كتب انور محمد
كتاب (الدين والظمأ الاجتماعي ) لمؤلفه د.عبد الجبار الرفاعي، أنَّ الظمأ الأنطولوجي، هو الظمأ للمقدَّس، أو الحنين للوجود، لأنَّه ظمأُ الكينونة البشرية، باعتبار أنَّ وجود الإنسان وجودٌ يحتاج إلى ما يثريه، وأنَّه كائنٌ متعطِّشٌ على الدوام إلى ما يرتوي به.
يتألَّف الكتاب من سبعة فصول. وفي الفصل الأوَّل، الذي عنونه ب «نسيان الذات»، يعتبر المؤلِّف أنَّ الإنسان: يُولد بمفرده ويحيا بمفرده ويموت بمفرده ويتألّم بمفرده ويشعر بالخطيئة بمفرده..
ويستفيق ضميره بمفرده ويؤمن بمفرده ويلحد بمفرده. ويجتاحه بمفرده: القلقُ اليأسُ والاغتراب والضجر والسأم والألم والحزن والغثيان وفقدان المعنى وذبول الروح.. إلخ. ولا تبدأ الحياة الإنسانية الحقيقية إلا عندما تتحقَّق وتوجد الذات الشخصية، وهذه الذات لا تتحقَّق من دون الفعل. ومن بين الفصول الأخرى:
«نسيان الإنسان»، وهو محاولة أولية لكتابة سيرة ذاتية للمؤلف. وهناك أيضا: «التجربة الدينية والظمأ الأنطولوجي للمقدس»، ويتحدَّث هنا الرفاعي عن التجارب الدينية بمختلف مستوياتها وأنماطها، كونها منهل ارتواءِ الظمأ للمقدَّس.
وحول الإرهاب الذي يعمُّ العالم وخاصة البلدان العربية، يتساءل د. الرفاعي: ما الذي يسوق الشباب في الغرب وغيره، ممَّن هم في كفاية معاشية، وبعضهم يعيش ترفاً مادياً، للهجرة إلى ولائم الذبح، وحفلات الرقص على أشلاء الضحايا في بلادنا.. والتسابق على الانخراط في وحشية عبثية، تتلذَّذ بالـــدم المســـفوح، وتتهافت على مغامرات مهووسة في العمليات الانتحارية؟
ويجيب: إنَّ الشباب الذين يتساقطون في ولائم الذبح، ويتلذَّذون بالدم المسفوح، كالفراش المتهافت على لهب الشمعة في ليلة مظلمة، إنَّما يعود ذلك إلى ما يعانونه من ظمأ أنطولوجي للمقدَّس، وبسبب رتابة الحياة، وذبولها..
وتكرار كل شيء فيها، وانطفاء المتعة التي تمنحها لهم الملذَّات الحسِّية، فمهما كان شغفهم بالملذات الحسِّية، فإنَّهم يصلون به حداً يفتقد فيه كل شيء معناه في حياتهم، بل يبلغ غرقهم بكل ما هو مادي من متع جسدية درجة الغثيان.. لذلك يتهافتون على ما يتوهمون أنَّه منبع المعنى، الذي يفتقدونه في عالمهم، فيحسبون هذه الدروب الخاطئة المظلمة التي تقودهم إلى تناقض المعنى، وكأنَّها مسارٌ يوصلهم إلى معنى المعنى.





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق