"البطل" و "البطل الآخر" و " الصاحب"

. . ليست هناك تعليقات:

كتب: فراس ياغي

مقولة النعامة التي تدفن رأسها في الرمل خوفا من الصياد وبالرغم من عدم مصداقيتها، لكنها وإلى حد ما تنطبق على واقعنا الفلسطيني الذي أصبح لا يُطاق على أصعدته الداخلية من كافة جوانبه تقريبا، فالنموذج الذي يُحتذى به وفيه أصبح مفقودا وتائهاً في ظلّ غرور لا يستند إلى "البطل" الفلسطيني بقدر ما يستند إلى "صاحبه"، هذا "البطل" لا يرى واقعه وغائبا عنه لأنه يرى في "الصاحب" العنوان لكل شيء وأي شيء، فهو أصلا جاء بقراره ويعيش في كنفه ويتنفس برئتيه، وأهم سبب في بقاءه، الغريب أن بديله "بطلا آخر" لم يتم تطويعه "للصاحب" بعد، رغم كلّ المحاولات التي تجري ومنذ أكثر من عقد ونصف، كما أن وجود ذاك "البطل الآخر" مهم في استمرار الحالة دون وضع حلول تُرضي الحد الأدنى للمطالب الشعبية الفلسطينية.

ولكي أوضح هنا، ف "البطل" هنا نهج سياسي وليس فرد بحد ذاته، رغم دور الفرد المهم في تبني واستمرار النهج القائم، ومنذ أن جاء المهزوم "ترامب" وبدأ عملية حسم الصراع لصالح الاحتلال باتفاق تحالفي مع المكروه والمخلوع "نتنياهو"، بقي أبطال نهج التسوية السياسية في صندوق وأقفلوا أبوابه عليهم وتمترسوا على الثوابت، وهذا بالحد الأدنى جيد ولكن لم يرافق ذلك ما يؤسس حقيقة لمنهج جديد اساسه الوحدة الوطنية والشراكة ليس في الدم وحده، بل وفي القرار وصنعه، شراكة في المؤسسة التي تحكم وتقرر، شراكة في البرنامج والخطط.


وما أن ذهب غير المأسوف عليه "ترامب" حتى تنفس "البطل" واعتقد أن أوانه قد جاء، وأن صبره الطويل أتى أوكله، للأسف، قصور في التفكير، وفكر التمني السائد والذي يحكم عقل "البطل" منذ أن بدأت عملية "أوسلو"، فالقضية ليست مرتبطة ب "الصاحب" بقدر ما هي مرتبطة بفعل شعبي دائم ومستمر يفرض أجندته على "الصاحب" وأصدقاءه وأتباعه.

"الصاحب" جاء بمقاربة أساسها العودة لسياسات ما قبل المهزوم "ترامب" مع مراعاة المتغيرات التي حدثت خلال فترته والمرتبطة بالأساس بالوضع الداخلي لحليفه، لكن هذه المقاربات بقيت كلاما وتغريدات على "تويتر"، حتى جاءت معركة "سيف القدس"، فشمّر "الصاحب" عن ساعديه وبدأ مُجبرا يتحرك نحو التهدئة وإيجاد مقاربة جديدة تسمح له بالاستمرار في أجندته دون منغصات القضية المركزية في الشرق الأوسط المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فاتصل ب "البطل" وبدأ سياسة تعزيز قوة بطله على حساب قوة "البطل" الآخر غير المطوّع بعد.


إدارة البيت الأبيض "الصاحب" لا يوجد لديها خطة سياسة للبدء بعملية سلام حقيقي تؤدي لإنهاء الاحتلال، وهي لا زالت تعيش العقلية القديمة لإدارات "كلينتون" و "أوباما" وفقا لكلام السيد "دينيس روس"، وفي نفس الوقت تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي حدثت خلال إدارة المهووس "ترامب"، وجُلّ ما تطرحه هو استمرار الوضع القائم وتحسينه اقتصاديا وبما يشمل استمرار التهدئة على حدود قطاع غزة مع آلية لإعمارة لا تؤدي لتقوية حماس "البطل الآخر"، لأن هذه الإدارة لديها أجندة وأولويات وهوس حد الجنون اسمه "الصين" وتعزيز "الأطلسي" ومواجهة "روسيا" و الاتفاق النووي "الإيراني"، أما القضية الفلسطينية فالمطلوب ليس سوى العودة التدريجية لسياسات الإدارات السابقة مع الأخذ بعين الاعتبار إنهاء ملفات تتعلق بالأسرى والشهداء لأنها تتناقض مع القوانين الأمريكية بما يخص مفهوم "الإرهاب" لتسهيل تحركها في "الكونغرس" و "مجلس الشيوخ".

عمليا لا يوجد مشروع سياسي، ولا يوجد خطط حقيقية للمفاوضات للوصول لتسوية نهائية، وكل ما تطمح له إدارة الرئيس "بايدن" هو كسب الوقت والاستمرار في أجندتها دون أيّ صراخٍ وعويلٍ تصّمُ آذانها وتستدعي التحرك لحماية الحليف من نفسه قبل غيره، فهي لا تريد حربا جديدة ولا تحركات شعبية جماهيرية شاملة "انتفاضة" ولا قمع حريات داخلية صارخة كما حدث في قتل الناشط "نزار بنات" ولا طرد وتهجير سكان "الشيخ جراح" و "سلوان" وتنتقد هدم البيوت من قبل الاحتلال دون فعل حقيقي، وتريد وقف الاستيطان العشوائي والحفاظ على "الستاتيسكو" القائم في الأماكن المقدسة دون أي تغيير، إدارة "بايدن" تعمل عكس قوانين الطبيعية والمجتمعية وحتى قوانين الفيزياء وتريد وقف الحركة وتجميدها حتى تتفرغ لأجندتها، ويبدو أن ذلك يستدعي بعض الفعل الداخلي الفلسطيني ليتم تحقيق ذلك.

ولكي تُحقق إدارة "بايدن" مبتغاها فسيكون القادم عنوانه الأساسي الوضع الداخلي الفلسطيني، العمل لإحداث تغييرات كبيرة عبر سياسة “financial Sink” من خلال محاصرة السلطة الفلسطينية ماليا وفرض أجندات التغيير لاحقا، وقد بدأ الحديث عن الأزمة المالية وعن عدم قدرة السلطة الفلسطينية عن دفع كامل رواتب الموظفين في الأشهر القادمة، بجانب ذلك تقوم حكومة "بينيت" باقتطاع الملايين من أموال المقاصة وتحت عنوان رواتب عائلات "الأسرى والشهداء"، وفي خط موازٍ تستمر الجهود للحفاظ على التهدئة في غزة وإيجاد آلية لتقديم المساعدات الاقتصادية والإعمار وبما لا يُعزز قوة "حماس".


"البطل" و "البطل الآخر" يعيشون أحلامهم الخاصة ولا يروْن حقيقة المخاطر القادمة، فسياسة "بايدن" هدفها إراحة "إسرائيل" مؤقتا من أي فعل فلسطيني بهدف تحقيق تحالفات إقليمية في الشرق الأوسط تسمح لها بالتوجه نحو شرق آسيا لمواجهة التنين "الصيني"، وبدل أن يكون عنوان "البطلين" هو الوضع الداخلي الفلسطيني وفقا لما تم الاتفاق عليه سابقا في "بيروت" و "القاهرة" واستنادا لوثيقة الوفاق والاتفاق "وثيقة الاسرى"، وبما يؤسس لحكومة وحدة وطنية تحفظ كرامة وحرية المواطن وتوحد شطري الوطن قانونيا وإداريا وماليا وتحاسب كل المتورطين المتجاوزين للقوانين من فاسدين وقتله، وتحضر لانتخابات شاملة ومتزامنة، لكنهما بدلاً من كل ذلك، يعمل كلاً منهما على تعزيز قوته الخاصة في منطقته مُستندين لأفكار التمني التي لا مكان لها في عالم السياسة، ف "البطل" الماسك بقبضتيه على المؤسسة الفلسطينية الشرعية يرى أن شرعيته أبدية لا مساسَ فيها ولا غبار عليها، و "البطل" الآخر يعمل على خلق شرعية جديدة بديلة معتقداً أن أوانه قد جاء دولياً وإقليمياً، ولكن للتذكير فقط دعوني أهمس في آذانكم، لا تجترّوا التاريخ وتعيدونا لمفاهيم قديمة جلبت الويلات على الشعب الفلسطيني وتحت عناوين الشرعية الكاذبة، تذكروا "الحسيني" و "النشاشيبي" وعودوا لرشدكم، فشرط التحرر والاستقلال هو الوحدة الوطنية، وحدة الشعب وقيادته ومؤسساته استناداً لبرنامج وطني يُجمع عليه الغالبية العظمى من فصائل وحركات الشعب الفلسطيني الأساسية.
كن مدون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

برنامج ضروري لضبط الموقع

صفحة المقالات لابرز الكتاب

اخر اخبار الدانة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية
روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة
بالتفصيل لكل دول العالم - احصائيات انتشار كورونا لحظة بلحظة

مدينة اللد الفلسطينيةى - تاريخ وحاضر مشرف

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة