مشروعية الرِّق والتحايل عليها «1»

بقلم : عبد الله خلف

قضت تعاليم الاسلام التي استنبطها الائمة من اصول الاحكام ان اسباب الرّق وقوع الكافر اسيرا في يد المسلمين عند الحرب.. واختلف في تحديد الكفار ان كانوا من غير أهل الكتاب لانهم ليسوا بكفار.. اما الحروب والمنازعات بين المسلمين فقد اخضعوها الى اسر الكفار، وشهدت الدول العربية بين القبائل الكثير من المعارك فالغالب في الحرب ولو كان الخصوم من نفس القبيلة والعشيرة او من ابناء العمومة فان الغنائم تشمل الاموال الثابتة والمتنقلة ومنها النساء والرجال.. المرأة تسبى وتتخذ ضمن الاماء وتسر بضاعة والخاطفون المسلمون هم الذين يتحملون جرم الخطف والتجارة ولكن رجال الدين في العالم الاسلامي لم يمنعوا ذلك لكي يرضوا الحكام والتجار. 

عبد الله خلف

وقد خطف من افريقيا الكثير حتى امتلأت اسواق النخاسة بهم في مصر والجزيرة العربية ودول الخليج العربية والعراق فصارت البصرة من كبرى الاقاليم التي اكتظت بالعبيد ولاقوا الضيم والاضطهاد والعمل بالسخرة حتى ثاروا على الدولة العباسية مدة 14 عاما وكادوا ان يسقطوا الدولة.
(انظر ثورة الزنج للدكتور فيصل السامر) بغداد 1971.


اما رجال الدين المسلمون فقد غضوا الطرف عن الرق غير المشروع كما اقروا او لم يمنعوا اقامة احياء الدعارة في المدن الاسلامية الى ان منعها المستعمرون الانجليز والفرنسيون ومع الفتوحات الاسلامية امتلأت المدن الاسلامية بالرقيق المشروع وغير المشروع واباحوا الرق في الحرب وان يسترق اهل البلد الذي فتح في الحرب. لذا انتشر الفساد وعم الانحلال في بعض الدول الاسلامية وتوسعوا في تفسيرهم {وما ملكت ايمانكم} حتى امتلأت قصور بني امية وبني العباس بعشرات الآلاف وتفاخر الامراء بما يمتلكون من الجواري وكل ذلك لا يتفق مع تعاليم الاسلام وتولد من ذلك العداء عند اهل البلاد التي اختطفت منها بناتهم ورجالهم ليعرضوا في اسواق النخاسة في البلاد الاسلامية، وضاعت الاندلس بعد ذلك بسبب انشغال المسلمين باللهو والمجون، وحروب الطوائف والقبائل التي دارت بين الدويلات الاسلامية هناك.


ومما أُفتي به انه اذا وقع كافر في الاسر فاسترق ثم اسلم لا يزول عنه الرق وكأنه بقي على كفره، وهذا من اجتهاد بعض الائمة. ان يبقى الذي دخل الاسلام على الرق شأنه شأن المتاع وهو جزء من الغنائم كالخيل والبغال والحمير والمال، والآلات الحربية والمقاتلون يأخذون اربعة اخماس الغنائم وخمس ذلك للحاكم يتصرف به كيف يشاء بما فيه الارقاء من نساء ورجال ومن كل الالوان والأجناس. والغنائم توزع للفارس سهمان اثنان وللراجل سهم واحد، لذا كثرت الاماء حتى صار الواحد يمتلك العشرات يعلمهن الرقص والضرب على الدفوف والعزف على العود وعلى آلات الطرب الاخرى بدل ان يعلمهن اللغة العربية والتفقه في الدين والادب.
العبد في الديانة اليهودية يسُترقّ خمس سنوات ثم يصير حرا. اما في نظر بعض رجال الدين المسلمين فيبقى طوال عمره رقيقا، ويورث العبودية لابنائه.. وكثيرا ما كان يقع الخلاف بين الحرائر والجواري والسراري وذلك طبيعي حتى ذهب بعض اللغويين الى ان تسميتهن بالسراري كان سببه الغيرة، نقل «اللسان» عن بعضهم ان السُّريَّة الأمة التي يتسراها صاحبها منسوبة على غير قياس الى السر وهو الاخفاء لان الانسان كثيرا ما يسرها ويسترها عن زوجته الحرة.. ويفخر اولاد الحرة على اولاد الجواري. وعداء الامين والمأمون وكلاهما من ولد الرشيد ولكن ام الامين حرة، وام المأمون جارية سرية وكان الخلاف..

عبدالل