اللوبي الصهيوني وتأثيره على الإعلام – الجزء الثاني والاخير

. . ليست هناك تعليقات:







بقلم: مأمون حسين السيد
المصدر: المركز السوري لبحوث الرأي العام


ولو قرأنا في إمبراطورية روبرت موردوخ في الإعلام، نجد أن الإعلام ليس كما يعتقد البعض رافداً من روافد الحداثة والتطور التقني، بل هو عملية تاريخية ارتبطت بالإنسان منذ فجر التاريخ، وتشير المصادر المختصة في ذلك الشأن إلى أن المجتمعات البدائية، كانت تتلقى الأخبار والمعلومات عبر الكلام الشفوي المتداول من مجتمع إلى آخر، وبعد أن استقر الإنسان ظهر نظام الأسرة، ثم نظام القبيلة، ثم نظام الدولة، وتشابكت المصالح حتى أصبح الإنسان بحاجة إلى تنظيم علاقته بالجماعة التي تحيط به، مما أدى إلى ظهور وسائل إعلام بدائية مثل الألواح الفخارية وأوراق البردى، وهي وسائل وجدت طريقها إلى التطور عبر مراحل وحقب تاريخية عدة وصلت لنضجها عندما بدأت تلوح في الأفق بوادر ثورية بتقنية جديدة وهي ثورة المعلومات والاتصالات، أو ما يسمى الموجة الثالثة كما يقول آلفي توفلر وزوجته هاليدي في كتاب لهما عن الموضوع ذاته: "إن للإعلام دور فعال في حركة المجتمع في الميادين كلها، فكثيراً ما نسمع مقولة الحرب دعايات في إشارة إلى أهمية الإعلام في مجريات الأحداث".

فإذا كان الإعلام يتسع لهذه الدرجة من الأهمية منذ القدم حين كان يتطلب وصول الخبر من مكان لآخر أضعاف الوقت الذي يتطلبه الآن يمكن تصور الدور الذي يضطلع به الإعلام إيجاباً أو سلباً في عصر العولمة، وحتى يؤدي الإعلام دوره بإيجابية لا بد له من مواكبة قضايا الأمة، والدفع باتجاه تحقيق الأهداف الوطنية على نحو دقيق ومدروس، فعلى سبيل المثال: يمكن لمراقب مجريات الأحداث على الساحة الفلسطينية أن يلاحظ مدى التأثير الإعلامي في إلهاب عواطف الجماهير الفلسطينية والعربية ككل، وبما أن الشعوب العربية أكثر تأثراً بالإعلام من سواها نظراً لما تتميز به من عواطف جياشة وحماس مفرط، فإن الإمبراطوريات الإعلامية التي تبث صورة أسيادها، وتحاول فرض أدائها وأفكارها، تشكل خطراً على ثقافات العالم الثالث وهويتها القومية، ويقول الدكتور محمود عبد الله: "إن من يحلل معظم المواد الإعلامية الغربية التي تبثها القنوات الفضائية يخرج باستثناء مفاده أن بعضها لا يصلح للإعلام، وأن معظمها هو غلاف ثقافي فاسد، وقد أصبنا جميعاً بعدة حالات تسمم ولم نتعلم بعد من ذلك".

وهنا نريد أن نتطرق إلى مصطلح واحد فقط وهو الإرهاب، وهذا المصطلح الرهيب الذي أصبح يستخدم وينظر إليه على أنه قنبلة موقوتة، يخاف الجميع أن تنفجر بين يديه، وقد أصبح العالم اليوم ضحية للإمبراطورية الإعلامية الغربية التي بدأت تشكله كيفما تشاء، وتصيغ الأحداث بنظرتها الخاصة التي تتوافق مع مصالحها الشخصية وتتماشى مع آرائها في الأحداث العالمية، ويجب على الآخرين أن يتقبلوا الكعكة بشكلها النهائي دون إبداء أي ملاحظات أو تحفظات.

اللوبي الصهيوني وتأثيره على الإعلام – الجزء الأول

ولقد أصبح مجال الإعلام مرتعاً خصباً للاستثمارات المالية، وهكذا نجد أصحاب الملايين يسارعون اليوم للاستثمار في هذا المجال، وقد أصبح حجم ذلك التضخم المالي كبيراً في تلك المؤسسات وقد سقطت بعض المؤسسات الإعلامية في أيدي فئة قليلة من الأثرياء وبعض العائلات الغنية، وهي التي تتحكم في سياسة الإعلام في العديد من الدول، كما أصبح من يملك الإعلام مسيطراً على أذهان الأجيال وأصبح بمقدور من يمتلك تلك المؤسسات الإعلامية السيطرة على الجوانب النفسية للأبناء الثرية، وكما يقول الدكتور المحاضر الإعلامي في جامعة عجمان خالد زعموم: "إن حجم الاستثمارات في مجال الاتصال والصناعة الإعلامية يفوق ثمانمائة مليار دولار على مستوى العالم، وهذا ما يجعل العديد من المستثمرين حريصين على امتلاك المؤسسات الإعلامية".

وإذا تحدثنا عن الإمبراطوريات الإعلامية فلا بد أن نذكر إمبراطورية الإعلامي الأمريكي (كيث روبرت موردوخ) الذي يمتلك في إمبراطوريته أكثر من ثمانمائة مؤسسة إخبارية وإعلامية منتشرة في أمريكا وبريطانيا وأكثر من اثنين وخمسين دولة، وهي بذلك تصل إلى أربع قارات بعائدات مالية سنوية تصل إلى خمسة وعشرين مليار دولار، ويعتبر هذا الشخص ومؤسساته من أكبر ممولي الحركة الصهيونية في العالم، وبين ثنايا هذه الإمبراطورية العملاقة نجد أن موردوخ يمتلك أكثر من مئة وخمسين صحيفة عالمية شهيرة، من بينها التايمز اللندنية، والصنداي تايمز، والصن الشعبية، وهي من أوسع الصحف البريطانية انتشاراً، ونيوز أوف ذا وورلد، ونيويورك بوست وول جورنال، ثاني أوسع الصحف البريطانية انتشاراً في الولايات المتحدة وإحدى أهم الدوريات الاقتصادية في أمريكا والعالم، وقد اشتراها موردوخ في إطار صفقة داوجونز التي تضم شركة داو جونز للمعلومات المالية ومجلة بارونز للشؤون المالية، بالإضافة إلى وكالة أنباء داو جونز ونشرة فاكتفيا ومجموعة صحف بارون ومجموعة مؤشرات بورصات، بما في ذلك الأخبار المالية العالمية.

ويمتلك موردوخ أيضا خمس وعشرين مجلة من بينها (تي في غايد ويكلي ستاندارد)، وهي مجلة المحافظين الجدد التي كان يستلهم منها صقور إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش الأفكار والمواقف، وهذه المجلة تصدر في واشنطن، وتتميز مقالاتها ورسوماتها بنزعة جماهيرية، وقد جاءت في إطار اهتمام المحافظين الجدد بالإعلام كوسيلة فعالة لترويج أفكارهم ومعتقداتهم، وتعبئة الرأي العام العالمي للالتفاف حول القضايا التي يرونها مهمة، وعرفت (ويكلي ستاندارد) بأنها مجلة الجيل الثاني من المحافظين التي تتميز بنزعة إيديولوجية وحركة جماهيرية أكبر من الجيل الأول، وكان هذا الجيل قد ظهر بعد فوز الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب الباردة، وبعد أن أعاد الرئيس الأمريكي السابق (ريغن) ثقة الأمريكيين في جيشهم، لذا تبنى الخراب والهدم كقيمة تنطلق من كيفية استخدام أمريكا لقوتها غير المعهودة وغير المسبوقة كالقطب الواحد في تحقيق أهدافها وتشكيل العالم وفق رؤيتها.

وفي مجال التلفزة والبث الفضائي يمتلك موردوخ اثنتي عشرة محطة تلفزيون في أمريكا وحدها، منها شبكة تلفزيون (بي سكاي بي)، وشبكة فياكوم مالكة (cbs - ubn)، وشبكة فوكس والتي تضم فوكس فيديو ومحطة فوكس نيوز الإخبارية الشهيرة سيئة السمعة ذات التوجهات الصهيونية المناهضة للعرب والمسلمين، والتي تأسست لكي تستحوذ على القسم الأوسع من المشاهدين الأمريكيين، وبخاصة المتعصبين دينياً وقومياً، ويمتلك موردوخ أيضاً شركة فوكس سنتشري للسينما إحدى أهم شركات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي (دايركت تي في)، التي تمثل أكبر نظام فضائيات في الولايات المتحدة الأمريكية، وتبث برامجها لنحو ما يقارب /12/ مليون منزل، وقد حصل عليها موردوخ بدعم من لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية مقابل /8.6/ مليار دولار، ومن المؤكد أن هذه الخطوة جاءت بعد أن قام مسؤولون أمريكيون بمنع مؤسسة إيكو ستار للاتصالات أكبر منافسي مؤسسة موردوخ من الحصول على تلك الصفقة،

كما يشترك موردوخ في ملكية سبع شبكات تلفزة في استراليا، ويسيطر في إيطاليا على شبكة سكاي إيطاليا، كما يمتلك قنوات (تي في ستار) في آسيا الموجهة إلى الشرق الأوسط والتي يصل بثها إلى ثلاث وخمسين دولة. ولموردوخ كذلك حصة في شبكة vox الألمانية، إلى جانب الصحف والمجلات والمحطات التلفزيونية، ويمتلك أيضاً عدداً من دور النشر العالمية التي تشتهر بشكل خاص بكتبها الدينية واسعة الانتشار كدار نشر (هاربر كوليتر)، إضافة إلى خدمات الإنترنت العديدة التي تقدمها شركاته وشبكاته، ومؤخراً اشترى مجموعة (ماي سبيس) مقابل مبلغ /5800/ مليون دولار، لكن أعضاء هذه المجموعة أصبحوا أكبر بأربع مرات في سنة واحدة نظراً لنجاح هذه المؤسسة الإعلامية.

أما في بريطانيا فإن روبرت موردوخ يسيطر على قنوات سكاي، ويمتلك وكالة إعلامية ضخمة تضم العديد من الصحف والمجلات والمواقع إلى جانب المحطات التلفزيونية، ويحصل موردوخ على تسهيلات ضرائبية كبيرة في (إسرائيل)، وبالطبع يتعدى الجانب الاقتصادي، وبما أن موردوخ ينتمي عقائدياً إلى تيار المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد ألزم نفسه بتقديم جميع أنواع الدعم الممكن للكيان الصهيوني.

تأثير الإعلام الصهيوني على العالم العربي:

تقف مجموعة نيوز غروب دائماً مواقف عدائية تجاه قضايا العرب، حيث تولت بشكل رسمي إدارة المعركة الإعلامية قبل وأثناء وبعد احتلال العراق عام 2003م، وقد عملت على الكذب والخداع بتشريع الحرب على مستوى الشعب العراقي عبر قناتها الإخبارية فوكس نيوز، كما أدارت تدفق المعلومات والصور أثناء الحرب والفيلم الوثائقي (الخداع)، وحرب روبرت موردوخ على الصحافة الذي أنتجه المخرج الأمريكي (روبرت جرينوالد) ذو التوجهات الليبرالية، وقد تم إلقاء الضوء على فظاعة هذه الممارسات الشائنة والهجوم على قناة فوكس نيوز ودعمها اليمين الأمريكي، وتم إلقاء الضوء على الخطر الماثل في إدارة مثل هذه الشركات للمؤسسات الإخبارية الكبرى، وتم فضح فيلم الخداع استناداً إلى شهادات موظفين سابقين في فوكس نيوز، وإن أساليب المحطة التلفزيونية الأمريكية تكمن في التحريف والخداع المتجذر فكرياً وعقائدياً في اللوبي اليهودي الصهيوني.

وخلال حرب لبنان 2006 شنت تلك المجموعة حملة إعلامية كبيرة على مستوى العالم لإظهار الكيان الصهيوني بمظهر الضحية المغلوب على أمرها، وقد تكرر الحال خلال حرب غزة عام 2008 و2009م، وبما يتعلق بقضية فلسطين تمارس حرباً إعلامية بدقة متناهية بهدف تشويه صورة الإنسان الفلسطيني بشكل خاص، وتشويه صورة الإنسان العربي بشكل عام، حتى أن مراسل صحيفة التايمز إحدى صحف موردوخ المدعو(سام كيللي)، استقال من منصبه عام 2001م احتجاجاً على الرقابة الصارمة المفروضة على تقاريره عن الشرق الأوسط، كما لم تتردد مجموعة نيوز غروب عن اتهام أي كاتب أو صحفي يبدي تعاطفه مع العرب بمعاداة السامية، كما حدث مع بيتروبيللي الذي نشر مقالاً حول أسباب دعم حكومة توني بلير البريطانية للكيان الصهيوني.

وفي الشأن السوري ومع بداية الأزمة في سورية بدأت المحطات الإعلامية المغرضة شن هجومها بحربها الإعلامية العدائية ضد سورية، وحاولت النيل منها وتقسيمها ومن ورائهما قطر والسعودية وتركيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وثمانون دولة أخرى، ولكنهم فشلوا عندما أبرز الإعلام الوطني السوري جدارته وكفاءته وكشف خداع وتضليل تلك القنوات المغرضة، وأظهر الحقائق على الواقع، وقد زرع اللوبي الصهيوني الإرهاب في سورية عن طريق تجنيد مئات الآلاف من الإرهابيين، ودعمهم مادياً وعسكرياً لمحاربة الشعب السوري، وأن المؤامرة التي بدأت بالحملة الإعلامية المغرضة على سورية قد باءت بالفشل، ومازالت سورية تحارب الإرهاب على أرضيها أينما وجد، وإعادة الأمن والاستقرار للمناطق المحررة.
==================
المراجع :

1- محمود عبد الله، الإعلام وإشكاليات العولمة، الطبعة الأولى، (الأردن، عمان: دار أسامة للنشر والتوزيع)، 2010.

2- محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر: العولمة – صراع الحضارات، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية)، د.ت.
ولد الملياردير الأسترالي الأصل روبرت موردوخ في مدينة ميلبورن بأستراليا ودرس في جامعة أوكسفورد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

برنامج ضروري لضبط الموقع

صفحة المقالات لابرز الكتاب

شبكة الدانة نيوز الرئيسية

اخر اخبار الدانة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية
روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة
بالتفصيل لكل دول العالم - احصائيات انتشار كورونا لحظة بلحظة

مدينة اللد الفلسطينيةى - تاريخ وحاضر مشرف

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة