زيد بن رفاعة
السبت 2018/07/07نشرت كتابات كثيرة وموسوعات أكثر عن اليهودية، لكنها مجتمعة اعتمدت على المصادر العربية والدينية غير اليهودية، إلّا أن الباحث العراقي جعفر هادي حسن في كتابه “فرق يهودية معاصرة” لم ينطلق كباحث من موقف عقائدي أو سياسي، فهذا عادة ما يُقلل من شأن البحث، وقد يُرمى بالجرح، إنما انطلق من واقع اعتمد في تقديمه على مصادر أهل الفرق أنفسهم، وعلى أهل الاختصاص، من معايشين لتلك الجماعات وباحثين في شؤونهم.
يعتبر كتاب “فرق يهودية معاصرة” للباحث العراقي جعفر هادي حسن كتابا جديدا في مضمونه، حيث تناول عدة فرق يهودية معاصرة، منها ما ظهر في القرن التّاسع عشر ومنها ما تأسّس في القرن العشرين.
وجاء الكتاب حلقة مكملة لسلسة دراسات دأب عليها المؤلف، الذي ظلت نصب عينه الدراسات اليهودية، التي تخصص بها، فبعد “الحيسديم” و”القراؤون” و”الدونمة” وغيرها من الفرق التي تناولها الباحث العراقي عكف على تصنيف “فرق يهودية معاصرة”، مشيرا في مقدمته إلى أنه لم يلمّ بالفرق المعاصرة كافة، فتلك تحتاج إلى أكثر من كتاب، لذا تراه ركز على الأهم والأكثر فاعلية من الفرق الدينية.
عنصرية يهودية
جاء كتاب “فرق يهودية معاصرة” مفيدا في معلوماته، الجديدة على القارئ العربي، والممتع بأسلوبه، فالمؤلف إضافة إلى اختصاصه بالعبرية والدراسات اليهودية فقد درس العربية ببغداد، ثم أكمل دراساته الأكاديمية ببريطانيا، لذا جاء أسلوبه رصينا خاليا من التقعر، متين العبارة، متنزها عن الموقف العقائدي المسبق، ويبرز ذلك في ما يكتبه جعفر هادي حسن، وذلك لكثرة الكتابات في الشأن العقائدي، والتي جاءت مطابقة لأساليب من كتبوا في الملل والنِّحل من الماضين والحاضرين.
تناول الكتاب بدراسات وافية وموثقة الفرق الآتية: اليهود الأفارقة، واليهود الأفارقة الأميركيين، ومجموعة الشّعب الإسرائيلي العبراني الأورشليمي، واليهود الإثيوبيين، واليهود اليسوعيون، وفرقة اليهودية البشرية والفرق اليابانية “مكويا”.
وجاء الكتاب مكتنزا بالمعلومات عن اليهود السُّود، ممَن اعتبروا أنفسهم ممثلي اليهودية الحقيقية، وأنهم بنو إسرائيل الأُصلاء، واضعا حدا فاصلا بين الدولة الإسرائيلية القائمة على أساس اليهودية، وحقيقة ما يعتقدون عن اليهودية.
العرق واللون يفرقان بين اليهود ولا يقربانهم
وتحدث الكتاب عن قادة جُدد لليهودية مثلوا طموحا آخر مختلفا تماما عن عقيدة إسرائيل كدولة وكشعب، على أنهم الأصل في العقيدة اليهودية، ولم تعلن تلك الفرق نفسها كمنشقة عن اليهودية إنما هي اليهودية الصحيحة.
وقدم الكتاب معلومات دقيقة عمّا حصل لهؤلاء داخل دولة إسرائيل، وكيف عوملوا بعنصرية مِن داخل اليهودية نفسها، فلما وصلوا بطرق مختلفة، وليست رسمية، إلى إسرائيل حوربوا في وجودهم، وتركوا بلا مساكن ولا طبابة ولا مدارس، وسدت في وجوههم أبواب الرِّزق، من التوظيف إلى التجارة، أو ممارسة أي عمل.
وكانت العنصرية ضدهم تنطلق من لون بشرتهم لكونهم سودا، ومن اختلاف عقيدتهم، وكان رجال الدين الرسميون بإسرائيل الأكثر تشدّدا ضدهم.
يستغرب القارئ، بعد الاطلاع على كتاب “فرق يهودية معاصرة” من وجود عنصرية حادة ضد اليهود أنفسهم، إلى درجة عدم الموافقة على التعامل معهم، من قبل المتدينين اليهود في إسرائيل، وتحريم دفن موتاهم في مقابر اليهود، على أنهم أنجاس لا يجوز لمسهم ومؤاكلتهم.
ادعاء كاذب
تشعر بعد قراءة الكتاب أن العنصرية الدينية عندما تختلط بالسياسة، أو العقيدة مثل الصهيونية لا تعتق أحدا، وكيف لا يكون ذلك وأن عقائد الفرق التي تناولها الكتاب، تتميز عمن ينعتون بالصهونيين من اليهود، وهم أساس عقيدة الدولة الإسرائيلية، التي تتقاطع مع الصهيونية في العقيدة والسياسية، فالاختلاف على عبارة “شعب الله المختار”، وكل فرقة تعد نفسها أنها أصل ذلك الشعب، وليس هناك حق لغيرها، وأن التوراة توراتها والتعاليم اليهودية لديها هي الأصل.
يصعب جدا على اليهودي، وهو داخل إسرائيل أن يشعر بالعنصرية ضده، بلونه وطعامه، ووجوده بشكل عام، ففي إسرائيل على اليهودي، مِن بين هذه الفرق، أن يتهود، وهذا ما قاله أحد اليهود القادمين إلى إسرائيل من بين تلك الفرق “عندما جئت إلى إسرائيل شعرتُ بأنني يهودي حرّ، وقد كانت مفاجأة أن أرى اليهود يقودون سياراتهم، ويسمعون الراديو في يوم السبت، ومع كل هذه المخالفات فإنهم يطلبون مني أن أتهود، لقد كنتُ في إثيوبيا أشعر بأني يهودي في كل شيء، وقد مارستُ الشعائر طبقا للتوراة، لكنهم يقولون لي هنا في إسرائيل بأني لستُ يهوديا، ويجب عليَّ أن أتهود، إذن فما فائدة السنين التي مارست فيها اليهودية في السابق” (ص 129).
عندما ينظر المسلم أو المسيحي أو أي شخص من أي ديانة خارج اليهود، يعتقد أن اليهودية واحدة؛ وأن كلهم صهاينة، وما بينهم رابطة دم عِرق أقرب بالعرق القومي، مع أن الألوان مختلفة والأُصول متباينة، إلّا أن قراءة هذا الكتاب تدفع إلى الفضول عن معرفة الغريزة وراء هذا الاختلاف، الذي يصل إلى حدّ التنجيس، وكل واحد يعتبر نفسه هو عميد شعب الله المختار.
إنه اختلاف الجغرافيا والأُصول، فمن الصعب الاعتقاد بصحة ما تُقدمه دولة إسرائيل على أنها تمثل اليهود كافة، وفي الداخل تميّز بين الناس على أساس اللون. في الإجمال يُقدم الكتاب مادة جديدة في منشئها، وموثقة، كُتبت بقلم باحث متخصص.
زيد بن رفاعة
باحث عربي
وتحدث الكتاب عن قادة جُدد لليهودية مثلوا طموحا آخر مختلفا تماما عن عقيدة إسرائيل كدولة وكشعب، على أنهم الأصل في العقيدة اليهودية، ولم تعلن تلك الفرق نفسها كمنشقة عن اليهودية إنما هي اليهودية الصحيحة.
وقدم الكتاب معلومات دقيقة عمّا حصل لهؤلاء داخل دولة إسرائيل، وكيف عوملوا بعنصرية مِن داخل اليهودية نفسها، فلما وصلوا بطرق مختلفة، وليست رسمية، إلى إسرائيل حوربوا في وجودهم، وتركوا بلا مساكن ولا طبابة ولا مدارس، وسدت في وجوههم أبواب الرِّزق، من التوظيف إلى التجارة، أو ممارسة أي عمل.
وكانت العنصرية ضدهم تنطلق من لون بشرتهم لكونهم سودا، ومن اختلاف عقيدتهم، وكان رجال الدين الرسميون بإسرائيل الأكثر تشدّدا ضدهم.
يستغرب القارئ، بعد الاطلاع على كتاب “فرق يهودية معاصرة” من وجود عنصرية حادة ضد اليهود أنفسهم، إلى درجة عدم الموافقة على التعامل معهم، من قبل المتدينين اليهود في إسرائيل، وتحريم دفن موتاهم في مقابر اليهود، على أنهم أنجاس لا يجوز لمسهم ومؤاكلتهم.
ادعاء كاذب
تشعر بعد قراءة الكتاب أن العنصرية الدينية عندما تختلط بالسياسة، أو العقيدة مثل الصهيونية لا تعتق أحدا، وكيف لا يكون ذلك وأن عقائد الفرق التي تناولها الكتاب، تتميز عمن ينعتون بالصهونيين من اليهود، وهم أساس عقيدة الدولة الإسرائيلية، التي تتقاطع مع الصهيونية في العقيدة والسياسية، فالاختلاف على عبارة “شعب الله المختار”، وكل فرقة تعد نفسها أنها أصل ذلك الشعب، وليس هناك حق لغيرها، وأن التوراة توراتها والتعاليم اليهودية لديها هي الأصل.
يصعب جدا على اليهودي، وهو داخل إسرائيل أن يشعر بالعنصرية ضده، بلونه وطعامه، ووجوده بشكل عام، ففي إسرائيل على اليهودي، مِن بين هذه الفرق، أن يتهود، وهذا ما قاله أحد اليهود القادمين إلى إسرائيل من بين تلك الفرق “عندما جئت إلى إسرائيل شعرتُ بأنني يهودي حرّ، وقد كانت مفاجأة أن أرى اليهود يقودون سياراتهم، ويسمعون الراديو في يوم السبت، ومع كل هذه المخالفات فإنهم يطلبون مني أن أتهود، لقد كنتُ في إثيوبيا أشعر بأني يهودي في كل شيء، وقد مارستُ الشعائر طبقا للتوراة، لكنهم يقولون لي هنا في إسرائيل بأني لستُ يهوديا، ويجب عليَّ أن أتهود، إذن فما فائدة السنين التي مارست فيها اليهودية في السابق” (ص 129).
عندما ينظر المسلم أو المسيحي أو أي شخص من أي ديانة خارج اليهود، يعتقد أن اليهودية واحدة؛ وأن كلهم صهاينة، وما بينهم رابطة دم عِرق أقرب بالعرق القومي، مع أن الألوان مختلفة والأُصول متباينة، إلّا أن قراءة هذا الكتاب تدفع إلى الفضول عن معرفة الغريزة وراء هذا الاختلاف، الذي يصل إلى حدّ التنجيس، وكل واحد يعتبر نفسه هو عميد شعب الله المختار.
إنه اختلاف الجغرافيا والأُصول، فمن الصعب الاعتقاد بصحة ما تُقدمه دولة إسرائيل على أنها تمثل اليهود كافة، وفي الداخل تميّز بين الناس على أساس اللون. في الإجمال يُقدم الكتاب مادة جديدة في منشئها، وموثقة، كُتبت بقلم باحث متخصص.
زيد بن رفاعة
باحث عربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق