تعريف مصادر المعرفة:
عرّفت النهاري (2017: 304) مصادر المعرفة في المنظمات بأنها: “جميع الأوعية التي تحتوي على المعرفة، والتي عن طريقها يمكن نقل المعرفة إلى المستفيدين منها سواء كان ذلك على نطاق الأفراد أو حتى المؤسسات”.
وهذا التعريف حددت فيه الباحثة مصادر المعرفة بأنها أوعية، وهذا يُخرج العنصر البشري، الذي أشار كثير من الباحثين إلى أنه يُشكل مصدرًا هامًا من مصادر المعرفة كما سنرى لاحقًا.
بينما عرّفها (Carrillo & Gaimon (2004: 1504 بأنها: “جميع الأصول والقدرات والعمليات التنظيمية وسمات الشركة والمعلومات والمعرفة التي تسيطر عليها الشركة”.
وهذا التعريف وإن بدا شاملاً وجامعًا إلا أنه لم يُشر إلى العنصر البشري أيضًا، كما أنه اقتصر على المصادر الداخلية بقوله “التي تسيطر عليها الشركة”.
وعرّفت الطاهر (2012: 75) مصدر المعرفة بأنه: “ذلك المصدر الذي يحوي أو يجمع المعرفة”.
ومن التعاريف السابقة يمكننا أن نُعرّف مصدر المعرفة بأنه: كل ما يحوي أو يُقدم معارف. وفي اعتقادنا أن هذا التعريف شامل وعام تنضوي تحته كل تقسيمات وأنواع مصادر المعرفة ومن خلاله نستطيع الانطلاق في استعراض تقسيمات مصادر المعرفة التي توصلنا إليها.
تقسيمات مصادر المعرفة:
في السنوات القليلة الماضية تنوعت مصادر المعرفة وتعددت، وكان لثورة المعلومات والاتصالات دورًا كبيرًا في ذلك، حيث يسرت عملية نقل المعرفة والوصول إليها، إلا أن العنصر البشري يظل هو المصدر الأساس للمعرفة (المشارفة، 2012)، كما أن التعلم والخبرة والذكاء أمور تحدد حدود المعرفة للأفراد (الطاهر، 2012). وفي مَعرض حديثه عن تقسيمات مصادر المعرفة يُشير عبدالرحمن (2017) إلى وجود شبه اتفاق بين الباحثين – رغم تنوع مصادر المعرفة – على تصنيف هذه المصادر إلى مصادر داخلية ومصادر خارجية.
وفي الجدول التالي استعراض لتقسيمات مصادر المعرفة الواردة في الأدبيات ذات الصلة:
جدول (1) تقسيمات مصادر المعرفة الواردة في الأدبيات ذات الصلة، من إعداد الباحث

تقسيمات وأنواع مصادر المعرفة:
أولاً تقسيم مصادر المعرفة إلى مصادر المعرفة الضمنية ومصادر المعرفة الظاهرة:
واضح هنا أن هذا التقسيم يعتمد على تقسيم المعرفة نفسها، فبناءً على أنواع المعرفة: ضمنية/ظاهرة ، تم تقسيم مصادر المعرفة، وحتى الأدبيات التي أوردت هذا التقسيم (الطرازي، 2017؛ النهاري، 2017) لم تتناول المصدر نفسه بل تحدثت عن المعرفة الضمنية والمعرفة الظاهرة، فيُشير الطرازي (2017) إلى أن المعرفة الضمنية تكون موجودة في الإجراءات وخبرات الأفراد وتصعب مشاركتها، بينما المعرفة الظاهرة يمكن التعبير عنها بالكلمات والأرقام الأمر الذي يسهل عملية مشاركتها. وفي ذات السياق تُشير النهاري (2017) إلى أن المعرفة الضمنية تكون كامنة في عقول وسلوك الأفراد تعتمد على الخبرة ويصعب تحويلها عبر التقنية، أما المعرفة الظاهرة أو الصريحة فهي المعرفة التي تتجسد بشكل مادي وقابله للنشر والتوزيع والانتقال والتخزين.
ثانيًا تقسيم مصادر المعرفة إلى الأصول المعرفية البشرية والأصول المعرفية الهيكلية والأصول المعرفية للسوق:
قسّم متولي (2010) مصادر المعرفة إلى ثلاث فئات رئيسة، على النحو التالي:
1- الأصول المعرفية البشرية، ويندرج تحتها الأنواع التالية: خبرات العاملين، قدراتهم، مهاراتهم، والقدرات الإبداعية المتوافرة لديهم.
2- الأصول المعرفية الهيكلية، ويندرج تحتها الأنواع التالية: النظم الإدارية، براءات الاختراع، المعايير، الحلقات التدريبية، اللوائح الخاصة بالمنظمة.
3- الأصول المعرفية للسوق، ويندرج تحتها الأنواع التالية: المعرفة عن الشركاء، المعرفة عن العملاء، المعرفة عن الصناعة.
وفي هذا التقسيم نلحظ غياب التقنيات عن الأقسام والأنواع، على الرغم مما تمثله التقنيات من أهمية كبرى في هذا المجال، وخصوصًا في نقل وتخزين ومشاركة المعرفة.
ثالثًا تقسيم مصادر المعرفة إلى الموظفين، والنتاج الصناعي، والكيانات التنظيمية:
المعرفة تكمن في عدة مواقع أو مصادر، يُقسمها (Fernandez & Sabherwal (2010 إلى ثلاثة أقسام رئيسة:
1- الموظفين أو الأشخاص، وهنا قد يكونون أفرادًا أو جماعات.
2- النتاج الصناعي، ويندرج تحتها الأنواع التالية: التقنيات والنظم المستخدمة، والممارسات، والروتين التنظيمي، ومستودعات المعرفة.
3- الكيانات التنظيمية، ويندرج تحتها الأنواع التالية: الوحدات التنظيمية في المنظمة، المنظمة ذاتها، والعلاقة بين مكونات المنظمة.
وهذا التقسيم جيد وشامل وغطى أبرز المصادر كالأفراد والتقنيات ومكونات المنظمات؛ إلا أنه لم يأخذ موقع مصدر المعرفة بالنسبة للمنظمة بعين الاعتبار، وأهمية موقع مصدر المعرفة ليست بخافية، فالمصدر الذي يكون داخل المنظمة يكون الوصول إليه أسهل من الوصول إلى المصدر الذي يكون خارج المنظمة.
رابعًا تقسيم مصادر المعرفة إلى الأفراد، والتكنولوجيا، والمنظمات:
أوردت الطاهر (2012) التقسيم التالي لمصادر المعرفة نقلاً عن (Fernandez, 2004):
1- الأفراد، ويندرج تحتها الأفراد والجماعات سواء داخل المنظمة أم خارجها.
2- التكنولوجيا، وتشمل مخازن ومستودعات المعرفة.
3- المنظمات، ويندرج تحتها الأقسام والوحدات سواء كانت فيداخل المنظمة أو في المنظمات المنافسة.
وهذا التقسيم شبيه بالتقسيم الذي سبقه، وينطبق عليه ما ينطبق على التقسيم السابق، فالفرد الذي بداخل المنظمة يمكن الوصول إليه بشكل أسهل وأسرع من الفرد الذي خارج المنظمة.
خامسًا تقسيم مصادر المعرفة إلى مصادر داخلية ومصادر خارجية:
كما استعرضنا سابقًا في الجدول (1) فإن العديد من الباحثين قسّموا مصادر المعرفة إلى مصادر داخلية ومصادر خارجية، ويُشير عبدالرحمن (2017) إلى أن مصادر المعرفة الداخلية تتمثل في استراتيجيات المنظمة وخبراتها وقدراتها على الاستفادة من تعلم الأفراد والجماعات، في حين أن مصادر المعرفة الخارجية تتمثل في البيئة الخارجية المحيطة بالمنظمة. ولمزيد من الإيضاح سنتناول كل قسم بمزيد من الشرح واستعراض الأنواع التي تندرج تحته على النحو التالي:
1- مصادر المعرفة الداخلية، وتتركز المصادر الداخلية في المهارات والخبرات المتراكمة لأفراد المنظمة حول الموضوعات المختلفة، وفي قدرة المنظمة على الاستفادة من تعلم أفرادها (رضوان، 2015). وتُعد المعرفة الضمنية من أهم المصادر الداخلية حيث تشتمل على معتقدات الأفراد وخبراتهم وذاكرتهم ومذكراتهم (حجازي، 2014). ويندرج تحت مصادر المعرفة الداخلية الأنواع التالية: استراتيجية المنظمة، المؤتمرات الداخلية، التعلم الصفي، المكتبات الإلكترونية، الحوار، والعمليات الداخلية للأفراد (الزيادات، 2014). ويُضيف رضوان (2015) للأنواع السابقة ما يلي: البحوث الداخلية، وبراءات الاختراع الداخلية.
2- مصادر المعرفة الخارجية، وهي تلك المصادر التي تكون في البيئة المحيطة بالمنظمة، ويندرج تحت هذا القسم الأنواع التالية: القطاع الذي تعمل فيه المنظمة، الإنترنت والإنترانت، المكتبات، المنافسون، الموردون، زبائن المنظمة، الجامعات، مراكز البحث العلمي، براءات الاختراع الخارجية (الزيادات، 2014). ويُضيف رضوان (2015) للأنواع السابقة ما يلي: استئجار الخبراء، والمشاركة في المؤتمرات الخارجية، ووسائل الإعلام كالصحف والتلفاز، والاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية المحيطة بالمنظمة، والمعلومات عن الزبائن والموردين والمنافسين.
وبناءً على الاستعراض السابق لمصادر المعرفة الداخلية والخارجية، يمكننا القول بأن أي مصدر يحوي أو يُقدم معارف ويقع داخل المنظمة يمكننا عده ضمن أنواع مصادر المعرفة الداخلية وكذلك الحال بالنسبة للمصادر التي تقع خارج المنظمة فيمكننا عدها ضمن أنواع مصادر المعرفة الخارجية.
وبناءً على استعراض تقسيمات مصادر المعرفة السابقة، نلحظ أن كل تقسيم انطلق من زاوية معينة ورؤية تختلف عن الآخر، ونلحظ أيضًا أن بعضها حظي بالقبول والانتشار الكبير بينما البعض الآخر لم يحظ بالانتشار، وهنا نسجل تقديرنا واحترامنا لكل جهد، وعليه نتبنى تقسيم مصادر المعرفة إلى مصادر داخلية ومصادر خارجية؛ للأسباب التالية: المنطقية في التقسيم، وارتباطه بالاقتصاد والاتجاهات الحديثة في مجال إدارة الأعمال، والمرونة، حيث يمكننا إضافة أنواع أخرى تحت هذا التقسيم متى ما توافرت فيها الشروط اللازمة.
ــــــــــــــــــ





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق