عمّان – قدمت التشكيلية العراقية بتول الفكيكي في معرضها الأخير الذي أقيم على قاعة “الأورفلي” بالعاصمة الأردنية عمّان، والمعنون بـ”الرسم بالكلام المباح” لوحات تمزج الألوان بطريقة من يبحث عن ذاته، ليس فقط في روحية الألوان، بل بحركة الفرشاة التي تعطي للأجساد العراقية معاني كثيرة تطبع عليها الألوان.
ألوان متخاصمة مع بعضها، ولكنها متصالحة مع الفكرة، معاندة مع المخيّلة، لكنها متساهلة مع الذات، كاشفة عن أجساد تقاوم أحيانا ما يعترض الجمال الإنساني، أو هي تريد أن تحلّق بهذا الخوف ليعطي دلالات تلك الفجيعة الإنسانية التي تمر على العراقيين. وتقول الفكيكي عن معرضها “إنه صرخة إثبات الوجود أمام لحظة يراد لها أن تكون عدما، إنه نزف مقابل نزف العراقيين لهمومهم وحلمهم بعالم أكثر أمانا ونظافة وإشراقا، بل أكثر شرفا”.
والفكيكي التي هاجرت من العراق منذ عام 1994 لتستقر في لندن، جعلت في معرضها الأخير الموسوم كما ذكرنا آنفا بـ”الرسم بالكلام المباح”، مدلولات إضافية لما هو سائر في ذاتها، وهو ما عُرف عن لوحاتها وطريقتها في التعامل معها، وهي واحدة من أنضج الفنانين والفنانات العراقيات والعربيات حيث تتقن اللغة التعبيرية في إيصال ماهية اللوحة، ولهذا كانت هناك ثلاثة ألوان مهمة طغت على اللوحات، وهي الأحمر والأسود والأصفر.
وتقول الفنانة العراقية عن هذه الألوان “إنها ألوان الطين والدم والموت، وأنا أتبع حدسي، ومدرستي هو العمل الفني الحرّ، لإبراز معاناة الجسد الإنساني الموشوم بالجراح والمآسي”.
|
لم يخل المعرض من الانحياز إلى المرأة، ربما لأنها أكثر مظلوميّة من الرجل في ما يعانيه الإنسان العراقي في ظل الظروف التي تحيطه سواء في زمن سابق أو زمن لاحق لماهية الحرية، فيتحول البحث البصري عن الفكرة إلى الاندماج مع الفكرة ذاتها، لكي تكون المرأة صارخة باحثة عن حرية حتى في لحظة العري عن الواقع، وهي تلمّ شتات نفسها في تعريق الألم. ولأجل ذلك ربما قيل عن الفكيكي أنها “شهرزاد عراقية تقص حكاياتها باللون لتأسر القلوب والأرواح”.
والجسد علامة فارقة في لوحات الفكيكي، وهي تقول عنه “إنه مركز التكوين ومركز التفكير مثلما هو مركز الاحتجاج”، لذا فإنها كلما كانت الألوان ملائمة للحظة العري والحكي والألم، فإن ملاءمة التأمّل والانفراج باستخدام اللون الأزرق، هي ما يعني بالنسبة للمعنى دليل الانعتاق، لأن الصراخ والبوح بالكلام هما المحصلة النهائية لما يمكن أن تفعله اللوحة في التعبير عن الألم من جهة، ومحاولة مجاراة الألم بالجمال وتلوينه بالتأمل من جهة أخرى.
















ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق