الفنانة تهاني عبد الكريم سكيك
الفنانة التشكيلية الفلسطينية "تهاني عبد الكريم سكيك"، من الأسماء الفنية البارزة في مساحة التعبير الفني التشكيلي المتصلة بأنوار الوطن والنسوة الفلسطينيات المكافحات، ومن اللواتي وضعن في رسومهن وأعمالهن التصويرية أولية، ونكهة بصرية مليئة بحيوية "الأنثى" وإبراز دورها الريادي في خوض غمار معركة الوجود ودورة الحياة، عِبر واحات الفن التشكيلي وميادينه المفتوحة على العمل والمقاومة وتوليفات الحضارة متعددة المناقب والاتجاهات.
من وحي التراث
هي من مواليد مدينة "غزة" تحمل شهادة دبلوم في الفنون التشكيلية، عاشت في دولة الكويت فترة طويلة من الزمن وكان لها شرف العضوية في اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين فرع الكويت، والمشاركة في كافة العروض المتصلة بالقضية الفلسطينية. مكنتها دروب العودة لرحاب الوطن من الإقامة في قطاع غزة واستمرارية المساهمة في العديد من المعارض التي تحمل يوميات الصمود والمقاومة.
لوحاتها مسكونة بعوالم اجتماعية مرتبطة بيوميات الأسرة الفلسطينية، وتقاسيم العائلة المفتوحة على مدارات الرمز والتورية والإيحاء البصري التي تقف خلف شخوص لوحاتها وملوناتها الحافلة بزرقة الوطن الفلسطيني وخيراته، ومحمولة بالدلالات الشعبية التي تسكن كل بيت من مطرزات وزخارف هندسية متوالية. ترقص على إيقاعات رماة الحجارة والأحصنة، أي مفاعيل (الثورة) وأسراب الحمام الأبيض المتدثر بقضبان الزنازين الصهيونية.
انتفاضة
لوحاتها مقاومة من نوع جديد، تستظل بالجذور والأصول التاريخية من حياة وتراث وحكايات الشعب العربي الفلسطيني، وصنائع مغموسة بملونات العلم الفلسطيني. مفرداتها وعناصرها التشخيصية تأخذ من الأنثى مفردة تشكيلية جوهرية في عموم لوحاتها، تُدرجها في متن لوحاتها كنصوص حاشدة بإحالات الرمز، مفتوحة على التأليف المتوازن ما بين العناصر والملونات، ومسميات متنوعة السمات متناسلة من الواقع الفلسطيني المعايش. باعتبارها (الأم، الابنة، الشقيقة، الزوجة) المربية وحاضنة الشهادة والشهداء.
وتستمر الثورة
حاضرة في جميع مكوناتها البصرية وتحتل الحيز البصري الحيوي في أبعاد اللوحة المرسومة، وتأخذ مكانها الطبيعي في مقدمة اللوحة، وتُحدد البؤر المنظورة لبقية العناصر المحيطة والمتممة. تقوم في اشتغالها التقني على إيقاعات التجانس اللوني حدة وتوافقاً ما بين مجموعة من التدريجات اللونية المشتقة والأساسية، مؤلفة المجال الحيوي لتأليف الرؤى السردية لمفاعيل النص البصري. تارة تحمل رايات الوطن، وأخرى أحجار الغضب، وفي كل الأحوال تغدو رافعة ومحرضة ومُقاتلة.
مسيرة الشهداء
تقنياً تعاملت في بناء لوحاتها على أساس أنها فضاء مكشوف على اللون، ومرهون بتداعيات اليد الماهرة والذاكرة الحافظة، والفنانة القادرة على امتلاك ناصية النص البصري والتعبير عنه تقنياً ومحتوى موضوعي ومعايشة يومية حياتية، تصوغها مقامات بصرية متناغمة فوق معابر حيز الفراغ وسطوح الخامات القابلة للتشكيل والاحتواء، والتي تجُب جميع العناصر المرصوفة في متنها سواء أكانت أساسية موضوعة في فضاء التكوين، أو تلك الثانوية المؤتلفة في الخلفيات اللونية المتممة والمنسجمة مع مقولة الفنانة تشكيلياً في إبراز مساحات سردها البصري.
عيوننا ترحل إليك
الألوان الأساسية هي واحة اشتغالها اللوني تجد في الأزرق متعة خاصة يُشكل الفيصل والقاسم المشترك اللوني ما بين لوحاتها كافة. وكأنها بذلك توحي وتشي بما يختلج النفس من دلالات ومعاني تعبيرية، تُلامس الحساسية الداخلية في انفعالها المُدرك فوق مقامات الخامة، ويفصح عن توق الفنانة ونزوعها الدائم للبحث عن موطئ قدم للحرية في وطن فلسطيني مُثقل بالعدوان والقتل والاستلاب.
السلام الموعود
والأزرق يُعطيها راحة بصرية للتسامي في توصيف مفاصل الرؤى والأشياء. لا تخلو لوحاتها من التقسيمات الشكلية الهندسية التي تلامس فيها عوالم الملصقة الإعلانية في تعبيرية ملحوظة. فيها توليفات متوالية لأشكال المربع والدائرة والقطع سواء في مرصوف الشخوص أو الأماكن أو الكائنات الحية. قائمة على تبسيط المساحة وليونة الوصف والتحوير وشفافية الملامس وعدم المبالغة التفصيلية لمكونات الشخوص والمفردات والرموز تجعل من لوحاتها حالة متفردة ومُعبرة عن خصوصية ملحوظة ما بين الفنانين التشكيلين الفلسطينيين، وتُبرز حالة الاندماج بالحدث الفلسطيني والمعايشة اليومية لمسالك المقاومة الفلسطينية في أشكالها النضالية المتعددة.
ما تبقى لكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق