جبريل الرجوب يمتلك النفوذ الشعبي لمواجهة منافسيه داخل حركة فتح.
رام الله – يدفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأمين سر حركة فتح جبريل الرجوب إلى الواجهة في وقت تشهد فيه الحركة انشقاقات زعزعت اتفاقات هشة بين كوادرها.
ويخشى عباس على وضعه السياسي بعد ترشُّحِ القيادي في حركة فتح ناصر القدوة في قائمة مستقلة في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في مايو المقبل، الأمر الذي دفعه إلى عزل القدوة من فتح، وتوقُّعِ قيام مروان البرغوثي المسجون في إسرائيل بمنافسة عباس في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في يوليو.
وعزت مصادر سياسية فلسطينية اعتماد عباس على الرجوب في إدارة ملف الانتخابات العامة إلى أن الرجوب هو الوحيد بين أعضاء اللجنة المركزية الذي أنجز اتفاقا مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، والذي عرف باتفاق إسطنبول.
وذكرت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن اتفاق إسطنبول أمّن لعباس استمرار تياره ممسكا بزمام السلطة بعد أن وعدت حماس بأنها ترغب في المشاركة في النظام السياسي الفلسطيني وفي المقاعد الخلفية، دون أن تطالب بمنصب رئيس الحكومة وبالحقائب السيادية الأخرى كالخارجية والمالية والداخلية.
وتعهدت حماس وفق اتفاق إسطنبول بدعم عباس في انتخابات الرئاسة والامتناع عن تقديم مرشح منافس.
ويمتلك الرجوب قوة تنظيمية وشعبية تمكنه من فرض الاتفاق مع حماس على تنظيم حركة فتح، كما يتمتع بالنفوذ الأكبر في وجه منافسيه الآخرين في القيادة حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية وماجد فرج مسؤول جهاز المخابرات العامة.
ويلاحظ مراقبون فلسطينيون أن إدارة الرئيس عباس تعتمد أسلوب توزيع الأدوار في التعاطي مع مسألة الانتخابات؛ فعند تسليط الأضواء على موضوع القائمة المشتركة بين فتح وحماس يظهر جبريل الرجوب ويُسمع، وكأنه قائد المرحلة وصاحب مشروع إنهاء الانقسام بالاندماج بين فتح وحماس.
وعندما يريد عباس إظهار تمسكه بالعلاقات الأمنية مع إسرائيل يظهر القياديان في فتح ماجد فرج وحسين الشيخ كطرفين يحسمان ويشترطان.
وتم تكليف الرجوب بالتفاوض مع حماس باعتباره مقربا من قطر، وكان مقربا من إسرائيل في قضية الأمن باعتباره أحد قادة الأمن سابقا ورافق شخصيات عربية في زياراتها لإسرائيل.
ويعتقد مراقبون أن الود المفقود بين عباس والرجوب سيظل مسكوتا عنه، إلى حين أن يؤدي الرجوب دوره.

وتوافرت الشروط في الرجوب لكي يكون ضمن فريق عباس، من حيث كونه مقربا من قطر ومن الجانب الإسرائيلي، إلا أن الكثيرين يرون أن دوره مرحلي بالنسبة إلى عباس، لأنه يحاول أن يتصرف ويصرح بصورة مقلدة من النائب محمد دحلان، الذي عُرفت عنه شجاعته في الاعتراض وإبداء الرأي، وهذا سبب كاف لأن يرفض عباس تأمين دور سياسي مستقبلي لشخص لا يلائمه، إذ لا تتوافر فيه شروط الطاعة المطلقة على الملأ، وله هوامش لفظية واسعة.
ولكي يؤمن الرجوب استدامة امتلاكه شرط التجاوب مع إسرائيل كان أول من امتدح أداء عباس في المقابلة الأخيرة بينه وبين رئيس جهاز “الشاباك” الإسرائيلي نداف أرغمان، وقد أظهر التخلي سريعا عن القائمة المشتركة مع حماس التي يعترض عليها الإسرائيليون.
ويعرف الرجوب سبب تعامل الإسرائيليين بهدوء مع أي موقف سياسي معلن لعباس، في أنه حصل مبكرا على هامش واسع من التصريحات اللفظية مقابل استمراره في الخط المرسوم دون أن يحيد عنه، وقوامه دعم التنسيق الأمني وعدم تجاوز الحدود بإجراءات عملية تحرج إسرائيل عندما ترى أنها تمس أمنها.
وقال قيادي فلسطيني إن “الكتلة الصلبة عند أبومازن، تلك الضامنة لاستمرار موضع استراحته في قلب الضفة، بضمانات إسرائيلية”. وأضاف القيادي في تصريح لـ”العرب” مفضلا عدم ذكر اسمه “ظلت كتلة عباس الصلبة تلك التي تمتلك علاقات مفتوحة مع الجانب الإسرائيلي. أما حماس فإنها وقعت بين شقي الرحى؛ فمن جهة تريد الخروج من عنق الزجاجة في غزة، ومن جهة أخرى هي متحمسة لتجديد مشروعيتها الانتخابية”.
توقعات بأن يلجأ الرئيس عباس إلى تأجيل الانتخابات وسيكون الرجوب الخاسر الأكبر من هذا التأجيل
وصمتت حماس عن مراسيم عباس غير الدستورية، حتى بلغ الأمر أن تغاضت عن تشكيل محكمة الانتخابات من عناصر تابعة له لضمان تحكم عباس في مسار العملية الانتخابية.
ورغم أن الرئيس عباس تمكن من تهميش القضاء وكل المحاكم الأساسية بما في ذلك محكمة الانتخابات التي باتت تحت سيطرته الكاملة، وبات يدير البلاد بمراسيم رئاسية لها صفة القانون، إلا أن استطلاعات الرأي المستقلة تعطي نتائج متشائمة لقائمة اللجنة المركزية، فيما تعطي تفوقا واضحا لحركة حماس في غزة والضفة الغربية.
وتوقع مصدر فلسطيني مطلع أن تأخذ قوائم ناصر القدوة الذي فصل من حركة فتح وقائمة النائب محمد دحلان النسبة الأكبر من الكتلة الوطنية التي تصوت تقليديا لحركة فتح، حتى في حال تمكن عباس من إلغاء القائمتين ومنعهما من دخول الانتخابات لأي سبب من الأسباب، فوضع قائمة اللجنة المركزية لن يتغير.
وقال المصدر في تصريح لـ”العرب” “ستحصد قائمة فتح هزيمة مذلة تفوق هزيمة انتخابات 2006”.
ويقدر مراقبون أن يلجأ الرئيس عباس إلى تأجيل الانتخابات ولديه من الأسباب ما يكفي لهذه الخطوة في اللحظة الأخيرة، وسيكون الخاسر الأكبر من هذا التأجيل جبريل الرجوب، حيث سينتصر خصومه في اللجنة المركزية الذين حذروا أبومازن مرارا من أن الانتخابات قد تُفقد حركة فتح دورها ومكانتها وتؤدي إلى خسارتها للسلطة الفلسطينية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق