خلال أول زيارة رفيعة المستوى لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى باريس، والتي غلبت عليها روح التعاون والترحيب، كان ملف النووي الإيراني هو الأكثر حضورا على طاولة المباحثات إذ حذرت الولايات المتحدة وفرنسا الجمعة إيران من أن الوقت ينفد أمام العودة إلى الاتفاق النووي، وعبرتا عن القلق من أن أنشطة طهران الذرية الحساسة يمكن أن تتطور في حال طال أمد المفاوضات. وردت طهران مؤكدة أنها لم تنسحب البتة من الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي.
بعد أعوام من التوتر خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عادت روح التعاون والترحاب بين فرنسا والولايات المتحدة خاصة حين استخدم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اللغة الفرنسية بطلاقة في تصريحاته خلال أول زيارة رفيعة المستوى لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى باريس.
وأجاب وزير الخاريجة الفرنسية جان إيف لودريان على نظيره قائلا "عزيزي توني، يسعدني جدا الترحيب بك في باريس"، لدى استقبال بلينكن في قاعة مهيبة بوزارة الخارجية. وأضاف "كانت زيارتك لباريس منتظرة لأنك في بلدك هنا. بل أميل إلى القول أهلا بك في بلدك".
والتقى بلينكن في وقت لاحق الرئيس الفرنسي في الإليزيه مكررا دعم الولايات المتحدة لفرنسا في تصديها للجهاديين في منطقة الساحل. ويجري بلينكن جولة أوروبية زار خلالها ألمانيا وستستمر في إيطاليا، بعد وقت قصير على زيارة بايدن للقارة.
وتسعى الإدارة إلى ترسيخ العلاقات مع الدول الأوروبية في مواجهة التحديات المتزايدة للصين التي يتصاعد نفوذها وروسيا التي تزداد قوتها.
وحول قضايا تحظى بأهمية استراتيجية لدى الفرنسيين، وعد بلينكن بالتكاتف في التصدي للتطرف في منطقة الساحل، وبجبهة موحدة بشأن لبنان الغارق في أزمتين اقتصادية وسياسية وعن لبنان قال لودريان "قررنا أن نتحرك معاً للضغط على المسؤولين. نحن نعرف من هم". وأضاف بلينكن "نريد أن نرى قيادة حقيقية في بيروت".
وحذرت الولايات المتحدة وفرنسا الجمعة إيران من أن الوقت ينفد أمام العودة إلى الاتفاق النووي، وعبرتا عن القلق من أن أنشطة طهران الذرية الحساسة يمكن أن تتطور في حال طال أمد المفاوضات.
وردت طهران معتبرة أن على الأطراف الآخرين أن يتخذوا القرارات ومؤكدة أنها لم تنسحب البتة من الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي.
روح تعاون جديدة
وأشاد وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومضيفوه الفرنسيون، بروح جديدة من التعاون بعد أربع سنوات من التوتر خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
لكن الجانبين قالا إن أحد الوعود الرئيسية لبايدن، وهو العودة إلى الاتفاق المبرم في 2015 يواجه صعوبات في حال عدم تقديم السلطات الإيرانية تنازلات خلال محادثات جارية في فيينا منذ أشهر.
وقال بلينكن إن الولايات المتحدة لا يزال لديها "خلافات جدية" مع إيران التي تواصل التفاوض منذ الانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضي والتي فاز بها المتشدد إبراهيم رئيسي.
وأكد بلينكن خلال مؤتمر صحفي أنه "ستأتي لحظة سيكون فيها من الصعب جداً العودة إلى المعايير المعمول بها في خطة العمل الشاملة المشتركة"، مستخدما الاسم الرسمي للاتفاق الدولي حول النووي الإيراني. وأضاف "لم نصل بعد إلى تلك اللحظة، لا يمكنني تحديد تاريخ لذلك، لكنها مسألة نحن مدركون لها".
وحذر بلينكن من أنه إذا استمرت إيران "في تشغيل مزيد من أجهزة الطرد المركزي المتطورة" وتسريع تخصيب اليورانيوم، فإنها ستقرب الوقت اللازم الذي ستكون عنده قريبة بشكل خطير من امتلاك القدرة على تطوير قنبلة نووية.
لكن بلينكن قال إن بايدن لا يزال يؤيد العودة إلى الاتفاق الذي خفضت بموجبه إيران بشكل كبير أنشطتها النووية حتى انسحاب ترامب منه في 2018 وفرضه عقوبات صارمة.
وقال بلينكن "لدينا مصلحة وطنية في السعي لإعادة المشكلة النووية إلى حيث وضعتها خطة العمل الشاملة المشتركة".
مماطلة؟
بقيت فرنسا، على غرار بريطانيا وألمانيا وروسيا والصين في اتفاق 2015، رغم ضغط من ترامب. وصعدت بدورها الضغط على إيران للمضي قدما.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع بلينكن "ننتظر من السلطات الإيرانية أن تتخذ القرارات الأخيرة، وهي على الأرجح صعبة، التي ستسمح باختتام المفاوضات".
وردا على الوزيرين الأمريكي والفرنسي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في بيان "على الأطراف الأخرى أن يتخذوا القرارات"، وذلك ردا على دعوة وزيري خارجية فرنسا جان إيف لودريان والولايات المتحدة انتوني بلينكن طهران إلى اتخاذ قرارات "صعبة" من دون أي تأخير لإنقاذ الاتفاق.
وأكد المتحدث أن "الجمهورية الإسلامية لم تنسحب البتة" من الاتفاق، بل "على الولايات المتحدة أن تتخذ بنفسها قرار العودة إليه ورفع العقوبات غير القانونية" الأمريكية بحق إيران.
طال أمد المفاوضات لأسباب منها تمسك إيران برفع جميع العقوبات مشيرة إلى الوعود بمساعدات اقتصادية بموجب الاتفاق.
وتقول إدارة بايدن إنها على استعداد لإلغاء التدابير الاقتصادية المتعلقة بالأنشطة النووية والمنصوص عليها في الاتفاق النووي، لكنها تؤكد أنها ستبقي عقوبات أخرى من بينها ما يتعلق بحقوق الإنسان ودعم إيران لمجموعات مسلحة في دول عربية.
ويعتقد بعض الخبراء أن إيران كانت تنتظر فوز رئيسي الذي يحظى نهجه المتشدد بدعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي له الكلمة الفصل في كل المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية.
وقال محللون إن إيران يمكن أن تتوصل لاتفاق قبل تولي رئيسي مهامه في آب/أغسطس، ما يتيح له أن يحظى بالفضل في الانتعاش الاقتصادي المتوقع، لكن يلقي باللوم على الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، المعتدل المؤيد لعلاقة أفضل مع الغرب، في حال تدهور الوضع.
فرانس24/ أ ف ب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق