- أحمد إسكندر
تواصل تركيا إقامة قواعد عسكرية جديدة لها في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو ما يُتيح لها نشر عتاد جوي وبري وبحري كبير في مناطق ذات أهمية استراتيجية خارج حدودها وتحدّي منافسيها الإقليميين، في محاولة من الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان لاستعادة النفوذ العثماني.
وتمتلك تركيا قواعد عسكرية في كل من الصومال وقطر وقبرص، وكانت بصدد إقامة قاعدة بحرية في جزيرة سواكن السودانية لولا الإطاحة بالبشير، إضافة لتواجد عسكري قوي شمال سوريا والعراق يهدف بالأساس لتقويض أيّ محاولة كردية انفصالية، فضلاً عن مطامع في زيادة النفوذ، بحسب ما ذكرت صحيفة "أحوال" التركية.
قواعد في ليبيا
وتأكيداً لما سبق تداوله من معلومات، كشفت صحيفة "يني شفق" المقربة من الحكومة التركية أنها تنوي إنشاء قاعدتين عسكريتين دائمتين في أراضي ليبيا حيث تدعم قوات حكومة الوفاق الوطني.
ونقلت الصحيفة، عمّا أسمته "مصادر إقليمية"، أنّ "التعاون العسكري بين ليبيا وتركيا سيرتقي إلى مستويات أعلى" بعد الزيارة التي قام بها إلى أنقرة يوم 4 يونيو رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، حيث التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وأوضحت أنه "يجرى النظر حالياً لإعادة تشغيل قاعدة الوطية الجوية العسكرية التي يتم إصلاح البنية التحتية بها، فضلا عن الجهود المبذولة لإزالة الألغام".
وذكرت الصحيفة أن هذه الجهود تهدف إلى أن تكون الوطية متاحة لبناء تركيا قاعدة جوية فيها، حيث من المقرر أن تحتضن طائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي تركية ساهمت في نجاح العمليات العسكرية التي أسفرت عن استعادة ميليشيات حكومة الوفاق السيطرة على هذا الموقع العسكري الهام.
وأضافت الصحيفة أنه "علاوة على ذلك سيتم اتخاذ خطوات مماثلة في ميناء مدينة مصراتة الساحلية التي تطل على البحر الأبيض المتوسط"، ليتم فيه بناء "قاعدة بحرية مع تحصين قاعدة الوطية بالطائرات المسيرة والأنظمة الجوية".
توتر متزايد
وتابعت الصحيفة: "بالتزامن مع الاستفزازات اليونانية في شرق المتوسط والتوتر المتزايد هناك، يتطلب وجود قوات بحرية تركية في المياه الإقليمية الليبية وبناء على ذلك يعتقد تحويل ميناء مصراتة إلى قاعدة بحرية تركية دائمة".
وأضافت مع ذلك أنه سيكون لدى تركيا "النصيب الأكبر في استخراج النفط هناك"، مشيرة في هذا السياق إلى أن "وجود السفن الحربية التركية ضروري للحفاظ على سلامة أنشطة التنقيب من أي تهديدات محتملة".
وتعتبر تركيا أكبر داعم عسكري خارجي لقوات حكومة الوفاق الوطني الليبية في المواجهة مع الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يتهم تركيا بدعم الإرهاب في بلاده وزعزعة استقرارها عن طريق تدخلات عسكرية بما في ذلك نقل مسلحين من أراضي سوريا للقتال في ليبيا.
ومنذ وصول الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الحكم في تركيا عام 2002، شهدت تركيا تغييرات على الصعيدين الداخلي والخارجي، ومن أبرز هذه التغييرات رؤية تركيا لدورها الإقليمي على ضوء تاريخها العثماني، وما تشهده المنطقة المحيطة مباشرة بها من اصطفافات جديدة وتوترات وصراعات، حتى أنّ أردوغان قد انقلب على أقرب المُقرّبين له في تركيا وخارجها، وحاد بشكل كامل عن سياسة "صفر مشاكل" التي كان قد اتخذها شعاراً من قبل لسياسته الخارجية.
وفي 27 نوفمبر 2019 وقعت حكومة الوفاق والسلطات التركية مذكرتين حول ترسيم الحدود البحرية وتعزيز التعاون العسكري الأمني بين الطرفين، وأثارتا معارضة شديدة من قبل حفتر وكذلك كل من مصر واليونان وقبرص والاتحاد الأوروبي.
وتقول الأطراف المذكورة إن "هاتين الوثيقتين غير قانونيتين، متهمة تركيا بالسعي للتمركز عسكريا في ليبيا والاستفادة من الأزمة في البلاد للاستيلاء على موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط عن طريق منطقة اقتصادية خالصة وسط خلافات متزايدة مع الدول المجاورة".
سيناريو اليمن
لم يعد خافياً أنّ المخابرات التركية تسعى لتكرار السيناريو الليبي في اليمن، حيث يشهد الدور التركي هناك تصاعداً لافتاً خلال الآونة الأخيرة عبر استغلال أنقرة نفوذها المتزايد في فرع التنظيم الدولي للإخوان في اليمن الذي يمثله حزب الإصلاح المسيطر على مفاصل الحكومة الشرعية في هذا البلد العربي، فضلاً عن نفوذ تركي قطري قوي لدى إيران وميليشيات الحوثي الموالية لها.
وفي هذا الصدد، كشف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، أنّ الاستخبارات التركية طلبت بشكل رسمي من الفصائل السورية الموالية لها تحضير مقاتلين "مرتزقة" بغية إرسالهم إلى اليمن للقتال مع الجماعات المُتشددة هناك، وذلك مقابل مبالغ مالية ضخمة ومُغريات كثيرة.
وكشف المرصد النقاب عن ما يُسمّى بغرفة عمليات أنقرة التي طلبت من الفصائل السورية التابعة لها، والتي تُجنّد المرتزقة في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون 300 مقاتل من كل فصيل مقابل مبالغ مالية كبيرة تصل إلى 5 آلاف دولار شهرياً لكل مقاتل لدعم حزب الإصلاح في اليمن.
ويرى مراقبون سياسيون أنّ أردوغان يسعى لإرسال من تبقى من مُرتزقة الفصائل السورية إلى اليمن، وإفراغ مناطق الشمال السوري منهم، وخاصة في عفرين، حيث تعمل تركيا على نقل هؤلاء المقاتلين إلى ليبيا واليمن ونشر القوات التركية مكانهم لتسليمها زمام الأمور بالكامل في عفرين، وذلك بحجة ما بدر من سلوك وفساد هؤلاء المرتزقة، وبذلك تنتقل أنقرة لمرحلة الاحتلال المباشر في سوريا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق