- إخراج: تايلور شريدَن
- الولايات المتحدة | تشويق (2021)
هناك مشكلة تنبع من سيناريو يريد توزيع الأحداث ما بين عدّة شخصيات ستلتقي في مكان لاحق من الفيلم عند نقطة مُعيّنة. المشكلة هي أنه إذا ما كان لديك خيوط مختلفة في دراما واحدة، فإن الإجادة ليس بربطها معاً في نهايات الفيلم فحسب، بل بمعرفة ما إذا كان المُشاهد سيتفاعل مع كل شخصية وما يحدث معها على مستوى واحد حين ينتقل من خيط إلى آخر أم لا.
في «أولئك الذين يتمنون موتي» ثلاثة خيوط يسير كل بموازاة الآخر قبل أن يعرج عليه. هناك حكاية امرأة اسمها هانا (أنجيلا جولي) تعمل في سرية الإطفاء المخوّلة إخماد حرائق الغابات التي تعيش حادثاً يؤلمها (شاهدت عائلة من ثلاثة تحاول الهرب من النيران وكانت تستطيع المساعدة لكنها خافت على حياتها). وقاتلان محترفان يبحثان عن ولد أعطاه والده، قبل قتلهما إياه، وثائق تدين عدداً من المسؤولين الفاسدين.
ثم حكاية شرطي أبيض وزوجته السوداء اللذين يسعيان للنجاة من قبضة المجرمين بعدما اعتقدا أن الشرطي أخفى الصبي الذي يتم البحث عنه. يمكن أن نضيف خيطاً تمهيدياً يؤدي لكل ما نراه لاحقاً، وهو ذلك الأب الذي أدرك أن حياته مهددة فيهرب من المدينة مع ابنه. ليس هذا كل ما يحدث، بل هناك حريق هائل مفتعل وعواصف رعدية تبدو كما لو كانت تلاحق هانا أينما اتجهت. هانا الآن تحاول مساعدة الصبي على النجاة من قبضة الشريرين في ظروف صعبة. تستطيع أن تخمّن الباقي.
كان الأفضل لو أن الفيلم اعتمد على زاوية واحدة: الصبي الهارب (وهو محور الرواية في الأصل) أو القاتلين أو الشريف وزوجته أو هانا. الرواية التي وضعها مايكل كوريتا التزمت بحكاية الصبي لكن الفيلم لم يفعل. ما أفقد الفيلم محوره ووضع هانا وشخصيّتها في صف موازٍ، مضيفاً لمتاعبها العناية بالصبي في النصف الثاني من الفيلم. وإذ يستعين الإنتاج بأنجيلنا جولي كاسم كبير واحد إلا أنه يعاملها كطرف.
يمنح الفيلم هانا عذاب ضمير (يؤكده ثلاث مرّات أكثر مما يجب) تمهيداً لأن تجد في الدفاع عن الصبي (أدّاه جيداً فن ليتل) خلاصاً لمحنتها النفسية. بذلك لا ننتظر منها، بعد نهاية الفيلم، أن تعيش الكابوس إياه وتبكي دموعاً حارّة وتشكو متاعبها لمن لديه الوقت لسماعها.
بصرياً، للفيلم منحاه الجيد من حيث تصميم مناظره وتنفيذ مشاهده على نحو يناسب الشاشة الكبيرة التي تنتظره. هناك درجة من التشويق العام يتخللها مفارقات متوقعة والكثير من اللقطات من زوايا مختلفة لا لزوم لها (في الصالات قريباً).
=================
- أحياء| Alive
- ★★
- إخراج: إل تشو
- كوريا | رعب (2020)
قبل مشاهدة فيلم زاك سنايدر الجديد «جيش الموتى» (في الصالات وعلى الإنترنت بدءاً من اليوم) فكّرت في التقاط هذا الفيلم الكوري حول الزومبيز، وهو الموضوع الذي يعالجه فيلم سنايدر.
السينما الكورية أضافت، واليابانية، جديداً على نوع الرعب. ليس من حين قريب، بل طوال العشرين سنة الماضية. «أحياء» يحمل محاولات الانتماء إلى تلك الإضافات. يحتوي على حكاية مثيرة وبضع مشاهد أخّاذة في حدود النوع، لكنه يدخل حقلاً من المفارقات التي تدور حول نفسها مع قليل من التطوّر.
يفتح الفيلم على الشاب أو جوون يستيقظ في صباح أحد الأيام ليجد أن وباء حوّل الناس إلى زومبيز. يطل من نافذته في الطابق الرابع ويشاهد آكلي لحوم البشر يفتكون بالبشر. بعد قليل سيواجه وضعاً داخل بيته لكنه سيتخلص منه. في اليوم العشرين يكتشف وجود فتاة حيّة في الطابق الرابع في المبنى المواجه لشقّته. يمنحه وجودها الأمل.
وما هي إلا بضعة أيام قبل أن يقررا توحيد الجبهتين رغم الصعاب. توقعت أن تتعلق بحبل ممدود، لكنها آثرت شق طريقها في الشارع الفاصل بين العمارتين ومعها ما يشبه المنجل ومواجهة جيش الزومبيز والنجاة منهم. أو جوون سيتحمّس وينضم إليها بعصا الغولف الحديدية ثم يهربان إلى الطابق العلوي حيث يعيش رجل وحيد. يفرز الفيلم هنا حكاية عاطفية غير متوقعة (ومستعجلة) عن ذلك الرجل الذي ساعدهما في الاحتماء بمنزله لأنه يريد إطعامهما لزوجته الزومبي.
لجانب أن «أحياء» لا يُضيف جديداً من حيث الأحداث، يحاول اجتياز مسافات زمنية دون ملئها، مما يجعلها غير ضرورية. نحن فجأة في اليوم العشرين من دون أن نعرف من دون ترقيم للأيام السابقة أو التالية.
==============
لجانب أن «أحياء» لا يُضيف جديداً من حيث الأحداث، يحاول اجتياز مسافات زمنية دون ملئها، مما يجعلها غير ضرورية. نحن فجأة في اليوم العشرين من دون أن نعرف من دون ترقيم للأيام السابقة أو التالية.
==============
- خلسة | Stowaway
- ★★★
- إخراج: جو بينا
- الولايات المتحدة | خيال علمي (2021)
في فيلمه الأول «قطب شمالي» (2018) وجدنا المخرج جو بينا يُعالج حكاية رجل (ماس ميكلسن) حبيس منطقة نائية من القطب الشمالي بعدما سقطت به طائرة مدنية. في الطائرة ناج آخر هو الفتاة الشابة (ماريا سمارادوتير) التي لا تقوى على الحركة. على الرجل أن يؤمن الطعام لهما وأن يحافظ على رجاحة عقله ورباطة جأشه حيال ما قد يقع لفرد ما إذا ما وجد نفسه في مثل هذا الوضع المصيري.
في فيلمه الجديد «خلسة» يبرهن بينا على ميله لطرح مثل هذه المواقف الصعبة التي توفر زاداً فكرياً وشغلاً بصرياً للمشاهد. ينتقل هنا إلى الفضاء في رحلة قوامها ثلاثة ملاحين هم قائدة الرحلة مارينا (توني كولَت) ومساعداها ديفيد (دانيال داي كيم) وزاو (آنا كندريك).
الرحلة المتجهة صوب المريخ مخصصة لثلاثة أفراد. لديها أكسجين كافٍ لثلاثة ووقود كافٍ للوصول، لكن ما الذي سيحدث إذا ما كان هناك شخص رابع وجد نفسه محجوزاً في قمرة صغيرة ولم يسأل عنه أحد وطارت المركبة الفضائية به من دون أن يخطط لذلك؟ احتمال وقوع ذلك واحد في المائة ألف، والسيناريو (من بينا ورايان موريسون الذي شاركه كتابة «قطب شمالي» أيضاً) يأخذ هذا الواحد بالألف ليصنع منه حبكة تبحث في الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية انطلاقاً من وضع الملاحين الثلاثة أمام اختيارين: التخلّص من هذا الرجل (شاميير أندرسن)، وهناك طريقة واحدة للتخلص منه، أو تقاسم الأكسجين معه.
ربما بدا الموضوع جافاً، لكن جو بينا يصنع منه مادّة مشوّقة ويمنح الشخصيات الكثير من الأوجه الجديرة بالبحث. يحقق فيلماً يقع في الجانب المقل من الأعمال، حيث الفضاء البعيد خطير حتى من دون وحوش كاسرة تتسلل إلى المركبة وتبدأ فتكها بالملاحين. هناك مشاهد قادرة على حبس الأنفاس (أهمها المشهد الذي يدور خارج المركبة مع اقتراب عاصفة من النيازك الحارقة) لكن هناك كذلك حوارات في الفن والفلسفة، إلى جانب طرح الموقف الأخلاقي لدى شخصيات قابلة للتصديق. «خلسة»، ليس بالفيلم الذي يؤمن حاجة هواة النوع للخيال المفرط والمغامرة الخطرة بالضرورة، لكنه في الوقت ذاته ليس مضيعة للوقت. محسوب ويواجه حدود المكان الضيّق بنجاح (إنترنت).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق