اللبنانيون يتمسكون بقشة ماكرون وهم يدركون أن حزب الله سلمهم لبحار هائجة بعد أن هيمن على الدولة اللبنانية.
الاثنين 2020/08/31

الان بتوجه فرانكوفوني
لبنان الذي يعرفه الكثيرون ممَن يحبونه لم يعد موجودا
الأطراف الدولية تفضل الذهاب إلى الرأس ايران بدلا من الذيل حزب الله
لبنان ضحية حزب الله والمحمية التي يجد فيها سلامته
كان هناك مَن تحدث عن زوال لبنان. حديث متأخر فات أوانه الآن ولا يحمل أي نوع من التحذير القاسي. لبنان الذي يعرفه الكثيرون ممَن يحبونه لم يعد موجودا. لذلك فإن الرئيس الفرنسي لا يفاجئ أحدا.
أية محاولة للإصلاح لا يمكن أن تشكل محاولة لإستعادة لبنان. لا من أجل إرضاء فرنسا ورئيسها بل من أجل التعرف على جزء من الحقيقة.
ليس المطلوب من ماكرون أن يقول الحقيقة كلها ما دام المؤشر يتجه إلى حرب أهلية، يمكن أن تشعلها حادثة مفتعلة في مكان ثانوي ولأسباب تافهة.
حتى اللحظة تجنبت الأطراف الرسمية والحزبية محليا وعالميا الإشارة إلى حزب الله وعلاقته بما جرى للبنان. كل كلام عن ذلك يتم بالسر. ومع ذلك فإن الأطراف العالمية المهتمة بالشأن اللبناني تبدي رغبتها في التفاوض مع إيران كونها جزءا رئيسا من المشكلة. ذلك ما يعني أن تلك الأطراف تفضل الذهاب إلى الرأس بدلا من الذيل.
ومع ذلك فإن "زوال لبنان" ليس تعبيرا مجازيا. لقد تمكن حزب الله من لبنان. عصابة من قطاع الطرق البلطجية حولوا لبنان إلى ولاية إيرانية. صار على لبنان الرسمي أن يتبع ولاية الفقيه منقطعا عن محيطه العربي. تلك هي الحقيقة التي دفع ثمنها مئات اللبنانيين قتلى وجرحى ومفقودين. فلا أحد اعترف حتى اللحظة باسم المالك الحقيقي للمخزن الذي انفجر. ذلك لأن مَن يحكم لبنان هو ذلك المالك.
يعرف ماكرون أن لبنان الذي يزوره هو دولة يحكمها حزب الله.
في المقابل يعرف حزب الله أن الرئيس الفرنسي يزور بلدا لن يتمكن العالم من التسلل إليه إلا عن طريقه. لذلك يشكل لبنان ضحية ومحمية في الوقت نفسه. فهو ضحية حزب الله وهو المحمية التي يجد ذلك الحزب فيها سلامته.
اخترق ماكرون كل الأعراف الدبلوماسية وتصرف كما لو أنه يحكم لبنان عن بعد. ذلك ليس صحيحا لكن كل شيء في لبنان جائز حيث الرؤساء مفرغة من محتواها والسيادة الوطنية معلقة وقيام حكومة جديدة مؤجل والوصول إلى حلول للمشكلات المصيرية صار أشبه بالمعجزة.
لم يعلق حزب رسميا على ما فعله ويفعله الرئيس الرسمي فقيادته تدرك أن لا شيء يمكن أن يجد طريقه إلى الأرض إلا بعد التفاوض معها بعد أن كلفت نفسها منذ سنوات بقيادة لبنان.
ولكن ماكرون وهو العارف بأحوال لبنان مستمر في لعبته التي يسوق من خلالها نفسه فرنسيا وأوروبيا. تلك مشكلته بالنسبة لحزب الله.
ولكن فشل الرئيس الفرنسي في مهمته الانقاذية الناقصة لا يعني أن العالم سيستسلم للواقع الذي صنع منه حزب الله قدرا للبنان.
هناك أوقات صعبة سيواجهها اللبنانيون تتمثل تجلياتها من خلال انهيار سعر صرف الليرة الذي سيترجم بعجز شرائح هائلة منهم عن الحصول على غذائه اليومي وهو ما يعني أن مجاعة غير مسبوقة ستضرب لبنان.
لذلك فإن اللبنانيين يتمسكون بقشة ماكرون وهم يدركون أن البحار الهائجة التي سلمهم حزب الله لها بعد أن هيمن على الدولة اللبنانية.
يأمل حزب الله أن تنتهي مهمة ماكرون إلى الفشل. تلك رسالة موجهة للبنانيين كلهم لكي يقفوا معه من خلالهم اعترافهم بسلطته المطلقة على لبنان. فهل ستقبل الولايات المتحدة وأوروبا بتلك النتيجة؟
ذلك سيكون محرجا لجهات عديدة في العالم ومنها إسرائيل التي تحتاج إلى وجود دولة مستقرة في لبنان تتمكن في أي ظرف من نزع سلاح حزب الله بعد أن يتم احتواء إيران.
اما إذا تمكن حزب الله من فرض واقع هيمنته على لبنان قدرا نهائيا وصار العالم يتعامل مع لبنان من خلال الحزب فإن ذلك سيكون بمثابة اعتراف عالمي بشرعية الوجود الإيراني على البحر المتوسط.
فشل ماكرون لن يكون نهاية المطاف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق