في أمسية مختلفة قرأ الشعراء: أيسر رضوان وعمر أبو الهيجاء وحسن البوريني قصائدهم في جو رمضاني بهيج، في الأمسية الشعرية التي استضافهم فيها منتدى البيت العربي الثقافي ورعاها السيد صالح الجعافرة رئيس المنتدى وبحضور مدير البيت الشاعرة د. هناء البواب وعدد من المثقفين والمهتمين، وأدار مفردات الأمسية وقدم الشعراء الشاعر والروائي عادل الترتير.
القراءة الأولى استهلها الشاعر أيسر رضوان صاحب ديوان «سوريالية الرصاص»، حيث قرأ مجموعة من القصائد من مثل: «مثولوجيا الجوع، وبدوية على درج الدير»، وغير ذلك من القصائد التي حاكت شؤون الذات وتوجعات الإنسان على هذه الأرض محتكما إلى لغة الموت والجوع، قصائد لا تخلو من سايكولوجية الحياة وتفاصيلها من عذاب وخوف ورحيل ووقت مسكون بالموات، بلغة مكثفة ومعبرة جوانية الإنسان المصاب بالذهول، قصائد مستلهمة من المادة التاريخية التي وظفها وأسقطها على مجريات الأحدات.
من قصيدته «مثولوجيا الجوع»، نقتطف هذا المقطع حيث يقول: «هذا الخبز/ يكبرني بسبع قمحات خائفات/ لأن أمي حملت بي/ والجوع ينهش بطن الشوارع وكان أبي يمسح جبهته/ بكم التعب على قلق/ بين أرصفة المدينة/ تلتهم لحم الزاحفي/ نحو المقصة/ لة/ والعمر طريق الموت إلى أجسادنا/ عبر الضباب/ عبر اختمار الوقت المكوّم/ في غثيان الأرض».
ومن قصيدته «بدوية على درج الدير»، وهي حوارية موشحة بالألم، يقول فيها: «قالت: أأتعبك الصعود؟/ انتبهت إلى مصدر الصوت/ كان ظل الصخر على ظلها قاسيا كالحياة/ كانت تحاول أن تسوي لها مجلسا في الصخر لتكون أقرب إلى أجنحة اليمام/ كأنها تريد أن تعلو/ وأن تنسى راهبة صلت داخل الدير».
من جهته قرأ الزميل عمر أبو الهيجاء صاحب ديوان «ويجرحني الناي»، أكثر من قصيدة من مثل: دم كنعاني، قراءة الدود، حدائق الأمل، وكنت كما وشمتني أمي»،
من قصيدته «قراءة الدود»، نقتطف منها: «وتساءلت: ما الذي شقَّ الروح/ كي تنامَ على أكتافِ الترابِ/ دونَ حلمٍ/ أو يقظة ظلٍ/ في حكمة الشاعر/ كل الطرق مغبرة أمام القصيدة/ وكل الحالمين مثلي/ عمّدوا الأرض بالأناشيد وغابوا/ هكذا/ تذكرني تراويد أمي/ وتذكرني الحروف/ ورق الجرائد/ الشوارع/ الملصقات/ كثير من النساء اللواتي أمطرن قلبي بالندى/ هكذا أمضي/ دونما دمع خجول/ أو احتفاء مريضٍ/ كان التراب وحده/ يجسُّ نبض اخضراري/ ويطلقني لقراءة الدود».
ومن قصيدته «كنت كما وشمتني أمي»، يقول فيها: «لم أعدْ كما كُنتُ أحلمُ بالطيرانْ/ لم أكنْ الولدُ الذي يليقُ به الحب/ لم أكنُ على هيئةِ البطلِ الذي يصلُ أولَ السباق/ لم أكنْ كما كنتُ مرغما على الغناء/ لم أكنْ الجسدُ الذي فرَّ وانزوى في الغيابْ/ لم أكنْ نصفُ قلبٍ خانتهُ الصبايا/ لم أكنْ منْ تركَ قميصهُ مقدوداً في الرياح/ كنتُ أول عاشقٍ
حَملتهُ نارُ الوجدُ/ وألقتْ به في حضنِ البلادْ/ كنتُ كما أشتهي أن أكون/ كنت كما وشمتني أمي/ علماً فوقَ زِندها/ كنتُ الخيل/ كنتُ لغة أخرى/ كنتُ ذاكرة الدم والتراب».
واختتم القراءات الشاعر حسن البوريني صاحب ديوان «جرار الدمع»، فقرأ قصائد: «لَو لَمْ، الغابُ لِي، عيناكِ، الإربدّي يا عمّان، ووَحدِي وأحدِي يا عِراق»، قصائد تجلّت بها روح الشاعر بمعطيات الحياة وشؤونها فعاتب بحب عمان حيث تنقل في قصيدته «الإربدي يا عمان»، في ذاكرة المكان راسما صورة بانورامية عن مشاهدته وذكرياته لمدينة تاكي، وكما عرّج بقصيدة مستذكرا جراحات العراق ومدنها التي اصابها العطب من جرّاء الاقتتال، وكما ذهب إلى طقوس المرأة وغزله الشفيف بلغة موحية ومعبر خلجات قلبه الموشى بأزاهير العشق.
من قصيدته ووحدي وأحدي يا عراق»، يقول: «أنا مضيتُ مع الرّياحِ لوكرِها/ وشربتُ أقداحَ السّماوةِ / تاركاً زقَّ الخلافةِ والولايةِ واليزيدْ/ وحفظتُ ترتيلَ العراقِ/ وشدوَهُ المُمتدَ مِن بوحِ الغزالي/ حتى قافية الوريدْ/ فكيفَ ويرسأسْتَمْرِي الغِناءَ صبابةً/ والطَلعُ في نخلِ البُصيرةِ داشِرٌ/ تمشي بهِ العُربانُ للعلجِ الشَّريدْ / ويُرسِلُ المكتوبَ من فلوجةٍ / ليضيعَ في الأنبارِ حَمّالُ البريدْ/ فيا عراقُ العِزِّ/ هِزّي ساقَ عِزّي/ قد سقاني الوجدُ بالنجفِ المُشرَّفِ كأسَهُ/ فعبرتُ من باب الرَّمادي/ قاصِداً جسرَ الرّصافةِ والرّشيدْ فكلُّ مجدٍ دونَمجدكَ يا عراقُ مجاعةٌ/ وعلى أثافي النّارَ/ أعلينا القدورَ بلا ثَرِيدْ».
وفي ختام الأمسية وزّع رئيس البيت الثقافي الدجعافرة الشهادات التقديرية على الشعراء المشاركين في الأمسية تقديرا لهم ولمكانتهم الأدبية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق