الملك الفارسي خسرو الثاني / كسرى / أبرويز و التشابهات مع شخصيات واردة في كتب التراث الإسلامي و السيرة النبوية
الكتاب : د. سام مايكلز Dr. Sam Michaels و عارف مُعين و أحمد رسمي
لماذا نتناول باهتمام سيرة خسرو الثاني؟! السبب هو لأنه فيها العجب العُجاب فعندما نستعرضها و نغوص فيها نسرح و نمرح في تاريخ الشرق و المدائن و كأننا نقرأ و نقفز بين قصص و روايات مخلوطة من قصص بعضها من سيرة هارون الرشيد و بعضها من سيرة رسول الإسلام محمد، و نجد فيها مفاتيح ألغاز في تاريخ الإسلام المبكر من ديناميكية الفتوحات العربية و علاقة دولة ساسان مع دولة بيزنطة و العرب البارثيين محاربي أسوكاندرا الكبير / الإسكندر المقدوني،
و يلفت إنتباهنا ظهور عملات عربية إسلامية حاملة لوجه خسرو الثاني (هو من بين جميع الأكاسرة الذي يعرف في التراث الإسلامي بكسرى الفرس فلفظة كسرة غالباً أتت من إسم خسرو مثل خسرو الأول و خسرو الثاني و خسرو الرابع إلا أنها ربما تكون قد أتت أيضاً من كلمة خسيرسيس أو كسيرسيس Xerces الواردة بشكل كلمة أحشويريش في سفر أستير من مخطوطات قمران / البحر الميت)، و كذلك شد انتباهنا ظهور عملات ساسانية و بيزنطية لكن برموز إسلامية في نفس الوقت.
ما يُثير الإهتمام أيضاً سيرة هذا الملك الفارسي الشهير توضح تأثير زوجاته و صراعاتهم الداخلية، من حيث تأثير (شيرين) المسيحية و تأثيراتها الدينية و أطماعها للإستحواذ على الحكم لولدها (ماردان شاه) ضد زوجته الأخرى (ماريا) الأميرة الأسيرة الغير معروف نسبها التي يدّعي البعض أنها إبنة الإمبراطور البيزنطي موريس (أو موريق كما ورد اسمه في الأدب الإسلامي)، و سلب الحكم و التاج الساساني لإبنها (قباذ أو قباد الثاني)، و مؤامرة (كوردية) زوجته الثالثة لقتل خال خسرو (بندويه) ثأراً لأخيها (بهرام كوبين) صاحب معركة أصحاب الفيل السورة القرآنية الشهيرة
من هو خسرو الثاني؟!
ولد خسرو الثاني (أبرويز) أو (المنتصر) سنة 570 ميلادية و هو آخر عظماء ملوك الساسانيين، كان والده هرمز الرابع (مضيق هرمز في الخليج الفارسي سمي على إسمه) و كانت أمه من بيت (أستابدام) و هي إحدى قبائل مملكة بارثيا السبعة من جنوب غرب بحر قزوين. كان لأم الملك خسرو الثاني أخوين الأول كان اسمه (بِستام أو بصتام / فطام و هو صاحب العملة التي عليها كتابة علي بن أبي طالب، الأب الروحي لفرقة الإسماعيلة و للدولة الفاطمية في مصر و شمال أفريقيا) أما الثاني فكان يدعى (بندويه)، و هما الخالين الذين يعود لهما الأثر الأكبر في نشأته. أول ذكر لخسرو الثاني كان في عام 580 م عندما كان حاكماً محلياً في منطقة القوقاز؛ تدرّج في المناصب و صعد لسدة الحكم في تيسفون (المدائن) سنة 590 ميلادية بمساعدة خاليه بندويه و بيستام / بيصتام / فطام الذين قادا الإنقلاب على والد خسرو الثاني الملك هرمز الرابع و شدّا وثاق عينيه و قاما بإعدامه!
في تلك الفترة كان الجنرال الإنقلابي (بهرام چوبين / كوبين / تشوبين) قائد الجيش المنشق يتحرك باتجاه عاصمة المملكة الساسانية تيسفون (قطيسفون / ثقيف / الطائف / المدائن) و اشتبك مع جيش خسرو الثاني على حدودها. خسر جيش خسرو الثاني مع خاليه المعركة، مما دعاهم للهروب و الإلتجاء إلى حاكم مدينة (مرو) ماهوية بن شهر باراز (معاوية بن أبي سفيان في كتب التراث الإسلامي) بمساعدة ملك المناذرة إياس بن قبيصة / القائد سين أو الشاهين / صقر المملكة (الذي سيصبح محمد نبي الإسلام الفاتح العسكري فيما بعد).
من أجل جذب إنتباه إمبراطور بيزنطة موريس / موريق، قام خسرو الثاني بتوجيه رسالة إلى ميافاربق (تقع في جنوب تركيا) لإيقاف المقاومة ضد الروم لكن دون جدوى، مما دعاه إلى إرسال رسالة ثانية إلى موريس / موريق عظيم الروم يدعوه فيها إلى مُساعدته في استعادة عرشه و تاجه الساساني، و قد وافق موريق عظيم الروم على طلب خسرو الثاني بمقابل أن يعطيه أراضي ساسانية مُحاذية لنفوذ بيزنطة (جزء كبير من أرمينيا) و إيقاف التدخل في شوون أرمينيا المسيحية التثليثية.
قدم خسرو الثاني و استقر في في القسطنطينية أثناء محاولته أن يستعيد حكمه و أرسل جيشاً إلى بلاد الرافدين بينما كان أخواله يجهزون جيشاً آخر بمُساعدة الروم في أرمينيا. بعث خسرو الثاني جيشاً مُتحالفاً مع جيش بيزنطة الجنوبي و قام الجيشان بالهجوم على جيش الإنقلابي بهرام. قبل قيام الجيشين المتحالفين (قوات التحالف) باحتلال قطيسفون وضع خسرو الثاني قيادة الجيش بيد القائد (محبود / محمود) الذي سيصبح محمد رسول الإسلام الفاتح العسكري فيما بعد) الذي كان يثق فيه كثيراً خاصةً بعد مساعدته له في تأمين هربه من وجه الإنقلابي بهرام كوبين عندما استولى على السلطة منه، و بالفعل انتصر جيشا التحالف و استعاد خسرو الثاني الحكم من بهرام و تمكن من قتله في سنة 591 ميلادية
معركة الفيل:
مما ذكر عن معركة الفيل التي دارت بين جبش القائد الفارسي المنقلب بهرام كوبين و الجيش الأرمني ابموالي لخسرو الثاني في سنة 591 ميلادية أنها استعملت فيها الفيلة من طرف المنقلب بهرام كوبين الفارسي. و قد وقعت هذه المعركة المُسمّاة بمعركة (بلاراثون) في عام 591 م، و التي دارت بين القائد الفارسي بهرام الذي انقلب على الملك الفارسي خسرو الثاني الذي تحالف مع البيزنطيين المسيحيين من أجل الإطاحة بعدوهما المشترك القائد بهرام و التي انتهت بانتصار جيش التحالف البيزنطي - الفارسي و هزيمة و مقتل بهرام و استرجاع خسرو الثاني لعرشه و سلطته على كامل الإمبراطورية الفارسية لكن بثمن باهظ هو تقسيم منطقة القوقاز - حسب ما كان قد اتفق عليه قبل تلك المعركة الحاسمة- و منح مناطق واسعة من أرمينيا و مدن كثيرة كان من أهمها مدينة (يريفان) عاصمة أرمينيا الحالية، لحكم الإمبراطورية البيزنطية،
هذه الإتفاقية التي جعلت من الحكم البيزنطي أقوى بكثير و أضعفت كثيراً من قوة من الإمبراطورية الفارسية
كافأ خسرو أخواله بتعين بندويه الوزير الأول (أي رئيس وزرائه)، و بستام / بصطام / فطام حاكماً على طبرستان و خورستان. لكن بعد فترة حاول الإبتعاد عن تهمة مقتل والده الملك هرمز الرابع، بالإضافة إلى مخاوفه من السلطات الممنوحة لأخواله و استصغارهم له مما دفعه لقتل خاله بندويه قبل محاولة هروب هذا الأخير إلى أخيه بسطام / فطام. هذا الحدث دفع بسطام / فطام إلى إعلان العصيان و الإنقلاب على إبن إخته خسرو الثاني، و بعث له رسالةً كتب له فيها الآتي "أنت لا تستحق الحكم أكثر مني. بالتأكيد أنا أستحقه لأنني من نسب (داريوس / دارفيش / درويش / ذو الرداء الأسود) العظيم.
كافأ خسرو أخواله بتعين بندويه الوزير الأول (أي رئيس وزرائه)، و بستام / بصطام / فطام حاكماً على طبرستان و خورستان. لكن بعد فترة حاول الإبتعاد عن تهمة مقتل والده الملك هرمز الرابع، بالإضافة إلى مخاوفه من السلطات الممنوحة لأخواله و استصغارهم له مما دفعه لقتل خاله بندويه قبل محاولة هروب هذا الأخير إلى أخيه بسطام / فطام. هذا الحدث دفع بسطام / فطام إلى إعلان العصيان و الإنقلاب على إبن إخته خسرو الثاني، و بعث له رسالةً كتب له فيها الآتي "أنت لا تستحق الحكم أكثر مني. بالتأكيد أنا أستحقه لأنني من نسب (داريوس / دارفيش / درويش / ذو الرداء الأسود) العظيم.
نحن أبناء داريوس الذين حاربنا الإسكندر المقدوني (في إشارة قوية و واضحة إلى كونهم عرب بارثيين)، أما أنتم الساسانيون فبالخداع إلى العلو وصلتم فوقنا و سطوتم على ملكنا و تعاملونا بالظلم. ساسان (ترجع أصول ساسان إلى زمن النبي موسى / قمبوذا / آخر بوذا / قمبيز قورش ذو القرنين و مؤسس الدولة الفارسية في أواسط لأواخر القرن السادس قبل الميلاد) لم يكن أكثر من راعي غنم. و نحن أبناء داريوس العظيم محارب الإسكندر ملك فارس و ملك بابل و فرعون / برعون مصر" (يقصد مصريم / ماصورا / ماثورا عاصمة سوراسينا في شمال غرب الهند و وادي الإندوس و ليست مصر الحالية فتلك الأحداث و الملوك جميعها كانت تجري في بلاد فارس)!
انتشرت لُظى نيران التمرد على خسرو الثاني خصوصاً بعد انضمام بقايا جيش القائد بهرام المنهزم و بسبب زواج خسرو الثاني من (كوردية) أخت بهرام رغماً عنها (ترد هذه القصة في كتب التراث الإسلامي و السيرة النبوية الفارسية بزواج محمد من صفية اليهودية رغماً عنها في نفس ليلة قتله لجميع أهلها)، و قد اجتاح التمرد بلاد فارس الشرقية و استمر من سبع إلى تسع سنين، لكن تم القضاء عليه بعد الإستعانة بالجيش الأرمني حيث غدر (باروق) ب ببسطام / فطام بعد وعد و تحريض من زوجة خسرو الثاني كوردية ل باروق حتى يتم لها الثأر من خال خسرو الثاني الذي نصره في البداية ضد أخوها بهرام، و بهذا انتهى هذا التمرد.
في هذه الأثناء و في سنة 600 ميلادية قضى خسرو الثاني على تمرد آخر نشب في الحيرة بقيادة ملك المناذرة (النعمان الثالث) و قام بإعدامه، بسبب ما روي عن منعه له من الزواج من إبنة النعمان الثالث (هند) و لقبها (الحراق). و بهذا تم نشر الجيش الساساني في الحدود الغربية باتجاه نفوذ بيزنطة، لكن يرجح أنها كانت لأسباب دينية طائفية كون المناذرة كانوا مسيحيين موحدين نصرانيين نسطوريين حينها و لم يكن الفرس قد تحولوا من الزردشتية المجوسية إلى المسيحية التوحيدية النصرانية النسطورية بعد ...
كان خسرو الثاني حليفاً لبيزنطة و صديقاً حميماً لإمبراطور الروم موريس (موريق)، لكن بعد مقتل موريس على يد الجنرال فوكاس (فوقاس) بانقلاب عسكري سنة 602 ميلادية قام خسرو الثاني بحملة عسكرية كبيرة على بيزنطة للثأئر لمقتل صديقه موريس، و في الحقيقة استغل حادثة مقتل موريس كفرصة كبيرة لاستعادة الأراضي التي كان قد تنازل عنها له و لإعادة بسط نفوذه على أراضي صارت تقع تحت الحكم البيزنطي، خصوصاً بعد أن توفرت له الإستعانة بجنرال رومي محنك إسمه شهر باراز (من جبال سُفيان في أرمينيا) الذي تمكّن من استعادة أراضي ساسان القديمة التي كانت قد أعطيت لموريس و تم له ذلك في غضون سنتين فقط (من عام 602 م لعام 604 م)، فمنحه خسرو الثاني لقب عسكري رفيع هو خنزير المملكة!
بعد استعادة هذه الأراضي انسحب خسرو الثاني من معاركه مع بيزنطة و سلّم الأمر و قيادة الجيشين الفارسيين إلى جنرالين بارزين فسلم قيادة الجيش الفارسي الأول للقائد شهر باراز (أبو سفيان) / خنزير المملكة لمُتابعة إجتياح أراضي بيزنطة المتبقية و تقليص نفوذها و طرد جيوشها من المنطقة باتجاه بلاد الشام و الأناضول حتى وصلت جيوش الفرس إلى مشارف القسطنطينية و قام بحصارها (مدينة إسطنبول حالياً) في سنة 608 م و سلّم قيادة الجيش الفارسي الثاني للقائد سين الشاهين / صقر المملكة / إياس بن قبيصة ملك المناذرة (الذي سيصبح فيما بعد محمد رسول الإسلام الفاتح العسكري في كتب التراث الإسلامي و السيرة النبوية الفارسية العباسية)
في عام 606 ل 607 م بعث خسرو الثاني الجيش الأرمني - الفارسي بقيادة القائد (سنباط / سين-باط / القائد سين) و إبنه (فيرتوروز / الحُسين بن علي في كتب التراث و السيرة) للقضاء على تمرد وقع في بلاد الهفلايت (أفغاستان و توران و توركمنستان حالياً)، و في هذه المعركة حقق سنباط و إبنه نجاحاً باهراً بالقضاء على قائد التمرد بمعركة واحدة مما حدا بخسرو الثاني لأن يُطلِق عليه أنبل الألقاب؛ فمنح القائد سنباط / سينباط / سين لقب (سعادة خسرو) و أطلق على إبنه فيرتوروز لقب (خسرو الأبدي)! و كان أهم حدث في تلك السنة أنه وضع إبن سنباط / القائد سين فيرتوروز (الحُسين) على موكب يتقدمه فيل كبير أجلساه فوقه و راح يجوب عليه وسط العاصمة و يوزع الهدايا الثمينة على جماهير المُحتشدين في طريقه. و قد أعطيت للقائد سين كافة الإمتيازات في البلاط الساساني إحتفالاً بنصره العظيم و استذكاراً لنصر الفرس على جيش بهرام في أرمينيا (أصحاب الفيل)!
في سنة 610 م قام الجيش الأرمني الروماني بقيادة هيراكيوليس (هرقل) المتحدر من جبال سوفيان الواقعة في أرمينيا، بالإنقلاب على الإمبراطور البيزنطي (فوقاس) و تمكن من قتله و قام بتعيين نفسه كإمبراطور على بيزنطة. حاول هرقل فتح قنوات سلام مع خسرو الثاني لكن أبرويز بعث له برسالة تهديد و وعيد طلب منه فيها أن يسلم حكم القسطنطينية إليه حتى يتنسى له تعيين إبن صديقه القتيل موريس (موريق) على العرش البيزنطي ثم قام بعدها بإعدام رسول هرقل إليه بعد أن بعث له هرقل جوابه بالرفض القاطع لمطلبه!
في عام 613 - 614 م قام القائد شهر باراز / أبو سُفيان (مثل هرقل، هو أيضاً كان رومياً مُتحدراً من جبال سوفيان في أرمينيا) بتطويق و حصار القسطنطينية و في نفس الوقت بدأت حملات القائد سين / الشاهين (إياس بن قبيصة) إلى الأناضول و بلاد الشام فغلب الجيش الرّومي البيزنطي عدة مرات و تمكّن من فتح و احتلال مدينة دمشق و إيلياء القدس في فلسطين (حروب خالد بن الوليد في كتب التراث الإسلامي) و قام بالإستحواذ على الصليب المقدس الذي تم الإستيلاء عليه في احتفال كبير كعلامة للنصر العظيم على البيزنطيين و تابع زحفه جنوباً فقام بفتح و احتلال إيجيبت (مصر الحالية) سنة 618 م (فتح مصر من قبل عمرو بن العاص في كتب التراث الإسلامي) و لم تبدي الجيوش البيزنطية أي مقاومة تذكر تجاه إندفاعاته و انتصاراته المُتتالية المُذهلة (و التي أكسبته لقب نبي الإسلام و رسول من عند الله لاحقاً) لكن السبب الحقيقي لذلك لم يكن الدعم و التأييد الإلهي بملائكة و جنود الإله السماوية بل يعزى ذلك لإنهاك و ضعف جنود الجيش الروماني بسبب الحروب الطويلة المتواصلة مع جيوش الفرس و لانشغال البيزنطيين بحروب أهلية داخلية و حروب مع قبائل السلاف و الأفاراز في منطقة نهر الدانوب (يوغوسلافيا سابقاً بلاد الصرب حالياً) و بسبب جائحة الطاعون التي قضت على عدد كبير من مواطني الدولة الرومية البيزنطية قبل ذلك بزمن قصير كما بينت المكتشفات الأركيولوجية الحديثة في التنقيبات التي أجريت في صحراء النقب!
سقط الجانب الشرقي لبحر إيجة بيد الفرس الساسانين و فقدت البحرية البيزنطية فعاليتها مما دفع هرقل إلى التفكير بنقل عاصمته إلى مُستعمرة قرطاجنة الواقعة في الشمال الأفريقي، و في عام 622 م اكتمل النصر الساساني العظيم بسيطرة الأسطول الفارسي التامة على بحر إيجة. لكن في عام 624 م بدأ هرقل بالإلتفاف على الجيش الساساني باتجاه آذربيجان بسبب خيانة و تمرد جنرالين فارسيين كان إسمهما الجنرال "فرخ هرمز" (صاحب الخطبة الشهيرة المعزوة لطارق بن زياد في كتب التراث الإسلامي) و الجنرال "رستم فرخ زاد" ضد خسرو الثاني بينما استمر القائد شهر باراز (والد معاوية) بعبور مضيق البوسفور و قام بمحاولة فاشلة لاحتلال القسطنطينية في سنة 626 م، إذ تم له مُحاصرتها فقط و لم يتمكن من إقتحامها بسبب تحصيناتها العظيمة و ضعف القوة البحرية الساسانية أمام أسوارها المنيعة،
و قد استمر الحصار حتى سنة 628 م حيث انسحب الجيش الفارسي عائداً إلى فارس بسبب نجاحات هرقل الكبيرة الباهرة في معركة نينوى الكبيرة التي جرت أحداثها سنة 627 م حيث تمكن هرقل من القضاء على الجيش الساساني الإمبراطوري و تابع تقدمه الحثيث باتجاه قطيسفون (ثقيف / الطائف / المدائن) التي كانت خالية من الدفاعات!
نتيجةً لوصول أخبار الجيش البيزنطي المتقدم بلا توقف انسحب خسرو الثاني من عاصمته مدينة قطيسفون / تيسفون إلى ضاحية كانت قريبة منها و كانت منطقة تدعى (داستا غيرد) لكن هرقل احتل مدينة (داستا غيرد) هذه و دمرها، مما دفع بإبن خسرو الثاني قباذ أو قباد الثاني (إبن زوجة خسرو المدعوة ماريا) الذي خرج من مشاكل ساسانية عائلية و انقسام قادة الجيش و خياناتهم التي أدت لاحتلال قطيسفون للتمرد فاستولى على العرش و سجن أبيه خسرو الثاني
ثم قام بإعدام كل أبناء خسرو الثاني و خصوصاً إعدام أكثر أبناء خسرو الثاني المفضل ولي العهد (ماردان شاه إبن زوجة خسرو الثاني شيرين) ثم قام قباد الثاني بإعلان نفسه كإمبراطور على الدولة الساسانية، بعد ذلك الإعلان بثلاثة أيام فقط رمى أحد حراس السجن خسرو الثاني بسهم بأمر من قباد الثاني ليموت في زنزانته ببطء. في تيسفون / قطيسفون / المدائن عقد الملك قباد الثاني معاهدة سلام مع إمبراطور بيزنطة هرقل مقابل إعادة كل الأراضي التي كان الفرس قد انتزعوها من الروم و إطلاق جميع الأسرى و إعادة الصليب المقدس و كل ممتلكات القدس المنهوبة إلى البيزنطيين و تم إعلان نهاية الحرب و السلام بينهما في سنة 628 م
عائلة خسرو الثاني:
تزوج خسرو الثاني ثلاث مرات كانت أولها من المدعوة (كوردية) أخت القائد بهرام و الثنية من (ماريا) الأميرة المسيحية الأسيرة المجهولة النسب (يدعي البعض أنها كانت إبنة الإمبراطور موريس لكن التوثيق الكامل لحياة موريس ينفي وجود هكذا أميرة) أما الثالثة فكانت من المدعوة (شيرين) الفارسية المسيحية التي ذكرت في كتاب الشاهنامة و ما ذكر عنها عن قصص الحب و الغرام التي دارت بينها و بين خسرو الثاني و تأثير أفكارها و معتقداتها المسيحية النسطورية عليه مقاربةً لقصص ألف ليلة و ليلة الأسطورية!
و كان أبرز أولاد خسرو الثاني هما (قباذ أو قباد الثاني) إبن ماريا و (مارادان شاه) إبن شيرين و كان له أولاد و بنات آخرين كان من أشهرهم (شهريار) و (بوار دخت) زوجة شهر باراز و (أزاد مخت) و (فخر زادة)
الأفكار الدينية في عهد خسرو الثاني:
الأفكار الدينية في عهد خسرو الثاني:
كان خسرو الثاني متزوجاً من مسيحية من أتباع موحدي الإرادة أثرت عليه كثيراً هي (شيرين) و الذي كان إبنها ولي العهد (مردان شاه) الذي كان له أن يستلم الحكم من بعد والده لكنه قتل على يد أخيه غير الشقيق قباد الثاني كما رأينا أعلاه. و قد كانت علاقة خسرو الثاني مع المسيحية معقدة، فزوجته شيرين كانت مسيحية و وزير خزانته كان مسيحياً أيضاً،
لكن في عصره كان هناك خلافاً عقائدياً قائماً ما بين مسيحيي فارس بين المسيحيين النسطوريين من جهة و بين المسيحيين موحدي الإرادة Monophysitism أي الذين كانوا يعتقدون بإرادة الله الواحدة حول ماهية المسيح من جهة أخرى: فالبعض قال بأن المسيح هو الله بنفسه كما كان في فكر اليعاقبة، و البعض الآخر اعتقد بأن المسيح كان شخصاً عادياً و أنه كان إنعاكساً لله و هو إرادته، بمعنى أن المسيح كان إرادة واحدة و ليس إرادة مُشتركة، فهو الله و هو انعاكسه في نفس الوقت، و كان على الفرس إختيار حالة موحدة فقط من هذين المعتقدين، و قد انتصر الموحدين (الحالة الثانية) و هو ما كان يحبذه خسرو الثاني فقام بتعميم هذا الإعتقاد على جميع البلاد و قام بنشر أفكار و عقيدة موحدي الإرادة Monophysitism
و قد كان هذا بتأثير زوجته (شيرين) و طبيبه الشخصي (سنجار) بسبب خلافاتهم مع العقيدة النسطورية التي اتهموا أتباعها بانحرافهم من التوحيد نحو التثنوية الإلهية (الطبيعتين لماهية المسيح؛ اللاهوت و الناسوت) بقولهم أن المسيح كان إنعكاساً لله لكن تم تأليهه و تقديسه بعد مماته أي أنه أصبح ذو إرادتين و لم يكن أحادي الإرادة الإلهية!
هذا الإتجاه التوحيدي و الفكر الديني الأحادي الإرادة الذي انتهجه خسرو الثاني بتأثير شيرين و سنجار سهلت له إفتتاح و اجتياح الأراضي الواقعة شمال شبه الجزيرة العربية (العراق و بلاد الشام) و مصر و شمال أفريقيا و ذلك بسبب خلافهم العقائدي مع بيزنطة التي كانت تدين بالمسيحية التثليثية (ثلاثي ماهية المسيح / ثلاثة أقانيم في أقنوم واحد: الأب و الإبن و الروح القدس).
تصرفات خسرو الثاني الدينية جعلت المؤرخين الأرمن يعتقدون أنه كان على الدين المسيحي لكنها في الحقيقة كانت لأسباب و دوافع سياسية إستيطانية و ليست عقائدية، و قد صعّدت من عداء رجال الدين الفرس الزرادتشيين تجاه خسرو الثاني بسبب إنتشار المسيحية في الإمبراطورية في عهده. و من أجل أن يحد من ذلك سمح خسرو الثاني ببناء معابد زرادتشتية (معابد النار Fire Temples) في أنحاء الإمبراطورية و قد كُتِبَ عنها أنها مباني كانت تعبر عن الفخامة أكثر من كونها معابد روحانية
و من المُثير للدهشة و الغرابة هو أول ظهور للرموز الإسلامية الدينية في عملات تصور وجهه خسرو الثاني مع عبارات منقوشة حول وجهه تحمل كلمات: "بسم الله" و "محمد رسول الله" و ذلك لعشرات السنوات بعد موته! و في الرواية الإسلامية ذكر عن خسرو الثاني أن إسمه كان كسرى و أن الرسول محمد بعث له رسالة لاعتناق الإسلام بينما كان محمد يحارب قريش!! و من الغريب أيضاً في رواية أوردها الطبري في تاريخه أن خسرو الثاني كان عنده سردايب يعيش فيها 3,000 جارية أنه كانت لديه علاقات سرية معهم في مُقاربة لقصص ألف ليلة و ليلة!!
خاتمة: نحن هنا نحاول أن نستعرض كيف تم صنع هذا التراث لأن الأديان عادةً ما تحاول إخفاء و طمس حقيقة صانعيها الحقيقية و إضفاء نوع من الهالة القدسية المبجلة لما حدث في الحقيقة، و كلما تعمّقنا في سيرة حياة خسرو الثاني تتضح لنا أسرار أكثر لما حدث في الحقيقة في التاريخ الإسلامي المبكر لا كما وصل إلينا اليوم بحسب الرواية الإسلامية الرسمية المزورة التي كتبها و لفقها رواة فرس في عهد حكم الخلفاء العباسيين إذ لا وجود لشيء إسمه دولة أموية و لا حتى لراشدية، فالعصر الساساني الأخير هو نفسه العصر العباسي الأول أما العصر العباسي الثاني فهم المغول،
للمزيد راجعوا أبحاث د. سامي فريد التي نشرناها حديثاً و التي أكدت ما عرضناه من نتائج أبحاثنا، فقد اكتشفنا حديثاً أن إسم أو بالأحرى صفة (محمد) مذكورة في النصوص الأكدية و الكنعانية الأوغاريتية المدونة باللغة المسمارية في الألفية الثانية و الأولى قبل الميلاد
و قد وردت كصفة للإله بعل / عل / علي العالي / ئل / إل / الله، أي أنها هي بالأصل صفة لله بمعنى آخر: الله هو المحمد العلي العظيم أي أن الله هو محمد و هو علي! فيما بعد اتخذ عدة من الأنبياء و الملوك أو القادة العسكريين هذه الصفة فانتهت إلينا كشخصية مركبة من عدة شخصيات دينية و عسكرية عبر تاريخ المنطقة أهمها شخصية آخر بوذا / قمبوزا قمبيز قورش ذو القرنين / النبي موسى ملك اليهود أو ملك بني إسرائيل (محمد القرآن الذي هو الشخصية المحمدية المركزية التي بنيت عليها الشخصيات الأخرى) و باقي الأنبياء إبراهيم و المسيح و يوحنا المعمدان و زردشت و ماني و مزدك و الراهب أريوس و الملك خسرو الثاني و القائد العسكري الفارسي إياس بن قبيصة ملك المناذرة / القائد سين أو الشاهين و آخرهم مُسلمة بن حبيب الحنفي النوبي الصادق الأمين / رحمن اليمامة (مسيلمة الكذاب في كتب التراث الإسلامي و السيرة النبوية الفارسية العباسية المزورة)،
فكل واحد منهم هو جزء من شخصية محمد الصفة و ليست إسم و في الحقيقة هي شخصية أسطورية مركبة لا وجود لشخص معين امتلك أغلب صفاتها سوى النبي موسى / موذا / آخر بوذا الذي امتلك أغلب صفاتها وأهمها إسمه سيد هارتا غوتاما (سيّد حارثة قثم جاء و أتمّ)!!!
مما ورد في سياق البحث أعلاه نلاحظ أن كوردية أخت بهرام جوبين الذي انقلب على خسرو الثاني / أبرويز و كان أبرز داعمي بهرام كوبين يهود فارس. خسرو الثاني / أبرويز استعاد الملك و قتل بهرام و تزوج من أخته كوردية غصباً عنها (هل تشبه هذه القصة قصة أخرى جرت في مكانٍ ما؟)،
شيرين المسيحية عشيقة خسرو الثاني و من ثم زوجته كانت أميرة أرمنية و باب بغرتيد / بغرتوني أو بكرتوني كان حاكم أرمني و أحب قادة خسرو الثاني إلى نفسه فقد نال لقب (المرضي عنه من خسرو للأبد) باب باغراتيد هذا قاد حروب ردة ضد المرتدين بهرام و بسطام / فطام (هل لهذه القصة ما يشابهها في مكان ما؟)،
و عندما انقلب بهرام جوبين على خسرو الثاني / أبرويز التجأ الأخير إلى القسطنطينية ليعيش في حماية صديقه الملك البيزنطي موريق / موريس المسيحي (هل تذكركم بقصة هروب أحد ما مع أتباعه و التجائه لملك مسيحي في الحبشة؟) كان عمر خسرو 21 سنة و تزوج من قريبة موريق التي ربما كانت أكبر منه سناً (هل تذكركم هذه بقصة مُشابهة؟ و هل لاحظ أحدكم التشابه ما بين إسم موريق و ورقة بن نوفل إبن عم خديجة بنت خويلد في الرواية الإسلامية)، أخيراً، النجمة و الهلال شعار التاج الساساني، هل هناك أي دين في العالم حالياً يتخذ نفس الشعار إلى اليوم على الأعلام و الرايات و على رؤوس مآذن و قبب المساجد؟ صورة برويز و تاجه بقيت موجودة لحوالي مئتي 200 سنه في العملات بعد وفاته لماذا؟!!
من الواضح أن سيرة خسرو الثاني أخذت منها الكثير من القصص التي ركبت على شخصية محمد الواردة في كتب التراث و السيرة النبوية المفبركة من قبل فقهاء الفرس في العصر العباسي فخسرو الثاني (هارون الرشيد) هو جزء صغير من هذه الشخصية استقى منه رواة السيرة النبوية و التراث الإسلامي الفرس في العصر العباسي بعض جوانب من هذه الشخصية لكنه ليس الشخصية المركزية فقد سبقه إليها إثنين أهم منه بكثير هما:
1. الله نفسه (العلي العالي) و مؤسس دين اليهودية و الإسلام النبي موسى / موزا / آخر بوذا / قمبوزا أو قمبيز / قورش ملك و محرر اليهود من الأسر البابلي في القرن السادس قبل الميلاد، فوجود عملة تحمل صورة خسرو الثاني و عليها كتابات بالفهلوية أو البهلوية (العربية الوسطى التي انقرضت) عليها "محمد رسول الله" هذا لا يعني أنه هو محمد رسول الله لوجود مئات العملات المصكوكة لأمراء المؤمنين قبله و لمئتي سنة من بعده جميعها حملت عبارة "محمد رسول الله"، أما رسول الله نفسه فهو الملاك جبريل / جبرائيل أو غبرييل رسول الله للأنبياء اليهود و آخرهم محمد سيد هارتا غوتاما / سيد السهام قثم جاء و أتمّ / النبي موسى / آخر بوذا / قمبوزا / قمبيز قورش ذو القرنين!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق