عبّأت الحرب العالمية الثانية طوابير العلماء – الأمريكان والذين لجأوا إلى أمريكا – للخروج بأسلحة مبتكرة قلبت الموازين وأنهت القتال، فلم لا تكون هجمات الحوثيين المستمرة من جنوب السعودية والقصف السابق من الشمال للمنشآت النفطية سبباً لتسريع الأبحاث المحلية للدفاعات غير التقليدية؟
الضوء وفير ولا يحتاج إلى ذخائر، وسرعته هي أقصى مقياس للسرعة، فلا حاجة إذن للحديث عن تطوير الوقود السائل أو الصلب لتوليد التسارع المطلوب عند التصدي لما هو عادي أو فرط-صوتي من المقذوفات، إذ أن الدفاعات فرط-ضوئية.
الحديث يوحي بالمبالغة في التصور، والشطحات الأقرب إلى الخيال العلمي، لكن فلنستحضر هنا ما اعتبره العالم مبالغة واتضحت فائدتها لاحقاً، وأعني مبادرة الدفاع الاستراتيجي (مشروع حرب النجوم) في 1983، في عهد إدارة رونالد ريغان؛ فإن قال قائلٌ بأن لأمريكا باعٌ طويل في التقنية الصاروخية ومجال الفضاء، فلنتذكر بأن الصين لم تخترع تقنية الاتصال لكنها امتلكت تقنية الجيل الخامس منه، ولكل مسعى ثمرة.
الاستخدامات العسكرية لليزر القابلة للتحويل المدني لاحقاً تشمل الاتصالات فائقة السرعة، والإرشاد والسيطرة الملاحية، وتتبّع الأهداف، والاستشعار عن بُعد. أما الاستخدامات العسكرية البحتة، فتنقسم إلى طيف متدني الطاقة للتشويش على المجسّات أو إعطابها، وآخر متوسط الطاقة لتدمير الأجهزة الكهروبصرية (محولات الإشارات)، ونوع أخير عالي الطاقة يحرق ويدمّر المجسمات المادية (صواريخ ومسيّرات).
هذه التطبيقات الملحّة لها نافذة زمنية محدودة، ولها قابلية للتطبيق مع حليف غير تقليدي مثل روسيا، لا يخضع تعاونه لاشتراطات تساوم على السيادة، وحبذا لو بدأت الآن خلسة، قبل أن يساوم الغرب على تزويد السعودية بأسلحة دفاعية، مثلما فعل مع مثيلتها الهجومية، وفيها تحريك لمياه راكدة على الطرفين، ومقايضة تعزز أوبك+، وتجعل من دور المملكة المحوري رمانة ميزان الشرق والغرب، وتضع الوزر عن المساومات الغربية المعطلة للتنمية الاقتصادية والعلمية، والمقلقة للأمن والحق والقدرة في الهجوم عند الضرورة. العتاد التقليدي غربي في ترسانة السعودية، لذا ليس العتاد المستحدث – بطبيعته النوعية المغايرة – مصدر تناقض أمني وتأثير سلبي، كحال وضع تركيا مع منظومات S400 وخشية أمريكا من استشعارها لمنظومات باتريوت.
هي باختصار دعوة إلى ضرورة التحرر من الوصاية الجزئية المتكررة، بعد أن انتفت الحاجة للتنظير في الانفتاح والحقوق، وهي أيضاً التزامٌ وطني لاستغلال موارد طبيعية ومساحات شاسعة لتجارب عسكرية هذا أوان البدء فيها.
لست متخصصاً، لكن البحث والتفكير بصوت عالٍ يجعل الكاتب العابر عرضةً لمعلوماتٍ ينبّه بذكرها المتخصصين. بدأت أرامكو مؤخراً بتصدير الهايدروجين إلى أكثر من وجهة، لتستورد ما ينتج عنه من ثاني أكسيد الكربون الذي يعزز عمليات استغلال استخراج النفط. ثاني أكسيد الكربون هو أيضاً نواة لنوع من الليزر يحمل ذات الإسم، ويستخدم في استطلاع النطاق بواسطة اللايدار (النظام الضوئي لكشف وتحديد المدى)، والتحليل الطيفي بالموجات الدقيقة، وفي عملية سايلكس Silex لتخصيب اليورانيوم؛ فتأملوا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق