فعلى سبيل المثال يشير تزايد النفقات الدفاعية عن الحد المعتاد لدولة من الدول، ونوعية صفقات الأسلحة التي تعقدها إلى مدى استعداداتها لخوض حرب قريبة، وإلى هوية الخصوم الذين تستعد للاشتباك معهم أو تهدف في أقل الأحوال إلى ردعهم. فتزايد وتيرة الإنفاق العسكري الألماني، ومعدلات التسليح والتجنيد في ثلاثينات القرن العشرين أعطى مؤشرا على نية هتلر تدشين حروب واسعة النطاق في أوروبا. وكذلك يشير شراء مصر مؤخرا لحاملتي طائرات مروحية من طراز ميسترال من فرنسا، وعدة غواصات متطورة من ألمانيا إلى استعداد مصر لخوض نزاعات بحرية ترتبط باكتشافات الغاز في البحر المتوسط، ووجود خلافات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وتركيا. وهنا يُطرح سؤال بخصوص الأدبيات التي يمكن للحريصين على متابعة تلك المجالات الاطلاع عليها.

أبرز 3 مراكز دراسات عالمية في مجال التوازن العسكري:

يتصدر قائمة المراكز البحثية البارزة في هذا المجال:

  1. (المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، IISS):

وهو معهد تأسس في بريطانيا في عام 1958. وتشمل دراسات المعهد 7 مواضيع أساسية هي : النزاعات المسلحة، الصراع المستقبلي والأمن السيبراني، الدفاع والتحليل العسكري، الأمن الاقتصادي والطاقة، الجغرافيا الاقتصادية والاستراتيجية، الأمن والتنمية، سياسة الحد من الانتشار النووي. وكذلك يعمل المعهد على 4 برامج رئيسة تتناول : أسيا والمحيط الهادئ، جنوب أسيا، الشرق الأوسط والخليج العربي، الشؤون الخارجية للولايات المتحدة الأميركية.

وقد صنف مؤشر المراكز البحثية الذي تصدره جامعة بنسلفانيا المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في المركز الثاني ضمن قائمة أفضل المراكز الخاصة بقضايا الدفاع والأمن القومي عن عام 2017. وللمعهد فروع في: واشنطن بأميركا، وسنغافورة، فضلا عن البحرين التي يشرف فيها على عقد حوار المنامة، وهو مؤتمر سنوي يحضره العديد من رؤساء دول والشخصيات رفيعة المستوى لمناقشة التطورات في الشرق الأوسط.  وكذلك يستضيف المعهد منذ عام 2002 حوار (شانغريلا) السنوي في سنغافورة. وهو مؤتمر يناقش قضايا الأمن في منطقة أسيا والمحيط الهادي، ويُعقد بحضور عدة رؤساء دول، ووزراء دفاع، وخبراء أمنيين من شتى أنحاء العالم.

ومن أهم إصدارات المعهد الدورية (تقرير التوازن العسكري السنوي)، وهو تقرير ظهرت أول نسخة منه في عام 1959، وكانت تتناول التوازن العسكري بين الاتحاد السوفيتي وحلف الناتو. واستمر في الصدور دوريا حتى الآن. حيث يقسم العالم إلى عدة مناطق، ويتناول الصراعات العسكرية التي حدثت في كل منطقة خلال العام المنصرم باختصار، فمثلا في تقرير التوازن العسكري الصادر عام 2018، تطرق التقرير عند تناوله لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى العمليات العسكرية الموجهة ضد تنظيم الدولة، ومجريات الحرب في سوريا واليمن، وأزمة حصار قطر والدفاع الإقليمي بالخليج. كما تناول بقدر من التوسع السياسة الدفاعية لقطر، وبنية قواتها العسكرية، واقتصاديات الدفاع القطرية، والصناعات العسكرية القطرية. ثم استعرض التقرير بعد ذلك كافة الدول القائمة بالمنطقة من حيث تعدادها السكاني، ودخلها القومي، وأعداد الذكور والإناث فيها، وقدراتها العسكرية، والقوات الأجنبية المنتشرة على أراضيها أو بعثاتها المنتشرة بالخارج.

2 معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري):

وهو معهد تأسس في السويد في عام  1964 خلال ذكرى احتفال السويد بمرور 150 سنة دون خوضها لحروب. وتشمل دراسات المعهد قضايا متنوعة من قبيل: الأمن والصراعات، الإنفاق العسكري والتسلح، منع انتشار الأسلحة، نقل الأسلحة ونزعها، ومراقبة استخدام الأسلحة ذات الاستخدام المزدوج، والحرب الكيميائية والبيولوجية، والمناورات العسكرية، وعمليات السلام، والتكنولوجيا. ويعتمد المعهد في دراساته على مصادر المعلومات المفتوحة. ويهدف المعهد إلى فهم الشروط المسبقة اللازمة لإيجاد سلام مستقر، وحلول سلمية للنزاعات الدولية. وكذلك يشرف المعهد على عقد منتدى ستوكهولم للسلام والأمن.

وقد احتل معهد (سيبيري) المرتبة الثالثة خارج الولايات المتحدة ضمن قائمة أفضل المؤسسات البحثية عن  عام 2014 على مؤشر المراكز البحثية الذي تصدره جامعة بنسلفانيا. ومن أهم إصدارات المعهد الدورية (الكتاب السنوي الخاص بالسلاح ونزع السلاح والأمن الدولي). وهو إصدار يُنشر بعدة لغات منها الروسية والصينية والأوكرانية.

وقد بدأ دوريا صدور النسخة العربية من الكتاب السنوي عام 2003 بالتعاون بين معهد (سيبيري) ومركز دراسات الوحدة العربية. وهو ما يجعل الاطلاع عليه متاحا بسهولة للقراء باللغة العربية.

3-مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS):

هو مركز أبحاث تأسس في واشنطن عام 1962. باعتباره مركز للدارسات الاستراتيجية والدولية تابع لجامعة جورج تاون. ويعتني المركز بالقضايا الخاصة بالشئون السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والأمنية في أنحاء العالم، مع الاهتمام بشكل خاص بالأمور المتعلقة بالعلاقات الدولية، والتكنولوجيا، والطاقة، والتجارة. ويعنى المركز بإيجاد طرق للحفاظ على ازدهار القوة الأمريكية. وضمت أمانة المركز عدد من كبار المخضرمين في السياسة الأمريكية والعالمية مثل مستشارو الأمن القومي الأميركي هنري كيسنجر، وزبغنيو بريجنسكي، وبرنت سكوكروفت.

ويعنى المركز بنشر كتب ودراسات تعني بقضايا التسلح والإنفاق العسكري في منطقة الشرق الأوسط. وقد احتل مركز (CSIS) المرتبة الأولى عالميا ضمن قائمة أفضل المراكز الخاصة بقضايا الدفاع والأمن القومي عن عام 2017 على  مؤشر المراكز البحثية الذي تصدره جامعة بنسلفانيا.

إن متابعة الدوريات الصادرة عن المراكز المذكورة سابقا، وبالأخص  تقرير التوازن العسكري السنوي الصادر عن (المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، IISS) أو الكتاب السنوي الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ستكفل للمهتمين بالصراعات وقضايا التسلح متابعة جيدة للتطورات البارزة في الساحة العالمية.