الطوائف والملل والنحل في الاسلام - أهل السنة وفرقهم
الإسلام الدين المنتشر في اصقاع الأرض ويعتقد أصحابه أنه الخلاص وأنهم على حق مطلق، لكن ما جهلوه هو كثرة طوائفه وفرقه وملله ونحله المتعددة.
تشرفني قراءتكم آنساتي سيداتي سادتي..
رغم تعداد المسلمين الواصل حوالي مليار ونصف مسلم، إلا أنهم متناحرون منقسمون إلى طوائف كثيرة وفي كل طائفة العديد من الفرق.
يقدر حوالي عدد الفرق الإسلامية التي لها أتباع وعقائد مستقلة قرابة مئة فرقة وملة ونِحلة.
قد يستغرب القارئ لهذا العدد الكبير، لكننا سنسلط الضوء على المشهور منها والمنتشر، لإن احتواء جميع الطوائف قد يحتاج لكتب ومجلدات.
فكل فرقة من فرق المسلمين ترى نفسها الفرقة الناجية أو الأفضل ولها حق النفوذ والسيطرة، وفي نفس الوقت يتفاخرون بأعدادهم الكبيرة كأنهم كتلة واحدة!
ينقسم المسلمون إلى فرق كثيرة كما أسلفنا، لكن يمكننا تقسيمها إلى طوائف عظمى وإلى تيارات إسلامية صغيرة منشقة.
فبحسب تعدادهم ومناطق النفوذ يمكن تقسيمهم إلى مذاهب عظمى وهم أهل السنة والجماعة وفرقهم والمذهب الشيعي وطوائفه وما يطلق عليهم الخوارج التي لم تنجو منهم إلا فرقة الإباضية.
كما نرى بالخريطة أماكن النفوذ السنية وهي باللون الأخضر وأما النفوذ الشيعية باللون البنفسجي، أما اللون الأسود الذي بسلطنة عمان يمثل الإباضية.
أما التيارات الإسلامية المنشقة فهي كثيرة لكنها لا تملك نفوذا كالقرآنيون والقاديانية والدروز وأمة الإسلام وغيرهم الكثير.
سنتحدث اليوم عن الطائفة العظمى الأكثر انتشاراً وهم أهل السنة والجماعة فهم يمثلون ما مجموعه 80-75% من جميع المسلمين.
يتفرع من المذهب السني فرق كثيرة من أهمها السلفية والأشاعرة والماتريدية والمرجئة والمعتزلة والجهمية والصوفية، وسوف نلقي الضوء عليها بشيء من التفصيل، لكي يكون للقارئ بعض المعلومات الأولية وفي نفس الوقت لن يكون المقال مملاً.
جميع الفرق السنية تجمعهم عقيدة مشتركة وهي أن مصادر التشريع من القرآن وسنة محمد المنسوبة اليه وكذلك يرون عدول وصحة خلافة الصحابة من بعده، خلافاً للشيعة الذين يحددون مصدر تشريعهم من مراجعهم الدينية.
–
السلفية
سنبدأ عن فرقة السلفية حيث يشكلون حوالي 50 مليون مسلم أي يمثلون حوالي 3-5% من مجموع المسلمين كافة ويتواجدون بكثافة بدول الخليج باستثناء سلطنة عمان.
هم منهج يدعو الى فهم القرآن والسنة كما فهمه سلف الأمة من وجهة نظرهم دون مراعاة الفوارق الزمنية والاجتهادات التي حصلت في الزمن الذي عاشوا فيه واختلاف الظروف السياسية والبيئية، ولم يدركوا عن وجود اختلافات جوهرية حصلت بأسلاف المسلمين التي أدت إلى حروب طاحنة وقتل وتصفيات حدثت بينهم.
لهذا السبب بالتحديد لا توجد مرجعية معينة لدى المذهب السلفي فهو مذهب هلامي يستطيع معتنقوه استغلال النصوص وتحويرها لتكون بصفهم أو بصف السلطة التي يحكمون الشعب باسمها.
فباستغلال النصوص وأدلجتها من وجهة نظرهم يؤسسون دولة أو إقامة ثورة لإسقاط دولة اخرى، فهم كيان ذو ايدولوجية مبهمة.
لذلك تجد حكم سلفي بدولة ما يقوم بتكفير أو زندقة حكم سلفي بدولة أخرى، وذلك باستخدام النصوص الدينية وتحويرها لمصلحتهم وهكذا.
بدأ مفهوم السلفية في التاريخ الإسلامي على يد رجل يدعى تقي الدين ابن تيمية الحراني بالقرن الثالث عشر الميلادي.
فقد قام بتجديد الدين من وجهة نظر أتباعه وكان لابن تيمية فتاوى متطرفة مشهورة أدت لقتل وإبادة طوائف أخرى كالدروز والعلوية وغيرهم، حتى وصلت إلى إباحة دم مخالف له بالفقه فقط.
كذلك قام بتحريم الكثير من العلوم الطبيعية كالكيمياء مثلاً وذلك لجهله، ننقل إليكم بعض من أقواله التي تحث من التطرف والعنف:
“فأَمَّا التَّمْثِيلُ فِي الْقَتْلِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقِصَاص” كما قال: “وَيُكْرَهُ نَقْلُ رَأْسٍ، وَرَمْيُهُ بِمَنْجَنِيقٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ.. الْمُثْلَةُ حَقٌّ لَهُمْ ، فَلَهُمْ فِعْلُهَا لِلِاسْتِيفَاءِ وَأَخْذِ الثَّأْرِ ، وَلَهُمْ تَرْكُهَا وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ ، وَهَذَا حَيْثُ لَا يَكُونُ فِي التَّمْثِيلِ بِهِمْ زِيَادَةٌ فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَكُونُ نَكَالًا لَهُمْ عَنْ نَظِيرِهَا ، فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي التَّمْثِيلِ الشَّائِعِ دُعَاءٌ لَهُمْ إلَى الْإِيمَانِ ، أَوْ زَجْرٌ لَهُمْ عَنْ الْعُدْوَانِ، فَإِنَّهُ هُنَا مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْجِهَادِ الْمَشْرُوعِ ، وَلَمْ تَكُنْ الْقِصَّةُ فِي أُحُدٍ كَذَلِكَ، فَلِهَذَا كَانَ الصَّبْرُ أَفْضَلَ.”
حارب ابن تيمية الكثير من المسلمين حتى قمعوه بقلعة ومات فيها، لكن فتاويه موجودة لعصرنا هذا وولدت حركات مختلفة عبر التاريخ.
كان اشهرها الحركة الوهابية السلفية التي حكمت شبه جزيرة العرب حتى يومنا الحالي، ونسب اسمها إلى محمد بن عبد الوهاب.
يعتقد السلفيون بكفر جميع الطوائف الإسلامية الأخرى وإباحة دماءهم، ليس ذلك وحسب بل حتى تكفير الفرق المنتمية لأهل السنة نفسها، فهم يعتقدون بكفر المعتزلة والجهمية والصوفية وحتى الأشاعرة الذين يفوقونهم عددا وحجة.
تنتمي للسلفية الكثير من الحركات الإرهابية كداعش وطالبان والقاعدة وبوكو حرام والكثير من الحركات المتطرفة الأخرى ولا ننسى ما يسمى اليوم بتنظيم الدولة.
يؤمن السلفيون كمعظم أهل السنة أن القرآن كلام الله وانه قديم قدم الأزل وأنه ليس بمخلوق وقد اوحاه الله إلى محمد.
لكن لديهم اعتقاد غريب عن القرآن وهو ما يسمى الناسخ والمنسوخ وجعلوا منه منهجا وعلما مستقلاً.
اذا ما هو الناسخ والمنسوخ؟
لن نتطرق بشكل تفصيلي عن الناسخ والمنسوخ لأنه ليس بموضوعنا الرئيسي لكن تبسيطا للقراء، فهو أن بالقرآن آيات تنسخ أو تبطل عمل آيات أخرى!
يكون ذلك غالبا بأن الله يغير رأيه بحكم شيء ما في حياة محمد ويلغيه أو أن هناك آيات كانت جزءا من القرآن فتحذف منه!
نضرب مثالا عن هذه الآيات:
(وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) النحل
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91].
تظهر الآية الأولى التي تبيح شرب الخمر وتذكر محاسنه وان به رزق جميلا تليها الآيات من سورة المائدة التي نزلت بعد 15 سنة من الآية الأولى لتنسخ أو تبطل الآية السابقة!
مثال آخر:
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) 240 البقرة
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) 234 البقرة
هذه الآيتين من سورة البقرة توضح بأن الأرملة لا تتزوج الى بعد موت زوجها بسنة ثم شق ذلك على النساء ذلك وصعب عليهن فنزلت الآية الثانية لتغير وتبطل حكم الآية السابقة بآية 4 أشهر و10 أيام عند موت الزوج!
نرى أيضاً هذا المثال الفادح وهو عندما يريد أي مسلم أن يسأل محمد أمراً في دينه وجب عليه دفع بخشيش لمحمد ثم شق ذلك على المسلمين لكلفته المادية فأُبطلت بالآية التالية من سورة المجادلة، والأمثلة كثيرة!
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)
فيما يلي سأستعرض إليكم أحاديث صحيحة بإجماع أهل السنة تظهر فيها بأن القرآن غير محكم وقد تم الاضافة والحذف فيه في ما يسمى الناسخ والمنسوخ:
آية الرجم
روى أبو عبيد في فضائل القرآن عن إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: ( لا يقولن أحدكم: قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر منه ) الدرر المنثورة
حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة و عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت :
لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.
رواه الإمام ابن ماجه 1/625 والدارقطني: 4/179 وأبو يعلى في مسنده 8/64 والطبراني في معجمه الأوسط 8/12 وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث، وأصله في الصحيحين، وأورده ابن حزم في المحلى 11/236 وقال هذا حديث صحيح
وقال شريح القاضي وسأله إنسان الشهادة فقالت ائت الأمير حتى اشهد لك وقال عكرمة قال عمر لعبد الرحمن بن عوف لو رأيت رجلا على حد زنا أو سرقة وأنت أمير فقال شهادتك شهادة رجل من المسلمين قال صدقت قال عمر لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي وأقر ماعز عند النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا أربعا فأمر برجمه ولم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم اشهد من حضره وقال حماد إذا أقر مرة عند الحاكم رجم وقال الحكم أربعا
صحيح البخاري ، باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولايته القضاء أو قبل ذلك للخصم
حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا حدثنا أبو وهب اخبرني يونس عن ابن شهاب قال اخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة انه سمع عبد الله بن عباس يقول قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وانزل عليه الكتاب فكان مما انزل عليه آية الرجم قرأناه ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان إن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وان الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي عمر قالوا حدثنا سفيان عن الزهري بهذا الإسناد) صحيح مسلم
حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه سمع عبد الله بن عباس يقول قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي عمر قالوا حدثنا سفيان عن الزهري بهذا الإسناد
صحيح البخاري ومسلم
عن در بن حبيس قال: قال لي أُبيّ بن كعب كم تُعد سورة الأحزاب؟ قلت اثنتين وسبعين آية أو ثلاثاً وسبعين. قال: إنها (أي سورة الأحزاب) كانت لتعدل سورة البقرة وإنّا كنا نقرأ فيها آية الرجم. قلت: وما آية الرجم؟ قال: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم (الإتقان للسيوطي. باب الناسخ والمنسوخ). رواه الإمام ابن ماجه، والدارقطني وأبو يعلى في مسنده والطبراني في معجمه الأوسط وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث، وأصله في الصحيحين، وأورده ابن حزم في المحلى وقال هذا حديث صحيح
سورة التوبة
حذيفة بن اليمان كان يتحسف من تسمية الناس لهذه السورة باسم سورة التوبة وهي في الأصل سورة العذاب لأن الناس يقرؤون ربعها فقط فالتي نزل بـها جبريل على محمد أضعاف الموجود ، وهذا ما أخرجه : ” ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة قال : التي تسمّونـها سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحداً إلا نالت منه ولا تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها “
.محمع الزوائد 7/28 سورة التوبة . المثنف لابن ابي الشيبة 10/509 حديث 10143 .المستدرك على الصحيحين 3/208 . الدر المنثور 3/208 .
وأخرج الحاكم في موضع آخر بسنده :” عن حذيفة رضي الله عنه قال : ما تقرؤون ربعها يعني براءة وهي سورة العذاب “.المستدرك 2/230 . وفي مجمع الزوائد : “عن حذيفة قال : تسمون سورة التوبة وهي سورة العذاب وما تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها “. مجمع الزوائد 7/2.
ما ذكره الزركشي في البرهان عن الإمام مالك بن أنس حين تعرضه لأسباب سقوط البسملة من أوّل براءة فقال الزركشي :” وعن مالك أنّ أوّلـها لما سقط سقطت البسملة “.البرهان في علوم القران 1/263 .
وذكره السيوطي في الإتقان : ” وعن مالك أن أوّلـها لما سقط سقط معه البسملة فقد ثبت أنـها كانت تعدل البقرة لطولـها”. الاتقان 1/65.
ابن حزم روي عن البراء أن آخر سورة نزلت سورة براءة وبعث النبي بـها فقرأها على أهل الموسم علانية ، وقال بعض الصحابة وأظنه جابر بن عبد الله ما كنا نسمي براءة إلا الفاضحة . قال أبو محمد –ابن حزم- : فسورة قرئت على جميع العرب في الموسم وتقرع بـها كثير من أهل المدينة ومنها يكون منها آية خفيت على الناس ؟ هذا ما لا يظنه من له رمق وبه حشاشة “. الأحكام لابن حزم 6/266-268.
وفي تفسير سورة التوبة من الدرّ المنثور للسيوطي قال: وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الاوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة قال: الّتي تسمّون سورة التوبة هي سورة العذاب. واللّه ما تركت أحدا إلاّ نالت منه، ولا تقرأون منها ممّا كنّا نقرأ ربعها. تفسير التوبة من الدرّ المنثور 3 / 208؛ تذكرة الحفاظ ص 432 و ص 945 وكشف الظنون 2 / 1711. مادّة المصنف.ولباب الانساب لابن الاثير 1 / 331؛ وكشف الظنون ص 1406؛ وهدية العارفين 1 / 447.
روى الحاكم بسندٍ صحّحه: عن حذيفة بن اليمان ـ العالم بأسماء المنافقين ـ أنّه قال عن سورة براءة: ما تقرأون ربعها، وإنّكم تسمّونها سورة التوبة، وهو سورة العذاب (المستدرك على الصحيحين 2/ 33).
وفي نقل آخر: التي تسمّونها سورة التوبة هي سورة العذاب، والله ما تركتْ أحدا إلا نالتْ منه، ولا تقرأون إلا ربعها . الدرّ المنثور 3/20.
وفي الاتقان: قيل لبراءة: الفاضحة. الاتقان 1 / 56 والدرّ المنثور 3 / 208.
وفي الاتقان قال: قال مالك: إنّ أوّلها لما سقط، سقط معه البسملة، فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة. الاتقان 1 / 67.
وسورة براءة في القرآن (129) آية، فمقتضى الحديث أنّها (516) يعني تقرب من ضعفي سورة البقرة أكبر سور القرآن!. المصنف للصنعاني ج 7 ص 330 ، حديث رقم 13363 ). التمهيد في شرح الموطأ ج 4 ص 275 ، شرح حديث
عن ابن عباس : ” قال : أي القراءتين ترون كان آخر قراءة ؟ قالوا : قراءة زيد ، قال : لا ! إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعرض القرآن كل سنة على جبريل فلما كانت السنة التي قبض فيها عرضه عليه عرضتين فكانت قراءة ابن مسعود آخرهن ” ( 1 ) .
والمقصود من آخر قراءة هو القرآن الذي استقر عليه الإسلام ، فتكون قراءة ابن مسعود التي التزم بـها طيلة حياته هي القراءة التي نسخ منها ما نسخ ، وبُدّل منها ما بُدل من الآيات والسور ولا أحد يعلم بـها إلا ابن مسعود كما نص عليه ابن عباس سابقا ، ومثلها هذه الرواية :
” قال : أيّ القراءتـيّن تعدّون أوَّل ؟ قالوا : قراءة عبد الله . قال: لا ! بل هي الآخرة ، كان يعرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم في كل عام مرّة ، فلمّا كان العام الذي قبض فيه عرض عليه مرّتين فشهد عبد الله ، فعلم ما نسخ وما بُدِّل ” ( 2 ) .
وقال ابن حزم : “حدثنا أحمد بن محمد الجسوري ثنا وهب بن مسرة ثنا ابن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال : أي القراءتين تعدون أول ؟ قلنا : قراءة عبد الله ! قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه
( 1 ) المستدرك على الصحيحين ج2ص230 وقال الحاكم (صحيح الإسناد على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي .
( 2 ) مسند أحمد بن حنبل ج5ص141-142ح3422 ، والمصنّف لابن أبي شيبة ج10ص559ح10337، ط دار المعارف ، وعُلّق عليه بالهامش (إسناده صحيح). وراجع مسند أحمد ج1ص275ح2494 وص362ح3422 ، قال في مجمع الزوائد ج9ص288: (في الصحيح بعضه رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيحين
المعوذات
عن الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله أنه كان يحك المعوذتين من المصحف يقول : ليستا من كتاب الله ” .
المعجم الكبير ومجمع الزوائد لابن حجر ج7ص149 علق عليه ابن حجر : ( رواه عبد الله بن أحمد والطبرانى ورجال عبد الله رجال الصحيح ورجال الطبرانى ثقات.
وفي مسند الإمام أحمد : ” حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن عبدة وعاصم عن زر قال قلت : لأبي إن أخاك يحكهما من المصحف فلم ينكر . قيل لسفيان بن مسعود ، قال : نعم ، وليسا في مصحف ابن مسعود كان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ بـهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرؤهما في شيء من صلاته فظن أنـهما عوذتان وأصر على ظنه وتحقق الباقون كونـهما من القرآن فأودعوهما إياه ” ( راجع ج 5 ص 130
سورة التراب
ما رواه مسلم في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والسيوطي في الدّر المنثور عن مسلم وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي، عن أبي موسى الأشعري، أنّه قال لقرّاء أهل البصرة: « وإنّا كنّا نقرأ سورة كنا نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فنسيتها غير أنّي حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لا بتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوفه إلاّ التراب ») صحيح مسلم 2 : 726 ح 1050 ، المستدرك على الصحيحين 2 : 224 ، الدر المنثور .
(حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَا أَدْرِي مِنَ الْقُرْآنِ هُوَ أَمْ لَا قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ *) البخارى كتاب الرقاق 5957
سورة الحفد والخلع
نص سورة الخلع :
] اَللّهُمّ إِنّا نَسْتَعِيْنُك وَنَسْتَغْفِرُكَ ونُثْنِيْ عَلَيْكَ اَلْخَيْرَ ولا نَكْفُرُك ونَخْلَعُ ونـَــتـْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك [
نص سورة الحفد:
] اَللّهُمّ إيّاكَ نَعْبُدُ ولَكَ نُصَلِّي ونَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نَرْجُوْ رَحْمَتَكْ ونَخْشَى عَذَابَكَ اَلْجَد إِن عَذَاْبَكَ بِالكُفّاْرِ مُلْحِقٌ [
النص على كونـهما سورتين :
” وأخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين ( اللهم إياك نعبد ) ( واللهم إنا نستعينك ) . وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبزى قال : قنت عمر بالسورتين . وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبى ليلى أن عمر قنت بـهاتين السورتين : ( اللهم إنا نستعينك ) و ( اللهم إياك نعبد). الدر المنثور ج 6 ص 420 .
وأخرج محمد بن نصر عن سفيان قال : كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين السورتين : ( اللهم إنا نستعينك ) و ( اللهم إياك نعبد) . وأخرج محمد بن نصر عن إبراهيم قال يقرأ في الوتر السورتين : ( اللهم إياك نعبد ) ( اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ).
“وأخرج محمد بن نصر عن الحسن قال : نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو على الكفار ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات “.
عن أبي اسحاق قال : أمّـنـا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بـهاتين السورتين (إنا نستعينك ) و (نستغفرك ) “. محمع الزوائد 7 157 . والاتقان في علوم القران 3/36.
وأخرج محمد بن نصر عن عطاء بن السائب قال كان أبو عبد الرحمن يقرئنا ( اللهم إنا نستعينك ) زعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرئهم إياها ويزعم أن رسول الله كان يقرئهم إياها “.الدر المنثور ج 6 ص 422 .
وأخرج أبو الحسن القطان في المطولات عن أبان بن أبي عياش قال سألت أنس بن مالك عن الكلام في القنوت فقال : ( اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ) قال أنس : والله إن أنزلتا إلا من السماء !”. الدر المنثور ج 6 ص 420.
دمج بعض الصحابة لـهما في المصحف
وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي بن كعب أنه كان يقنت بالسورتين فذكرهما وأنه كان يكتبهما في مصحفه”. الاتقان في علوم القران 2/35-37
وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنا عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوذتين ، وفي مصحف أُبيّ ست عشر لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع ” وأخرج ابن أبى شيبة في المصنف ومحمد بن نصر والبيهقي في سننه عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال ( بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك … ) وزعم عبيد أنه بلغه انـهما سورتان من القرآن من مصحف ابن مسعود “. الدر المنثور ج 6 ص 421.
نكاح المتعة
قال الله سبحانه : فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم في ما تراضيتم به من بعد الفريضة ان الله كان عليما حكيما – النساء 24 .
1 – روى عبد الرزاق في مصنفه عن عطاء : ان ابن عباس كان يقرا : ” فما استمتعتم به منهن – إلى اجل – فاتوهن اجورهن ” 2 .
2 – في تفسير الطبري عن حيبب بن ابي ثابت قال اعطاني ابن عباس مصحفا فقال : هذا على قراءة ابي قال : وفيه فما استمتعتم به منهن – إلى اجل مسمى
3 – في تفسير الطبري عن ابي نضرة بطريقين ، قال : سألت ابن عباس عن متعة النساء ، قال : أما تقرأ سورة النساء قال : قلت : بلى . قال : فما تقرأ فيها ” فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى ” قلت لو قرأتها كذلك ما سألتك قال فانها كذلك .
4 – عن ابي نضرة قال : قرأت هذه الآية على ابن عباس ” فما استمتعتم به منهن ” قال ابن عباس ” إلى اجل مسمى ” قال : قلت : ما اقرؤها كذلك . قال : والله لانزلها الله كذلك . ثلاث مرات .
5 – عن عمير وابي اسحاق ان ابن عباس قرأ ” فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى ” .
6 – عن مجاهد ” فما استمتعتم به منهن ” قال : يعنى نكاح المتعة .
7 – عن عمرو بن مرة انه سمع سعيد بن جبير يقرأ ” فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى ” .
8 – عن قتادة قال : في قراءة ابي بن كعب ” فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى ” .
المصنف 7 / 497 و 498 باب المتعة تأليف عبد الرزاق بن همام الصنعاني مولى حمير ، ( 126 – 211 ه ) ط . 1390 – 1392 ه من منشورات المجمع العلمي ببيروت – اخرج حديثه اصحاب الصحاح الست راجع ترجمته في الجمع بين رجال الصحيحين وتقريب التهذيب . وراجع بداية المجتهد لابن رشد 2 / 63 . في تفسير الآية بتفسير الطبري 5 / 9 . ( * )
بالنسبة للأحاديث فإن السلفيون يؤمنون بكل الأحاديث المنسوبة الى نبيهم حتى الآحاد منها، فما هو الآحاد؟
لن نخوض كثيراً في هذا الموضوع لكن بشكل عام فتقسم الأحاديث لنوعين رئيسين هما المتواتر والآحاد.
المتواتر هو ما نقله عدد هائل من الناس إلى أعداد هائلة فيصعب الكذب به لأن من نقله مجموعة كبيرة من البشر يصعب كذبهم.
أما الآحاد هو ما نقله شخص واحد على الأقل عن شخص وهكذا فإن كانوا عدولاً أتقياء يصبح صحيحاً والعكس فهو حديث ضعيف ويطول الشرح هنا، لكن كما ترون أن النقل بجميع أشكاله ليس منهجاً علمياً يعترف به في العصر الحالي، لأنه من الاستحالة أن يكون النقل صحيحا 100% دون شوائب في فترة زمنية تقارب 250 سنة بعد وفاة محمد.
فيؤمن السلفيون بجميع النصوص من الأحاديث فالنص عندهم مقدم عن العقل حتى لو وجد حديث صحيح مليء بالخرافات فيصدق فوراً نضرب مثالا بهذا الحديث:
هذه القصة رواها الإمام البخاري (3849) عن عمرو بن ميمون قال : (رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ ، قَدْ زَنَتْ ، فَرَجَمُوهَا ، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ) .
يعتقد السلفية كسائر السنة بأن الله هو المتفرد خالق للكون، لكن الله في نظرهم له صفات معينة كما وردت في القرآن والسنة ويكفر بمن شك فيها.
فهم يعتقدون ان الله يملك صفاتاً كصفات المخلوقات بأن يسمع ويبصر ويشعر وأنه رحيم وعادل وفي نفس الوقت شديد العقاب، تناقض مذهل !!
كذلك يؤمنون بأن الله لو وجه يشبه الإنسان وله قدمين وساقين ويدين وعينين ويكتب ويجلس على كرسي وينزل ويصعد، وفي أحد الروايات الصحيحة المنسوبة لشيخهم ابن تيمية بأن الله يشبه رجلاً أمردا وأجعداً أي ملفوف الشعر، يشبه لحد كبير آلهة الإغريق! نذكر مجمل الأحاديث:
قال النبي: « إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته (رواه مسلم
هذا الحديث أن الله يشبه الإنسان بشكل ما وهذا الحديث يطابق إنجيل المسيحين حيث أن في كتابهم كتب ان آدم يشبه الرب…
حديث النبي: ((رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء))
وهذا الحديث من هذا الطريق صححه جمعٌ من أهل العلم، منهم:
الإمام أحمد (المنتخب من علل الخلال: ص282، وإبطال التأويلات لأبي يعلى 1/139)
وأبو زرعة الرازي (إبطال التأويلات لأبي يعلى 1/144)
والطبراني (إبطال التأويلات لأبي يعلى 1/143)
وأبو الحسن بن بشار (إبطال التأويلات 1/ 142، 143، 222)
وأبو يعلى في (إبطال التأويلات 1/ 141، 142، 143)
وابن صدقة (إبطال التأويلات 1/144) (تلبيس الجهمية 7 /225 )
وابن تيمية في (بيان تلبيس الجهمية 7/290، 356) (طبعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف- 1426هـ
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله – رضي الله عنه – قال: ذكر الدجال عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ( إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور -وأشار بيده إلى عينه- وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية) .
وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رواه أَبُو بكر الخلال ، عن النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ” أتاني ربي فِي أحسن صورة ، فقال : يا مُحَمَّد أتدري فيما يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : لا ، فوضع كفه بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي ) رواه الترمذي والإمام أحمد عن ابن عباس.
وأما الحديث فلفظه -كما في مستدرك الحاكم على الصحيحين- عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: في قوله عز وجل { فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا } قال حماد: هكذا ووضع الإبهام على مفصل الخنصر الأيمن قال: فقال حميد لثابت: تحدث بمثل هذا؟ قال: فضرب ثابت صدر حميد ضربة بيده وقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث به وأنا لا أحدث به. قال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم. وفي الترمذي عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: { فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا } قال حماد: هكذا وأمسك سليمان بطرف إبهامه على أنملة إصبعه اليمنى قال: فساخ الجبل { وخر موسى صعقا. صححه الألبان
عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ طَاوُسٍ ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ” حَاجَّ آدَمَ مُوسَى ، فَقَالَ مُوسَى : يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ . قَالَ آدَمُ : يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّه بِكَلامِهِ وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ ، تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ، قَالَ : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ” رواه البخاري
حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم. قال الله تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار: فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول: قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا، وأما الجنة: فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقا).رواه البخاري
حدثنا آدم ، حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : ” يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ” الصحيحين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ”. متفق عليه
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: ((يطوي الله عزَّ وجلَّ السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك! أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول…))
من هذه الأحاديث يتبين لنا أن شكل الله كالتالي:
1- له وجه يشبه الإنسان.
2- له يدين ويكتب بهما
3- شاب أمرد له شعر مجعد
4- يجلس في حديقة خضراء
5- له عينان كالبشر
6- له يدين وأصابع محسوسة
7- له قدم وساق
8- ينتقل من مكان لآخر
وهل يعقل أن خالق الأرض والسماء والكواكب والنجوم والمجرات يشبه البشر الذين هم أصلا بإثبات العلم التطبيقي الحديث أن البشر هم سلالة خامسة من القردة العليا؟ وهل يعقل خالق الكون بهذا الشكل ؟ أنه مشابه تماما لإله الإغريق أبولو!
من أهم اعتقادات السلفين كذلك أن الله لا يجب أن يشرك به ولا يملك أحد مثل قدراته أو وساطة إليه، ومن يعتقد ذلك فهو كافر بنظرهم!
لكنهم في نفس الوقت يؤمنون بشفاعة نبيهم وهي كالواسطة يشفع لمؤيديه فقط والمؤمنين به بعدم دخول النار!
فمثلا طغاة مسلمين بالتاريخ يدخلون الجنة فوراً دون عقاب بشفاعة محمد بالمقابل أناس خدموا البشرية لا تقبل لهم شفاعة ابدا!
اعتقادهم بالقضاء والقدر غريب جدا ولا يمكن تعقله فأفعالنا تحت مشيئة الله وتصرفه وفي نفس الوقت بمشيئتنا ونحن مسؤولون عنها.
كيف ذلك ؟ هل يعقل أننا عقولنا وتصرفاتنا تحت إمرة شخصين في نفس الوقت؟
يعتقدون بعدالة الصحابة وأنهم الاقدس بعد الأنبياء ولا يمكن نقدهم ابداً، الغريب أن صحابتهم تناحروا وقتلوا بعضهم بعضا !
وعلاقة السلفيين بأهل بيت محمد علاقة جيدة فهم يوقرونهم ويحترمونهم، لكن يفضلون بعض الصحابة عليهم كابأ بكر وعمر وعثمان.
يؤمن السلفيون بعقيدة الجهاد وأن الأرض كلها تحت حكم الله وهم المتمثلون باسمه وهو الإله الحق في نظرهم.
لذلك لا يتهاونون عن الحرب وقتال البشر وإخضاع شعوب العالم تحت حكم إلههم المزعوم لينالوا الجنة ونكاح حوريات ربهم وشرب خمورها وأكل فواكهها المتدلية.
ويرفض السلفيون التبرك بالقبور ويجدونه شركاً مخرجاً من ملة الإسلام كما تفعل الطوائف الأخرى ذلك من أشرهم الشيعة والصوفية، كما انهم يمقتون الاحتفال بالمولد النبوي ويعتبرونه شركا وضلالة وينتقدون فاعليه.
لا يؤمن السلفيون بمبدأ الديموقراطية وأن لحق الشعوب اختيار مصيرها وحكمها وان الحكم يجب ان يكون لله وهم الحاكمون والمتفردون باسمه دون غيرهم من البشر وحتى المسلمين الآخرين.
بالإضافة الى ذلك لا يؤمنون بما يسمى المواطنة أو أن من حق الشعوب الغير مقتنعين باعتقادهم لهم الحرية في اختيار مصيرهم ويعتبرون المخالفين لهم طبقة ثانية يجب ان تخضع لحكمهم.
–
الأشاعرة
تكلمنا بما يكفي عن السلفية، ننتقل الآن إلى فرقة الأشاعرة الذين يشكلون الحجم الأكبر من أهل السنة إن أضفنا معهم فرقة الماتريدية.
سموا الأشاعرة بهذا الاسم نسبة إلى أبي الحسن الأشعري وهو المؤسس لها بعام 260هـ حينما أسس بما يسمى علم الكلام.
من أشهر أئمتهم كذلك من القدماء الغزالي والبيهقي والنووي والقرطبي وتاج الدين السبكي العدو اللدود لابن تيمية في ذلك الوقت.
ومن أئمتهم الحديثين هو الشيخ المشهور الشعراوي.
يؤمن الأشاعرة بحجة العقل بخلاف السلفية الذين يقدسون النص، فإن وجدوا من النصوص ما تعارض العقل فإما أن يبطلوه أو يؤولوه إلى معناً آخر.
تأسس المذهب الأشعري كما ذكرنا سابقاً بما يسمى علم الكلام وهو فلسفة كلامية يستخدمون فيها الأدلة العقلية ومن ثم النصية لإثبات اعتقاداتهم الإيمانية.
وهم بذلك ضاربين عرض الحائط لعدم معرفتهم أن عقول البشر قاصرة ومتغيرة على مر الزمن وما هو معقول سابقاً قد يصبح غير ذلك في زمننا والعكس صحيح، فالفكر والإدراك لدى البشر ما هو إلا انعكاس لما حوليه من معلومات، فبتغير المعلومات يتغير الإدراك ومن ثم المنطق، حيث أن العقل وحده لا يستطيع ان يدرك طبيعة الكون والحياة ومتغيراتهما دون الاستناد إلى أدوات العلم الحديث.
ونجد أيضاً أن أكثر من يناقش الملحدين هم الأشاعرة ثم المعتزلة لاكتسابهم مهرات علم الكلام الذي يفتقره السلفية لأن ثقافتهم الحوارية ضحلة ونظرتهم بالسيف غالباً للمخالفين لهم.
ينفي الأشاعرة الصفات التي وضعها السلفيون بذات الله فهم لا يقرون بشبه لبني البشر وأما صفاته المذكورة بالقرآن يؤولونها تأويلات مختلفة، فمثلا يؤولون صفة اليد للقوة والمقصود بالساق هو الشدة وان حركته تؤول إلى أوامره ونواهيه، وإنه لا يضحك والضحك يعني الرحمة.
باستثناء بعض الصفات المعينة لم تؤول وهي السمع والبصر والقوة والادراك وغيرها.
لا يأخذ الأشاعرة بآحاد الأحاديث التي شرحناها كالسلفية إلا إن وجد أكثر من نص لأحاديث مختلفة لكنها تملك نفس المعنى والمضمون، ويتفقون مع السلفية بالناسخ والمنسوخ في آيات محددة فقط.
وايمانهم بالقضاء والقدر مختلف عن فهم السلفية لأنهم يرون أن مشيئة الله وحدها هي المتحكمة بأفعال العباد وهم ليسوا مخيرين في أفعالهم، أي أن العباد مجبورين بأفعالهم في خير وشر لكن بنفس الوقت هم غير معذورين لأن الله في نظرهم يفعل ما يشاء.
يضطرب الأشاعرة بتكفير الناس فتارة يقولون لا نُكفر من ينطق الشهادة وتارة يقولون لا نُكفر الا من كفرنا وتارة يكفرون من لا يؤيد اعتقادهم!
يتواجد الأشاعرة ومعظم أئمتهم بمصر حيث يعتبر جامع الأزهر منارة لهم وكذلك يتواجدون بالمغرب العربي والعراق وبعض الدول الأخرى، كذلك إندونيسيا وماليزيا وهما يعتبران الفرقة الأشعرية هي الفرق الرسمية في البلاد، وقاموا بمنع نشر الفكر السلفي رسمياً حسب دستور الدولتين.
–
الماتريدية
سنتحدث الآن عن الماتريدية وهم الأكثر انتشاراً بعد الأشاعرة وازدهرت في حكم الإمبراطورية العثمانية ازدهاراً واسعاً حيث كانت العقيدة الرسمية للدولة العثمانية.
تأسست الماتريدية على يد أبو منصور الماتريدي الذي توفي بعام 333هـ وسميت باسمه.
يتشابه الماتريديون كثيراً مع الأشاعرة في استخدام علم الكلام وإن العقل هو الأساس في التشريع وهو الذي يُحكم النصوص المنقولة.
مع ذلك هناك الكثير من الاختلافات من أشهرها ان الله لا يُسمع كلامه أبدا وإن صفة التخليق هي صفة كامنة به غير مستحدثة،
كذلك يقول الماتريديون أن هناك فرقا بين مشيئة الله أي إرادته وبين قضاءه وقدره، أي أن الله يتعمد فعل أشياء معينة بعباده، لكن بنفس الوقت مشيئته تخالف حكمته وقضاءه وقدره كأفعال العباد الشريرة مثلا!
يقول الماتريديون ان الله يسمع ويبصر ويشم ويتذوق أيضا وهو خارج الزمان والمكان، ولا يرون للأنبياء عصمة أي يخطؤون كالبشر.
ينتشر الماتريدية في تركيا وباكستان والهند وبخارى ولهم مدارسهم العقائدية المتأصلة هناك.
–
المرجئة
المرجئة فرقة تأسست قديماً على يد الحسن بن محمد بن حنيفة وهو ابن الامام أبو حنيفة وهناك الكثير من التابعين من المرجئة مثل سعيد ابن جبير، وكذلك إبراهيم النخعي وحماد بن ابي سلمان وهو أستاذ ومدرس أبو حنيفة شخصيا.
يعتقد المرجئة بخلاف أهل الإسلام الآخرين وهو أن أي شخص يؤمن بالله ويوحده فهو مسلم ولا يمكن تكفيره، فعقيدتهم الأساسية هي عدم تكفير أي انسان.
فهم يرون أنه مهما فعل الانسان من ذنوب ومعاصي وكبائر فهو مسلم وحسابه على الله باستثناء الشرك ولا ينقص من ايمانه شيء.
يرى المرجئة كذلك أن أعمال الانسان ليست تابعة لاعتقاده الشخصي، فإن فعل منكراً يخالف اعتقاده فإيمانه ثابت لا ينقص ولا يزيد.
ويعتقدون أيضاً بأن أفعال الانسان خارجة عن مشيئة الله وأن الانسان لا يخلد أبداً في النار وأنه ليس من العدل تخليد البشر في عذاب أبدي وهم لم يعيشوا إلا فترة بسيطة من الزمن وإن كانوا ضالين.
–
المعتزلة
ظهرت المعتزلة في بداية القرن الثاني الهجري بالعهد الأموي وازداد نفوذهم وقويت سلطتهم في زمن المأمون بالعهد العباسي.
المعتزلة هم فرقة كلامية تابعة لأهل السنة والجماعة ويجيدون علم الكلام ببراعة وكانوا يتلاسنون كثيرا مع الأشاعرة فتطور علم الكلام حينها.
ولهم اعتقادات كثيرة من أهمها انهم ينفون صفات الله جميعها فعندهم الله لا يسمع ولا يبصر لانه ليس بحاجة الى هذه الحواس أصلا.
باستثناء بعض الصفات كصفة الوجود والعلم ونحوها، لكنهم يرون ان صفات الله ليست مطلقة فهو ليس برازق بصفة مستمرة مثلا!
فبهذا هم يفسرون جهل الله وتركه للكثير من الخلائق جياعاً حتى الموت.
وقالوا أن صفاته هي عين ذاته فهو عالم بذاته قادر بذاته، لا بصفات زائدة عن الذات، وقد درج مخالفوهم من المغرضين على تفسير ذلك بأنهم ينفون الصفات عن الله.
ومن أهم معتقداتهم أنهم لا يرون أن القرآن كلام الله لأن الله عندهم لا يتكلم، فالقرآن يرونه مخلوق كسائر مخلوقات الله.
فبذلك القرآن ليس كاملاً أي يمكن تمحيصه وتفنيده ونقده كأي مخلوق آخر من مخلوقات الكون!
حَكم المعتزلة المسلمين لفترة طويلة من الزمن وكان لهم إثراء كبير في الاسلام فانتشر بينهم الفلاسفة والادباء والعلماء في شتى البلاد القابعة تحت حكم المسلمين.
كانت لهم سلطة الحكم والقضاء في حقبة طويلة من العهد العباسي، فكانوا لا يعينون قاضياً أو أميرا إلا أن يكون مواليلا لعقيدتهم، حتى ثارت الثائرة عليهم في عهد المتوكل بالله، وتم تقتيلهم وتهجيرهم وسجنهم وتعذيبهم، ثم انطفت نارهم.
يعتبر التوحيد من أهم أصولهم الخمسة ويعنون به إثبات وحدانيةِ الله ونفي المثل عنه.
استحدث المعتزلة مصطلحا يسمى منزلة بين المنزليتين وهو أحد أصولهم وهم للفسقة من المسلمين فهم ليسوا مؤمنون ولا كفار بل بينهما، أي إن كان هناك مؤمنا لكنه يفعل المعاصي لا يسمى مسلماً أو كافراً بل هو في منزلة بينهم.
كذلك ينفي المعتزلة وجود القضاء والقدر لله وأن البشر هم المسؤولين عن أفعالهم وهم من خلقوها وليست من مشيئة الله، وأن ذلك من العدل وهو الأصل الثاني في عقيدتهم.
لا يؤمن المعتزلة بالاحاديث بشكل عام إلا المتواتر منها، ويرون كذلك أن أصحاب الكبائر مخلدون بالنار ولا تقبل لهم توبة ولا شفاعة أبدا حتى شفاعة محمد نفسها، ويسمون ذلك بالوعد والوعيد وهو الأصل الرابع.
يتميز المعتزلة بنفيهم رؤية الله، حيث أجمعت المعتزلة على أن الله لا يُرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة، وذلك لأن في إثبات الرؤية إثبات الجهة لله والجسم إذ لا يقع البصر إلا على الألوان وهو منزه عن الجهة والمكان والجسم.
تميزوا أيضاً بنفيهم علو الله، وأولوا الاستواء في قول القرآن: “الرحمن على العرش استوى” بالاستيلاء، وقد وافقوا بذلك الأشاعرة وخالفوا أهل الحديث وهم السلفية الذين يثبتون العُلو المكاني لله فوق السماء مستوٍ على عرش تحمله الملائكة.
عاد المعتزلة من جديد بعصرنا الحالي واحيوا معتقداتهم وانتشروا كثيرا خاصة بعد التخلف والجهل والانحطاط الفكري بمجتمعنا والتسلط الديني الذي يمارسه رجال الدين.
–
الصوفية
وأخيرا وليس آخراً فرقة الصوفية وهي فرقة سنية لكنها الأقرب منهن إلى الفكر الشيعي لثنائهم وتفضيلهم لعلي على كامل الصحابة.
لا يرى الصوفية انفسهم كمذهب بل يرون أنفسهم كركن من اركان الإسلام (الإسلام، الايمان، الاحسان) فاهتموا بمفهوم الاحسان.
لذلك بدأ التصوف كسلوك وتعبد وزهد بالدنيا ومجاهدة النفس لكي يتحقق مفهوم الاحسان، لكن شيئا فشيئا سرعان ما تطور مفهوم التصوف وأصبح مذهبا منفردا بذاته وله طرق مختلفة للتعبد والتقرب إلى الله باختلاف أئمتهم والاولياء المتبعين.
فانقسمت الصوفية بذاتها الى اقسام كثيرة وطرق مختلفة للعبادة والتقرب من اشهرها الطريقة الشاذلية والقادرية والسعدية وغيرها الكثير.
اشهر الطقوس التي يشتهرون بها تسمى الأذكار وهي ترديد أسماء مقدسة بشكل ترنيمي تكراري مع حركات ترددية مكررة دون وضوح هدف او معنى، كتكرار تحريك الرأس من فوق لأعلى ، والرقص المستمر على شكل دوران.
يقومون بما يسموه الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس بالبعد عن الشهوات، كما لا يعتقدون بفريضة جهاد الطلب اي الاحتلال للشعوب والغزوات التي يؤمن بها السلفية خاصة، لذلك لا يُجيز المتصوفة التكفير وسفك الدماء بخلاف الفرق الأخرى لكنهم يعتقدون بضلال الفرق الأخرى المخالفة لاعتقاداتهم!
صُنفوا من السنة لتقديسهم الخلفاء الأربعة وعدم الطعن فيهم وتشابهوا مع الشيعة لحبهم المفرط لعلي وكرههم وطعنهم في معاوية بن أبي سفيان ويزيد ابنه!
ويعتبر المتصوفة الفرقة السنية الوحيدة التي تحتوي على مرجعية من علماء وأولياء كالمذهب الشيعي تماما ويعتبرون أوليائهم المصدر الرئيسي للتشريع لديهم.
لذلك هم يقدسون أولياءهم وعلماءهم ويرونهم بمقام الأنبياء ويصاحبونهم ويتبركون بهم ويتبجلون بكل أثر لهم.
–
وكذلك يتبركون بأضرحة اوليائهم وقبورهم اذا ماتوا ويقدسون اماكنها ويقيمون المساجد فيها والاحتفالات، وينظمون طقوساً معينة بشكل سنوي تبجيلا لهم، وهذا ما يمقته اهل السنة الآخرون بشدة.
يضعون أولياءهم بمقامات كثيرة لا يسعنا ذكرها ويزعمون وجود كرامات لهم أي أمور خارقة للطبيعة كتحدثهم للبهائم مثلا وإحياءهم للموتى وشفاءهم الأمراض.
ويعتقدون كذلك بشيء يسمى الالهام وهو ان الله يلهم احد أولياءهم بأمور غيبية وقوى خفية لا يعلمها إلا هم من كل سكان الأرض.
كما ينظمون احتفالات ومهرجانات سنوية بمناسبة مولد محمد نبي الإسلام، ويوافق دائما 12 ربيع الثاني من كل سنة هجرية.
يعتقد الصوفية بمبدأ الحلول وهو أن الله ليس بمكان معين فوق السماء السابعة كما تقول الفرق الأخرى لكنه متواجد ومتحد بكل شيء في أجزاء الكون ومخلوقته مثل الصخور والبحار والنباتات والحيوانات وحتى أجساد البشر.
من أشهر أعلامهم :قاضي القضاة تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين بن رُزَيْن الحمودي، والعلامة نجم الدين أبو النعمان بشير بن أبي بكر حامد الجُبعْبري التبريزي.
وكذلك أحمد التيجاني، الشيخ أحمد بامبا السنغالي، مفتي افريقيا الشيخ إبراهيم الرياحي التونسي، الشيخ ماء العينين القلقمي، سيد أحمد البكاي الكنتي.
ومن المعاصرين من أئمتهم أمثال:
محمد سعيد رمضان البوطي من سوري،
أحمد بدر الدين حسون مفتي سوريا، علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق من مصر، أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر السابق من مصر، أحمد الطيب، شيخ الأزهر من مصر، ومحمد صلاح الدين المستاوي من تونس، وأحمد الجام من تركيا.
وكذلك محمد ناظم الحقاني، شيخ الطريقة النقشبندية، من قبرص، محمد عبد الغفار الشريف، من الكويت، يوسف الرفاعي، من الكويت، والمشهور علي الجفري من اليمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق