– كاتيا سعد – باريس
مشهد إعلامي تلو الآخر، من توقيع “المتعدّي على الإعلام”، يؤكّد أنّ “الإنحطاط الإعلامي” يتحقّق على يد “هؤلاء” بطريقة أكثر استفزازاً، مما لو صدر عن إعلامي متخصّص في المجال. أقبل أن يكون مقدّم(ة) البرنامج من أي خلفية مهنية، ولكن أن يكون جاهلاً لأصول المهنة أولاً، ومتجاهلاً لأدواتها ثانياً، فهذا غير مقبول ويتنافى مع قُدسيّة مهنة الصحافة بكل أبوابها. وأكبر دليل على فشل “هؤلاء”، أن يتخطاّهم الضيف(ة) بالإحترام والمهنيّة. ولو كان للمهنة أن تتكلّم، لوقع اللوم على الوسيلة الإعلامية قبل “هؤلاء”.
منذ بضعة أيام، شهد تاريخ البشرية على “تُحفة حوارية” سقطت من كوكب خارج حدود الأرض. حوار مع د. ساندين عطالله، الاختصاصية في الطب الجنسي، كان كفيلاً أن يكون مرآة لقلّة مهنية بيار ربّاط، مقدّم البرنامج، الذي يصف نفسه “baby face”، وأن يُبرز تعدّيه للخطوط المسموح بها في عدم إدراك معنى أن تكون مُحاوِراً رئيسياً، ناهيك بالتأكيد عن الأسلوب الهزلي الذي اعتمده بعض المحاورين الثانويين. فمن أين أبدأ؟
من البديهي أن أبدأ بالضيفة.. التي تسعى دوماً لنشر الوعي الجنسي، وإعطاء بُعد أخلاقي للتربية الجنسية. وتقدّم مادتها بقالب محترم وعلمي، بعيداً عن “الإغراء”، وهو الوصف الذي علّق به أحد المشاركين – رفيق المُحاوِر في التقديم.
إستفزّهم العِلم، وأنا شخصياً استفزني جهلَهم.
“العادة السرية، القذف، الإبتلاع، السائل المنوي، النشوة، النقطة G (المرتبطة بالإثارة الجنسية للمرأة)…”، كلمات علمية تعنى بالحياة الجنسية، تطرحها د. ساندرين عطالله بكل شفافية وبطريقة “غير شهوانية – غرائزية”، عبر صفحاتها على وسائل التواصل الإجتماعي أو في البرامج الحوارية. فهل أثارت حفيظتهم الجنسية؟ أم هل أيقظت ضعفهم الجنسي؟
يا صاحب “الوجه الطفولي”، مع كامل احترامي للطفولة، وعدم تأييدي لمدحه لنفسه على هذا النحو، إن كنت اعتمدت في طرحك “المهين” للاختصاصية، على ما ذكره الإعداد حرفياً فهذه مشكلة، وإن كنت تخطيتهم لتسترسل بطرح معلومات غير صحيحة، باعتبار أن ضيفتك صححت لك معلوماتك، فهذه مصيبة. سأكتفي بسؤالين: هل تعلم أنّ للحوار مقومات عديدة، منها أن تحمل في حقيبة أسئلتك معلومات دقيقة حول الضيف واختصاصه، أو بأبعد تقدير ان تطرح السؤال لتحصل على المعلومة الصحيحة؟ هل تعلم أن الإعلام هو من أهم وسائل التوعية والتثقيف، حتى في الحياة الجنسية؟
أما دهشة يوري مرقدي، صاحب التعليق “أنا إذا بتقوليلي مهبل، بهرب”، فهي الكارثة الكبرى. ردّة فعله والنبرة “المحتدّة” تعني أمرين: إما أنه شعر بهزّة أرضية، وهو ما لم يحدث ؛ وإما أنه يفضّل كلمة “vagin” لأنها plus classe، مع أنني أستغرب وهو من غنى “عربيّ أنا”.
“اعتذارك وصل، لكنه مرفوض. كان بإمكانك عوضاً عن نشر أخبار كاذبة عن فيديوهاتي وبرنامجي، إسكات الإعلاميين المشاركين في البرنامج بدل تحفيزهم على اتهامي بالإغراء في حلقاتي. كما كان بإمكانك إعطائي فسحة من الوقت لأعبّر عن آرائي عوضاً عن مقاطعتي”، بهذه الكلمات ردّت د. ساندرين عطالله على اعتذار بيار ربّاط. الأمر الذي يؤكّد مرة جديدة، لماذا يصل إعلامنا أحياناً إلى حافة الهاوية، ومن الذي يسير به إليها. إلى متى ستدفع المهنة ثمن عشوائية اختيار المُحاوِر؟ وإلى متى سيبقى الصحافي المحترف على الهامش، ويطفو “هؤلاء” على المنابر الإعلامية؟ إلى متى سيتفوّق جوع الشهرة على حشرية المعرفة؟ إلى متى سنختار المظهر على حساب المضمون؟
الإعلام من أسمى المهن، كفّوا أيديكم عن تشويه صورتها بممارسات “لا مهنية”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق