الدانة نيوز الثقافية
- 01-فايروس كورونا (1253)
- 1 - شؤون دولية (1519)
- 1 - شؤون عربية (2691)
- 1- شؤون فلسطينية (1469)
- 2- اقتصاد دولي (818)
- 2- اقتصاد عربي (1000)
- 2- تكنولوجيا (511)
- 3- مقالات (755)
- 4 - جماعات اسلامية (924)
- 4- تقارير سياسية (1263)
- 5- عالم المرأة (688)
- 7-عالم الفن (1019)
- 8- رؤى ثقافية وفكرية (977)
- 8- طب وصحة (634)
- 8- منوعات عامة (841)
- 9- الرواية والشعر والقصة (980)
- ار-الاعلام (417)
- تعليم (608)
- ثقافة اقتصادية (701)
- ثقافة تاريخية (588)
- ثقافة دينية (580)
- شؤون عسكرية (718)
- عرض كتب (554)
- فن تشكيلي (611)
- منوعات علمية (252)
معـركـة الوعــي // بقلم : نجيب الطلحاوي
معـركـة الوعــي
نجيب الطلحاوي:
=============================
بعيدا عن الإشكـالات الفلسفية و الجدلية التي ترتبط بمفهوم الوعـي في عـلاقتـه بالواقع ، يكون من الأهميـة بمكـان الحديث عنـه بصفتـه نَسـقـاً فكريا متراكمـا عبر الزمن يشغـل مجـالا حـاسمـا في التعـامـل مع قضـايا الواقع السياسي و الاجتمـاعي ، علـى هـذا الشكل نكون قد وضعنـا معركـة الوعـي في سياقـه الواقعي بصفته تكوينـا شَبَكـاتــيا من نظـامِ المعـارف تتحدَّد به المواقف و التصورات و مُجمل اعتبارات بنـاء الرأي تُجـاهَ المُشكـلات المطروحـة و ليس بصفتـه موضوعـا إشـكـاليا غـارقا في جدليات الواقع و المـادة .
لا تكمن خُطورة الوعـي في اعتباره المُوجِّـهَ الرئيس لكيفية التصرف في الوضعيات المتعددة فقط ، و إنمـا أيضـا في كونـه “الإطـار” القادر علـى صنـاعـة تحولات غـائرة علـى خرائط العقل البشري و في كونـه الخصم اللدود لكل أشكـال الانحـلالات السياسية و الأخـلاقية و الإيديولوجية ، لذلك ليس أمـرا غريبـا أن تُخَـاضَ معـارك مضمورة ضد تشكـيل حـاسـة الوعـي و توضعُ علـى أنقاضـه مُخططـاتٌ و برامجَ يُـرادُ منهـا تشتيتـه و تشويهه و كبح تكوينـه ، فالرهان صـار يدور حول مشروعـات تدمير الوعـي الإنـسانـي و تفريغـه من كـل المسؤوليات و الرسـالات النبيلـة و تقييد حركتـه علـى الواقع بالشكـل الذي يُسهِّـلُ عملية التحكم فيه عن بُعـد ، فالنجـاحُ في تأبيد الجهـل بالذات و تغييب الوعـي عن المجتمـع يعنـي ببسـاطـة استمـرار مُسلسل التخلف الاجتمـاعي و الاقتصادي و السياسي و ضرب إحدى مُؤَسِّسـات التغيير الفاعـل و إشـاعـة الأنـانيات المُخـربـة لأفق الجمـاعـة ، لذلك يُمـثل الوعي – بوصفـه منظومـة مقاومـة – إحدى واجهـات المعـركـة الطويلـة ضد كـل مظـاهـر الجمـود التي تلغي وظيفـة العقل و تُحـنِّـطُ الذات بقيود العجز و السلبية القاتلـة و تُحـوِّلـه إلـى كِيـان بلا قيمـة إنسانية .
إن امتـلاك هـذا السلاح الغـائي ليس إلا شكـلا من أشكـال تحرر الذات من سلطـة الاستبداد السياسي و من مختلف تجلياتـه علـى واقع المجتمع إذ يصير بذاك التعريف نقيضـا لكل نزعـة سكونـية استقالت من مَهـام تغيير المنكر علـى اختـلاف ألوانـه و مجـالاتـه ، فهو وعـي حركـي حي يروم تغييرَ البنيات الذهنية المتكلسـة و إصلاحَ مسارات التوجـه الاجتمـاعي و إزالةَ الغَبـش عن أصول الفسـاد و بعثَ الإحـساس بالمسؤولية و الأمـانـةِ . إن هـذه المقتضيـات هي جزء لا تتجزأ من رسـالـة أي إنسـان لكنهـا طُمِرَت بفعـل تراكمـات مصنوعـة من مواد تُبـلِّــدُ العقل و تُغلـفـهُ برداء اللاوعي ، طُمِـرت بعد سلسلـة لامتنـاهية من البرامج المُخدِّرَة للذات فأثمرت جُزُراً عقلية متنـافرة تتحكم فيهـا نزوة “الأنـا” المطلق و أوجدتْ سيـاقـا اجتمـاعيا مفصولا عن القيم الجمـاعية التي تُعـلي من قَدر المجموع .
لقد كان من الطبيعي جدا أن تـنتشر قوى الخمول و تسودَ ثقافـة الانبطـاح للواقعية السلبية و تنحـلّ عُـرى الترابط الاجتمـاعي نظـراً لـطولِ المرحلـة الاستبدادية في العـالـم الإسلامي و العربي و مـا أنتجتـهُ من أوبئـة فكريـة أصابت حـاسـة الوعي في صميمـها ، و لِأنّ بناء الوعي الجمـاعي فلسفةُ حيــاةٍ مُستنـدةٍ لمرجعية كلية تـمر عبر قنوات و مخططـات رسميـة و غير رسميـة فإن إعـادة صيـاغتـه يتطلب استِدامةَ النـظرِ في طـبائع الأصول التـي أودت بالمجتمعـات إلـى الانحدار نحو الشلل الفكري و الانحراف السلوكي لكي نفهمَ كيف يصير اللاوعـي عنوانـا للتخلف ، لـكن ، كيف ذلك و قد تدهورت الأوضـاع السياسية و الاجتمـاعية و الاقتصادية و الدينية و تفككت قيم المجتمعـات في عـالمنـا الإسلامي و العربي و انتهت إلى حـالات من التشظي الذي أنتجَ كـلّ مظـاهر “الأنـا” و التسلط و كل أشكـال الانفراد بالسلطـة ؟
إنّ حديثَنـا عن الوعـي ليس حديثـا إطـلاقيا منسوبـا إلـى الإنسـان بلا تقييد ، إنمـا هـو وعي في إطـار نسقٍ معرفيٍّ مُحدّد لأن الوعي الإنسـانيَّ في عمومـه و إنْ كـان يُكسِبُ صـاحبَـه معنـًى خـاصا من الانضبـاط و حُسنِ التصرف و القدرة علـى إدارة الحيـاة الشخصية بِحكمةٍ إلا أنـهُ في المحصلـة لا يمكن لـه أن يُعــبِّــرَ عن الطبيعـة الحقيقيـة للإنسـان المُرَكَّبـة من ثنـائية الروح و المـادة باعتبار أن الوعيَ مبـنِـيٌّ علـى أساس فلسفـةٍ لهـا مرجعية توجيهية مـادية، لذلـك كـان هـذا الوعيُ وعيـاً بالذات في بعض أجزائه و ليس وعيـا كُلِّـيـا بـه ، فضـلا عن كونـه وعـيا انشطـاريـا يُفَرِّقُ بين الالتزام و الحريـة الشخصيـة ، فقد نـجدُ الشخصَ الواعـي مُدرِكـاً لواجباتـه و مسؤولياتـه تُجـاه الآخرين مُلتزِمـاً بالقوانين العـامـة و الأعـراف السـائدة ، لكنـهُ يتعـاطـى مـع مسألـة الحريـة بنزعـة فردانية مفرطـة تُتــيحُ لـه التصرف في الذات تصرفـا لا أخـلاقيا ، لذلـك نرى بأنه ليس هنـاك وعي إنسـانيٌّ إلا في حدود مرجعياتـه التـي تبنـي في الإنسـان نمطَ الوعي الخاص، و من ثم يُصبِحُ الحديث عن الوعـي الإنسـانـي- بمـا هو منظومـة حقوق و واجبـات “كونية”- تبريرا فلسفيا لنزعـة التنميط الثقافي التـي تستهدفُ نـمْـذَجَــةَ العقل و إحـلالَ المطلق العـام محـل النسبي الخـاص ، و عليه لا يمكن فصـل قضيـة الوعي عن قضيـة الهويـة التـي تمنحُه مجـالات التصرف لأنـهُ ببساطـة يُمـثِّـلُ ترجمةً ذهنية مُتسـاوٍقـة مـع الهويـة كوِعـاء للوعـي المُكوَّن و لأن الوعـي إنمـا هو ” قدرة الذات علـى امتـلاك هويتهـا الخـاصـة ضمن لفيفٍ من الهويات الأخرى ” حسب تعبير عباس أمير .
بيد أن هـذا الوعي ليس مُعطـىً جـاهـزا أو عبارة عن “وجبة” فكريـة تُعِدُّهُ جهـاتٌ محددة ، و إنمـا هو حصيلة تراكمـات عبر الزمن يتفاعـلُ فيه العقل مع الواقع تفاعـلَ تأثير و تأثـر مُهتدِيــاً بالموروثـات و المكتسبـات فترسمُ في الذات وعيـاً خـاصـا تُحدَّدُ به سلسلـةُ المواقف العقلية و الوِجدانية حُيـال الآخرين ، فالأطرافُ التي تصنعُ خريطـة الوعـي لا يمكن إسنـادهـا إلـى عـامـل واحد و لا يمكن حصرهـا في أبعـادٍ بعينهـا لأن الوعـي في نهـاية المطـاف نتيجـةٌ ، و النتيجـة هي حتمـا حصيلـةُ تفاعـلات لمجموعـة من الأجنـاس المختلفة من حيث التكوين . و علـى هـذا الأســاس يمكن القول بأن كــلاّ من المجتمع – بطبقاتـه الفكرية و رموزه السياسية و مؤسساته المدنية – و الدولـة ( بأجهـزتـهـا و أدواتهـا الأخطبوتية و مؤسساتهـا التربوية ) والدين – بقيمـه و مبادئـه الوجودية – هم المسؤولون في المقام الأول عن بلورة نمطَ الوعي المُكوَّن و هم المُحدِّدون لتركيبة الوعي لأن الدين و المجتمع و الدولة تُمثل “أقـانيمَ” يتأثـر بهـا أي شخص فيحمـل في وعيـه آثارهـا التـي تتطور لتصيرَ سلطة ذهنية آسِـرَة . هـذا يعنـي أن التدهـور الحـاصل في فهـم الدين و في تشكيلات الدولـة و وظيفتهـا يُنتِجُ بيئــة فاسدةً تنعكسُ عبر الزمـن علـى تصورات الإنسـان فتؤثِّـرُ علـى سلوكـه و أفعـالـه و تدفعـهُ إلـى فقدان معنـى رسالتـه و هدفـه في الحياة .
لقـد كـانت صنـاعـة الوعي فيمـا مـضى من نصيبِ الدين و المجتمـع حيث كـان الأخير بمعية الأول طريقـا للتهذيب و تبصرة الفكر و النفس بفعـل تمتــعهـا باستقلالية كبيرة عن سلطـة الدولـة نتيجـةَ محدوديـة صلاحياتهـا ، لكنـهُ (أي الوعي) الآن صـارَ محصلةَ مجموعِ السياسات الرسمية التي مست مفاصل المجتمع و خربت قيمـه الموروثـة عبر التـاريخ ، فانهيـار العقل الجماعي للأمـة و انحطـاط تفكيرهـا و سيادة أسلوب التواكـل و انتشار الأمية و غيرهـا ليسوا إلا تجليـات لأزمـة الوعي التي صُنِعت عبر عدة وسائط و قنواتٍ قتلت روح الأمـل في الإنـسان و بلَّدت تفكيره و حجَبتْـهُ من الارتقاء نحو فضاءات المعـرفـة . عمـودُ تلك الوسـائط منظومـةُ تعليمٍ مترديةٍ في عـالمنـا الإسلامي و سياساتُ دولٍ فاشلـة في ميدان تخليق المؤسسات و تحقيقِ تنميةٍ تُوفِّـرُ للنـاس حدا أدنـى من العيش الكريم ، فضـلا عن اهتراء المكونـات السياسية و غلبـةِ منطق الارتزاق و المنفعـة الأنـانية فيهـا و تجمُّـد العمل السياسي في حدود الترويج لخطـابات تعبوية موسمية خـادعـة تفتقر للمصداقية و الفاعلية…فعندمـا تتخـلـى هـذه الكيانـات السياسية عن وظـائفهـا في الرفـع من مستوى التفكير و تتعاطـى أفيونـات المواسم الإنتـخـابوية بتخدير النـاس بالوعـود و إغراقهم في أحـلامٍ راكدةٍ، و عندمـا تشهـد الكيانـات الجمعوية استقالات جمـاعية من سـاحـة الفكر و انزواء مُعظمهـا في أقفـاص الخمـول و السبات الطويل و تتحولُ إلـى مقاولات رِبحيـة تُحركهـا دوافع المنفعـة المـادية آنـذاك لا يسعُ اللبيبَ إلا التبشير بعـالم الغثائيـات التـي تُعـبِّــرُ عن انهيـارٍ سحيقٍ لحـاسـة الوعـي و حلولٍ للنزعـات الفوضوية و العبثية في مجتمـعـاتنـا ككل
التسميات:
8- رؤى ثقافية وفكرية
ابحث في موضوعات الوكالة
برنامج ضروري لضبط الموقع
صفحة المقالات لابرز الكتاب
شبكة الدانة نيوز الرئيسية
اخر اخبار الدانة الاعلامية
إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية
مدينة اللد الفلسطينيةى - تاريخ وحاضر مشرف
الاكثر قراءة
-
الشاعر العراقي جميل الزهاوي قاوم الاستعمار العثماني بشعره وكشف حقارة الترك بني يعرب لا تأمنوا الترك.. الشاعر "الزهاوي" يوثق جر...
-
بقلم : رؤى سلامه عندما قرأت لي أختي أول مرة سطور من رواية “أحببتك أكثر مما ينبغي” لم أتوقع أبدًا حينها أن تكون روايةً عربيةً، كلّ ما ...
-
مراد شعابة ولد في عام 1970، بعد دراسة الهندسة الزراعية، أخذ دورات في تصميم الأزياء في أكاديمية الموضة Makni بتونس حيث التقى وتتلمد على يد ال...
دراسات وابحاث مختارة
تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك
-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك
الاخبار الرئيسية المتحركة
اعلانات عرضية متحركة
تابعنا على الفيسبوك
-------------
-
-
يسعدنا اعجابكم بصفحتنا
يشرفنا متابعتكم لنا
أتصل بنا
الارشيف
خدمات نيو سيرفيس
خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر
---
اعلان سيارات
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
"
});
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق