القوى الإخوانية التي حاولت البقاء قريبا من قطب السلطة فقدت بوصلتها بعدما وجدت نفسها ممنوعة من الاحتكاك بقواعدها الشعبية مساء استحقاق انتخابي قريب.
السبت 2020/10/24
الجزائر- وجدت القوى السياسية التي أعلنت عن معارضتها للدستور الجديد، في الاستفتاء الشعبي المقرر بعد حوالي أسبوع، نفسها ممنوعة من خوض الحملة المضادة رغم التطمينات التي قدمتها اللجنة العليا المستقلة للانتخابات لضمان تكافؤ الفرص بين جميع الأطراف، غير أن السلطات الإدارية تسير عكس ذلك بعدما رفضت الترخيص لأحزاب المعارضة بتنشيط تجمعات سياسية.
كتب : صابربليدي |
وانتقدت حركة مجتمع السلم الإخوانية، رفض السلطات الإدارية الترخيص لها بتنظيم تجمعات شعبية لمناضليها وأنصارها، من أجل شرح موقفها الرافض للدستور الجديد، ودعوتهم إلى التصويت بـ”لا” خلال الاستفتاء الشعبي المقرر بعد أيام قليلة، لتدخل بذلك جولة جديدة من مسلسل السجال السياسي القائم بينها وبين السلطة.
ويبدو أن المعارضين للدستور المذكور، وعلى رأسهم الأحزاب الإخوانية لم يجدوا ضالتهم في العودة إلى الميدان، تحسبا للاستحقاقات المقبلة عبر بوابة الاستفتاء الدستوري، عكس الأحزاب والتنظيمات المدنية التي نزلت بقوة إلى قواعدها بغية الحشد لدعم الوثيقة الجديدة.
حركة مجتمع السلم ترى أن هذه الممارسات تهدف إلى تيئيس رافضي المشروع التمهيدي للدستور من الذهاب إلى الصناديق للتعبير عن آرائهم في إطار القانون
وذكر بيان لحركة مجتمع السلم، بأنه “في إطار البرنامج الذي سطره المكتب التنفيذي الوطني لتنشيط الحملة الانتخابية حول الاستفتاء على المشروع التمهيدي للدستور، قدمت الحركة في العديد من الولايات طلبات الترخيص لتجمعات شعبية فامتنعت المصالح الإدارية عن تقديم أي رخصة في أي ولاية (محافظة) من الولايات المعنية (سطيف، عنابة، وهران، غرداية، أم البواقي، سكيكدة، تيارت، معسكر، تلمسان، الشلف، عين تموشنت، عين الدفلى وغيرها)”.
وأضاف البيان “رغم أن بعض المكاتب الولائية للحركة تلقت الموافقة المبدئية لاستعمال القاعات بتنظيم التجمعات من قبل المندوبيات الولائية للسلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات المخولة قانونا بذلك، تم رفض الترخيص لها من قبل المصالح الإدارية المعنية دون وجه حق”.
وبذلك تكون “حمس”، قد تلقت نفس مصير شقيقتها في التيار الإخواني (جبهة العدالة والبناء)، التي لم يسمح لرئيسها عبدالله جاب الله، من تنشيط تجمع شعبي في مدينة عنابة على الحدود الشرقية، وتكون قوى الإسلام السياسي قد وجدت نفسها في عزلة سياسية مبكرة قبل انتخابات تشريعية ومحلية ينتظر الإعلان عن موعدها خلال الأسابيع المقبلة، وهو الاستحقاق الذي دأب هؤلاء على خوضه بدعوى ممارسة المعارضة من داخل المؤسسات المنتخبة.
وذكر بيان “حمس” الذي تذكر وضع الحريات السياسية والإعلامية متأخرا، رغم التراجع المسكوت عنه من قبل الأحزاب السياسية والتنظيمات المدنية، أن الحركة تذكّر بأن “هذه التصرفات سابقة خطيرة لم تحدث في الحياة السياسية الجزائرية منذ بداية التعددية، وأن هذا التعسف الإداري دليل على تغول الإدارة على سلطة تنظيم الانتخابات وعدم فاعلية هذه الأخيرة في الشأن الانتخابي”.
وتابع أن “منع أصحاب الرأي المخالف من التمتع بحقوقهم القانونية هو انتهاك للحقوق الأساسية للمواطن ولكل الأعراف والقوانين، وأن هذه الممارسات تدل على التوجه الحقيقي الذي يؤسس له المشروع التمهيدي للدستور، ويؤكد للرأي العام المخاوف التي جعلت الحركة تقرر التصويت بـ“لا ” عليه”.
ويبدو أن القوى الإخوانية التي حاولت البقاء قريبا من قطب السلطة، من خلال موقفها الرافض للدستور في المضمون، ما يفضي إلى اعترافها بالمسار كخطوة للخروج من المأزق السياسي الذي تتخبط فيه البلاد، قد فقدت بوصلتها بعدما وجدت نفسها ممنوعة من الاحتكاك بقواعدها الشعبية، مساء استحقاق انتخابي قريب تتخذه كمطية للبقاء في الواجهة.
ووجهت المعارضة الراديكالية انتقادات شديدة للقوى الإخوانية على دعوتها إلى التصويت بـ”لا” على الدستور، واعتبره تكتل البديل الديمقراطي “ورقة دعم للسلطة، لأن ما يهمها هو مشاهد الذهاب إلى صناديق الاقتراع ولا تهمها النتائج لأنها تملك آليات التلاعب بها”.
المعارضين للدستور لم يجدوا ضالتهم في العودة إلى الميدان، تحسبا للاستحقاقات المقبلة عبر بوابة الاستفتاء الدستوري، عكس الأحزاب والتنظيمات المدنية
ولفت بيان “حمس”، إلى أن “هذه التصرفات من شأنها كسر مكتسبات الحراك الشعبي وعلى رأسها عودة المواطنين للاهتمام بالشأن السياسي، ما يدفع إلى اليأس من جديد والاحتقان وتفتيت الجبهة الداخلية الوطنية لمواجهة المخاطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدولية الخطيرة التي تحيط بالبلاد”.
ورغم غياب آليات الرقابة وافتقار المعارضين للإمكانيات البشرية والسياسية لحماية أصواتها، إلا أن “حمس” اعتبرت أن “المقصود من هذه الممارسات هو تيئيس رافضي المشروع التمهيدي للدستور من الذهاب إلى الصناديق للتعبير عن آرائهم في إطار القانون، ما يلقي مسؤولية كبيرة على الشعب الجزائري لفرض إرادته والتوجه بكثافة إلى الصناديق، والمحافظة على أصواته بكل الوسائل السلمية”.
وشددت على أن منعها من خوض حملتها الرافضة، لن “يثنيها عن مواصلتها حملات إقناع المواطنين بالتصويت بـ“لا” بما هو متاح عبر العمل الحواري المباشر مع المواطنين ومن خلال وسائل الاتصال الحديثة، وأن هذا التضييق الذي أصاب كل المخالفين من مختلف الأحزاب والمنظمات لن يزيد الوطنيين النزهاء إلا إصرارا على المقاومة السياسية، خدمة للجزائر وشعبها وضمانا لمستقبلها”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق