فى شهر مايو الحالى 2021، تمُر 65 سنة على بدء العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين. وبهذه المُناسبة، يعقدُ يوم 18 مايو 2021 ندوة افتراضية يُنظمها المعهد الصينى العربى للإصلاح والتنمية ,ومقره بكين بالتعاون مع المجلس المصرى للشئون الخارجية. وأعتقد أن هذه فُرصة للبحث فى تطور هذه العلاقات ومُستقبلها.
كانت مِصرُ أول دولة عربية وإفريقية تُقيم علاقات دبلوماسية مع بكين فى وقتٍ كانت الدول الغربية تُحاصرُها سياسيًا واقتصاديًا ولا تعترف بالنظام الذى أقامه الحزب الشيوعى الصينى فى نوفمبر 1949 وتُصر على أن تايوان أو جمهورية الصين الوطنية هى المُمثل القانونى للصين. وبهذه الصفة، شغلت تايوان مقعد الصين فى مجلس الأمن. ولذلك، فقد كان القرار المصرى خُطوة رائدة ومهمة فى تاريخ العلاقات بين الصين ودول العالم الثالث.
لم يكُن القرار المصرى مُفاجئًا أو بدون مُقدمات فقد سبقه لقاء جمال عبد الناصر والذى تولى وقتها منصب رئيس وزراء مصر مع شو إن لاى رئيس الوزراء الصينى فى مؤتمر بادونج بإندونيسيا فى إبريل 1955. وخلال فترة حُكم الرئيس ماو تسى تونج التى انتهت بوفاته عام 1976، اتسمت العلاقات السياسية بين الدولتين بالصداقة والتوافُق فى مجال تصفية الاستعمار، وسياسة الحياد الإيجابي، وعدم دخول الدول النامية فى أتون الحرب الباردة التى قادتها الولايات المُتحدة والاتحاد السوفيتي.
وإن كان الأمر لم يخلُ من بعض التوترات كما حدث بالنسبة للحرب الصينية - الهندية أو حالة الخلاف الصينى - السوفيتي. وفى هذه المرحلة، شهدت الصين تقلبات سياسية ولم يكن لديها الكثير فى مجال التعاون الاقتصادي. تغيرت هذه الصورة بالمرحلة التى بدأت عام 1980 ووصول نُخبة سياسية جديدة إلى قيادة الحزب الشيوعى الصينى وبدأ سياسة اصلاح اقتصادى شامل نقلت الصين من حال إلى حال بحيث أصبحت الآن هى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم والمُنافس الرئيسى للولايات المُتحدة فى سائر مجالات التكنولوجيا المُتقدمة.
مع هذا التغيُر، شغلت علاقات التعاون الاقتصادى بين البلدين أولوية أكبر وحرصت السياسة الخارجية المصرية على تمتين أواصر التعاون بين البلدين. وقام الرئيس الاسبق مُبارك بزيارة الصين تقريبًا بمُعدل مرة كُل سنتين وتبلور ذلك فى توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية عام 1999.
وفى فترة حُكم الرئيس السيسي، شهدت العلاقات المصرية - الصينية تطورًا ملحوظًا، فزار الرئيس السيسى الصين ست مرات كانت أولاها فى سبتمبر 2014 بعد أقل من ثلاثة أشهر على توليه المنصب حيث تم التوقيع خلالها على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وأحدثها فى عام 2019 وخلالها تم التوقيع على مشروعات مع شركات صينية باستثمارات تُقدر بنحو 18 مليار دولار فى مجالات عديدة أبرزها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمقاولات وتطوير المناطق الاقتصادية.
واستقبلت القاهرة الرئيس الصينى شى جين بيج عام 2016 حيث حرص خلالها على زيارة جامعة الدول العربية وألقى فِيها خِطابًا عن العلاقات الصينية - العربية، وأذكُر أن جريدة الأهرام وقتذاك نشرت مقالًا مُطولًا للرئيس الصينى عن نظرته للعلاقات مع الدول العربية ومُستقبلها.
وجدير بالذكر أن عام 2016 كان عام الثقافة الصينية فى مصر، والثقافة المصرية فى الصين وترافق مع الذكرى الستين لبدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وللدلالة على أهمية العلاقات بين البلدين، فقد شكل مجلس الوزراء المِصرى لجنة وزارية باسم وحدة الصين مُهمتها مُتابعة تنفيذ الاتفاقات المُبرمة بين البلدين وفقًا للتوقيتات المُحددة فيها، والعمل على تطويرها وتعزيزها.
وللدلالة على أهمية العلاقات بين البلدين، فقد شكل مجلس الوزراء المِصرى لجنة وزارية باسم وحدة الصين مُهمتها مُتابعة تنفيذ الاتفاقات المُبرمة بين البلدين وفقًا للتوقيتات المُحددة فيها، والعمل على تطويرها وتعزيزها.
وأقامت الصين منطقة صناعية ضمن محور قناة السويس يعملُ فيها 68 شركة ومصنعا صينيا تشتغل فى مجالات صناعات المُعدات البترولية والفايبر جلاس، والمعدات الكهربائية والزراعية. وتقوم شركات البناء الصينية بدور مُهم فى العاصمة الإدارية الجديدة.
كما تقوم شركة صينية بالاستزراع المائى وإنتاج أعلاف الأسماك فى المنطقة الصناعية بجمصة. وأنشأت الصين مركزًا لتجميع وتركيب واختبار الأقمار الصناعية، وبذلك أصبحت مِصر أول دولة فى إفريقيا تمتلك هذه الخبرة.
وفى المجال التعليمي، أنشأت الصين خمسة معاهد كونفشيوس لتدريس اللغة والثقافة الصينية فى الجامعات المصرية وكان المعهد الذى أُنشئ فى جامعة القاهرة فى 2007 هو أول معهد من نوعه فى دول شمال إفريقيا. وتم إنشاء الجامعة المصرية الصينية عام 2013 وهى جامعة تكنولوجية غير تقليدية، بدأت فى استقبال طُلابها عام 2016 وتضُم كُليات الهندسة والصيدلة وتكنولوجيا الدواء، والاقتصاد والتجارة الدولية، والعلاج الطبيعي.
وفى المجال التعليمي، أنشأت الصين خمسة معاهد كونفشيوس لتدريس اللغة والثقافة الصينية فى الجامعات المصرية وكان المعهد الذى أُنشئ فى جامعة القاهرة فى 2007 هو أول معهد من نوعه فى دول شمال إفريقيا. وتم إنشاء الجامعة المصرية الصينية عام 2013 وهى جامعة تكنولوجية غير تقليدية، بدأت فى استقبال طُلابها عام 2016 وتضُم كُليات الهندسة والصيدلة وتكنولوجيا الدواء، والاقتصاد والتجارة الدولية، والعلاج الطبيعي.
وكان من أحدث مظاهر التعاون بين البلدين، موافقة الصين على انتاج أحد لقاحاتها المُضادة لمرض كوفيد 19 فى مصر. وهكذا، فإن العلاقات المصرية - الصينية هى علاقات قديمة ومُتعددة المجالات والمُستويات وازدادت شأنًا مع تطور الصين كفاعِل دولى وصاحب رؤية استراتيجية لمُستقبل العالم.
ومع تقدمها الاقتصادى الهائل، ووزنها المُتزايد على مُستوى النظام الدولى بدأت الصين فى طرح أفكارها بشأن مُختلف مناطق العالم ومنها المنطقة العربية والشرق الأوسط. وأعتقد أنه فى هذا السياق للصين دورُ فى أزمة بناء سد النهضة والنزاع القائم بين مصر والسودان من ناحية وإثيوبيا من ناحية أُخرى خاصة وأن هُناك شركات صينية تُشارك فى بناء هذا السد. فالصين لديها من الخِبرة والعلاقات الطيبة مع كُل الأطراف ما يجعل تدخُلها مؤثِرًا وبما يُحافظ على السلم والاستقرار الإقليمى ويدعم مبادئ القانون الدولى الذى تحرصُ الصين عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق