هناك مفاهيم وعبارات تشكل جزءا صميميا في كل بناء او ممارسة سياسية، خاصة في فترات الأزمات التي يعرفها الكيان السياسي الحزبي او الدولتي، حيث تتردد، بكثرة، عبارات: من سلالة المؤامرة والخداع السياسي الاستراتيجي والتضليل الاعلامي والسياسي والحرب النفسية التي تمارس من قبل الخصوم والأعداء لتثبيط العزائم، وربح المعارك السياسية والحروب، عمليا، حتى قبل خوضها، وغير ذلك من المفاهيم. وإذا لم يكن ممكنا، لاي كان، تفنيد أهمية وواقعية هذه العبارات والمفاهيم في كل النزاعات السياسية والعسكرية،
فليس بإمكانه، أيضاً، إنكار انها ليست ذات اتجاه واحد، وان كل القوى المتصارعة، على مدى التاريخ المعروف، قد حاولت توسل كل الطرق الممكنة لربح معاركها وتحقيق الانتصار على خصومها وأعدائها، بأقل الخسائر الممكنة. وفي هذا السياق يمكن استحضار “حصان طروادة” من التاريخ اليوناني القديم، ومعاهدة عدم الاعتداء التي تم توقيعها عام 1939 بين جوزيف ستالين زعيم الاتحاد السوفياتي آنذاك وبين هتلر مستشار ألمانيا النازية، الذي قرر الزحف على مختلف البلدان الاوروبية وكان محتاجا الى تحييد الاتحاد السوفياتي قبل ان يفاجئ موسكو بالزحف العسكري الشامل على البلاد مما جعله يحقق العديد من المكاسب الميدانية في الأيام الاولى من نقض المعاهدة، ولم بتم توقيف زحفه الا بعد تقديم تضحيات مادية وبشرية هائلة.
لكن يبدو ان المنطقة العربية تتعامل مع هذه المفاهيم بطريقة خاصة، توحي بأنها كافية لتبرير كل ما يقع في مختلف ساحاتها، ويبرئ قياداتها السياسية، بالتالي من اي مسؤولية تذكر، حول ما آلت اليه أوضاع المنطقة من سوء، في مختلف المجالات وخاصة في مناهضة القوى التي ترى انها مصدر كل الشرور التي حلت بها.
لكن يبدو ان المنطقة العربية تتعامل مع هذه المفاهيم بطريقة خاصة، توحي بأنها كافية لتبرير كل ما يقع في مختلف ساحاتها، ويبرئ قياداتها السياسية، بالتالي من اي مسؤولية تذكر، حول ما آلت اليه أوضاع المنطقة من سوء، في مختلف المجالات وخاصة في مناهضة القوى التي ترى انها مصدر كل الشرور التي حلت بها.
اذ بدل الانطلاق من ان منطوق الحديث عن المؤامرة والخداع السياسي الاستراتيجي يفرض عليها، مفهوما، سن سياسات كفيلة بإفشال تلك المؤامرة واليقظة في مواجهة عمليات الخداع التي تستهدفها بمختلف الأشكال، فإنها تتصرف كمن يعتقد ان مجرد الإشارة بأصابع الاتهام لهذه القوى، او تلك، باعتبارها المسؤولة، بهذا القدر او ذاك، عن أوضاعها، مباشرة او بصورة غير مباشرة، ترفع عنها كل مسؤولية ذاتية عن الاوضاع التي تتخبط فيها، سواء كانت نتيجة أزمات سياسية او نزاعات مسلحة تهدد كامل كيانها بالتفكك والانهيار. اي انها تتصرف بطريقة عكسية، تماماً، لما كان ينبغي عليها ان تتصرف به للخروج من أزماتها، والانتصار في نزاعاتها، مع قوى داخلية تجد لها سندا من القوى الخارجية التي تشاركها المصلحة الآنية او الاستراتيجية في إضعاف الكيان المستهدف، وهو ما لا ينبغي ان يفاجئ احدا خاصة اذا كان مدركا منذ البداية، كما يدل على ذلك، خطابه الدعائي الرسمي. لكن يبدو ان القوى المتنفذة في المسرح السياسي في المنطقة العربية لم تملك، الى حد الآن على الأقل، مفاتيح التعامل مع الأزمات والنزاعات الداخلية والخارجية على حد سواء. وقد يكون في مقدمة ما يحول دون ذلك عدة عوامل، أهمها:
اولا، عدم القدرة على امتلاك المنهجية الجدلية في التعامل مع مفاهيم المؤامرة والتضليل والخداع، باعتبارها ذات اتجاهات متعددة، ولا ينبغي التعامل معها باعتبارها احادية الى درجة اعتبارها نوعا من القدر الجديد الذي لا راد له. وهذا صحيح مع افتراض حسن نوايا تلك القوى ورغبتها الحقيقية في تجاوز الازمة او تحقيق الانتصار على من تصنفهم ضمن خانة أعدائها.
ثانيا، لكن الأمر قد لا يعود حصرا الى عدم ادراك هذه الجدلية، التي تتسم بها تلك المفاهيم، وانما يعود، أيضاً، الى عدم رغبة القيادات السياسية في استخلاص العبر والدروس، التي تفرضها هذه المنهجية على أصحابها، من حيث ضرورة إعداد العدة لإفشال مساعي الخصوم والأعداء، لأنها لا تتوفر على الإرادة السياسية الضرورية، لتجاوز هذه الأوضاع، وخاصة ما يترتب عليها من أثمان اجتماعية وسياسية، وربما استراتيجية، باهظة ينبغي عليها دفعها في سياق انخراطها في كل عملية شاملة لتحقيق الانتصار على ما تعتبره مؤامرة داخلية او خارجية، على حد سواء. وهذا ظاهر جليا في سلوك مختلف أنظمة الاستبداد السياسي التي تتصرف وفق معادلة: اما انا او الفوضى الشاملة.
ثالثا، وعلى أساس هذه المعادلة التدميرية الخطيرة، يغدو حرص القوى المتنفذة في الحياة السياسية على المستويين الحزبي والدولتي على الاستمرار على قمة هرم السلطة المادية والمعنوية سابقا، في أهميته، وحيويته، على كل حرص على أمن واستقرار البلاد الذي تزعم في خطابها الاعلامي والسياسي الرسمي انها تعطيه أولوية الأولويات، الأمر الذي يؤسس لممارسات تنم عن الاستخفاف شبه المطلق بمصير الشعب والأمة الذي لا يدخل في الواقع ضمن معادلات تلك القوى وخارج رهاناتها خاصة انها تلجأ، هي كذلك، الى خارج يسندها في صراعها وحروبها وهو خارج يعطي الأولوية بطبيعة الحال، لمصالحه السياسية والاستراتيجية والتي لا يتردد، عادة، في خدمتها، ولو أدى به ذلك الى قلب تحالفاته الاقليمية والدولية، الامر الذي يترك القوى التي تعول عليه في العراء السياسي حيث لا ينفع الحديث، مرة أخرى، عن المؤامرة فيتم التوجه بالاستنجاد بمصطلح جديد هو الغدر، وما يقوم مقامه. اذ المهم هو التهرب من تحمل المسؤولية عن الأوضاع المادية والمعنوية المتولدة عن صراع الإرادات حول كيانات لا تتوفر لدى قياداتها ملكة استشراف المستقبل في خضم الصراعات التي تجد نفسها في اتونها.
اولا، عدم القدرة على امتلاك المنهجية الجدلية في التعامل مع مفاهيم المؤامرة والتضليل والخداع، باعتبارها ذات اتجاهات متعددة، ولا ينبغي التعامل معها باعتبارها احادية الى درجة اعتبارها نوعا من القدر الجديد الذي لا راد له. وهذا صحيح مع افتراض حسن نوايا تلك القوى ورغبتها الحقيقية في تجاوز الازمة او تحقيق الانتصار على من تصنفهم ضمن خانة أعدائها.
ثانيا، لكن الأمر قد لا يعود حصرا الى عدم ادراك هذه الجدلية، التي تتسم بها تلك المفاهيم، وانما يعود، أيضاً، الى عدم رغبة القيادات السياسية في استخلاص العبر والدروس، التي تفرضها هذه المنهجية على أصحابها، من حيث ضرورة إعداد العدة لإفشال مساعي الخصوم والأعداء، لأنها لا تتوفر على الإرادة السياسية الضرورية، لتجاوز هذه الأوضاع، وخاصة ما يترتب عليها من أثمان اجتماعية وسياسية، وربما استراتيجية، باهظة ينبغي عليها دفعها في سياق انخراطها في كل عملية شاملة لتحقيق الانتصار على ما تعتبره مؤامرة داخلية او خارجية، على حد سواء. وهذا ظاهر جليا في سلوك مختلف أنظمة الاستبداد السياسي التي تتصرف وفق معادلة: اما انا او الفوضى الشاملة.
ثالثا، وعلى أساس هذه المعادلة التدميرية الخطيرة، يغدو حرص القوى المتنفذة في الحياة السياسية على المستويين الحزبي والدولتي على الاستمرار على قمة هرم السلطة المادية والمعنوية سابقا، في أهميته، وحيويته، على كل حرص على أمن واستقرار البلاد الذي تزعم في خطابها الاعلامي والسياسي الرسمي انها تعطيه أولوية الأولويات، الأمر الذي يؤسس لممارسات تنم عن الاستخفاف شبه المطلق بمصير الشعب والأمة الذي لا يدخل في الواقع ضمن معادلات تلك القوى وخارج رهاناتها خاصة انها تلجأ، هي كذلك، الى خارج يسندها في صراعها وحروبها وهو خارج يعطي الأولوية بطبيعة الحال، لمصالحه السياسية والاستراتيجية والتي لا يتردد، عادة، في خدمتها، ولو أدى به ذلك الى قلب تحالفاته الاقليمية والدولية، الامر الذي يترك القوى التي تعول عليه في العراء السياسي حيث لا ينفع الحديث، مرة أخرى، عن المؤامرة فيتم التوجه بالاستنجاد بمصطلح جديد هو الغدر، وما يقوم مقامه. اذ المهم هو التهرب من تحمل المسؤولية عن الأوضاع المادية والمعنوية المتولدة عن صراع الإرادات حول كيانات لا تتوفر لدى قياداتها ملكة استشراف المستقبل في خضم الصراعات التي تجد نفسها في اتونها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق