الصحفي العراقي عرفان رشيد يترجم رواية الكاتب تشيزره بافيزه الحائز على أعرق وأرقى جوائز بلده.
الأربعاء 2018/06/06
قصة شاب محدود الثقافة من عائلة برجوازية
شخصية تعاني من القلق واللهاث الوجودي
ميلانو (ايطاليا) - يقدم السينمائي والصحفي العراقي عرفان رشيد ترجمة لرواية "الرفيق" للكاتب الإيطالي تشيزره بافيزه الذي يعد أهم أدباء بلده في القرن العشرين.
والرواية الصادرة مؤخرا عن منشورات المتوسط في ايطاليا تتناول قصة شاب من الطبقة البرجوازية محدود الثقافة ولا يحب العمل، وفجأة يجد نفسه في مواجهة مسؤولياته الشخصية.
ويعتبر بافيزه الحاصل على جائزة "ستريغا" (أعرق وأرقى الجوائز الأدبية الإيطالية) عن ثلاثيته الروائية الصيف الجميل (صادرة عن منشورات المتوسط 2017 روايته هذه أكثر الروايات تأثيراً في نفسه.
أعدت قراءة جزء لا على التعيين من رواية الرفيق. وقد أحدث فيّ ما تُحْدِثه لمسة سلك كهربائي. ثمة توتر جنوني وغير طبيعي، واندفاع مجهض باستمرار، كنَفسٍ لاهث
ووفقا للناشر فقد صرّح بذلك في مذكراته "مهنة العيش" حين يتحدث عنها، حيث يقول: "8 اكتوبر 1948، أعدت قراءة جزء لا على التعيين من رواية الرفيق. وقد أحدث فيّ ما تُحْدِثه لمسة سلك كهربائي. ثمة توتر جنوني وغير طبيعي، واندفاع مجهض باستمرار، كنَفسٍ لاهث".
ويروي بافيزه في "الرفيق" حياة بابلو، الذي سُمي بهذا الاسم لأنه عازف غيتار في تورينو، مسقط رأسه، لكنه كان يعاني من المشاكل الوجودية في تلك الفترة، بين الحرب الأهلية الإسبانية والحرب العالمية الثانية، وحيث كان النظام الفاشي يواصل فقد سطوته على الشعب، وحتى فقد الخضوع الشعبي له والذي كان صمامه الآمن، يحاول بابلو أن يملأ الفراغ والنقص الآيدلوجي اللذين سببا له الضياع والقلق.
يغادر مدينته تورينو ويلجأ إلى روما، فيجد لنفسه هناك، وسط الفوضى العارمة، سبيلًا للعيش، ليتمكن بعدها من العودة إلى مدينته، وقد عقد العزم على انجاز شيء ما.
كان ضائعا باستمرار
تقع الرواية في 264 صفحة من القطع الوسط.
من أجواء الرواية:
عدتُ إلى البيت مساءً، وما يزال عبق البحر عالقاً بشَفَتَيّ. الآن فقط أعرف لماذا يملأ الناسُ في روما الشوارعَ، وتعلو البسمةُ وجوهَهم، وليس ذلك ديدن الأغنياء فحسب، بل هو ما يفعله الجميع. كان يكفيهم الصعود إلى سطوح منازلهم، ليشاهدوا البحر على مرمى خطوات منهم. حتّى الفقراء والمعدمون كانوا يتحسّسون البحر عبر نوافذهم وشُرفات منازلهم. عمّال بناء، فتيات، أطفال، شغّيلة، وناس بُسطاء مُتعبين، كانوا يخرجون إلى الشوارع، ويتخاطبون بأصوات عالية، ويضحكون. في إحدى الصباحات، مررتُ بالقرب من بعض الفاشيِّيْن، حتّى هم كانوا باسمين، كانوا عائدين من تظاهرة سياسية وهم يُنشدون، ويضحكون.
تشيزره بافيزه روائي وشاعر ومترجم وناقد أدبي إيطالي، ولد في العام 1908. كتب الشعر والقصة القصيرة واشتغل بترجمة الأدب الأميركي لصالح دار النشر "إيناودي"، الذي أصبح أحد أعمدتها لاحقاً، وترجم لهم الكثير من الكتاب الأميركيين غير المعروفين إلى الإيطالية.
اعتقل في العام 1953 بتهمة النشاط المعادي للفاشية وقضى عاماً في المعتقل. في العام 1946 انضم إلى الحزب الشيوعي.
بعد الحرب تفرغ تماماً للنشاط الأدبي ونشر الكثير من الروايات والمقالات الأدبية حول علاقة الأدب والمجتمع. ونال تقديراً واسعاً من جمهور النقاد والقراء الإيطاليين.
في ذروة نشاطه ونجاحه، وبعد حصوله على جائزة "ستريغا" أعرق وأرقى الجوائز الأدبية الإيطالية عن ثلاثيته الروائية "الصيف الجميل"، وجد ميتاً في غرفة فندق في مدينة تورينو مع زجاجة حبوب منومة فارغة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق