عندما يُسأل الناس المُطلعين عن كبريات المعارك و الحروب القديمة التي وقعت في الهند القديمة، معظمهم يردون بسرعة بـ: (راما يانا) و (ماها بهاراتا). على الرغم من أن هذه الإجابة صحيحة، إلا أن هنالك قصة أقدم منهما بكثير تم نسيانها و تُسمى هذه المعركة القديمة: داشاراجنيا Dasharajnya أو "معركة الـعشرة 10 ملوك"!
حيث يصف الكتاب السابع من ريغ-فيدا Rig-Veda حدثاً تاريخياً وقع في إمبراطورية الهند على الجبهة الجنوبية الشرقية على ضفاف يامونا و على الجبهة الغربية على ضفاف نهر رافي. كان سوداس Sudas، سليل الإمبراطور الكبير (بهاراتا)، الذي يحمل إسمه اليوم كإسم هندوسي للهند، ملكًا على بور Pur، على الأرجح حوالي عام 2,700 قبل الميلاد، و قد قام بتوسيع مملكته للوصول إلى نهر أوكسوس في الغرب عبر معبر جبال هندوكوش و نهر يامونا في الشرق، و تمكن من قهر الممالك المجاورة. في هذه المعركة شارك جميع شعب الهند، التي وقعت بالقرب من نهر باروسني Parusni (نهر رافي Ravi) في إقليم البنجاب. و قد أصبح المكان الذي جرت فيه المعركة لاحقاً موقع مدينة (هارابا)، و ربما أول مركز حضري حديث في تاريخ الهند القديم
كانت عاصمة الملك سوداس Sudas تقع على نهر ساراسفاتي، و قد ورث المملكة من جده و وسعها إلى حد كبير. و كان هذا الملك أيضاً مدعوماً بالإرشاد الرّوحي لمعلمه، الحكيم الأسطوري فاسيشتا Vasishta (و هي قصة مطابقة تماماً للقصة الإغريقية عن الإسكندر الأكبر و معلمه الفيلسوف سقراط). و قد قام الملك سوداس بإخضاع جميع الممالك المجاورة المحيطة به (كما كانت عليها الحال في ممالك السومريين في جنوب العراق). بعد سنوات من الإخضاع، شكلت مجموعة من حوالي 10 ملوك و مشايخ راجا Raja تحالفاً أو إتحاداً كونفيدرالياً جمع بين قواتهم لهزيمة الملك سوداس Sudas مرةً واحدة و على نحوٍ حاسم. و قائمة الملوك الكونفدراليين المتورطين في هذه الحرب في الواقع تزيد قليلاً عن عشرة، لكن تمت الإشارة إليها بإسم "داشا" و تعني (عشرة) في كتاب ريغ-فيدا Rig-Veda (لكن ربما المعنى أنهم كانوا ينتمون لعشرة قبائل)
في هذه المعركة، أنشأت بعض قبائل بورو Puru القوية تحالفاً مع قبائل أخرى من الهند و بلاد فارس. بتوجيه من الحكيم الملكي فيشفاميترا Vishvamitra، و قد قدم هذا الجيش لمواجهة ملك باهارات Baharat (إسم الهند القديم و نحن لا نزال نطلقه إلى اليوم على التوابل التي نحصل عليها من بلاد الهند: بهارات) الذي يُدعى سوداس Sudas الذي كان أيضاً من سلالة بورو Puru، لكن الملك سوداس Sudas تمكن من هزيمتهم جميعاً في المعركة، و أسر جميع ملوك هذه القبائل! و هذه المعركة مهمة لأنها تفسِّر إنتشار مُعتقدات الفیدا إلى أجزاء أخرى من العالم، لسبب بسيط، هو اضطرار الملوك الخاسرين فيها و رعاياهم إلى دفع الجزية فاضطروا إلى الهجرة إلى الخارج باتجاه الأراضي التي تُسمى حاليًا بـ إيران و العراق و الشام و مصر إلخ ...
لكن هناك رواية مختلفة حول متى حدثت هذه المعركة بالفعل بسبب فرضيات مختلفة من علماء مختلفين. و تقول هذه الرواية أن معركة العشرة 10 ملوك أو حرب داشاراجنيا Dasharajnya هي أول معركة مسجلة في العالم. و تغدو أهميتها بأنها لم تكن مجرد عِراك بالعصي و حجارة من العصر الحجري الحديث، بل كانت أول حرب منظمة من جيوش مكونة من فرق المشاة و الرماة و الفيلة ...
تمكن فيها الملك سوداس Sudas من هزيمة جميع أعدائه و قُتل الآلاف منهم. بعد معركة الملوك الـعشرة 10 هذه، أصيب الكثير من سكان الهند بالذعر و بدافع الخوف هاجروا غرباً إلى إيران و ما وراءها. و قد تم العثور على الكثير من أسماء هؤلاء الأشخاص في إيران و أفغانستان و تركيا و اليونان و ألبانيا و العديد من البلدان الأخرى التي هاجروا إليها بعد الهزيمة الساحقة التي حلت بهم على يد جيش الملك سوداس Sudas و يعرض الباحث شريكانت تالغري Shrikant Talgeri في كتابه [تحليل تاريخي لكتاب ريغ-فيدا The Rig Veda- A Historical Analysis] قائمة بأسماء أولئك المهاجرين. فيما بعد قام الملك سوداس Sudas حاكم الهند القديمة (باهارات Baharat) بتوحيد و دمج قبائل البورو Purus، و قام بإنشاء السلالة الحاكمة كورو Kuru، التي خاض أحفاده اللاحقين حرب (ماها بهاراتا) العظيمة
للمزيد يُرجى مراجعة منشورنا السابق على الرابط التالي:
* هل كانت البتراء معبد للإله الهندي شيفا (دو شرى / ذو الشرى)؟! بيبهو ديف ميسرا، ترجمة: د. سام مايكلز:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق