ربما يكون البشر قد طوروا سلوكيات اجتماعية ومارسوا التجارة، في وقت يسبق ما كان معتقدا بنحو 100 ألف عام.
أفادت بذلك سلسلة من الأبحاث نشرت في دورية ساينس العلمية.
واستُخلصت تلك النتائج من موقع أثري، في منطقة الوادي المتصدع في كينيا.
"أكثر من مليون عام" ممثلة في الموقع، وفقا لـ ريك بوتس من معهد سميثسونيان، الذي شارك في إعداد تلك الدراسات.
وهناك أيضا مؤشرات على تطورات طرأت على تقنية صناعة الأدوات لدى الانسان القديم .
وربما يكون التغير البيئي عامل تأثير قوي، في تطور الإنسان العاقل في منطقة أولوغيسيلي موقع الحفر في الوادي المتصدع.
ويشرح الدكتور بوتس قائلا إن البشر الأوائل كانوا في تلك المنطقة، منذ نحو 700 ألف سنة، وصنعوا فؤوسا يدوية كبيرة من الحجارة المحيطة بهم.
وقال بوتس: "الأشياء التقنية تغيرت بشكل بطيء، إذا كانت تغيرت بالأساس، عبر مئات الآلاف من السنين".
ثم بعد نحو 500 ألف سنة تقريبا تغير شيئ ما.
لقد اجتاحت المنطقة فترة من التقلبات في القشرة الأرضية، والظروف المناخية المتقطعة، وكان هناك نحو 180 ألف سنة من الانقطاع في السجل الجيولوجي بسبب التآكل.
والسجل الجيولوجي هو ترتيب زمني، ينظم طبقات الصخور والأحداث الجيولوجية من الأقدم للأحدث.
ولم تكن المناظر الطبيعية وحدها هي التي تغيرت، وإنما حياة النبات والحيوان في هذه المنطقة، ما أحدث تحولا في الموارد الطبيعية المتاحة لأسلافنا الأوائل.مصدر الصورةHUMAN ORIGINS PROGRAM, SMITHSONIANImage captionكشف موقع الحفر عن أدلة على تغير مناخي، ترواح بين الجفاف والرطوبة
وحينما استؤنف السجل الجيولوجي، تغيرت طريقة حياة هؤلاء البشر الأوائل تماما.
ويقول الدكتور بوتس : "سرعة التحول رائعة حقا، ففي وقت ما من هذه الفجوة كان هناك تحول، أو فترة تطور سريع للغاية".
"سفر وتجارة"
وظهرت أدوات جديدة خلال تلك الفترة، مثل الشفرات والنصال (أطراف الأسلحة) الصغيرة والحادة من حجر السبج، وهو زجاج بركاني داكن اللون.
وعدت هذه التقنية علامة على التحول، نحو ما يعرف بالعصر الحجري الوسيط، حسبما تقول الدكتورة إليانور سكري من جامعة أوكسفورد.
وبدلا من صناعة فأس يدوي من الصخور، أصبح البشر مهتمين بصناعة رقائق حادة، تم تركيبها على الرماح واستخدمت كأسلحة مقذوفة.
وكان نحو 98 في المئة من الصخور، التي يستخدمها البشر في السابق في منطقة أولوغيسيلي، تأتي من مساحة نصف قطرها خمسة كيلومترات، ولم يكن هناك مصادر قريبة لحجر السبج "أوبسيديان".
ولذلك اضطر البشر للسفر، لمسافة تتراوح بين 25 إلى 95 كيلومترا عبر التضاريس الوعرة، للحصول على حجر السبج، وكانوا "يتعاملون مع جماعات أخرى من البشر الأوائل عبر تلك الفترة"، وفقا للدكتور بوتس.
ويجعل ذلك هذا الموقع أقدم مثال معروف، لمثل هذه المسافة الطويلة من السفر والتنقل، وربما التجارة.
وعلى الرغم من أن السلوكيات، التي تركت آثارها في الموقع التاريخي في كيينا، تعد من خصائص الإنسان العاقل، لكن لا توجد حتى الآن حفريات مرتبطة بهذه الفترة الزمنية أو ذلك الموقع.
واكتشفت أقدم حفريات معروفة للإنسان العاقل في المغرب، ويرجع تاريخها إلى ما قبل نحو 300 ألف إلى 350 ألف سنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق