استمعت ولا أقول استمتعت ، إلى حوارك المطول مع تلفزيون سورية بتاريخ ٩ مايو ( أيار ) ٢٠٢١ ، وقد هالني افتقارك إلى الحدود الدنيا التي تجعلك مؤهلا لحيازة وصف مفكر ..
وهذا ليس سبا وليس قدحا حاشا لله ، وإنما قراءة منهجية لما تفضلت بعرضه من افكار حول سورية بعد عشر سنوات مما تسميه ثورة ..
ودعني أطمئنك أنني سألتزم بقواعد المنازلات النظيفة ، ولن أضربك تحت الحزام بتناول واقعك الذي يتناقض ويتصادم ويتعارض مع قداسة ما تعلنه ، وما تحاول الإيهام به ... كمفكر كما يطلقون عليك
أسألك : ما هو مفهوم الثورة في نظريات المعرفة ؟ .. ووفقا لأي مفهوم ترى أن ما شهدته سورية كان ثورة؟.......
وهل تجمع مجموعة من البشر كبر عددها ام صغر ، في ميدان عام او عدة ميادين ، بمدينة او عدة مدن ، والهتاف بسقوط النظام ..هو الثورة ..؟!!
هذه هي الثورة ...
فالثورة هي علم تغيير المجتمعات ، تغييرا ذي طبيعة طبقية من حيث الرؤية للتغيير وأيديولوجيته ، ومن حيث من يقود الجماهير التي تخمر لديها فكر التغيير ،
وتغييرا يشمل البنية التحتية او البناء التحتي بالقضاء على علاقات الإنتاج الراهنة والتي تقف حجر عثرة في طريق الإنتقال إلى تكوين إجتماعي اعلي ..
وتغيير البناء العلوي الذي يشمل المؤسسة السياسية الحاكمة ومنظومة القيم والأفكار أي الأيديولوجية السائدة السائدة ..
على ضوء ذلك هل لك أن تقول لنا : ثورة من ضد من وضد ماذا ؟ ..
ماهي رؤى ثوارك وطروحاتهم الثورية للتغيير ؟ ..
ومن ذا الذي كان يقود تلك الثورة تحديدا ؟
ولو افترضنا ان القيادة السورية فعلت مثل مبارك وتركت لهم القيادة ..ما الذي كانوا سيفعلونه بالسلطة والدولة والوطن ؟ ..
هل لك أن تجبنا يا حضرة المفكر ... إذا لم تكن لديك إجابة وأنا أثق انك لا تملك إجابه ، فإن هذا معناه أن ماحدث كان عملا غوغائيا ، فوضويا ، غايته الهدم والتخريب فقط وفقط وفقط ،
ولعل رصد الإيقاعات منذ اللحظة الاولى تشي ، بل تؤكد وتقطع بأن الغاية الحقيقية كانت في إندلاع الفوضي السورية وليس الثورة السورية ...
واللافت أنك قد أخذت سورية إلى المعمل ، وأظلمت نوافذه كي لا يتدخل الضوء في نتيجة التفاعل ..فلم تتطرق من قريب أو بعيد إلى العامل الخارجي ، فلا أمريكا لها دور ولا إسرائيل ولا تركيا ، ولا انظمة الخليج ، ولا التنظيم الدولي للإخوان المسلمين .
.وكأنك تناقش فرضية نظرية لا علاقة لها بعالم الأشياء ..وواقع غير موجود سوى في ذهنك ...
وهذا سلوك يجردك من حياد الباحث وموضوعية المفكر ،
ويضعك في خانة أخرى تحتاج لغة أخري غير التي احادثك بها قلت يا سيد عزمي وكررتها مرارا بأن سورية تشهد حربا أهلية ..
ودعني اسألك : ماهو تعريفك للحرب الاهلية ؟
وتعريف المعاجم ومدارس الفقه ، للحرب الاهلية ؟
وما هو مدى إنطباق اي تعريف تعتنقه على الواقع السوري ؟ ..
فليس بسوريا شمال وجنوب كما الحرب الأهلية الامريكية ،
وليس بها توتسي وهوتو كما في الحرب الاهلية الرواندية ..
وليس بها وضع مماثل لما شهدته يوغوسلافيا بعد تفككها ( بوسنة وهرسك ، وكروات ، وصرب ) ..
فمن هم اطراف تلك الحرب الاهلية ..
دينيا لا توجد حرب عقائدية ، ومناطقيا لا توجد حروب اهلية ، بل ان سلطة الدولة ممتدة حتى إلى المناطق المحتلة بمجموعات إرهاببة وهذا عامل مهم ينفي وجود الحروب الاهلية ..
بل أن مصطلح الحرب الأهلية يستخدم للتورية وإخفاء حقيقة ما يحدث على الارض ..
أما ما جعلني أصدم في ضحالة معلوماتك ، ومحدودية فكرك ، فهو تعريفك للدولة ..
فلقد فضحت نفسك فعرفتها بما تتمنى حدوثه ..
وبما ينسجم مع حقيقة دورك الذي تضطلع به منذ ما يسمى بالربيع العربي،
فالدولة ليست ارض وشعب كما اعلنت ..
فهذا تعريف المجتمع ..
والدولة ليست التعريف الساذج لماكس فيبر الذي قلته مشوها وترتب عليه عجزك الفاضح عن تحليل طبيعة المؤسسة السياسية الحاكمة في سوريا وأرضيتها الإجتماعية والمصالح التي تحابيها لأن ذلك كان سيفضي بك إلى ما خشيت الوقوع فيه وهو سر صمود تلك المؤسسة ..
وإذا كانت الهالة التي تحيط بك مفهومة لدي رغم تواضع فكرك ومحدودية ادواتك ..
فإن مالا يمكن اغتفاره لك هو سقوطك الإنساني حين أعلنت ان مشاعرك مزدوجة حيال الحصار الذي يتعرض له المواطن السوري .. مزدوج مثل شعور اي مواطن إسرائيلي ...أليس كذلك ؟
دمت ودامت قطر مركزا للإشعاع الفكري والحضاري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق