على الرغم من وجود نساء غزة بقوة في القواعد التنظيمية لأحزابهن، فإن مشاركتهن في صنع القرار السياسي على المستوى الرسمي أو الحركي لا تتجاوز نسبة واحد في المئة، فمن بين 12 فصيلاً فلسطينياً مشاركاً في جلسات الحوار الوطني المتعلق بقضايا إجرائية وفنية تخص الانتخابات، حضرت قياديتان فقط.
وأدى ضعف مشاركة النساء في الحوارات الفصائلية التي جرت، أخيراً، في العاصمة المصرية القاهرة، إلى غياب المرأة عن اهتمامات القيادات السياسية، وظهر ذلك واضحاً في البيانات الختامية التي لم تظهر فيها المرأة إطلاقاً.
طالبن لكن من دون جدوى
تقول مديرة طاقم شؤون المرأة بشبكة المنظمات الأهلية نادية أبو نحلة "للأسف النساء غبن عن جميع ملفات الحوار الوطني والمصالحة ولم يشاركن فيها. المشكلة لدى الأحزاب السياسية والقيادة الفلسطينية، التي ما زالت تعتقد أن دور المرأة إنجابي فقط، على حساب مشاركتها السياسية والاجتماعية، لذلك نحن نعيش تحت هيمنة وسيطرة العقلية الذكورية".
وتشكل النساء نحو 49 في المئة من المجتمع الفلسطيني، إلا أن وجودهن في مواقع صنع القرار لا يزيد على 1 في المئة، وفق بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية).
من جهتها، تقول مسؤولة مفوضية المرأة في الهيئة القيادية العليا لحركة "فتح" نهى البحيصي، إنهن طالبن بالمشاركة في اللقاءات الفصائلية، إلا أن السياسيين لم يستجيبوا، فأرسلن ورقة رسمية للمشاركين في الحوار بضرورة إشراك النساء، لكن من دون جدوى.
القيادات السياسية
وتؤكد البحيصي أن القيادات السياسية هي السبب في عدم تبني وجهة نظر النساء، لأن المجتمع لا يتقبل وجود المرأة في مواقع القيادة والتصدر.
وتقر البحيصي بضرورة إعلاء صوت الخطاب النسوي، الداعم لإشراك النساء في صنع القرار، وأنه على القيادات السياسية تبني وجهة النظر هذه، فمشاركة النساء مهمة للمشروع السياسي الفلسطيني في هذه المرحلة، وتعزز الثوابت التي نناضل من أجلها.
أما مسؤولة العمل النسائي في حركة "حماس" رجاء الحلبي، فدافعت عن غياب النساء، بقولها "ليس بالضرورة أن تسافر إلى القاهرة لتكون موجودة، فنحن نشارك بحسب الحاجة، كون عدد رجال حماس أكبر بكثير من السيدات، ومن الطبيعي أن يكون تمثيلهم أعلى".
وترى الحلبي أن عدم وجودهن في الحوارات أمر طبيعي، فما يُناقش جرت دراسته داخل أطر "حماس"، ومع ذلك لم تجزم بأن مستوى مشاركة النساء في مواقع صنع القرار تتناسب مع حجم وجودهن في القواعد التنظيمية.
لكن أبو نحلة تقول، إن النساء هن الأقدر على تحقيق نجاح مهم في الحوارات الفصائلية، فوجودهن يدعم قضاياهن، وغيابهن تسبب في عدم قبول الملفات التي رفعت إلى الرئيس محمود عباس.
من جهتها، تقول مسؤولة اتحاد لجان العمل النسائي في الجبهة الديمقراطية أريج الأشقر، إن ذكورية المجتمع لم تقف حائلاً دون مشاركة المرأة في جلسات الحوار الوطني، لكنها تشير إلى أن مستوى تمثيل النساء في الهيئات القيادية للأحزاب لا يتناسب مطلقاً مع وجودهن في القواعد التنظيمية.
كوتا منقوصة
وتسبب غياب النساء عن الحوارات الفصائلية والوطنية، في عدم حصولهن على حقوقهن المكفولة وفق القانون في المشاركة السياسية، ولا يقتصر تهميش المرأة على ذلك، إذ على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الحركة النسوية في فلسطين (تضم مجموعة مؤسسات حقوقية)، لم تستطع الحصول على الكوتا المقررة لها في العملية السياسية الخاصة بانتخابات المجلس التشريعي.
ففي عام 2006، كانت حصة النساء في المجلس التشريعي 20 في المئة من إجمالي عدد الأعضاء، وبعد مطالبات الحركة النسوية وضغوطات كثيرة على القيادة الفلسطينية، رفعها رئيس السلطة الفلسطينية بموجب قانون إلى 26 في المئة للانتخابات المقرر عقدها العام الحالي. إلا أن القوانين والمطالبات النسوية تحدد الحد الأدنى بـ30 في المئة.
وتشير البحيصي إلى أن هذه الكوتا جاءت مخيبة لآمال النساء، ومخالفة للقوانين الفلسطينية، ومتضاربة مع اتفاقية "سيداو"، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتتعارض مع قرار المجلس المركزي (أعلى سلطة فلسطينية) وتخالف ميثاق الشرف الذي وقعت عليه الفصائل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق