرسلت تركيا سفنها للتنقيب قرب الجزر اليونانية.
وردا على الاستفزازات التركية في شرق المتوسط، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن زعماء الاتحاد الأوروبي يعتزمون مناقشة صادرات الأسلحة لتركيا مع الشركاء في حلف شمال الأطلسي وواشنطن، وذلك بعد أن ضغطت اليونان لفرض حظر أسلحة على أنقرة.
وتحدثت ميركل بعد قمة اتفق فيها زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددها 27 دولة، على إعداد عقوبات محدودة على أفراد أتراك بسبب اعتراض اليونان وقبرص على أعمال تنقيب تركية لكنهم أرجأوا المناقشات بشأن أي إجراءات أشد حتى مارس آذار.
وقالت ميركل، في مؤتمر صحفي: “تحدثنا عن ضرورة بحث مسائل صادرات الأسلحة داخل حلف شمال الأطلسي.. قلنا إننا نريد أن ننسق مع الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن تركيا”.
وتُبرز تصريحات ميركل تشديدا لموقف حكومات الاتحاد الأوروبي من تركيا، وبخاصة في ظل إصرار قوات أردوغان على إجراء مناورات استفزازية، من وقت لآخر، في شرق البحر المتوسط.
ورغم أن حكومات أوروبية عديدة كانت قد رفضت في السابق الإجراءات العقابية على أنقرة، التي تُعد مقر السوريين الفارين من الحرب الأهلية الذين يريدون الوصول إلى أوروبا، إلا أن دول التكتل أصبحت أشد انتقادا لتركيا بخصوص عدة قضايا أبرزها الأطماع التركية في غاز شرق المتوسط.
المشكلة القبرصية
عادت تركيا مجددا لإثارة المشكلة القبرصية، عندما قام أردوغان بزيارة مدينة فاروشا القبرصية التي وصفها الرئيس القبرصي بأنها زيارة استفزازية، لأنها لا تساهم فى استئناف المحادثات للوصول إلى حل للمشاكل، وبالتالي فإن إثارة المشكلة من جديد لم تكن في الحسبان وهي العودة إلى حل القضية القبرصية من خلال الدولتين، وهو أمر يرفضه المجتمع الدولي، وبالتالى أثار ذلك موجة من التوتر فى المنطقة من جديد.
كما أثارت زيارة أردوغان إلى فاروشا في قبرص التركية، ردود فعل دولية، فقد أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن المنظمة تابعت التطورات في فاروشا بقلق.
وقال لوكالة الأنباء القبرصية: “موقف الأمم المتحدة بشأن فاروشا لم يتغير، والأطراف مدعوة لتجنب الإجراءات أحادية الجانب”.
بالتزامن مع ذلك، تظاهر قبارصة يونانيّون في الشطر الجنوبيّ من الجزيرة، عند معبر على طول المنطقة العازلة، ضد زيارة الرئيس التركي، والذي جاء حديثه في فاروشا يناقض الرؤية الأممية لتوحيد قبرص.
وجزيرة قبرص مقسمة إلى شطرين، إذ تسيطر الحكومة القبرصية اليونانية على القسم الجنوبي، وهو ما يعادل ثلثي مساحة الجزيرة، وتحظى باعتراف دولي، كما أنها عضو في الاتحاد الأوروبي. بينما يخضع الشطر الشمالي “قبرص التركية” لسيطرة أنقرة منذ عام 1974، ولا تعترف بها إلا تركيا وتحتفظ أنقرة بـ30000 جندي فيها، ويفصل بين الشطرين منطقة أممية عازلة تعرف بـ”الخط الأخضر”.
الصراع في ناجورنو كاراباخ
ولأن التدخل في الصراعات والشؤون الداخلية للدول الأخرى ليس جديدا على نظلم أنقرة، تدخّل أردوغان في الصراع بين حكومة أذربيجان وأرمينيا في النزاع حول إقليم ناجورنو كاراباخ، بل قامت تركيا بدفع مرتزقة سوريين للقتال مع قوات أذربيجان ضد الأرمن.
وأقل ما يوصف به التدخل التركي في أزمة ناجورنو كاراباخ بأنه “بلطجة سياسية”، حيث إن الدفع بأكثر من 4 آلاف من الميليشيات والمرتزقة من الشمال السوري إلى أذربيجان، يؤكد أن النظام التركي أصبح يعتمد في جزء كبير من سياسته الخارجية على أسلوب البلطجة، وهي السياسة التي تعتمد عليها أنقرة الآن كعقيدة في سياستها الخارجية تجاه دول العالم.
وعندما توقف القتال في الإقليم، بعد جولات من المعارك راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى، طالبت تركيا بوجود قواتها ضمن عناصر حفظ السلام، وهو الأمر الذي رفضته روسيا، لكن تم الاتفاق على وجود غرفة عمليات في تركيا لمتابعة تطبيق اتفاق السلام ووقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بين الأطراف المتنازعة برعاية موسكو.
تسييس أزمة الرسوم المسيئة
أزمة الرسوم المسيئة أدت إلى تأزم العلاقات بين تركيا وفرنسا، حيث استغل أردوغان الأزمة ليُظهر نفسه في صورة المدافع عن الإسلام.
وانتهز أردوغان انتقاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتطرف الإسلامي عقب مقتل مدرس فرنسي بعد عرضه صورا مسيئة للرسول “عليه الصلاة والسلام”، وهاجم الرئيس الفرنسي بشراسة، وذكر أنه يحتاج إلى فحص لقواه العقلية، وبالتالي أصبحت تركيا بالنسبة لفرنسا دولة عليها تحفظات، ما أثّر على طبيعة العلاقات بين الدولتين حاليا ومستقبلاً، خاصة فى المجال الاقتصادي، وتركيا لديها من المشاكل الاقتصادية التي لا تتحمل أن تزيدها بهذا الموقف مع فرنسا.
وقال مراقبون، تعليقا على موقف الرئيس التركي، إنه لو أراد أردوغان الدفاع عن المسلمين، لكان شن هجومه اللاذع على الصين التي تضطهد ملايين المسلمين، على سبيل المثال، لكن مصالح بلاده مع بكين استوجبت عليه الصمت، بل إن صحفاً أجنبية عدة نقلت تعاون أردوغان مع الصين في عمليات ترحيل مسلمي الإيغور الموجودين على الأراضي التركية.
وأتت حادثة إعادة نشر الصور المسيئة وما لحقها من تصريحات للرئيس الفرنسي، التي اُعتبرت مستفزة لمشاعر المسلمين، لتعطي ذريعة لأردوغان لكي يحول الخلاف السياسي والاقتصادي بسبب التنافس والمصالح بين البلدين، إلى حرب للدفاع عن الإسلام والمسلمين، ولكن أخطر ما في هذه الحرب أنها تؤجج مشاعر ملايين المسلمين وتزج بهم في معركة ظاهرها الدفاع عن الرسول الكريم، ولكن حقيقتها معركة سياسية بامتياز بين خصمين.
والخلافات بين فرنسا وتركيا ظهرت في السنوات الأخيرة بوضوح أيضا في الصراع في كل من ليبيا وسوريا، كذلك في شرق البحر المتوسط، والحدود البحرية مع اليونان، والحرب بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناجورنو كاراباخ.
وارتفع منسوب التوتر بين البلدين مؤخرا بسبب دعم أنقرة لأذربيجان في الحرب مع أرمينيا في الإقليم، مقابل التأييد الفرنسي لأرمينيا.
الأزمة مع أمريكا
جبهة جديدة من المعارك فتحها نظام أردوغان، من خلال قيام تركيا بشراء منظومة الدفاع الجوي الروسية ” إس – 400″، وهو ما أثار حفيظة دول حلف شمال الأطلنطي وبخاصة أمريكا، حيث إن الدستور الأمريكي يرى فرض عقوبات ضد هذا الإجراء، وهذا ما قرره الكونجرس الأمريكي مؤخراً، بفرض عقوبات على أنقرة.
وقد أجّل الرئيس المنهتية ولايته دونالد ترامب تنفيذ هذه العقوبات إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية.
وعادت الولايات المتحدة، خلال الأيام الماضية، وفرضت عقوبات على أنقرة بسبب شرائها هذه المنظومة، ما يعقد العلاقات المتوترة بالفعل بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي.
وقال مسؤولون أمريكيون كبار، إن شراء أنقرة منظومة إس-400 ورفضها التراجع عن قرارها لم يترك للولايات المتحدة أي خيار آخر.
وتستهدف العقوبات أكبر هيئة لتطوير الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها إسماعيل دمير و3 موظفين.
ورغم اقتصار العقوبات على مؤسسة واحدة، رجح محللون أن تؤثر على الاقتصاد التركي في وقت تكافح فيه البلاد تباطؤا بسبب فيروس كورونا وتضخما في خانة العشرات.
وحصلت أنقرة على أنظمة الدفاع الجوي أرض جو إس-400 في منتصف عام 2019، وتقول إنها لا تشكل أي تهديد للحلفاء في حلف شمال الأطلسي، لكن واشنطن تعارض الأمر منذ فترة طويلة، واستبعدت تركيا العام الماضي من برنامج طائرات إف-35.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: “الولايات المتحدة أوضحت لتركيا على أعلى المستويات وفي مناسبات عديدة أن شراءها نظام إس-400 سيعرض أمن التكنولوجيا العسكرية الأمريكية والعسكريين الأمريكيين للخطر وسيقدم أموالا كثيرة لقطاع الدفاع الروسي”.
وقال كريستوفر فورد مساعد وزير الخارجية لشؤون الأمن الدولي وحظر الانتشار، إن واشنطن سعت إلى حل لكن أنقرة رفضت كل العروض.
وقال الدبلوماسي التركي السابق سنان أولجن، الذي يرأس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية ومقره إسطنبول، إن العقوبات ستمنع المشاريع المشتركة أو نقل التكنولوجيا بين الشركات الأمريكية والشركات التركية المرتبطة برئاسة الصناعات الدفاعية.
كما أنها تفرض قيودا على القروض والائتمانات التي تقدمها المؤسسات المالية الأمريكية لرئاسة الصناعات الدفاعية والتي تبلغ قيمتها في المجمل أكثر من 10 ملايين دولار، مع فرض تجميد الأصول وقيود على إصدار التأشيرات لرئيس الهيئة وثلاثة موظفين آخرين.
ونددت تركيا بالعقوبات وقالت إنها “خطأ جسيم” وحثت واشنطن على مراجعة “قرارها الجائر”، مؤكدا أن العقوبات ستضر حتما بالعلاقات الثنائية وهددت بتحركات انتقامية لم تحددها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق