عمان - يعد الناقد البريطاني باتريك بارندر من ابرز النقاد الذين تناولوا في دراساتهم وابحاثهم النقدية، أدب القصص العلمي ومن مؤلفاته في هذا المجال كتاب عنوانه "ظلال المستقبل" ترجم إلى العربية العام 1991 وآخر عن أدب القصص العلمية. ويعمل حالياً على إصدار 15 كتاباً نقديا عن الاعمال الروائية للكاتب البريطاني المشهور ج ولز (1866 – 1964) صاحب رواية آلة الزمن الشهيرة والتي تحولت الى فيلم سينمائي وبارندر حاصل على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة كيمبريدج، تتلمذ على يد الناقد البريطاني الشهير ريموند ويليامز ويعود سبب رغبة بارندر في التعمق بأعمال ويلز لمخيلته الواسعة التي كان يتميز بها، اضافة الى النزوع للكتابة المستقبلية اذ "بينما كان العديد من الكتاب يفكرون بالماضي، اخذ ويلز يفكر بالمستقبل ويتخيله وكتب عن كل ما هو جديد وغير متوقع". ويضيف باردندر الذي زار الاردن مؤخرا في حديث"للغد": "تأثر "ويلز" في ادبه بالثقافة العربية وخصوصا بفكرة بساط الريح التي استوحى منها قصة آلة الزمن Time Machine التي سافر فيها عبر الزمن إلى مختلف البلدان والأزمان للتعرف ومشاهدة أشياء جديدة".
وعن أدب القصص العلمية بشكل عام، يقول بارندر: "تقتصر معظم هذه الأعمال على المستقبل مظهرة مدى تأثير التكنولوجيا على الحياة والإنسان بشكل عام"، مضيفاًً أن "على كتّاب القصص العلمية أن يبقوا متابعين للتطور التكنولوجي وغيره من التطورات" مؤكدا على ضرورة ان يتصف كتّاب هذا النوع من الأدب بالخيال الواسع وان يبقوا على صلة ومعرفة بآخر ما توصلت إليها التكنولوجيا". ويضيف بارندر: "ما يزال أدب القصص العلمية مصدراً للتسلية والترفية بالرغم من تطور الحياة وتقدم علم التكنولوجيا فيها".
ويعتبر بارندر السياسة والأدب متقاربين على الرغم من محاولات العديد من الكتاب للفصل بينهما. ففي حالة “ويلز"، يقول بارندر انه كان ذا نظرة سياسية في رؤيته للعولمة بالإضافة إلى كونه ناشطاً في قضايا حقوق الإنسان. لافتا الى انه من الضروري أن يكون للكتّاب وعي سياسي كي تتواصل أعمالهم مع الحياة الواقعية واصفاُ العلاقة بكونها "أكثر حميمية مما يجب أن تكون عليه".
ويعتبر بارندر واحدا من المثقفين البريطانيين المساندين في بلاده للقضايا العربية يقول : "من خلال وظيفتي وصلتي المتواصلة بالعديد من التلاميذ والأكاديميين العرب، أدركت العديد من الأمور التي أغفلها الإعلام البريطاني وحفزتني قراءتي للعديد من الصحف والمنشورات الأدبية التي كتبها أدباء عرب وخصوصا المفكر إدوارد سعيد للتعاطف مع القضايا العربية وبخاصة السياسية منها".
ويعتبر بارندر، المفكر ادوارد سعيد، من أهم الذين ساهموا في نشر الوعي في العقول الغربية والأوروبية وتوعيتهم عن الشرق الأوسط وثقافته مما أدى إلى خلق نوع من التعاطف مع العرب وقضاياهم وكان قد قابله قبل عام من وفاته في جامعة كيمبريدج البريطانية التي القى فيها عددا من المحاضرات حول "الإنسان والمقاومة" .
وعن تطور الرواية في بريطانيا، يقول بارندر أنها "تأثرت كثيراً بأدب الكتاب الذين هاجروا إلى بريطانيا من بلدان مختلفة كالهند والباكستان وإيران وغيرها". استقر العديد منهم في لندن ونشأوا فيها وكتبوا عن طفولتهم، واصفين طريقة العيش وكيفية التأقلم في بلد جديد وسط عادات وتقاليد وثقافة جديدة تختلف عن عاداتهم وثقافتهم. وتظهر في رواياتهم المشاكل والمصاعب في التوفيق بين الثقافتين واصفين المشاكل التي تصاحب محاولة التحرر من العادات والتقاليد السائدة بين المجتمعات الصغيرة التي تكونها العائلات القادمة من نفس البلد.
ومن هؤلاء الروائيين: ساميول سيلفون الذي كتب The lonely Londeners والروائية مونيكا علي صاحبة كتاب Brick Lane.
ويقول بروفيسور اللغة الإنجليزية في كلية الأدب الإنجليزي والأميركي في جامعة ريدينغ البريطانية "عادة ما يواجه هؤلاء الكتاب صعوبات واضطهادا من أبناء مجتمعهم التي تشكل كتلاً أقلية في بريطانيا بسبب سرد وقائع عن حياتهم ربما تكون مخالفة لثقافاتهم ومعتقداتهم". وما يزال بارندر يفكر في زيارة الأردن والشرق الأوسط عندما تتيح له الفرص من اجل إثراء معلوماته وثقافته الشرق أوسطية.
يذكر ان بارندر عضو في اللجنة الاستشارية التحضيرية لمؤتمر "الثقافة والمقاومة"الذي سيقام في جامعة فيلادلفيا في أواخر شهر نيسان (ابريل) القادم. وكان قد زار الأردن مرات عدة مرات وكانت معظم هذه الزيارات أكاديمية، كزيارته لحضور الاحتفال التذكاري الذي أقيم للمفكر إدوارد سعيد في جامعة فيلادلفيا في العام 2004
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق