مفهوم إدارة المعرفة
إدارة المعرفة لها مفهوم متجدد ومتطور باستمرار، تناوله المختصون والباحثون من زوايا مختلفة؛ نظرًا لاختلاف خلفياتهم العلمية، واتساع إدارة المعرفة وتعدد حقولها ومداخلها (الجنابي، 2013). وفي العقدين الماضيين حظيت إدارة المعرفة باهتمام بالغ تناول جوانبها كافة، إلا أن هذا الاهتمام لم ينتج عنه اجماع على تعريف موحد، فالكثير من المهتمين والباحثين قدموا العديد من التعاريف التي تتناول إدارة المعرفة من زوايا مختلفة (السرحاني، 2016). حيث أن التعريف لإدارة المعرفة يتباين بتباين مداخل المفهوم، وبتباين الخلفيات العلمية للباحثين والكُتاب في مجال المفهوم، بالإضافة إلى اتساع ميدان المفهوم والتغيرات السريعة التي تطرأ عليه (العلول، 2011).
ومن بين هذه التعريفات:
- “الإدارة الفعّالة للمعرفة الفنية النظرية والتطبيقية والعمليات المصاحبة لها من تكوين واقتناء ، وتنظيم ، وتقاسم ، وتطبيق ، بالاستفادة من النظم والتقنيات الحديثة من أجل رفع مستوى أداء وجودة المنظمة وتعزيز صنع القرار” (السرحاني، 2016: 42).
- “إدارة العمليات التي تُعنى بتوليد المعرفة وتنظيمها وتوظيفها وتشاركها مع المعنيين ليستفيد منها كل من هو بحاجة إليها داخل المؤسسة أو خارجها بما يخدم تحقيق غايات وأهداف المؤسسة” (فياض، 2015: 18).
- “عملية منهجية منظمة لاستقطاب المعرفة وخزنها، ونشرها، وتوليدها، وتطبيقها، بصيغ تداؤبية لتعزيز التعلم، والإبداع، وتحسين الأداء واتخاذ القرار” (الجنابي، 2013: 66).
- “جهود منظمة تتضمن مجموعة من العمليات المستمرة والممارسات الإدارية الهادفة التي تحدد المعرفة المطلوبة وإيجادها وتطويرها وتصنيفها وخزنها ونشرها وتطبيقها وتيسير استرجاعها مما ينتج عنه رفع مستوى الأداء وتحسين القدرات وتحقيق الميزة التنافسية في البيئة المحيطة بالمنظمة” (آل عثمان،2013: 30).
- “عملية إدارية لها مدخلات ومخرجات وتعمل في إطار بيئة خارجية معينة تؤثر عليها وعلى تفعيلاتها وتنقسم إلى خطوات متعددة ومتتالية ومتشابكة مثل خلق وجمع وتخزين وتوزيع المعرفة واستخدامها، والهدف منها هو مشاركة المعرفة في أكفأ صورة للحصول على أكبر قيمة للمؤسسة” (العلول، 2011: 58).
ومن خلال التعاريف السابقة نجد أن النظرة لمفهوم إدارة المعرفة لها ثلاثة محاور رئيسة : أولها جمع وتوليد المعرفة ، وثانيها خزن المعرفة وحمايتها ، وثالثها استخدامها وتوظيفها في اتخاذ القرارات وحل المشكلات .
نشأة إدارة المعرفة
الاهتمام بالعلاقة بين المعرفة وهيكلة أماكن العمل جديد نسبيًا، ومعظم ما كُتب عنها كان خلال السنوات الماضية، ففي المؤتمر الأمريكي الأول للذكاء الاصطناعي الذي عُقد عام 1980 قال إدوارد فراينبوم Edward Freignebaum عبارته الشهيرة: المعرفة قوة Knowledge is Power ، وتلك اللحظة أرَّخت لبداية الحقل المعرفي الجديد المُسمى بهندسة المعرفة، وفي عام 1997 ظهر حقل جديد آخر دلّ عليه تغيير عنوان مجلة تغيير وإعادة هندسة إدارة الأعمال إلى إدارة ومعالجة المعرفة، ومنذ ذلك الحين أصبح موضوع إدارة المعرفة من أهم المواضيع المطروحة في الإنتاج الفكري في الإدارة (عليان، 2015). ويُشير فياض (2015) إلى أن عام 1986 شهد ابتكار مصطلح إدارة المعرفة على يد كارل ويج، في ندوة لمنظمة قوى العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، وبعد ذلك ساهم العديد من الباحثين في تطوير ونشر مفهوم إدارة المعرفة.
مبادئ إدارة المعرفة
هناك مجموعة من المبادئ التي تقوم عليها إدارة المعرفة (Lee & Choi, 2003):
- التعاون: بحيث يستطيع العاملون في المؤسسة العمل كفريق واحد مما يؤدي إلى التشارك المعرفي.
- الثقة: وتعني إيمان العاملين في المؤسسة بقدرات بعضهم البعض ما يؤدي إلى تحقيق التبادل الفعال للمعرفة.
- التعلم: ويعني اكتساب المعرفة الجديدة واستخدامها في اتخاذ القرارات من قبل العاملين في المؤسسة.
- اللامركزية: المركزية تعني تركيز الصلاحيات بيد الإدارة العليا ، بينما إدارة المعرفة تحتاج إلى اللامركزية.
- إضفاء الطابع الرسمي: ويعني المدى الذي تتحكم به السياسات والإجراءات في عملية اتخاذ القرار ، فإدارة المعرفة تحتاج إلى مرونة عالية في تطبيق الإجراءات والسياسات.
- الخبرة الواسعة: وتعني أن تكون خبرة العاملين في المؤسسة عميقة ومتنوعة أفقيًا وعموديًا.
- تسهيلات ودعم نظم تكنولوجيا المعلومات: ويشير إلى ما تقدمه تكنولوجيا المعلومات لإدارة المعرفة من تسهيلات.
أهداف إدارة المعرفة
تهتم إدارة المعرفة بتدعيم عمليات تبادل المعرفة الداخلية والخارجية، وتهدف إلى المساهمة في تطوير المعارف، وجعل المعرفة متاحة جدًا، ونقل المعرفة الصريحة والضمنية، وإيجاد ثقافة للتعليم والتجربة داخل المؤسسة، بالإضافة إلى تقييم عمليات المعرفة (عليان، 2015). ويُشير السرحاني (2016) إلى أن أهم أهداف إدارة المعرفة:
- التعليم : فإدارة المعرفة وسيلة تعليم وتنوير الأفراد عن أشياء لا يعرفونها.
- الكفاءة : فأبرز أسباب تقاسم المعرفة هو أن نتعلم مما تم إنجازه والتحقق من جدواه في أقل وقت وبأقل جهد.
- تكوين مجتمعات الممارسة : إدارة المعرفة أداة لبناء وتكوين المجتمعات المهنية حيث أنها تعزز العلاقات التي تربط بين العاملين بالمؤسسة.
- إدارة المخاطر : إدارة المعرفة تتيح للمؤسسات الانتباه للمخاطر التنظيمية كالجهل والتهاون في تنفيذ الأعمال.
أهمية إدارة المعرفة
تُعد إدارة المعرفة من أهم المتطلبات المنهجية والعلمية لاتخاذ القرارات السليمة وتحقيق التميز والارتقاء، وأصبحت من أهم عوامل تحقيق النجاح والإبداع (المدلل، 2012). وتستمد إدارة المعرفة أهميتها من الاهتمام المتزايد بها والذي ارتبط بجهود المؤسسات والمنظمات في التحول إلى منظمات تعلم يسعى مديروها إلى إيجاد ثقافة ونظام معين من أجل اكتساب معرفة جديدة والسيطرة على المعرفة الصريحة والضمنية؛ لذلك أصبحت إدارة المعرفة ضرورة لاسيما بعد اقترانها بشبكة الإنترنت الشبكة الأكبر للمعلومات، إضافةً إلى أن الاقتصاد العالمي بدأ في الاعتماد على المعرفة بشكل كبير وأخذ يتحول نحو اقتصاد المعرفة (الجنابي، 2013). كما أن إدارة المعرفة تستمد أهميتها من دورها في المحافظة على كيان المؤسسة ودعمها لتحقيق أهدافها من خلال الاعتماد على المعرفة وتراكم المعرفة وتشارك المعرفة مع العاملين في المؤسسة، وبالتالي الارتقاء بالمؤسسة نحو تحسين العمليات وتحقيق الإبداع المؤسسي (فياض، 2015) .
عمليات إدارة المعرفة
لا يوجد اتفاق بين الباحثين على عدد عمليات إدارة المعرفة أو ترتيبها، فهناك نماذج متعددة لعمليات إدارة المعرفة التي قدمها الباحثون والمختصون في هذا المجال، ومنها نموذج Fraun Hofer المكون من ست مراحل وهي كما يلي : 1ـ تشخيص المعرفة 2ـ تحديد أهداف المعرفة 3ـ إنتاج وتوليد المعرفة 4ـ تخزين المعرفة 5ـ توزيع المعرفة 6ـ تطبيق المعرفة (آل عثمان، 2013) . في حين أن Alavi and Leidner يريان أن عمليات إدارة المعرفة تنقسم إلى أربعة أقسام رئيسة هي : 1ـ تكوين المعرفة 2ـ تخزين واسترجاع المعرفة 3ـ نقل وتقاسم المعرفة 4ـ استخدام المعرفة (Oyekan, 2007) . وفي ذات الصدد يُشير نجم (2008) إلى أن تحسين إدارة المعرفة يكون من خلال تحسين عمليات إدارة المعرفة المتمثلة في : 1 ـ استقطاب أو الاستحواذ على المعرفة 2 ـ إنشاء أو توليد المعرفة 3 ـ تقاسم المعرفة 4 ـ توزيع المعرفة.
ــــــــــــــــــــ
المراجع باللغة العربية
الجنابي، أكرم سالم. (2013). إدارة المعرفة في بناء الكفايات الجوهرية. عمّان: مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع
السرحاني، عبدالله عوض. (2016). إدارة المعرفة في منظمات القطاعين العام والخاص. الرياض: مكتبة الرشد
آل عثمان، عبدالعزيز محمد. (2013). واقع تطبيق إدارة المعرفة في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الدراسات العليا، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية – الرياض
العلول، سمر محمد. (2011). دور إدارة المعرفة في تنمية الموارد البشرية الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية ، جامعة الأزهر- غزة .
عليان، ربحي مصطفى. (2015). إدارة المعرفة. ط2 ، عمّان: دار صفاء للنشر والتوزيع
فياض، عدي إياد. (2015). درجة ممارسة العمادات والدوائر الإدارية بالجامعة الإسلامية لإدارة المعرفة وعلاقتها بمستوى فاعلية اتخاذ القرار لديها. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، الجامعة الإسلامية – غزة
المدلل، عبدالله وليد. (2012). تطبيق إدارة المعرفة في المؤسسات الحكومية الفلسطينية وأثرها على مستوى الأداء. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التجارة، الجامعة الإسلامية – غزة
نجم، عبود نجم. (2008). إدارة المعرفة : المفاهيم والاستراتيجيات والعمليات . ط2 ، عمّان: الوراق للنشر والتوزيع
المراجع باللغة الإنجليزية
Lee, Heeseok & Choi, Byounggu. (2003). Knowledge Management Enablers, Process and Organizational Performance: An Integrative View and Empirical Examination, Journal of Management Information Systems, Vol.(20), No.(1), Summer
Oyekan, Abdullhameed. (2007). The Usage of the Intranet and its Impact on Organisational Knowledge Sharing: An Exploratory Investigation of a Public Hospital. Ph.D. Thesis, University of Technology, Sydny, Australia





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق