ازمة اليسار العربي نماذج من 6 دول عربية

. . ليست هناك تعليقات:




القاهرة،بيروت،رام الله - ياسر غريب، عبدالرحمن عرابي، نائلة خليل
===================


أزمة اليسار العربي1.. الثورة التونسيّة تمنح الحمر قبلة الحياة
تونس ــ صلاح الدين الجورشي  

16 مارس 2015

في قلب تونس العاصمة اهتزّ سكان أحد الأحياء الشعبية لخبر اعتقال العم محمود. كان محمود محبوباً من الجميع نظراً لهدوئه ودماثة أخلاقه، تعددت الروايات والتأويلات إلى أن أسقط في يد الجميع، بعد أن علموا أن سبب اعتقال صاحبهم، لأنه "شيوعي". حكم على محمود بسنة في السجن بتهمة تأسيس خلية تابعة للحزب الشيوعي التونسي، خلال الفترة التي كان فيها نشاط الحزب معلقاً بقرار قضائي وسياسي، في عام 1968 في عهد الرئيس بورقيبة، الذي شن حملة واسعة على الحركة الطلابية التي قضّت مضاجعه بكل فصائلها وفي مقدمتها قوى اليسار.

الحزب الشيوعي يفقد أنفاسه

يعدّ الحزب الشيوعي التونسي أقدم الأحزاب التونسية تأسيساً، إذ ظهر في عام 1920، لكنه بقي فرعاً ملحقاً بالفيدرالية الأممية الشيوعية، وتحت وصاية الحزب الشيوعي الفرنسي لسنوات قبل أن يتولى التونسيون قيادته، ويعملون على تصحيح مساره، ومن ذلك التحاقه بالحركة الوطنية للمطالبة بالاستقلال بعد المواقف المناهضة لذلك.

لم يتمكن الحزب الشيوعي من توسيع دائرة إشعاعه وذلك بحكم الأخطاء الفادحة التي ارتكبها أثناء مسيرته السياسية. ومن بين هذه الأخطاء تورطه في الدفاع عن شعار "الاتحاد الفرنسي" المناهض للمطالبة باستقلال تونس.

وحتى بعد الاستقلال اجتهد الحزب لتأصيل وجوده في البيئة التونسية، خاصة بعد بناء علاقات إيجابية مع الاتحاد العام التونسي للشغل، لكن سرعان ما تصدى له الرئيس الحبيب بورقيبة الذي أصدر قراراً بتجميد نشاطه عام 1963 في حقبة الحزب الواحد. كما أن الحزب الشيوعي تضرر كثيراً من ولائه للكرملين وارتباطه بالاتحاد السوفييتي ودفاعه عن سياسته الخاطئة، ما أفقده القدرة على التطور.

اليسار الجديد ومحاولات تغيير المعادلة

خلال الستينات من القرن الماضي، توالت الجهود من أجل سحب البساط من تحت أقدام الحزب الشيوعي. تمت المحاولة الأولى على أيدي التروتسكيين، قبل أن يتأسس في باريس "تجمع الدراسات والعمل الاشتراكي التونسي"، وهو عبارة عن تجمع ضم في صفوفه قوميين وشيوعيين وماويين وبعض المستقلين، أصدروا مجلة تحت عنوان "آفاق"، وكان الهدف من المحاولة التي رأت النور خلال الستينات هو القيام بمسعى جاد وواعد من أجل بناء يسار جديد.
"
لم يتمكن الحزب الشيوعي من توسيع دائرة إشعاعه وذلك بحكم الأخطاء الفادحة التي ارتكبها أثناء مسيرته السياسية

"
وفي ذلك المخاض، تأسست حركة العامل التونسي، التي أسهمت في تغذية الانتفاضة الطلابية الشهيرة التي عبّرت عنها "حركة أكتوبر 1972".

لكن كان من نتائجها اعتقال معظم الكوادر اليسارية الفاعلة، ودخول اليسار في مرحلة تشرذم واسعة النطاق، إذ انقسم اليسار الجديد إلى تيارين رئيسيين: حركة العامل التونسي، التي ستصبح في ما بعد تحمل عنوان "حزب العمال الشيوعي التونسي"، والتيار الثاني هو "الوطنيون الديمقراطيون".

هذان التياران سيكون لهما شأن بعد الثورة، لكنهما قبل ذلك عاشا صراعاً مريراً، واختلفا حول عديد من المسائل، بما في ذلك أسلوب إدارة الاتحاد العام لطلبة تونس الذي سعى كل تيار من أجل الانفراد بقيادته، وبلغ بهما الأمر درجة تبادل الاتهامات، وتغيير أقفال مقر الاتحاد، ما أصاب هذا الهيكل الطلابي بالجمود طيلة سنوات عديدة. كما اختلفا أيضاً في الموقف من حركة النهضة التي كانت مقموعة في مرحلة بن علي.

بعد الثورة، استمر انقسام اليسار على بعضه. وعلى هذا الأساس، دخلت الأحزاب اليسارية متفرقة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، فكانت نتيجة ذلك هزيمة قاسية، حيث لم يفز اليسار المتجذّر إلا بأربعة مقاعد فقط.

هكذا ولدت الجبهة الشعبية

في تلك الأجواء الساخنة من عام 2012، انطلق المناضل اليساري الراحل شكري بلعيد في إجراء مشاورات صعبة ومكثفة مع مختلف الرفاق، بهدف إقناعهم بأن مواجهة حركة النهضة لن يكون إلا عبر الوحدة والتكاتف.
"
بدأ بلعيد بتوحيد مجموعات عائلته السياسية والأيديولوجية المنقسمة على ذاتها، وتوصل إلى تأسيس ما أصبح يسمى "حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد"

"

هكذا بدأ بلعيد بتوحيد مجموعات عائلته السياسية والأيديولوجية المنقسمة على ذاتها، وتوصل إلى تأسيس ما أصبح يسمى "حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد". أما الخطوة الثانية، فكانت في اتجاه خصمه السابق، حمة الهمامي، رئيس "حزب العمال"، وحتى يطمئنه، عرض عليه مسؤولية الناطق الرسمي باسم هذا التحالف، وبذلك هدأت معركة طاحنة بين فصيلين ماركسيين استمرت نيرانها المتبادلة أكثر من ربع قرن.

بشكل موازٍ أدار بلعيد نقاشاً هاماً مع المجموعات القومية بشقيها الناصري والبعثي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن اليسار الجديد، وخاصة مع الوطنيين الديمقراطيين، ساعد كثيراً على تخفيف حدة التناقض الأيديولوجي بين الماركسية والقومية، مستفيدين في ذلك من تجربة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

هكذا ولدت "الجبهة الشعبية" في تونس، التي ضمت في بعض المحطات النضالية 13 تنظيماً حزبياً. وبذلك احتلت الجبهة مرتبة الحزب الرابع في البرلمان. وفي المقابل، انهار حزب "المسار الديمقراطي الاجتماعي"، الذي رفض الالتحاق بالجبهة ليجد نفسه خارج مجلس نواب الشعب بعد أن كان لديه عشرة نواب، وبعد أن كان امتداداً لحركة التجديد وريثة الحزب الشيوعي التونسي.

الانتصار السياسي الذي حققته الجبهة الشعبية لم يكن بدون ثمن، إذ فقدت وجهين قياديين هامين، وهو ما أثّر فيها كثيراً وشكل نقطة تحوّل بارزة في مسارها ورؤاها السياسية. ففي السادس من شهر فبراير/ شباط 2012، ما أن غادر شكري بلعيد منزله في ضاحية قريبة من وسط العاصمة، حتى فاجأه شخص كان يمتطي دراجة نارية مع مرافق له، وأفرغ فيه عدة رصاصات كانت كافيه لقتله.

وتكرر السيناريو نفسه يوم 25 يوليو/ تموز 2013، عندما فوجئ محمد البراهمي، المنسق العام لحزب التيار الشعبي والأمين العام السابق لحزب حركة الشعب ذات التوجه الناصري، وهو يغادر مسكنه ويركب سيارته، بغريب يقترب منه ويفرغ فيه 13 رصاصة ألحقته بصاحبه شكري بلعيد.

الدماء التي حافظت على الجبهة

استثمرت الجبهة الشعبية الاغتيالين لتصبح الجبهة في طليعة الأحزاب التي قادت المعارضة ضد حكومة الترويكا، إلى أن أزاحتها عن السلطة. رغم فشل معظم المحاولات الحزبية التي قامت على تشكيل تحالفات بين تنظيمات مختلفة أيديولوجياً، أو إنشاء أحزاب قائمة على تنوع المشارب والتيارات في داخلها، إلا أن الجبهة الشعبية تمكنت من حماية تماسكها والحفاظ على وحدتها التنظيمية في ظروف صعبة ومتحركة، بما في ذلك خلال المحطات الانتخابية المتعاقبة.

وهو ما أعطاها قدراً من الزخم والقوة، وجعل بعض المكونات اليسارية في الجبهة تفكر في احتمال تحقيق وحدة اندماجية بين حزبي "الوطنيين الديمقراطيين الموحد" من جهة، و"حزب العمال" من جهة أخرى.

الموقف من القضية الفلسطينية

العلاقات الوثيقة بين التيارين الماركسي والقومي أدت إلى إدخال تعديلات جوهرية على موقف اليسار التونسي عموماً من القضايا القومية، وفي مقدمتها الموقف من القضية الفلسطينية، إذ تجاوز اليسار موقفه البدائي الذي كان يعتبر فيه أن الصراع مع إسرائيل ليس قومياً وإنما هو طبقي يفرض توحيد العلاقة بين البروليتاريا العربية والبروليتاريا الإسرائيلية واليهودية ضد الإمبريالية.

ويقف اليسار التونسي حالياً من القضية الفلسطينية في الجهة المعادية لإسرائيل بقوة، مؤيداً الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة. وفي هذا السياق، طالبت "الجبهة الشعبية" التونسية كل القوى الوطنية في تونس الإسراع بفرض قانون يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني، معتبرة ذلك أقل واجب لدعم الشعب الفلسطيني.

مستقبل اليسار في ظل التحولات

قبل الثورة التونسية، عدّ البعض "الحمر" ظاهرة من الماضي في طريقها نحو الانقراض، لكن جاءت التطورات المتلاحقة منذ الإطاحة بالرئيس بن علي لتعيد الحياة إليه على أكثر من صعيد. إذ أنقذت الثورة اليسار التونسي من موت كان محتماً.
"
قبل الثورة التونسية، عدّ البعض "الحمر" ظاهرة من الماضي في طريقها نحو الانقراض، لكن جاءت التطورات المتلاحقة منذ الإطاحة بالرئيس بن علي لتعيد الحياة إليه

"
ووفق محللين، فإن اليسار في تونس لا يمكن اختزاله في تنظيمات سياسية تجتمع أو تنقسم، وإنما يعد حالة ثقافية متشعبة تشق مختلف مجالات النشاط الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي. فاليساريون أسهموا بقوة في الحركة الفكرية والأدبية والمسرحية والسينمائية في تونس. كما لليساريين حظور قوي داخل النقابات وفي صفوف الحركة الطلابية، ولهم مواقع مؤثرة في العديد من الأحزاب، بما في ذلك حزب نداء تونس، الحاكم حالياً.

كذلك، ومن خلال الجبهة الشعبية، أصبح اليسار أحد اللاعبين الرئيسيين الذين قد يسهمون في صناعة المستقبل في تونس، ولا يستبعد أن تستفيد الجبهة من عثرات الحزبين الكبيرين، وهما حزب نداء تونس وحركة النهضة، لتنجح في شق طريقها كقوة سياسية ثالثة بديلة.

وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى أن حمة الهمامي، الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، قد حصل على المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية، وصوّت له أكثر من 255 ألف ناخب، فحقق بذلك مفاجأة لم يتوقعها الكثيرون.

كما أن بقاءه خارج الحكومة الائتلافية التي سيتحمل حزب نداء تونس مسؤولية تشكيلها، قد يندرج ضمن استراتيجية الجبهة الشعبية في انتظار أن تتوفر الشروط التي تصب في صالحها وتجعل منها شرطاً من شروط استكمال النصاب وتحقيق المعادلة التي قد تفرضها المتغيّرات المقبلة. ويبقى القول إن ما حصل في اليونان أصبح يغذي خيال الكثير من اليساريين التونسيين.
===================

أزمة اليسار العربي2..الجبهات الفلسطينية وقائع موت غير معلن
رام الله ــ نائلة خليل17 مارس 2015


"حالة موت سريري" تعيشها فصائل اليسار الفلسطيني، فلا هي متوفاة لتصبح في عداد الذكرى وتحجز لها مكانا على رف الأرشيف السياسي، ولا هي فاعلة ليكون لها دور حيوي في الشارع الفلسطيني يليق باسم اليسار وتاريخه النضالي. فيما يتفق الخبراء والمراقبون على أن فصائل اليسار الفلسطيني فقدت دورها الحقيقي، بعد نبذ منظمة التحرير للكفاح المسلح، مقابل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، حيث تراجع دور اليسار الفلسطيني إلى درجة الانكماش، وبات وجوده في الساحة السياسية الفلسطينية غير ذي أهمية.

ويرى هؤلاء أن تراجع أداء اليسار الفلسطيني، سواء في منظمة التحرير أو على الساحة السياسية، عكس نفسه على الشارع الفلسطيني، وأعضاء ومناصري اليسار الذين تناقصت أعدادهم بشكل مستمر، بحيث بات من المستحيل، على جميع فصائل اليسار مجتمعة، أن تحشد لمسيراتها أو تظاهراتها أكثر من بضع عشرات في أفضل الأحوال، وفي أكثر حالات اليسار حيوية.

وفيما يصرّ المراقبون على أن العمليات النوعية التي قام بها اليسار الفلسطيني، وتحديدا الجبهة الشعبية الفلسطينية التي اغتال الاحتلال الإسرائيلي أمينها العام أبوعلي مصطفى من مكتبه في رام الله بطائرة أباتشي أميركية الصنع في 27 أغسطس/آب 2001، وما تلا ذلك من اغتيال لوزير السياحة في حكومة الاحتلال رحبعام زئيفي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2001، وبعض العمليات النادرة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ما هي إلا نتاج عمل فردي وخلايا نشطت بعيدة عن المركز من دون أي توجيه منه، والدليل هو عدم استمراريتها، كما هو الأمر مع فصائل أخرى، مثل حركة "فتح" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي".

لكن القيادية في الجبهة الشعبية، خالدة جرار، ترى أن هناك حالة من التراجع العام للحركة الوطنية ما بعد توقيع اتفاق "أوسلو" عام 1993. وتعترف جرار في تصريحات لـ"العربي الجديد" بتراجع اليسار الفلسطيني، لحساب نمو قوى أخرى.
"
القيادية في الجبهة الشعبية، خالدة جرار، ترى أن هناك حالة من التراجع العام للحركة الوطنية ما بعد توقيع اتفاق "أوسلو" عام 1993. وتعترف جرار بتراجع اليسار الفلسطيني

"


ولعلّ أزمة اليسار الفلسطيني تتجلى اليوم في عدم تمايزه عن بقية الفصائل، حيث فقدت فصائله سمة الجذرية والوضوح، وهي السمات التي عُرف بها رموز اليسار الفلسطيني، وعلى رأسهم جورج حبش، وكذلك شخصيات مثل وديع حداد، وليلى خالد، وغسان كنفاني، ومحمد الأسود "جيفارا غزة"، وأبو علي مصطفى، ونايف حواتمه، وغيرهم الكثير من الذين حفروا لهم أسماء في القضية الفلسطينية، ولم يقربوا يوما المساحة الرمادية التي باتت أرضية ومظلة لليسار الفلسطيني بكل فصائله اليوم، من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب (الشيوعي سابقا)، وغيرها.

وتعزو جرار تراجع اليسار الفلسطيني إلى "غياب الجذرية والوضوح، بحيث أصبح الفلسطيني لا يميز بين اليسار الفلسطيني وغيره من الفصائل".

وترى أن تراجع اليسار لا يقتصر على اليسار الفلسطيني، بل إن اليسار في كل العالم شهد تراجعا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، مؤكدة: "أن التراجع له أبعاده العالمية والمرحلية معا".

وفي دليل إضافي على غياب الجذرية والوضوح بشكل مربك، تأتي مشاركة نائب أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، قيس عبدالكريم، في اجتماع تطبيعي عقده الرئيس محمود عباس في مقره في الرئاسة برام الله، في 17 شباط/فبراير 2014، واستضاف فيه طلبة إسرائيليين، كان عبدالكريم ضمن الحاضرين في اللقاء التطبيعي، بينما كان بضعة شبان محسوبون على الجبهة الديمقراطية يحملون يافطات تدين اللقاء التطبيعي ومنظميه، معتبرين إياه عارا، لا سيما بعد تصريحات الرئيس محمود عباس في ذلك اللقاء، ووعده إسرائيل بأنه لن يغرقها باللاجئين الفلسطينيين.

ويرى الكاتب السياسي، جهاد حرب، في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن تراجع اليسار يعود إلى كون فصائله مشتتة وغير قادرة على تجميع ذاتها، وأنها لم تنتج برنامجًا سياسيًا واجتماعًا وثقافيًا لإحداث تغيير أو نقلة في البنى الثقافية الفلسطينية، وأن جزءا من هذه الفصائل انساق خلف الحزب الأكبر في منظمة التحرير الفلسطينية، وهي حركة فتح، إضافة إلى الثقافة العامة للفلسطينيين التي لم تستوعب البنى الفكرية لليسار الفلسطيني، لذلك بقي محدود التأثير في الساحة الفلسطينية لغياب قيادة كاريزماتية تستطيع جلب هذه الجماهير إلى هذه الأحزاب وتفتتها خلال هذه الفترة أو فترة العشرين عاما؛ ما أدى إلى انكماش أحزاب اليسار الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية.

وينفي حرب أن يكون موقف اليسار الداعم للنظام السوري له أثر على تراجع شعبية اليسار الفلسطيني، ويعلق قائلا: "الفصائل الفلسطينية الأساسية كانت خارج سورية، باستثناء القيادة العامة، وموقفها لم يكن مؤيدا في الجوانب المتعلقة بالثورة أو الأزمة السورية، ولا أعتقد أن هناك تأثيرا على محدودية تأثير اليسار، لأنه متراجع أصلا".

الانتخابات تعكس تآكل اليسار الفلسطيني

تعكس نتائج الانتخابات الفلسطينية، سواء في المجلس التشريعي عام 2006، أو النقابات المهنية، أو الكتل الطلابية في الجامعات الفلسطينية، ضآلة المنتمين والمناصرين لليسار الفلسطيني في الشارع الفلسطيني بكل أطيافه، بحيث باتت نتائجه المتواضعة جدا في أسفل نتائج القوائم الانتخابية أمرا مفروغا منه، وربما لا يلفت الأنظار، حتى في الجامعات بالكليات العليا التي كان يُنظر إليها قبل عام 1990 كمعاقل لليسار الفلسطيني، مثل جامعة بيرزيت في رام الله والمعروفة بأجوائها المنفتحة على الآخر، بسبب الوجود المسيحي والإسلامي معا.

لكن حتى هذه الجامعة التي كان ينظر إليها على أنها معقل لليسار الفلسطيني، بات اليسار فيها مهمشا، فيما تتنافس حركتا "فتح" و"حماس" على أصوات آلاف من الطلبة، تاركتين بضع عشرات من الأصوات لصالح جميع فصائل اليسار التي عادة ما تتحالف في قائمة واحدة، في مشهد بات يتكرر سنويا، في كل الجامعات الفلسطينية.

ولعل نتائج انتخابات الطلبة العام الماضي 2014 تعكس هذا الواقع بجلاء؛ إذ حظي اليسار بخمسة مقاعد من أصل 51 مقعدا تم التنافس الجدي عليها بين "فتح" و"حماس".

وجود شكلي في منظمة التحرير

أزمة اليسار لا تنحصر في ما ذكر من تآكل متراكم في شعبيته وحسب، بل إن دوره في القرار السياسي بات لا يذكر، رغم وجوده في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي جميع الدوائر المهمة فيها، إلا أنه لا يشكل ثقلا في القرار الفلسطيني السياسي. ومع ذلك هناك أصوات يسارية نادرة تنتقد الرئيس محمود عباس وتتهمه بالتفرد بالسلطة، وحتى عندما تفعل هذه الأصوات وتقوم بالانتقاد، فإن الأمر لا يخرج عن تصريحات إعلامية، ولا يتطور إلى فعل حقيقي على الأرض.

وربما شكلت مقاطعة الجبهة الشعبية والديمقراطية اجتماع القيادة الذي عقده الرئيس أبو مازن في 31 ديسمبر/كانون الأول، مثالا متطورا على النقد والتمسك بالموقف، إذ جاءت المقاطعة ردا على تفرد أبو مازن بالقرار السياسي، وقيامه بعرض مشروع قرار إنهاء الاحتلال أمام مجلس الأمن من دون العودة إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إذ لم يتم عرض مسودة المشروع أمام أعضاء اللجنة، بل حصلوا عليه من الإعلام الأجنبي، فضلا عن رفض الرئيس أبو مازن، على مدار أشهر، عقد اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وإصراره على اجتماع قيادي موسع يضم أعضاء في مركزية حركة "فتح" وممثلين عن الفصائل والأمن ومحافظين، وشخصيات مقربة من الرئيس، بشكل يهمّش اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي تعتبر الممثل الشرعي لمنظمة التحرير.

هل تم تدجين اليسار الفلسطيني؟

يعتبر البعض أن عدم قيام اليسار بأي خطوات عملية في منظمة التحرير، من خلال إطلاع الشارع على حقيقة أن منظمة التحرير أصبحت مظلة شكلية، تتم فيها كل القرارات المتعلقة بالشعب الفلسطيني، من مفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، واتصالات مع الإدارة الأميركية، أو تقديم مشروع لمجلس الأمن، عبر شخص الرئيس الفلسطيني محمود عباس واثنين أو ثلاثة من المقربين له، يأتي من باب الخوف من الرئيس، ومن وقف المستحقات المالية لهذه الفصائل. الأمر الذي سبق وحدث عدة مرات مع الجبهة الشعبية دون غيرها من فصائل اليسار، إذ تم قطع مخصصاتها المالية من الصندوق القومي الفلسطيني أكثر من مرة، عقابا لها على مواقفها السياسية.
"
يرجع البعض تراجع اليسار الفلسطيني إلى "غياب الجذرية والوضوح، بحيث أصبح الفلسطيني لا يميز بين اليسار الفلسطيني وغيره من الفصائل"

"


ولعل المال بات عنصر ابتزاز وتلويح أن اليسار الذي رفض أوسلو وإفرازاتها بات متكسبا منها، وليس أدل على ما سبق سوى ما قاله الرئيس محمود عباس في اجتماع المجلس المركزي بتاريخ 29 أبريل/نيسان الماضي، عندما قرر البيان الختامي للمجلس مواصلة المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، بناء على اتفاقية أوسلو. حينها وقفت القيادية في الجبهة الشعبية، خالدة جرار، لتهاجم اتفاق أوسلو، ووصفته باتفاق الخيانة.

الرئيس عباس الذي كان يترأس اجتماع المجلس المركزي لم يسكت حينها، ورد على جرار قائلا: "نعم، أوسلو خيانة، وكل ما نتج عن اتفاقية أوسلو خيانة، فالمجلس التشريعي يعتبر أحد نتائج أوسلو الخيانية، وأنتِ يا رفيقة خالدة عضو في مجلس خياني نجم عن اتفاقية خيانية"، لتبدأ بعد ذلك مواقع التواصل الاجتماعي لنشطاء "فتح" في نشر صور جرار وجمع راتبها وهو 3000 دولار منذ انتخابها عام 2006، والتشهير باليسار الذي يرفض أوسلو ويقبض راتبه من إفرازاتها، أي المجلس التشريعي الفلسطيني الذي نص عليه أوسلو!.
====================

حال اليسار العربي3.. الاشتراكيون في مصر إلى اليمين دُر
ياسر غريب18 مارس 2015
أزمة هوية تمر بها التيارات "اليسارية" الشهيرة في العالم العربي، بعد لجوئها إلى مواقف تتعارض مع مبادئها.
ولعل "حزب التجمع" المصري، الذي تأسس على أنقاض الاتحاد الاشتراكي، من أبرز الأمثلة على ذلك، إذ أعطى الحزب، في عهد رئاسة رفعت السعيد، جلّ اهتمامه للصراع مع الإسلام السياسي، فيما كانت معارضته للنظام أقل حدةً من معاركه المفتعلة مع شركائه في المعارضة، وهو ما أتاح له فرصة كبيرة في الظهور في الإعلام الرسمي والدعم الحكومي في السنوات الأخيرة، خاصة أثناء حكم مبارك.

وبينما عانى اليسار المصري من الانشقاقات الداخلية، وعدم القدرة على التحالف والتوحد تحت راية واحدة، رغم اعتقاده بقدرته على قيادة المعارضة المصرية، اتفق على مناصبة الإسلام السياسي العداء، ما أوجد له دورا وظيفيا في النظام السياسي المصري.

التجمع

تقل أهمية باقي الأحزاب التي تصنف ضمن اليسار في مصر أمام التجمع إذا علمنا- مثلاً- أن تحالف القوى الاشتراكية، وهو تحالف سياسي مكون من خمس مجموعات يسارية واشتراكية مصرية، في سنة 2011 لم يزد عدد أعضائه كثيراً عن خمسة آلاف عضوٍ.هذه الأحزاب هي "الحزب الشيوعي المصري، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، والاشتراكيون الثوريون، والحزب الاشتراكي المصري، وحزب العمال الديمقراطي". في حين يبلغ عدد أعضاء حزب التجمع اثنين وعشرين ألف عضو.

العهد الجديد

لا يعرف كثيرون- خاصة في السنوات الأخيرة- عن حزب التجمع سوى أنه حزب يضم رفعت السعيد وسيد عبدالعال وحسين عبدالرازق، وإن كان السعيد أكثر بروزاً في الإعلام، بعد ثورة 25 يناير 2011، إذ تم تقديم السعيد في بعض حواراته مؤرخاً للأيام الأخيرة لحكم مبارك. في الوقت الذي كانت مجموعة من شباب الحزب قد ثارت عليه وأعلنت الاعتصام حتى يرحل السعيد المتمسك بكرسي الحزب، الذي صار في عهده ديكوراً سياسياً لخدمة الحزب الوطني الحاكم.

وقد ارتضى رفعت السعيد ذلك الوضع، ونال عليه مكافآت سياسية، تمثلت في تعيينه نائبًا بمجلس الشورى لسنوات عدة وحتى آخر مجلس، الذي حل مع قيام ثورة 25 يناير، وذلك على الرغم من علمه بمساوئ النظام وفساده وتصنته على معارضيه؛ واعترافه قائلًا: "أحزاب المعارضة تحت السيطرة وما زالت حتى الآن".

الانقلاب العسكري

رحب حزب التجمع سريعاً بتغييب العملية الديمقراطية، بحجة خروج الملايين في 30 يونيو/حزيران 2013 بعد عام واحد من حكم الرئيس محمد مرسي، ثم رحب بشدة بفض اعتصام رابعة الدموي، بعد أن دعم رجاله فكرة وصم الجماعة بـ"الإرهابية" وكيف أنها جماعة فاشية، مرتمياً في أحضان النظام العسكري القائم على أشلاء العملية الديمقراطية بلا أي ضمانات سياسية. مستنكراً تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش عن فض رابعة، ومرحباً ومشيداً بتقرير لجنة تقصي الحقائق الموالية للنظام.

عقب تسلم سيد عبدالعال رئاسة الحزب رسمياً خلفاً لرفعت السعيد، ظهر اليساري القديم في ثياب اليمينيين الداعمين للحكم العسكري، مصرحا بأن المشير السيسي الأقدر على العبور بمصر إلى بر الأمان، فيما كان حزب التجمع التقدمي الوحدوي أول الداعمين للسيسي في السباق الرئاسي الهزلي، كما وصفه يساريون مستقلون.

الصباغ تحرج عبد الغفار

يتفق حزب التحالف الاشتراكي المؤسس بعد ثورة 25 يناير في ذات التوجه العام مع التجمع، ويكفيه أن رئيسه عبدالغفار شكر هو رئيس المجلس الأعلى لحقوق الإنسان الذي شكلته الحكومة ليقدم تقريراً حول أدائها في أحداث فض رابعة.

شكر كان قد اكتفى بتقديم العزاء في الشهيدة شيماء الصباغ ابنة حزب التحالف الاشتراكي التي سقطت برصاص الأمن في تظاهرة سلمية، قائلاً: "العزيزة شيماء.. دماؤك الذكية تستعيد قوة الدفع الثوري، وتؤكد أن شعبنا سيحمى ثورته ويقدم المزيد من التضحيات إلى أن تتحقق أهدافها في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، وهو ما دعا اليساريين المستقلين للسؤال عن مدى اتفاق كون عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الاشتراكي مؤمناً بالثورة على الاستبداد، ثم عمله كأحد أذرع النظام للترويج لرواياته عن الحالة الحقوقية في الوقت الراهن.

اليسار على يمين النظام

يشير حسين عبدالرازق- رئيس المكتب السياسي لحزب التجمع- إلى العلاقة الطيبة المستمرة لليسار مع النظام الحاكم، نافيا تعرض اليسار لاضطهاد من قبل النظام الراهن، فيما يصف حزب التجمع على لسان رئيسه جميع الحركات المعارضة للنظام العسكري بأنها تمارس الغباء السياسي. واصفاً الحركات الثورية مثل 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين بالعملاء الذين باعوا أنفسهم للإخوان.

اليسار في الشارع المصري

بحسب مراقبين، فإن رغبة الدولة في إيجاد "اليسار المعارض" تعد أحد أبرز العوامل في تشكل الكيانات اليسارية التي تشير أعداد منسوبيها إلى غياب العمق الشعبي، على الرغم من شعارات ومبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة، ما أدى إلى تحول اليسار إلى تيار نخبوي له وجود ضعيف في الجامعات، ووجود نادر في الشارع.
"
تدل الأعداد القليلة جداً من المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب والشخصيات اليسارية في البرلمان المصري، على الحجم الحقيقي لليسار في الشارع

"


وتدل الأعداد القليلة جداً من المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب والشخصيات اليسارية في البرلمان المصري، خلال تاريخه عن طريق الانتخابات، على الحجم الحقيقي للتيارات اليسارية في حسابات الشارع المصري، فقد كان أقصى عدد من الأعضاء الممثلين لليسار ستة نواب منتخبين في برلمان 1995. لكن حسابات النظام كانت تنفخ باستمرار في رماد الوجود اليساري، عبر تعيينات لرموز سياسية يسارية من قبل رئيس الجمهورية، في مجلسي الشعب والشورى.

في عهد مرسي اعتبرت جبهة الإنقاذ، التي ضمت كماً معتبراً من الكيانات اليسارية، على لسان متحدثها حسين عبدالغني أي تعيينات رئاسية لمعارضين في مجلسي الشعب والشورى "رشى سياسية"، بينما لم يكن الأمر كذلك أيام مبارك، حين كان رفعت السعيد ضيفاً دائماً معززاً مكرماً على مجلس شورى مبارك.

الربيع العربي

يرى مراقبون أنه مع بداية الثورة الليبية تعرضت مواقف اليسار إلى الخلخلة، لا سيّما بعد الدور الذي أدته دول خليجيّة وحلف الناتو في دعم الثوّار الليبيّين ضد قوات القذافي. لكن ما إنْ بدأت الثورة السوريّة حتى تحوّلتْ هذه الخلخلةُ إلى موقفٍ صلبٍ مناوئٍ للثورات العربيّة عمومًا، وللثورةِ السوريّة على وجه الخصوص، وفق رؤية ترى أن سورية هي البلد الممانع للمشاريع الاستعمارية والداعم للمقاومة في المنطقة.

ويبدو أن الخوف من نتائج الديمقراطية التي تفرزها الثورات، كان هو العامل الأكبر لدعم الحليف المستبد في سورية، فقد دعا رفعت السعيد في مصر إلى الوقوف في وجه الطموح التركي الأميركي بإزاحة بشار ليحكم الإخوان سورية.

الصراع العربي الإسرائيلي

لليسار المصري مواقف متناقضة من زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس المحتلة ومبادرته السلمية للكيان الإسرائيلي، منهم من رأى في انفراد السادات بهذا التحرك خروجاً على الإجماع العربي، وكسراً للموقف العربي، الذي اعتبره بعضهم موقفاً تمليه اعتبارات شعبوية وديماغوجية، وتغلب عليه الشعارات.
"
مؤخرا بعد تمكن الثورة المضادة من مفاصل الدولة، صار الموقف اليساري من القضية الفلسطينية متطابقاً من الواقع الإعلامي الرسمي المستجد الذي استعدى المقاومة الفلسطينية

"
بينما رأى البعض الآخر في موقف الرئيس المصري الراحل، رغبة في إنهاء الصراع مع إسرائيل، والتفرغ لبناء القدرات الاقتصادية المصرية المنهكة بعد عقود من المواجهة العسكرية. ورأى ثالث في الزيارة فضحاً لموقف من سموهم بالرجعية العربية المفلسة، والتي لم تتجاوز حدود "لاءات" مظهرية، بموجبها تمنح الحكومات العربية لنفسها شرعية، بادعاء مواجهة إسرائيل.

بعض الرموز اليسارية والشيوعية في مصر حينذاك ذهبت إلى حد تشبيه زيارة الرئيس السادات لإسرائيل، وعملية السلام التي بدأها، بمنحى الصلح الذي اتبعه الزعيم الشيوعي السوفييتي، فلاديمير لينين، تجاه ألمانيا عقب الثورة البلشفية عام 1917 وخروج روسيا من الحرب العالمية الأولى، وتوقيعها اتفاقية بريست - ليتوفسك مع ألمانيا لهذا الغرض.

يذكر أن معظم التيار اليساري المصري في الأربعينيات من القرن العشرين كان مؤيدا لتقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين؛ مما يعنى ضمنا تأييد إقامة دولة الاحتلال على جزء من أرض فلسطين، فيما كان اليسار في معظمه مؤيدا لعبدالناصر في موافقته على مبادرة "روجرز" للحل في المنطقة، والتي كانت تضمن أيضا الوجود الإسرائيلي. لكن موقف اليسار اختلف، حين تصدر حزب التجمع في مصر رافضي معاهدة كامب ديفيد.

الموقف من المقاومة الفلسطينية

مؤخرا بعد تمكن الثورة المضادة من مفاصل الدولة، صار الموقف اليساري من القضية الفلسطينية متطابقاً من الواقع الإعلامي الرسمي المستجد الذي استعدى المقاومة الفلسطينية، ومتقاربا مع وجهة النظر الرسمية التي ترى في إسرائيل دولة معتدلة، إذ صدرت تصريحات على لسان رموز يسارية، مثل رفعت السعيد من نوعية: "حماس تستفز إسرائيل"، وواصفاً إسرائيل بالنمر الذي لا يُستفز؛ لأنه مُستفز بطبعه، مؤكداً أن ادعاء حركة حماس بأنها قادرة علي الصمود مجرد نوع من الدعاية الخائبة.

بينما زعم في تصريح تلفزيوني آخر: "حماس تحارب الجيش المصري، ثم تطالبه بالتدخل للدفاع عن فلسطين". كما أصبح "يدندن" على رواية استدراج حماس لمصر في صدام، حين يقول: "إن الهدف من العمليات البرية الإسرائيلية على قطاع غزة، هو استهلاك مخزون حماس من الصواريخ، ثم بقاؤها شوكة في ظهر مصر والقضية الفلسطينية".
===================

حال اليسار العربي4.. أمراض الدولة تصيب "الشيوعي" اللبناني
بيروت ــ نادر فوز19 مارس 2015
منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية (1990)، بقي الحزب الشيوعي اللبناني الملجأ التنظيمي الوحيد الصامد من بين كل التكتلات والأحزاب والتنظيمات اليسارية الأخرى التي نشطت وتأسست خلال الحرب أو قبلها. من ذلك الحين، وحتى قبله، ترك الحزب الاشتراكي التقدمي (بزعامة نجل المؤسس كمال جنبلاط النائب وليد جنبلاط) خطاب الجماهير والطبقة العاملة والإصلاح وانضمّ إلى الجمهورية اللبنانية بمؤسساتها الطائفية ومصالحها. سبق أن انفرط عقد منظمة العمل الشيوعي، إحدى التنظيمات اليسارية ذات الطابع النخوبي.

باقي التجمعات اليسارية الأخرى انضوت تحت أجنحة سياسية أكبر، بخطابات قومية أو وطنية تعيش منها وعليها. وبذلك انحسر الوجود الشيوعي والنشاط اليساري على الحزب الشيوعي بقياداته المتنوعة وحركة مجموعة من الشخصيات المستقلة أبرزها فواز طرابلسي ونهلة الشهال وبول أشقر والنائب السابق حبيب صادق.

وتفكّكت منظمة عمل الشيوعيين بعد انتهاء الحرب، قسم كبير من القيادات الشيوعية تركت التنظيم وانضوت تحت جناح السلطة وتياراتها (مثلاً كالراحل نصير الأسعد)، أو استكملت العمل السياسي من مواقع أخرى، مثل النائب السابق، سمير فرنجية. قاد كل ذلك إلى تسليم أزمة اليسار ووجوده إلى يد الحزب الشيوعي الذي بقي محافظاً على الحد الأدنى المطلوب من التماسك في تنظيمه، فتم تلزيم اليسار بشكل أو بآخر للحزب.

مبادرة عند كل استحقاق

عند كل استحقاق أو على أبواب كل انكشاف سياسي وتنظيمي جديد، تطلق قيادة الحزب الشيوعي اللبناني مبادرة أو تجمعاً رافعة شعار "وحدة اليسار" و"الإنقاذ الوطني" أو غيرهما من العناوين الفضفاضة، تحرّك القيادة مسؤوليها للتشاور مع الشخصيات اليسارية والشيوعيين المعتكفين أو الذين ملّوا من تكرار الأحاديث والمشاريع نفسها، وبالتالي الفشل نفسه.
"
عند كل استحقاق أو على أبواب كل انكشاف سياسي وتنظيمي جديد، تطلق قيادة الحزب الشيوعي اللبناني مبادرة أو تجمعاً رافعة شعار "وحدة اليسار" و"الإنقاذ الوطني"

"



يطرح اليوم الأمين العام في الحزب الشيوعي اللبناني، خالد حدادة، "مبادرة للخروج من أزمة الحزب الشيوعي". أطلق حدادة عليها اسم "مبادرة حسن إسماعيل" وهو من أبرز قياديي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، أقدم الأخير على الانتحار في 27 ديسمبر/كانون الأول 2014، ففهم حدادة ومن معه أنّ المطلوب ردّ الاعتبار لإسماعيل من خلال خطوة مماثلة.

دعت مبادرة الأمين العام إلى وقف النقاش الحزبي العلني، وعودة الشيوعيين من خارج التنظيم الى الحزب لنقاش الأزمة، وثالثاً تشكيل لجنة من أبرز القيادات التاريخية للشيوعي، تدير الحوار حول المخارج السياسية والتنظيمية لـ"توحيد اليسار والقوى الديمقراطية في هذه الحقبة".

باشر المعنيون بالمبادرة الاتصالات بعدد من القيادات السابقة، أبرزها السكرتير الثاني السابق في الحزب، كريم مروة، وعضو المكتب السياسي السابق، جورج بطل، وأعضاء "حركة الإنقاذ" بزعامة القيادي السابق، غسان الرفاعي، ومجموعة أخرى من القياديين المقرّبين من الأمين العام السابق، جورج حاوي، (الذي اغتيل في 21 يونيو/حزيران 2005 بتفجير سيارته في بيروت)، بالإضافة إلى مسؤولين في حركة اليسار الديموقراطي وأبرز وجوهها المسؤول العسكري السابق في الشيوعي، النائب السابق إلياس عطا الله.

تصرّ القيادة على هذا السبيل لانتشال الحزب والشيوعيين واليساريين من أزمتهم، في حين أن هناك داخل التنظيم الحزبي معارضين ينسفون هذا المشروع باعتباره غير جدي "من المعيب إطلاق عليها اسم الرفيق حسن إسماعيل لأنّ تكريمه لا يكون على هذا المستوى المتدني" كما يقول أحد الحزبيين. وفي هذا الإطار يقول قيادي شيوعي سابق لـ"العربي الجديد" إنّ "التواصل تم معه تحت عنوان المبادرة" إلا أنه لم يستجب ولن يفعل "باعتبار أنّ التجارب المماثلة السابقة أثبتت فشلها".

ثلاثي القيادة

تولّى قيادة الحزب الشيوعي منذ انكفاء الأمين العام الأسبق، الشهيد جورج حاوي، ثلاثة قياديين هم: حدادة والأمين العام السابق فاروق دحروج ونائب الأمين العام السابق سعد الله مزرعاني، الذي فصلته القيادة من التنظيم عام 2013.

يريد حدادة الاستمرار في منصبه ولو كان ذلك على حساب القانون الحزبي الداخلي، يبحث دحروج عن العودة إلى الأمانة العامة، بينما مزرعاني يحاول إعادة الاعتبار لنفسه بعد المؤامرة التي أخرجته من اللعبة الحزبية. الحسابات الشخصية داخل الحزب الشيوعي ضيّقة لدرجة أنّ هذه الأقطاب لا يمكن أن تجتمع في التنظيم والرؤية ولا في أي شيء آخر. ولا يمكن جمعها إلا نقد مماثل أو توصيف هذا الواقع، من داخل الحزب ومن خارجه.

يشير عدد من القياديين السابقين في التنظيم الشيوعي إلى أن "المبادرة تبحث عن إعادة طرح النقد الذاتي، لا يريدون نقاشاً في السياسة ولا في التنظيم، فقط تكرار لحفلة نقد ذاتي، نجلد فيها أنفسنا منذ انتهاء الحرب الأهلية". ويشير القيادي إلى أنّ جملة من الأزمات لا يمكن ان تُحل وفق مشاريع مماثلة، "الشيوعيون عالقون في هاجس الدخول إلى البرلمان، ويرون أنّ مواجهة النظام الطائفي يكون من خلال التصويب عليه والتشهير به في حين يمكن للعمل على الملفات الاقتصادية أن تفي بالمواجهة".

فعليّاً، لا مساحة داخل الحزب وفي مبادرته لنقاش الموقف المفترض من الثورات العربية، من الانقسام الإقليمي بقطبيه، من صيغة الصراع الثنائي الداخلي، من حزب الله وسلاحه، وغيرها من القضايا الأساسية المفترض في أي تنظيم شيوعي أن يصيغ كرّاسات حولها.

وإذا كان المطلوب من الشيوعيين اليوم إنقاذ وجودهم في ساحة لبنانية ينهشها الخطاب المذهبي من جهة ولغة العسكر والحرب من جهة أخرى، فلا بد من الإشارة إلى مجموعة من عوامل أزمة اليسار والشيوعيين بعيداً عن الأزمة العالمية التي أصابتهم منذ سقوط جدار برلين.
وفي قراءة عدد من المسؤولين الشيوعيين التاريخيين لما يحصل لليسار في لبنان، فإنّ النظام اللبناني حولّ الحزب الشيوعي إلى نسخة مصغرّة عنه.

لبنان مصغّر

يبحث الشيوعيون عن هوية جديدة لهم منذ الانكسار مطلع التسعينيات. يريدون عنوان "المقاومة" لكنهم أقصوا عنه بفعل تصفية مفكري الشيوعيين ومقاومين في بيروت وعلى جبهات الجنوب، ترجمةً لقرار سوري ــ إيراني بتلزيم هذا الملف لحزب الله.

لم يمنعهم ذلك من الاستمرار في تبني تقسيم الطوائف إلى “الطوائف الوطنية والطوائف غير الوطنية” وهو ما اعتمدوه خلال الحرب في مواجهة "اليمين المسيحي" بالتحالف مع القوى الإسلامية. فيكررون التجربة نفسها، اليوم، عند الانحياز لقوى "المقاومة"، وهم مقتنعون بأنه يمكن التباين مع حزب الله حول السياسات الداخلية والتعاون معه في مواجهة إسرائيل.
"
يريد حدادة الاستمرار في منصبه ولو على حساب القانون الحزبي الداخلي، يبحث دحروج عن العودة إلى الأمانة العامة، بينما مزرعاني يحاول إعادة الاعتبار لنفسه بعد المؤامرة

"


لا تزال قيادة الحزب تحافظ على هذا الموقف على الرغم من الكثير من التجاوزات التي قام بها الحزب داخليّاً وخارجيّاً، في السياسية والعسكر والأمن والاقتصاد.

أما الشعارات التي يرفعها الحزب الشيوعي لتغيير المجتمع والنظام اللبناني يمكن للمعارضين فيه أن يرفعوها في وجه قيادتهم. إذ تمارس هذه القيادة على الحزبيين الممارسات نفسها التي تعتمدها السلطة اللبنانية في حق مواطنيها. رفض الشيوعيون التمديد للمجلس النيابي (عامي 2013 و2014)، بينما المكتب السياسي يمدّد لنفسه ولأمينه العام منذ 2013، في ظل عجز عن تنظيم المؤتمر التنظيمي الحادي عشر، تماماً كما تعجز السلطة عن إجراء الانتخابات النيابية.

يطالب الحزب بإقرار قانون للانتخابات النيابية على قاعدة النسبية، في حين دوائره التنظيمية لم تطرح وتقرّ النسبية في الانتخابات الحزبية. يعترض الشيوعيون على غياب الموازنة العامة في الدولة اللبنانية منذ 2005، في حين لا موازنة داخل الحزب منذ 2009.

يكافح الحزب، أسوة بالأحزاب الشيوعية العالمية، للدفاع عن الحريات، في حين تقمع القيادة المحاربين فتمنعهم من التعبير تحت تهديد الفصل من التنظيم أو العقاب التنظيمي. وكذلك هي حال المحاصصة بين القيادات التي تقتسم ما تبقى من قطاعات ومؤسسات يملكها الحزب منذ ثمانينيات القرن الماضي، فيتم تدميرها منهجيّاً فعل هذه السياسة والحروب الصغيرة الدائرة بين أعضاء المكتب السياسي وآخرين في اللجنة المركزية.

أما الفساد فله الكثير من الروايات والفصول داخل الحزب، بحسب التجارب، منها بيع وتأجير ممتلكات حزبية وأخرى في سرقة بعض المخازن الخاصة بالحزب لا يزال التحقيق فيها مستمراً.

وفي خطوة إضافية للتماثل مع التجربة اللبنانية هناك من يسعى إلى إدخال الحزب في موجة العسكرة التي يعيشها المجتمع اللبناني منذ ما يقارب العقد، بعد الأزمة التي انطلقت باغتيال الرئيس، رفيق الحريري عام 2005.

فبحسب مسؤولين في "الشيوعي"، خصصت قيادة الحزب عشرات الشبان الشيوعيين بتدريبات على أيدي مجموعات من "سرايا المقاومة" (التابعة لحزب الله)، في إطار مشروع الدفاع عن النفس والأرض بوجه العدوين الإسرائيلي والتكفيري. ليكون الحزب الشيوعي آخر المنضمّين حديثاً إلى هذه السرايا، التي كان لها دور "مميز" في المعارك العسكرية المتنقلة، أبرزها أحداث 7 مايو/أيار 2008، والتي كانت عبارة عن "ميني" حرب أهلية.

يقود كل ذلك إلى القول، إنّ الحزب الشيوعي بات نسخة عن المجتمع، الذي يناضل من أجل تغييره. ومن هذا الواقع يمكن إطلاق النقاش حول أزمة اليسار والشيوعيين وكيفية استنهاضهم.
===================

أزمة اليسار العربي5.. الشيوعيون السوريون انشقاقات لا تنتهي
حلب ــ رامي سويد21 مارس 2015
يُعد اليسار من أقدم التيارات السياسية السورية، ذلك أن الزعيم خالد بكداش مؤسس الحزب الشيوعي السوري تمكن من الوصول إلى قبة البرلمان السوري عام 1954، ليكون أول شيوعي عربي يُنتخب نائباً في البرلمان، بعد أن كان منذ عام 1933 أمينا عاماً للحزبالشيوعي السوري اللبناني.

انشقاقات لا تنتهي

يتميز اليسار السوري بانشقاقات لا تنتهي، بدأت في القترة اللاحقة لنهاية الوحدة السورية المصرية في عام 1961، إذ شهد الحزب الشيوعي السوري اللبناني الانقسام الأول، بعد أن أعلن الجناح اللبناني في الحزب انشقاقه من طرف واحد، بسبب بيروقراطية بكداش وتفرده بقيادة الحزب، وذلك في عام 1964، لتبدأ مع هذا الانشقاق سلسلة انشقاقات طويلة لم تنته إلى اليوم.
"
يتميز اليسار السوري بانشقاقات لا تنتهي، بدأت في القترة اللاحقة لنهاية الوحدة السورية المصرية في عام 1961

"


عقب ذلك تأسس الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي، بزعامة المعارض السوري، رياض ترك، إثر خلافات حادة أثناء مؤتمر الحزب الشيوعي السوري الثالث عام 1969 بين جناح رياض الترك، الذي طالب من خلال برنامجه في المؤتمر بتبني مشروع الوحدة العربية ودعم الفدائيين الفلسطينيين، وجناح خالد بكداش الذي انتقد هذه الطروحات، واعتبرها نفاقاً للتيارات القومية العروبية المخالفة لمبادئ الحزب الشيوعي الأممية.

استمرت الخلافات ثلاث سنوات، قبل أن تعلن كتلة خالد بكداش عام 1972 بياناً ادعت فيه أنها تمثل غالبية قيادات الحزب وقواعده، ليحصل الانشقاق في الحزب، ويتكرس بشكل نهائي مع انضمام الحزب الشيوعي السوري بزعامة خالد بكداش للجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث، في مقابل بقاء الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي خارج الجبهة.

بعد ذلك تصاعدت معارضة رياض الترك وحزبه للنظام السوري، مع تدخل النظام السوري في الحرب الأهلية اللبنانية، وقمع النظام السوري لانتفاضة حركة الإخوان المسلمين في سورية في بداية الثمانينيات، الأمر الذي أدى إلى اعتقال النظام السوري لرياض الترك منذ عام 1980 حتى عام 1998.

حصل بعدها انشقاق آخر في الحزب الشيوعي السوري الذي يتزعمه خالد بكداش، إذ أعلن الشيوعي السوري، قدري جميل، عن تأسيس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين عام 2003، والتي عرفت فيما بعد باسم حزب الإرادة الشعبية.

ويوضح الصحافي والعضو السابق في الحزب الشيوعي السوري، حسين برو، لـ"العربي الجديد" أن الانقسامات الكثيرة والمتتالية التي شهدها اليسار السوري كانت بسبب التمييز والاستبداد الذي مارسه قياديو الحزب الشيوعي السوري، وخصوصا خالد بكداش، على قواعد الحزب باسم القيم والحرية المسؤولة وغيرها من المبادئ التي أدت إلى ترسيخ تبعية الفرد داخل التيارات والأحزاب اليسارية السورية، لتنقسم هذه الأحزاب مراراً بسبب خلافات قياديي هذه الأحزاب وصراعاتهم البينية.

ويؤكد برو أن الحزب اليساري السوري الوحيد الذي لم يكن ابناً لسلسلة الانشقاقات في الحزب الشيوعي السوري، هو حزب العمل الشيوعي الذي أُسس في منتصف السبعينيات تحت اسم رابطة العمل الشيوعي، من مجموعة من الشباب السوريين اليساريين الذين رفضوا هيمنة الأفراد على الأحزاب اليسارية في سورية.

وتعرض أعضاء هذا الحزب لسلسلة طويلة من الاعتقالات التي قامت بها استخبارات النظام السوري، كان آخرها اعتقال المعارض السوري عبدالعزيز الخير منذ شهر سبتمبر/أيلول عام 2012، وهو أحد مؤسسي حزب العمل الشيوعي ورئيس مكتب العلاقات الخارجية في هيئة التنسيق الوطنية المعارضة للنظام، وكان قد قضى نحو ثلاثة عشر عاما في سجون النظام السوري منذ بداية التسعينيات حتى عام 2005.

الأقليات خزان بشري

كان أبناء الأقليات العرقية والدينية في سورية خزاناً بشرياً هاماً للأحزاب والتيارات السياسية اليسارية السورية، إذ وجد أبناء الأقليات العرقية والدينية السورية في النظرة الأممية في الفكر اليساري ملجأ لهم من الشعارات الإسلامية التي تطرحها التيارات اليمينية الإسلامية، والشعارات القومية التي طرحتها الأحزاب القومية العربية.

يشهد على ذلك كون نسبة لا يستهان بها من كوادر وقواعد الحركات والتيارات اليسارية السورية من أبناء الأقليات الدينية كالعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والدروز والأقليات العرقية التي يأتي في مقدمتها الأكراد السوريون، فكان منهم خالد بكداش مؤسس الحزب الشيوعي السوري، مع عدد كبير من كوادر وأعضاء مختلف التيارات والأحزاب اليسارية السورية.

اليساريون ضد النظام

تعد جميع الأحزاب والتيارات السياسية السورية اليسارية معارضة للنظام السوري، باستثناء الحزب الشيوعي السوري الذي تتزعمه وصال بكداش، والحزب الشيوعي السوري الموحد، والحزبان منضويان في الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث واجهة النظام السوري السياسية.

شاركت هذه التيارات والأحزاب اليسارية المعارضة للنظام السوري في التوقيع على بيان التسعة والتسعين الذي وقعه مثقفون وسياسيون معارضون للنظام السوري إبان استلام الرئيس السوري بشار الأسد للسلطة عام 2000، داعين فيه النظام إلى إجراء إصلاحات سياسية، فردت استخبارات النظام السوري على البيان بعمليات اعتقال للموقعين عليه، ليتلو البيان بعد أشهر قليلة بيان آخر وقعه ألف مثقف ومعارض سوري، طرح المعارضون السوريون فيه آليات للتغيير الديمقراطي في سورية.

بعد ذلك أسست في دمشق وحلب عدة منتديات سياسية، كان أشهرها منتدى جمال الأتاسي في دمشق. وكان للقوى اليسارية السورية المعارضة للنظام السوري دور كبير في نشاطات هذه المنتديات.
"
ترافق انطلاق الثورة في سورية من جانب آخر بانشقاق معظم كوادر الحزب الشيوعي السوري الموحد العضو في الجبهة التقدمية التابعة للنظام السوري

"
جرى كل ذلك قبل أن توقع مختلف القوى السياسية اليسارية والليبرالية وشخصيات المجتمع المدني السورية وثيقة عرفت باسم إعلان دمشق في أكتوبر/تشرين الأول عام 2005 وتضمنت دعوة واضحة لإنهاء حكم عائلة الأسد لسورية، واستبداله بنظام ديمقراطي.

مع انطلاق الثورة في سورية في 15 مارس/آذار 2011، واصل المعارضون السوريون اليساريون انتقاد ممارسات النظام السوري التي هدفت إلى قمع التظاهرات وإسكاتها.

وانضمت الأحزاب والتيارات السورية اليسارية إلى مختلف كيانات المعارضة السورية، إذ انضم حزب العمل الشيوعي وتجمع اليسار الماركسي والحزب اليساري الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD لهيئة التنسيق الوطنية، وانضم عدد من الأحزاب والتيارات السياسية اليسارية للمجلس الوطني السوري، ومن ثم الائتلاف السوري المعارض، وكان أشهرها حزب الشعب الديمقراطي الذي انتخب أمينه العام السابق، جورج صبرا، لرئاسة المجلس الوطني السوري، ومن ثم رئاسة الائتلاف السوري.

ترافق انطلاق الثورة في سورية من جانب آخر بانشقاق معظم كوادر الحزب الشيوعي السوري الموحد العضو في الجبهة التقدمية التابعة للنظام السوري، لتشكل هذه الكوادر المنشقة تنسيقيات الشيوعيين السوريين في دمشق، قبل أن يقوم النشطاء الشيوعيون المنشقون عن الحزب بتشكيل تنسيقية شيوعيي حلب وتنسيقية شيوعيي دمشق وتنسيقيات مماثلة في كل من حماة وإدلب وغيرها.

وتوضح الناشطة السورية، واعدة الوهب، لـ"العربي الجديد" أن: "النشطاء الشيوعيين في حلب قاموا بتأسيس تنسيقية شيوعيي حلب في أواخر عام 2011، بهدف التنسيق بين النشطاء المنشقين عن الأحزاب الشيوعية الموالية للنظام السوري ونشطاء منشقين عن أحزاب أخرى موالية للنظام السوري كالحزب القومي السوري الاجتماعي وغيره"، وتؤكد أن "نشاطات التنسيقية شملت الوقفات الاحتجاجية، وتوزيع المناشير التي تحض "الأغلبية الصامتة" على الانخراط في الثورة".

المليشيات اليسارية المسلحة في سورية

قامت مجموعة من الشباب التابعين للحزب الشيوعي السوري الذي تتزعمه وصال بكداش بتشكيل مليشيا صغيرة، قام النظام السوري بتسليحها تحت اسم "شبيبة خالد بكداش"، نسبة إلى مؤسس الحزب. وتواجد مسلحو المليشيا بشكل ملحوظ في جامعة دمشق ومحيطها، حيث كانوا معروفين بالشارات الحمراء على سواعدهم، والتي كتب عليها "شبيبة خالد بكداش"، وقاموا بالتعاون مع استخبارات النظام السوري بقمع الحراك المعارض للنظام في الجامعة في العامين الأولين للثورة.

من جانب آخر تعد قوات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، والتي تسيطر على جميع المناطق ذات الغالبية الكردية شمال سورية، مليشيات ذات فكر يساري، ففكر حزب الاتحاد الديمقراطي مستمد من حزب العمال الكردستاني الذي يحمل فكراً شيوعياً ماوياً (صينياً) في أدبياته.

وضع خاص لليسار الكردي السوري

خرج الحزب الديمقراطي الكردي السوري الأقدم وأول الأحزاب الكردية في سورية، والمعروف اختصاراً باسم البارتي، من عباءة الحزب الشيوعي السوري، إذ تم تأسيسه عام 1957 من مجموعة من المثقفين والشخصيات الكردية التي كان عدد منها أعضاء سابقين في الحزب الشيوعي السوري.

ويؤكد الكاتب الكردي السوري، مصطفى إسماعيل، لـ"العربي الجديد" أن: "الأحزاب السياسية السورية الكردية ليست أحزاباً يسارية بالمعنى الدقيق للكلمة، بالرغم من اعتماد عدد منها على المقاربة اللينينية والماركسية للمسألة القومية، فهي في النهاية أحزاب قومية انشقت عن بعضها منذ بداية ستينيات القرن الماضي إلى اليوم عدة مرات، وذلك بسبب خلافات شخصية بين قياداتها حول قيادة هذه الأحزاب دون خلافات فكرية حقيقية، كما هي عادة اليسار السوري".


رقم  6


على الرغم من أفول اليسار العربي المنظم -ماعدا التونسي منه لظروف ثورة 14 جانفي التي منحته قبلة الحياة-، لا تزال نار يسارية مشتعلة تحت رماد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العربية، إذ نجح عدد من المنتمين إلى التيار اليساري، في تجاوز التجربة الحزبية، والعمل وسط الجماهير دون أطر تنظيمية، من هؤلاء لبنانيون اختاروا العمل بعيداً عن الأحزاب اليسارية التقليدية.

يريدون إسقاط النظام الطائفي ويحاربون اليسار "الرسمي". يختلفون في الفكر والانتماء ويلتقون في المظاهرات والاعتصامات. حاولوا إسقاط النظام الطائفي عام 2011، لم ينجحوا ولم ييأسوا.

لبنان

أنتج ناشطون يساريون مستقلون في لبنان تجربة خاصة بهم إلى جانب تجربة الأحزاب اليسارية التقليدية. غادر بعضهم الانتماء الحزبي واستقل، في حين مارس البعض الآخر نشاطه اليساري بشكل مستقل منذ البداية.

ينتمي هؤلاء إلى مختلف المدارس من التروتكسية إلى الستالينية، ويعملون في أطر شبابية فردية وجماعية للتعبير عن رفض الواقع اللبناني الطائفي كـ"اتحاد الشباب الديموقراطي"، "المنتدى الاشتراكي" و"طلاب شيوعيون". نقل هؤلاء تجاربهم من خلال المنشورات ثم مواقع التواصل الاجتماعي وترجموها على أرض الواقع في الاعتصامات والتحركات.



أنتج ناشطون يساريون مستقلون في لبنان تجربة خاصة بهم إلى جانب تجربة الأحزاب اليسارية التقليدية، ينتمي هؤلاء إلى مختلف المدارس من التروتكسية إلى الستالينية

يشكل "اتحاد الشباب الديموقراطي" أبرز تلك الأطر منذ انطلاقته بشكل رسمي منذ عام 1970، حاملاً شعار "خبز وعلم وحرية". يشير رئيس الاتحاد الحالي، حسان زيتونة، إلى "استمرار الاتحاد في رفع هموم الشباب والطلاب في إطار اتحاد الشباب الديمقراطي اليساري العالمي لمواجهة النظام الطائفي الظالم للشباب".

وخلال فترات العدوان الإسرائيلي على لبنان "شكل اتحاد الشباب الجناح المدني للمقاومة من خلال المنشورات، والعسكري من خلال شباب مقاومين، كسهى بشارة وأنور ياسين". يؤكد زيتونة أن قياس نجاح اليسار يكون "بالخواتيم لأن المكاسب الجزئية كزيادة بدل النقل للموظفين أو طرح شطب القيد الطائفي أو الزواج المدني دائماً عرضة لانقضاض السلطة الحاكمة عليها".

إلى جانب الاتحاد ينشط "المنتدى الاشتراكي" في لبنان من خلال سلسلة تحركات نظمها في الفترة الأخيرة تناولت اللجوء السوري ومكافحة العنصرية اللبنانية تجاه السوريين. يهتم المنتدى كذلك بتوثيق الحركة العمالية في لبنان من خلال موقع "منشور"، ونشر التحليلات المتعلقة بالثورات في البلدان العربية من خلال إصدار "الثورة الدائمة".

نضال ناشطة في المنتدى تشير إلى أن "توحد المجموعات اليسارية صعب، فالبعض اختار الوقوف إلى جانب الأنظمة والديكتاتوريات، أما المنتدى فيؤمن بنظرية الثورة الدائمة (التروتسكية)، ولا يفرق بين ديكتاتور وآخر أو حرية وأخرى". كما شهدت الجامعة اللبنانية الرسمية تحركات إصلاحية عدة نفذتها مجموعات يسارية كـ"شباب خائف على وطن".

بعيداً عن الأحزاب

يقول نجا، وهو عضو في الحزب الشيوعي اللبناني وناشط في نادي "لكل الناس" الثقافي، إن "عمل اليسار أصبح بالقطعة، نتضامن مع جورج عبد الله حيناً ونطالب بإسقاط النظام الطائفي أحياناً أخرى دون مشروع كبير يضمنا. وقد فشلت الأحزاب اليسارية في تحويل قدرات وطاقات كوادرها إلى مشروع تغيير، فاختار هؤلاء مساراتهم الخاصة للنشاط اليساري".

أما باسل (أستاذ جامعي) وهو ناشط يساري مستقل فيدعو إلى "دراسة تجربة مسيرات إسقاط النظام الطائفي لأنها قدمت نموذجاً عن شكل العمل اليساري المطلوب بعيداً عن تدخلات الأحزاب الطائفية والناشطين الذين حاولوا شخصنة التحركات".

شكلت تلك المسيرات صدى الثورات العربية في لبنان، انطلقت في 27 فبراير/شباط 2011 وانتهت في 26 يونيو/حزيران 2011 بعد خمس فعاليات في المناطق اللبنانية تناقص فيها عدد المشاركين من حوالي 20 ألف في المسيرة الأولى في بيروت إلى بضع مئات في آخر مسيرة في مدينة صيدا جنوبي لبنان.

يعزو صالح أسباب التناقص إلى "تشعب الشعارات وتدخل الأحزاب الطائفية التي أفرغت التحرك من معناه"، ويدعو إلى "تحرك راديكالي يسقط النظام الطائفي عوضاً عن طرح عناوين فرعية كالزواج المدني أو العنف ضد المرأة مثلاً".

يختار الناشطون المستقلون في اليسار اللبناني عناوين كبيرة لمعاركهم الداخلية، ويؤمنون بأن الوقت كفيل بتحقيق التغيير المطلوب رغم عدم تحقيق التحركات السابقة النجاح. يعتقدون أن أخطر من يواجههم هو "العودة إلى الطوائف، أما اليأس فليس خياراً رغم الصعوبات".

مصر والاشتراكيون الثوريون

تعد "الاشتراكيون الثوريون" منظمة يسارية شبابية مصرية، لعبت وفقاً لأستاذ التاريخ الأمريكي، مارك ليفين "دوراً مهماً في تنظيم ميدان التحرير خلال الثورة المصرية في 2011، كما تشارك الآن في تنظيم الحركة العمالية" في مرحلة ما بعد الرئيس مبارك.

لا يقف الاشتراكيون الثوريون، عموماً، في الموقف الذي يتبناه عجائز الفكر اليسار المصري، إذ يعلنون بوضوح رفضهم لجميع أشكال الاستبداد القائم على الحكم العسكري، ويرون في 30 يونيه انقلاباً صريحاً على الاستحقاق الديمقراطي، ولا يتخذ موقفاً عدائياً من التيار الإسلامي الذي يخالفونه أيديولوجيّاً.




"تعد "الاشتراكيون الثوريون" منظمة يسارية شبابية مصرية، لعبت وفقاً لأستاذ التاريخ الأمريكي، مارك ليفين "دوراً مهماً في تنظيم ميدان التحرير خلال ثورة يناير"

كما يستنكر الاشتراكيون الثوريون مواقف اليسار المصري الذي أبدى تأييداً في بادئ الأمر للثورة الشعبية في سورية ثم أصبح يسوّق جديّاً لـ"هيمنة القوى الإرهابية على المشهد السوري"، وذلك بمجرد تحول الصراع من الطابع السلمي إلى شكله المسلح، ومن ثم أصبحت التنبؤات الخاصة بانتهاء الثورة وهزيمتها هي الأكثر هيمنة عليهم.

فيما عكفت العديد من القوى اليسارية على تصدير الخطاب القومي وترويج أكاذيب نظام "الممانعة" والمؤامرات الصهيونية في المنطقة في تخبط واضح وتفسيرات غير ناضجة للحالة الثورية العامة.

وتؤكد مقالات الكتاب المنتمين للحركة وتصريحاتهم على الفصل بين الظروف الموضوعية، التي فرضت نفسها على الساحة بقوة، للثورة السورية، وبين الأحلام الطوباوية في صنع ثورة شعبية اجتماعية خالصة كانت أحد العوامل التي لم يستطع منظرو بعض فصائل اليسار المصري، أو غير اليسار، الإفلات منها.

لعل اختلاف مسار الحدث السوري اختلافاً كبيراً عن باقي ثورات المنطقة، كتونس ومصر، وتقديم نموذج صراع مسلح "سريع" و"طويل المدى"، قد أثار مجالاً متسعاً لتشويهات الأفكار البرجوازية في مقابلة الأفكار الماركسية المشيرة إلى حتمية اصطدام الثورات الشعبية الجذرية بأجهزة الدولة القمعية.

وفي سنة 2013 عقدت مجموعة من الأحزاب والحركات اليسارية تحالفاً تحت اسم "التحالف الديمقراطي الثوري"، مكوناً من حزب التجمع والحزب الشيوعي وحزب التحالف الشعبي والحزب الاشتراكي المصري، وتم إقصاء "الاشتراكيين الثوريين" من المشاركة بسبب انحرافها اليساري في نظر الأغلبية اليسارية التي سارت في ركاب حزب التجمع.

مهمة شاقة في فلسطين المحتلة

تبدو مهمة البحث عن النموذج اليساري الفلسطيني، الذي يشكل بوصلة للشباب حين تختلط الأمور في المشهد السياسي الفلسطيني صعبة، وسط سيطرة اليمين الوطني ممثلاً بـ"فتح" واليمين الديني ممثلاً بـ"حماس" على القضايا الوطنية، بل وعلى الدم الفلسطيني، فلكل أجندته ومدرسته ومناصروه، وبات لقائهما، معاً، من شبه المستحيلات وإن كان ضرورة وطنية ملحة.


"البحث عن اليساري الفلسطيني مهمة شاقة، اليساري الذي لم يتم ليّ ذراعه بالمستحقات المالية من منظمة التحرير التي يتفرد الرئيس، محمود عباس، بالقرار فيها"


البحث عن اليساري الفلسطيني مهمة شاقة، اليساري الذي لم يتم ليّ ذراعه بالمستحقات المالية من منظمة التحرير التي يتفرد الرئيس، محمود عباس، بالقرار فيها، ما يضطر اليساري إلى الإذعان أو المشاكسة الإعلامية فقط، دون موقف جذري واضح مما يجري.

والمهمة تصبح أكثر تعباً في البحث عن اليساري الفلسطيني الذي لم تفسده أموال المانحين ولم يتبوأ منصباً في المؤسسات غير الحكومية "آن جي أو"، التي بُنيت في مطلع التسعينيات على أكتاف من كانوا، يوماً، رموز اليسار الفلسطيني ومنظريه.

والمهمة تبدو شاقة، بل مستحيلة عند البحث عن رمز من رموز اليسار لا يركب سيارة "جيب" حديثة ولا يعيش في بيت فخم اشتراه بأقساط بنكية، ولا يعلم أولاده في إحدى المدارس الخاصة.

وتصبح مهمة البحث سوريالية بامتياز عندما ترى رموز اليسار الفلسطيني في المسيرات والمظاهرات بربطة عنق وبدلة أنيقة وساعة يد فخمة، في مظهر يذكرك بكل أبجديات البروليتاريا المقموعة التي حفظها اليساريون عن ظهر قلب.

لكن بعيداً عن رموز اليسار الذين نشاهدهم على وسائل الإعلام، ما زال هناك أمل في القليل ممن يحاولون إكمال الطريق الذي بدأوه عبر عملهم في التدريس الجامعي أو المحاضرات التطوعية التي ينظمونها، لكن محدودية وجمود خطابهم يترك أثره على عدم اتساع قاعدتهم في الشارع بين الشباب خصوصاً، لاسيما في ظل الاستقطاب الحاد بين الخطاب الوطني لـ"فتح" والديني" لـ" حماس"، حيث بات الخطاب الاجتماعي والطبقي مهمشاً للغاية، أما بقية اليساريين الذين لعبوا دوراً أساسيّاً في الانتفاضة الأولى (1987) وهم الغالبية التي لم تحظ بنصيبها من الشهرة والأضواء، فقد كفروا فعليّاً بتنظيماتهم اليسارية وهجروها بعد أن رأوا رموزها يتربعون على عرش الفصيل عقوداً وعقوداً، ووجدوا ضالتهم في العمل الاجتماعي الصامت، أو الثقافي، بعد أن رجموا المرحلة وتنظيماتهم بحجارة الخيبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

برنامج ضروري لضبط الموقع

صفحة المقالات لابرز الكتاب

شبكة الدانة نيوز الرئيسية

اخر اخبار الدانة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية
روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة
بالتفصيل لكل دول العالم - احصائيات انتشار كورونا لحظة بلحظة

مدينة اللد الفلسطينيةى - تاريخ وحاضر مشرف

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة