الديموقراطية الوليُّ الشرعي للخطاب السياسي!

. . ليست هناك تعليقات:



بقلم : يونس بلخام

الخطاب السياسي في بلادنا العربية و ما أدراك ما الخطاب السياسي العربي ! مصطلحاتُ شارعٍ تتلقفها ألسنةُ مِمَّن يُفترض أن يكونوا من جحافل النخبة السياسية في البلاد العربية فيُكَوّرُونها و يُقولبونها على شكل قوالبَ تحمل نفس المعنى و إن اختلف المبنى لتتلقفها بدورها عدسات و ميكروفونات القنوات الخاصة و العمومية إضافة إلى أقلام الصحافيين من باب نقل و رصد الأخبار و الوقائع كما هي لتزُفها في آخر هذه الدورة التناقلية للخطاب السياسي بابتذالها وبذاءتها ( مصطلحات الشارع ) إلى عامة الشعب على اختلاف فئاته العمرية و المعرفية ليتشبع بها هو الآخر فيصيرَ صيرورةَ شعبويةِ أصحابِ هذا الخطاب السياسي .

لا يمكننا الجزم بحقيقة أن هذه الشعبوية متعمّدة أم عفوية و لو أنّ جلّ الإرهاصات و المعطيات المستقاة من تحليلنا لهذه الخطابات السياسة تثبت بشكل كبير أنها مفتعلة و مقصودة لغاية سياسية معينة لا تخفى على عاقل ، لا يغيب على رؤساء الأحزاب و هم من كانوا أكادميين و مثقفين قبل أن يلجوا عالم السياسة ليصبحوا حاملين للواء الخطاب السياسي و هم على أتم الدراية أنّ هذا الأخير لا يجب أن يتَنزّل إلى دركات الشعبوية و الغوغائية بل بالعكس تماما يجب أن يتنزه عنها محاولا بكل الطرق أن يصوغ فنَّ خطابٍ سياسي محترم يلفت و يجذب إليه ما تبقى من وعيٍ سياسيٍ لهذا الشعب المُنَّفر و المُطلِّقِ للسياسة بعدد طلقاتٍ لا نأمل أن يتعدى عددُها الطلقتان ليمكنه الرجوع إليها بشرعية ضرورية و صناديق عدل !

ليس تزيُدًا إن جزمنا بأن الخطاب السياسي في الساحة السياسية العربية جمعاء لم ينفض عنه غبار الكلاسيكية و العبارات التقليدية التي ما تفتأ مجالس معشر السياسيين من إعادتها في المجلس الواحد مرات عديدة ناهيك لو أحصينا عددها الكلي في عديد مجالسهم الدورية و المناسباتية فأنّى لمن يصغي إليهم ألّا يعتزل مجلسهم و يحلف يمينا غليظا أن لا يُزاول العمل السياسي و لو بمجرد المتابعة فقط ! ، هذا التكرار يُولد في النفس خمولا و لا مبالاةٍ كبيرين فيكون بذلك أولي الخطاب السياسي في وطننا العربي كمن يضيف إلى البحر ماءا في سبيل إقناع هذا المُتلقّي بالإصغاء و تبني هذا التقادم الخطابي ولو على حساب مضضه !

إن الحملة الإنتخابية الرئاسية الفرنسية الأخيرة كرست لمن يحفل بقيم الديموقراطية حقيقةَ أنّ الخطاب السياسي هو فنٌ و علم على حدّ سواء ، فلمّا ترى الرئيس الفرنسي الحالي ايمانويل ماكرون في حملته الإنتخابية يتنقل على المسرح مخاطبا جمهوره بطريقة تفاعليةٍ فنية مستعملا لغة و أسلوبا و وسائل علمية تكسب خطابه الشرعية اللازمة للتأثير و الإقناع ، كما تجده محيطا بكل المتغيرات و القضايا ناهيك عن التحديات المحلية و الدولية التي ستواجهه و بلاده إن ولج قصر الإليزي فيوضح الملتبسَ منها و يُفيض في إزالة هذا الإلتباس و التوجس برؤى و حلول سياسية عميقة أكسبته ذلك الزخم و الولاء الجماهيريين عن قناعة و ليس عن شعبوية رعناء كما هو الحال عندنا!

و من جملة ما يفتقره الخطاب السياسي العربي هو تحدي مواجهة النظراء السياسيين (خاصة رؤساء الأحزاب منهم ) لبعضهم البعض في بلاطوهات تليفيزيونية على الهواء مباشرة و تبني ثقافة الإستماع إلى الآخر و حق الرد عليه بطريقة حضارية بعيدا عن الكرنافالات_السياسية و وابل الشتائم و أطنانِ الإتهامات التي أثقلت رأس المواطن البسيط الذي هو في غنى تام عن مثل هذه السفاسف اللاّسياسية لتجده في كل مناسبة أو إستحاق يلعن السياسة و يعتبرها لغوا و كذبا وجب عليه تجنبه ، و قد غُيِّب عليه أنّها في حقيقتها السياسة علمٌ إنساني يُعنى بالشؤون و الإرهاصات الإجتماعية ليحللها و يبني من عصارة هذا التحليل رؤى و قرارات مصيرية تعالج هذه الشؤون الإجتماعية بما يُرضي من يعيشها و نعني بمن يقع عليه فعل يعيشها الشعبَ وحده لا شريك له !

يسقط و يتداعى كل هذا الكلام برمته إن لم تكن النية المضمرة وراء الخطاب السياسي خدمة الديموقراطية و صون مبادئها و قيمها الرمزية ، الديموقراطية لا تحتمل التجارة بمبادئها و قيمها فهي إن ابتسمت بادئ الأمر لمن يُتاجر بمبادئها فهذا لا يعني أنها ستبقى كذلك دون أن تنتقم لنفسها ، التجارة الزائفة مع الديموقراطية خاسِرةٌ و كاسدة من أولها ، لا يخسر المُتاجر بها قيمة الربح فقط بل رأس المال السياسي و الجماهيري بأكمله و عليه فالتفطن التفطن يا أولي الخطاب السياسي لأنّ الديموقراطية هي الوليُّ الشرعي للخطاب السياسي يُضيرها ما يضيره لأنّ صُلبهُما و مبعثهما واحد !

بقلم : يونس بلخام
كن مدون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

برنامج ضروري لضبط الموقع

صفحة المقالات لابرز الكتاب

اخر اخبار الدانة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية
روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة
بالتفصيل لكل دول العالم - احصائيات انتشار كورونا لحظة بلحظة

مدينة اللد الفلسطينيةى - تاريخ وحاضر مشرف

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة