بالرغم مِن كثرة الدراسات في العقود الأخيرة حول مسألة المرويات الإسرائيلية وإيرادها في كتب التفسير؛ إلا أن أكثرها قد خلا –كما لا يخفى على مَن تأمَّلها- مِن العناية بالجانب التطبيقي؛ مِن خلال النظر في واقع تطبيقات المفسِّرين، وآلياتِ تعاملهم مع هذه المرويات، وطُرقِهم في إيرادها ومعالجتها، فكانت النتيجةُ الحكمَ بأحكامٍ مُسبَقة قبل الوُلوج إلى الدراسة، بانتقاد المفسرين في إيرادها انتقادًا مطلقًا، فضلًا عن دعاوى تجريد كتب التفسير منها.
وكان ينبغي لهذه العناية بالجانب التطبيقي أن تكون سابقةً على تقرير الأحكام وإصدارها؛ إذ هذا هو السبيل القويم -بل الأوحد- لمَن أراد أن يؤسِّس أحكامًا صحيحةً، قويمةَ المسلك، سالمةَ البناء، في مسألةٍ توارَد المفسرون مِن السلف فمَن بعدهم على التعاطي معها وإيرادها وتوظيفها في تفاسيرهم.
وقد صَدرت في الآونة الأخيرة عدةُ بحوثٍ ومقالاتٍ كُتِبت في أوقات مختلفة حول هذه القضية، إلا أنها يجمعها جميعًا طرح رؤية منهجية مغايرة تجاه التعامل مع الإسرائيليات من خلال النظر في واقعها التطبيقي في كتب التفسير، ومراجعة الموقف النقدي السائد إزاءها، فاعتنت وحدة أصول التفسير -التابعة لمركز تفسير للدراسات القرآنية- بجَمع هذه البحوث وترتيبها في نَسَقٍ متكامل يتمُّ من خلاله تجلية تلك الرؤية، وأصدرت هذا الجمع تحت عنوان: "مراجعات في الإسرائيليات"، والذي يوحي بالهدف من وراء إصداره، والمتمثِّل في إثارة الحراك البحثي حول موضوع الإسرائيليات، وفتح آفاق رحبة لمناقشتها، وإعادة النظر فيها والدرس لها، كما أشير إليه في مقدمة الكتاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق