نجلاء المنقوش أول وزيرة للخارجية في تاريخ ليبيا بعد عقد من الفوضى
المنقوش تسير فوق حقل من الألغام، هو ميراث عشر سنوات من الفوضى السياسية في البلد الغني بشمال أفريقيا، عساها تنجح في إعادة التوازن إلى علاقات ليبيا الخارجية.
لأول مرة في تاريخ ليبيا، ولرابع مرة في المنطقة العربية، تكلّف سيدة بحقيبة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، لتدير ملفات شائكة تتصل بعلاقات ليبيا مع الدول والمنظمات الأممية والإقليمية.
لا شك أنها سوف تسير فوق حقل من الألغام، هو ميراث عشر سنوات من الفوضى السياسية في البلد الغني بشمال أفريقيا، عساها تنجح في إعادة التوازن إلى علاقات ليبيا الخارجية، وفي استعادة جدوى العمل الدبلوماسي بإخراجه من ركود الأداء وتطهيره من الفساد المالي والإداري. يضاف إلى كل ذلك التحرّر من ربقة المحاور التي خضعت لها حكومات طرابلس المتداولة على تنفيذ سياسات الإسلام السياسي والميليشيات المنفلتة.
لا شك أنها سوف تسير فوق حقل من الألغام، هو ميراث عشر سنوات من الفوضى السياسية في البلد الغني بشمال أفريقيا، عساها تنجح في إعادة التوازن إلى علاقات ليبيا الخارجية، وفي استعادة جدوى العمل الدبلوماسي بإخراجه من ركود الأداء وتطهيره من الفساد المالي والإداري. يضاف إلى كل ذلك التحرّر من ربقة المحاور التي خضعت لها حكومات طرابلس المتداولة على تنفيذ سياسات الإسلام السياسي والميليشيات المنفلتة.

في العاشر من مارس الجاري أعلن من سرت عن تعيين نجلاء محمد المنقوش وزيرة للخارجية والتعاون الدولي، كان ذلك قبيل التصويت داخل مجلس النواب على منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، وضمن التعديلات التي أدخلها الدبيبة على تشكيله الوزاري، نزولا عند رغبة أعضاء البرلمان وخاصة من المنطقة الشرقية، باعتبار أن حقيبة الخارجية من نصيب شرق البلاد أو إقليم برقة، وفق التقسيم التاريخي الذي تم اعتماده في توزيع المناصب التنفيذية، تنفيذا لمبادرة عقيلة صالح المعلنة في مايو 2020 وإعلان القاهرة الصادر في يونيو من العام نفسه، وخطة الطريق التي تبنتها بعثة الأمم المتحدة وجعلت منها منطلقا لملتقى الحوار السياسي في تونس في نوفمبر الماضي، وصولا إلى انتخاب الهيئات الحاكمة في فبراير الماضي بجنيف.

مهارة الاتصال
الوزيرة الجديدة هي ابنة محمد عبدالله المنقوش طبيب القلب وأمراض الدم المعروف في بنغازي ووالدتها من أسرة البعباع، وتتحدر من القبائل الطرابلسية المقيمة في برقة وأساسا من قبائل مصراتة، وعمها هو يوسف المنقوش أحد أبرز ضباط الجيش الليبي في العهد السابق، وكان من نفس دفعة اللواء عبدالفتاح يونس، وتقاعد سنة 1994 عندما كان يحمل رتبة عقيد ركن، وكان قائدا بالقوات الخاصة وتحديدًا بالصاعقة. وفي العام 2011 عين رئيسا لأركان قوات المعارضة المسلحة تحت لواء المجلس الانتقالي، ويقيم حاليا في تركيا ويعتبر من أبرز المعادين للجيش الوطني وقائده المشير خليفة حفتر.
تخرجت من كلية الحقوق بجامعة قاريونس ببنغازي، وتفرغت للعمل كمحامية أمام المحاكم الجنائية، ومع بدايات أحداث فبراير في 2011 انضمت إلى العمل كموظفة بالمجلس الانتقالي الذي كان يرأسه مصطفى عبدالجليل، قبل أن تتجه نحو التخصص في مجال النشاط الحقوقي والاجتماعي في إطار المجتمع المدني.
شاركت المنقوش في دورات عدة بدول عربية وأجنبية، حيث نجحت في ربط علاقات مهمة مع العديد من المنظمات، ما ساعدها على إعادة التخطيط لمستقبلها، ومن هناك حصلت على منحة من برنامج فولبرايت الأميركي للطلاب الأجانب، والذي يقدم تمويلا كاملاً لمدة عامين للأكاديميين الراغبين في إنهاء برنامج درجة الماجستير في إحدى جامعات الولايات المتحدة.
ويتم تمويل برنامج التبادل الأكاديمي هذا من قبل وزارة الخارجية الأميركية وقد أنشأه السناتور ويليام ج. فولبرايت في عام 1946 لزيادة التبادل التعليمي الدولي بين الأميركيين والمواطنين في أكثر من 150 دولة حول العالم. ويدار حاليا في ليبيا من قبل منظمة أمديست، بالتعاون مع السفارة الأميركية في ليبيا.
إدارة الصراعات وسر المنصب

الوزيرة الجديدة تتحدر من القبائل الطرابلسية المقيمة في برقة وأساسا من قبائل مصراتة، وعمها هو يوسف المنقوش أحد أبرز ضباط الجيش الليبي في العهد السابق. (الصورة من فيسبوك).
انتقلت المنقوش إلى الولايات المتحدة، وحصلت على الماجستير في إدارة الصراع والسلم من جامعة ايسترن ميني نايت، ثم على الدكتوراه في إدارة الصراع والسلم من جامعة جورج مايسون في ولاية فيرجينيا، وقد تخصصت خلال مسيرتها العلمية في موضوع العدالة الانتقالية والعدالة التصالحية، ونشرت عددا من المقالات وقدّمت محاضرات في هذا المجال تم الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
لم يسبق لها العمل في المجال الحكومي أو الدبلوماسي إلا من خلال عقد محلي ضمن كادر سفارة قطر بواشنطن، وهو ما أثار جدلا واسعا حول الطرف الذي دفع بها إلى منصب وزيرة للخارجية والتعاون الدولي في بلادها، رغم أن اسمها لم يكن مطروحا من قبل لأي منصب وزاري.
ويبدو أنه كان مقررا منذ البداية أن تؤول حقيبة الخارجية في الحكومة الليبية الجديدة إلى سيدة، هذا الاعتقاد له ما يبرره، فعند أول تسريب للتشكيل الوزاري تبين أن الدبيبة اختار لمياء بوسدرة لتتولى المنصب، البعض يقول إنها كانت مرشحة من السيدات عضوات ملتقى الحوار السياسي، والبعض الآخر يرجح أن المسألة مرتبطة بالتزام حصل بين كافة المترشحين لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية، فيما يشير مراقبون إلى أن الأمر عائد إلى الرغبة في تلميع المشهد السياسي الليبي الخاضع لنزعة ذكورية متوارثة.
لكن ترشيح بوسدرة قوبل بالرفض، وخاصة من رئاسة مجلس النواب ومن أعضائه عن المنطقة الشرقية، ومن قوى سياسية أخرى، وذلك بسبب الحديث عن تبعيتها المباشرة لقوى الإسلام السياسي النشطة من تركيا وعلى رأسها علي الصلابي وعبدالحكيم بالحاج. وبوسدرة التي تخرجت من كلية الهندسة الكهربائية بجامعة بنغازي خاضت في العام 2012 انتخابات المؤتمر الوطني العام في دائرة بنغازي، حيث تصدرت قائمة حزب الوطن الذي يتزعمه بالحاج المعروف بأنه كان أمير الجماعة الليبية المقاتلة، الفرع الليبي لتنظيم القاعدة، والذي حاول إضفاء مسحة من الحداثة المصطنعة لاسترضاء الأطراف الخارجية وخاصة الغربية بترشيح امرأة غير محجبة على قائماته الانتخابية، فكانت النتيجة آنذاك أن فشل في الحصول على أي مقعد. واصلت بوسدرة النشاط في الحزب الذي ضغط لتمكينها من منصب وكيل وزارة الإعلام في حكومة علي زيدان، وبعد تشكيل حكومة الوفاق تم تكليفها بمهمة مستشارة في مكتب وزيرة دولة لشؤون هيكلة المؤسسات، إيمان بن يونس، وظهرت عدة مرات في مؤتمرات إقليمية ودولية بصفتها ناشطة سياسية.

وعندما أعلن أعضاء مجلس النواب عن المنطقة الشرقية رفضهم لتولي بوسدرة منصب وزيرة الخارجية تم طرح اسم سيدة أخرى وهي المستشارة نعيمة جبريل رئيسة محكمة استئناف بنغازي وعضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، وأول ليبية تولت منصب القضاء في عهد القذافي وكان ذلك في العام 1975، وقد لقي هذا الاختيار استحسانا. لكن فجأة، وفي الساعة الأخيرة، تم إدراج اسم المنقوش.
وحازت النساء 4 حقائب وزارية في حكومة الدبيبة في مقدمتها وزارة الخارجية والتعاون الدولي التي تتولاها المنقوش حالياً، وكذلك حليمة إبراهيم عبدالرحمن لوزارة العدل، ووفاء أبوبكر محمد الكيلاني للشؤون الاجتماعية، ومبروكة توفي عثمان أوكي للثقافة والتنمية المعرفية، إضافة إلى وزيرة الدولة لشؤون المرأة حورية خليفة ميلود.
وبلغت نسبة تمثيل المرأة في الحكومة الليبية الجديدة 15 في المئة، أي نصف ما أوصت به لجنة الحوار السياسي في ملتقى تونس، لكن الدبيبة وعد بأن حضور النساء قد يفوق الـ30 في المئة في باقي المؤسسات والهيئات التي ستسمى في الفترة القادمة.
ويشير المراقبون إلى أن نجلاء المنقوش ستجد نفسها أمام جملة من التحديات في منصبها الجديد، يأتي على رأسها توحيد إطار العمل الدبلوماسي في البلاد بعد أن كان منقسما بين حكومتين لكل منهما منطلقاتها في قراءة الواقع المحلي وانعكاساته على العلاقات الخارجية، وكذلك في فهم طبيعة الأوضاع الإقليمية والدولية وتأثيراتها على الوضع الداخلي، خصوصا وأن ليبيا تتجاذبها مصالح أجنبية متناقضة في أغلبها.
الحبيب الأسود
كاتب تونسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق