اضغط هنا لقراءة الكتاب اونلاين على الانترنت مباشرة
تقديم
عندما نتحدث عن مدافع الفقهاء فإننا نقصد أولئك الفقهاء الذين توجهوا بمدافعهم نحو الجماهير لا نحو الحكام ومقاومة الظلم والفساد... نقصد أولئك الفقهاء الذين كانوا من صنع الحكام أو هم برزوا ونموا وترعرعوا بدعم منهم... هؤلاء الفقهاء هم الذين حرفوا الإسلام وجعلوه في خدمة الحكام لا في خدمة الجماهير وهم الذين أورثونا ذلك التراث المتناقض المشوه الذي يكتظ بفتاواهم ورواياتهم التي أصبحت بدعم الحكام هي الإسلام،
وسقط النص الشرعي ضحية هذا التراث وأصبح النقص هو ما ينطق به هؤلاء الفقهاء..
ومدافع الفقهاء التي نعرض لها في هذا الكتاب لم تطول الجماهير في زمانهم وتلحق بهم الخسائر الفادحة في عقائدهم ومواقفهم ودينهم وتحقق الأمن والسلام ورغد العيش للحكام فحسب وإنما امتدت لتصيب جماهير العصر الحاضر أيضا...
امتدت لتحلق بهم إصابات خطيرة في عقولهم ومواقفهم ودينهم بالكامل... وذلك كله كان ببركات الحكام وعلى رأسهم آل سعود وأدواتهم من التيارات والرموز والمؤسسات الإسلامية التي أسهمت في بعث مدافع الفقهاء ودفع الجماهير نحو العيش بعقل الماضي... من هنا فإن القضية المطروحة في هذا الكتاب لا ترتبط بالماضي وإنما هي ترتبط بالحاضر كما ترتبط بالمستقبل... وإن ما نهدف إليه في دائرة هذا البحث هو التحرر من أغلال هؤلاء الفقهاء وكشف حقيقتهم ودورهم والتحرر من عقل الماضي وتحقيق الاعتدال في الفكر والتصور والسلوك.
وهو ما نهدف إليه في جمع كتاباتنا... وما ندعوا إليه.. (٧) أن الفقيه لا يجب أن يكون ضد الرعية وفي خدمة الحكام... الفقيه يجب أن يكون في خدمة النص... والنص إنما جاء لخدمة الجماهير... وهذه هي حقيقة الإسلام... صالح الورداني القاهرة ص ب: ١٦٣ / ١١٧٩٤ رمسيس (٨) الفقهاء بين الدين والحكام برزت طبقة الفقهاء على يد معاوية بن سفيان حين تحالف معه عدد من الصحابة وساروا (٩) في ركابه وعلى رأسهم المغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمر وأبي هريرة ثم عائشة بنت أبي بكر... وهؤلاء جميعا أسهموا في تكوين طبقة من التابعين سايرت خط معاوية وخط بني أمية من بعده وحملت هذه الطبقة على كاهلها وضع حجر الأساس لصرح الفقه الإسلامي الحكومي الذي تطور فيما بعد على يد فقهاء العصر العباسي وتمخض عما سمى بعقيدة أهل السنة والجماعة .
تلك العقيدة التي برزت لحماية هذا الفقه وإضفاء المشروعية عليه وردع المخالفين له وتطويع الجماهير للحكام... ولقد قام هذا الفقه وتأسست هذه العقيدة على روايات وفتاوى أبي هريرة وعائشة وابن عمر ومعاوية وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم من الصحابة الذين تحالفوا مع بني أمية ...
وقام الفقهاء الذين تربوا على هذه الفتاوى والروايات بتوجيه مدافعهم نحو خصومهم من التيارات الأخرى ونحو الجماهير لإرهابها وعزلها عن هذه التيارات وحصرها في دائرة الخط السائد خط الحكام الذين اعتبروا أئمة طاعتهم واجبة شرعا وعصيانهم حرام يؤدي إلى التهلكة حسب نصوص الفقهاء التي سوف نعرض لها فيما بعد...
- الفقهاء ويزيد بن معاوية:
يروي البخاري أن معاوية خطب في الناس يطلب البيعة لولده يزيد من بعده فبلغ الخبر ابن عمر فدخل على حفصة أخته فقال لها: قد كان من الأمر ما ترين. فلم يجعل لي من الأمر شئ، فقالت: الحق. فإنهم ينتظرونك. وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية فقال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه. فلنحن أحق به منه ومن أبيه. قال حبيب بن مسلمة لابن عمر: فهلا أجبته؟
قال ابن عمر: فحللت حبوتي.
وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام. فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم وتحمل عنى غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان.
فقال له حبيب: حفظت وعصمت.. (١( -------------------- (١ (كتاب المغازي.. (١١)
وهذه الرواية تكشف لنا موقف ابن عمر فقيه الصحابة من معاوية وولده يزيد فهو رغم علمه بحقيقة معاوية ومكانته المهزوزة في قلوب المسلمين وهو ما يتضح من قوله: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، لم يتراجع عن بيعته ولا عن بيعة ولده يزيد...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق