فاز رسام الكاريكاتير السوري رائد خليل بالجائزة الثالثة في مسابقة الكاريكاتير الدولية التي أقيمت مؤخراً بأوكرانيا بمشاركة عدد كبير من رسامي الكاريكاتير في العالم.
وتناول خليل في لوحته التي فازت السعي الأمريكي لتكريس هيمنة الدولار على اقتصاد العالم من خلال رسم رمزي جمع خلاله عدداً من الفنون البصرية على رأسها الكاريكاتير.
وكان المال هو موضوع المسابقة الدولية في دورتها السادسة التي ذهبت جائزتها الأولى للأوكراني لوكيانشينكو والثانية للكرواتي موجمير ميهاتوف.
فنان الكاريكاتير السوري رائد خليل ينال الجائزة الخاصة في مسابقة ( سبيرتيودي فيتو) الدولية
فنان الكاريكاتير العالمي, السوري رائد خليل, ابن بلدة تلدرة , ينال الجائزة الخاصة في مسابقة ( سبيرتيودي فيتو) الدولية التاسعة عشرة في إيطاليا بمشاركة واسعة من رسامي الكارتون في العالم.
فنان الكاريكاتير رائد خليل: أيقونة حنظلة ستبقى منارة حقيقية لأجيال كثيرة قادمة
يخاطب وعينا مستفزاً العقل لمشاركته تحليل الخطوط والرموز عبر فن الكاريكاتير السهل الممتنع، ومعاصرته للأحداث والتفاصيل اليومية بكل ما فيها من مأساة، حتى بات “كما يرى” كل موضوع في الحياة فكرة للوحة كاريكاتورية ساخرة، هو لا يكتفي برصد هذه التفاصيل بل أيضاً يثبتها في الذاكرة، لتشكل مرجعاً حقيقياً في استبصار تاريخ وطن وشعب عبر عين لا تخطئ ولا ترائي بل تصدم بقصد التحفيز لفتح نوافذ الروح للشمس المشرقة خارج ظلمتنا. إنه فنان الكاريكاتير السوري رائد خليل، الذي التقيناه في الحوار التالي عن الفن والحياة:
* لأن الطفولة المنجم الثري لكل مبدع، نحاول دوماً النبش في جوانياتها، عن ذاكرتك البصرية التي شكلت الطفل رائد ومن ثم الفنان والكاتب، فصقلته جمالياً وفنياً ماذا تحدثنا؟.
تستيقظ المخيلة عند الطفل وتتنامى بفعل المؤثر الخارجي، فيتشكل عالمه المليء بالعفوية بعيداً عن مازورة الإدراك. فالإنسان بطبيعته، يدرك العالم الخارجي ويحسّه.. ولكن هذا العامل لا يمكن أن يتحقق دون تطور أحاسيسه وبعض التنبيهات من صور وكلمات.. إذن، كل شيء في الكون له احتمالات، تتمايز وتتناغم.. وهذه الاحتمالات توقظ الخمول وتنبّه الوعي.
أما ذاكرتي البصرية، فأعتقد أنها مجبولة بتصاوير ورؤى يراها الجميع بشكل أفقي أو عمودي.. ولكن في الحالات الخاصة التي يبدع فيها المرء، تصير الرؤية أوسع ويختلف هنا مفهوم المجال، وتخرج سلطة الذاكرة لتعلن أن تلك الصور المزروعة في شريط الطفولة ليست سوى مواضيع تساؤل مهمة.
* بماذا تُعرّف الكاريكاتير، وهل بإمكاننا اليوم الاحتفاظ بفكاهة اللوحة على حساب سوداوية الواقع؟.
لا أستطيع تعريف الكاريكاتير.. لأن هذا المفهوم قد تجاوزناه، وبتنا بحاجة ماسة للوقوف على ناصية التأمّل، والتعرّف والفهم، واستقلالية هذا الفن تكمن في المدلولات والانزياحات التي تغيب في كثير من الأحيان عن رسوم بعض الفنانين.. وبالمقابل، يوجد منهم -أي الفنانين- من أدرك فاعلية الكاريكاتير وأعطاها بعداً آخر تجلّى بمفاهيم حسية وواقعية في غاية الدهشة.
الأسلوب كما يصفه “دينيف” بالرجل.. هو جوهر المادة والموضوع على حد سواء.. فالكاريكاتير بات يعرّفنا.. وحطم كل ما هو سائد ومكرور.. في مملكة المسوغات السابقة. أما الشق الثاني من السؤال، فأقول إن كل المبررات التي تخدم الواقع الفني الراهن لا تستطيع الإجابة عن الأسئلة الإشكالية المطروحة.. ففي كل وقت هناك صياغة سهلة النقاش وصعبة النتائج.. في عزف يتمحور غالباً على الأخذ والرد في التحليل والتركيب. وإذا تحدثنا في عمق الموضوع أكثر.. سنجد أن مسألة الاحتفاظ بفكاهة الحالة، لا تُبنى على حساب سوداوية الواقع.. فالفكاهة المرسومة بأصابع ساخرة، المنطوقة منها والحسية، هي التفاف على واقع تعسفيّ مليء بالمصادرات.. فتأخذنا الصورة في هذا الفن الساخر إلى تفاسير مشدوهة بالغايات.
* قلت في حوارات معك: المعاناة التي عشتها في الطفولة ولدّت لديك رغبة مقاومة الإلغاء من خلال الكاريكاتير، أي إلغاء قصدته في طفولتك فكان معرضك الأول وأنت طالب في الصف الثالث الابتدائي؟ واليوم ما زلت ترسم وتكتب أيضاً لمقاومة ماذا؟.
الموضوع مرتبط بصياغة الواقع دون العودة لنا، ويندرج المفهوم ضمن عنوان الوسيلة.. أي الحالة الميكافيلية (الغاية تبرر الوسيلة)، ومفهوم الإلغاء هو نمط أو شكل من أشكال الحيل الفكرية، ولأننا نمارس الفعل الثقافي، بتنا أمام حلبة وجود.. وتأسيس للأنا.. وهذا لا يأتي إلا بإجراء مسح شامل للواقع المعيشي والتأثيرات السلوكية الجمعية. وأعتقد أن التأسيس يأتي في مرحلة مبكرة من خلال المحرض الأسروي، وتتنامى الحالة حتى تتجذر المعرفة وتتفرع باقي العناوين الأخرى.
سأعود للمرحلة الطفولية منذ إقامة المعرض الأول حتى الآن.. الرؤية واحدة… ولكن الدائرة اتسعت.. وبات المجال أكثر عنفواناً وانزياحاً بما يخدم الغرض في زمن مضطرب جداً.
* تقول: “المراحل تتبدل والقمصان تتغير ألوانها وفقاً للمعطيات الجديدة، المهم في الأمر المبدأ والقضية والالتزام”، أنت رائد خليل الفنان ماذا تقول عن المرحلة التي تمر بها سورية والمنطقة من خلال رؤيتك الفنية، وما هي القضية التي تلتزم بها وعلى الفنانين الالتزام بها؟.
لا يمكن تعميم التجربة الشخصية، ولا يمكن أيضاً خلق معادلة التأثر والتأثير في واقع تتجاذبه كل الأمواج وبمختلف مسمياتها.. إذن، الموضوع مرتبط بالثبات.. فكثير من الأشخاص سقطوا مع أول هبوب، وكثير منهم ما زالوا يقارعون الأهواء والمغريات. المرحلة الآن تتطلب موقفاً مكتمل العناصر والتفاصيل دون الإخلال بأهدافه.. والأرض التي نعيش عليها تتعرض لعواصف متنوعة الألوان، ومفتوحة على احتمالات غير محسوبة النتائج.. فالواجب يحتم على كل فرد وتحديداً أصحاب القلم والشأن الفني أن يدركوا حقيقة الحصار الممنهج.
* تؤكد دائماً أن علاقة فن الكاريكاتير بالناس مرتبطة بالفن أخلاقياً وإنسانياً.. وغياب أحدهما يُفقد العين الثالثة جوهرها، ما هي العين الثالثة، وكيف يسقط الفن أخلاقياً؟.
**أي عمل ثقافي، يندرج في الإطار الأخلاقي، بعيداً عن التلوث الحاصل والفساد الفني المتفشي.. كثيرة هي المشاهدات، وكثيرة هي التفاسير والأقاويل.. ولكن أن نجعل من البقعة الصفراء بركة دم أحمر.. فهذي كارثة حقيقية.. ناهيك عن أمور كثيرة أخرى.. من التخلي إلى معايشة المخاتلة. أما مفهوم العين الثالثة فهو أن نرى كل ما هو بعيد عن العادي، إضافة إلى البعد المستقبلي للموضوع المطروح وقضيته.
*الناس طبقات من الوعي، هل هناك كاريكاتير موجّه للنخبة وآخر للعوام من الناس؟ ومتى يكون فن الكاريكاتير قادراً على خلخلة الراكد في حياتنا وتنبيه الوعي وصولاً إلى الانفجار بوجه الفساد الذي نعانيه؟ وما هي الدلالات الحسية للعمل الكاريكاتوري الذي يستطيع أن يخلق سجالاً لدى المتلقي، ويحتفظ بالوقت ذاته بديمومته “ديمومة العمل”؟.
**قد يحدث أحياناً.. وهنا، لا نلوم الناس وطبقاتهم، المسألة الإشكالية تكمن في التلقي والوعي والإدراك لمفهوم العمل الفني.. اللوحة المنطوقة هي أشبه بمسرح.. عمق، عناصر، ممثلون، وإضاءة لكشف جوانب وحيثيات العمل. ولكن القراءة تختلف من شخص لآخر.. وهذه حالة طبيعية مرتبطة بالقدرة التقييمية والاستدلال وسبر أغوار العمل.. على مبدأ التفكيك ثم إعادة البناء.
وكي يكون الفن قادراً على خلخلة الراكد عليه الالتصاق بالناس وعدم الاستدارة لهم.. عاملان يجب أن نوليهما جلّ اهتمامنا.. أولاً لأن القضية أخلاقية، وثانياً فن الكاريكاتير يستمد وجوده ومبررات استمراريته من هؤلاء الذي يبدعون ببساطتهم آلاف التعابير بصرف النظر عن الملتوين بآرائهم من أصحاب التحيّز والذبذبات المتموجة.
وسؤال الدلالات يقودنا إلى بلورة رؤية فنية جديدة بلباس جديد ينضوي تحت عباءة المعايشة الجمالية.. فالكاريكاتير الناجح مرتبط أساساً بنجاح العناصر التي يستند إليها.. كالفكرة المهمة، الثقافة، الحركة والتكوين، الانفعالات وعامل السخرية المهم.. إضافة للأسلوب والرشاقة في رسم المعالم والتفاصيل.
* في عام 2004 أصدرت كتاباً عن فنان الكاريكاتير الشهيد ناجي العلي، الذي لا تزال لوحاته طازجة كأنها تواً خرجت من رحم ريشته، ونحن نعلم بأن لوحاته كانت ممزوجة بالوجع، تجاوزت حدود المكان وحلقت في العالم، خصوصاً بتذييله هذه الرسوم بحنظلة، برأيك هل اختفى زمن الأيقونات “حنظلة ناجي العلي مثلاً”، وهل يمكن أن نحفل اليوم بأيقونة جديدة تواكب هذه المرحلة وتتطلع إلى أفق أكثر اتساعاً؟.
**لكل زمان مقام.. أعتقد أنّ توقيع الشخص وأسلوبه هما أيقونة، ناجي العلي ابن مرحلة مهمة وخاصة.. وأيقونة حنظلة ستبقى منارة حقيقية لأجيال كثيرة قادمة.. فيها خطوط ممزوجة بالوجع الفلسطيني، وفيها أيضاً الكثير من المقولات والنصوص.. اختزلت مواقف وغاصت في سراديب الواقع.. فككت وحلّلت وشاركت وأثبتت أن الحق موجود.. ولا يسترد إلا بالإيمان المطلق بعدالة القضية ومواجهة الانتهازية ومريديها.
* لأن الجائزة كما يرى هي كلمة شكر على العطاء، فقد نال أكثر من مائة كلمة شكر، لتكون الجائزة الفخرية التي نالها في مسابقة (غسيل الدماغ) في سلوفاكيا.. كلمة شكر لرؤية عميقة في قراءة الواقع والإشارة إلى موضع الوجع، عن اللوحة الفائزة وارتباطها بالواقع اليومي الذي يتخبط به العالم العربي وما يحدث على أرض سورية من قتل باسم الدين يقول:
**اللوحة ببساطة.. تجسّد استخدام الآخر في صياغة مفاهيم الإلغاء.. وهنا، تكمن خطورة الأمر.. إذ حوّل بعض القابعين خلف أردية التردي والظلام فئات مجتمعية إلى أدوات رخيصة.. وحشوات قاتلة قابلة للانفجار في الزمكان المناسبين، إذ تمثل اللوحة رصاصة والحشوة فيها دماغ إنسان، هذا تأكيد بليغ على خطورة ما قلناه.
—————-
- رائد خليل– مواليد حماة- سورية عام 1973.
- عمل في العديد من الصحف والمجلات العربية والعالمية، منها مجلة «صباح الخير» اللبنانية، وصحيفة «المدى» الاقتصادية الصادرة في روما، ومجلة «كيهان كاريكاتور» الإيرانية، ومجلة «فيلاغورسيك» الهنغارية، ومجلة «كاركوميكس» التركية، ومجلة «دوبري هومر» البولونية.
- شارك في العديد من المعارض الدولية ونشرت أعماله في الصحف والدوريات العربية والعالمية.
- نال العديد من الجوائز وشهادات التقدير.
- يقيم المسابقة الدولية السنوية للكاريكاتير في سورية منذ عام 2005.
- محرر ومشرف موقع الكاريكاتير السوري.
- عضو في كثير من لجان التحكيم للمسابقات الدولية للكاريكاتير.
من إصداراته:
– كتاب عن الفنان الشهيد ناجي العلي 2004.
– كتاب شخصي “الكلام عليكم” 2004.
– الكاريكاتور والفكاهة 2006.
– المسـرح 2007.
– أقـلام 2007.
– وجـوه 2007.
– المرأة 2008.
– ديوان شعري بعنوان: أنا مع حفظ الألقاب- 2013.
– ديوان شعري بعنوان: سيجت دمعي ببكائك- 2014.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق