لقراءة البحث كاملا اضغط هنا
عبد الله عيسى الشريف
تواجه الدول العربية عددا من التحديات تفرض عليها العمل بوعي شديد لكل المتغيرات والتطورات الجارية على الساحتين الدولية والإقليمية، والارتقاء إلى مستوى التحدي، ويبقى أن التحدي الأكبر في هذه البلدان هو تحدي التدخلات فى الشؤون الداخلية لها، ما من شأنها زعزعة مقومات الدولة الوطنية الحديثة فضلاً عن معوقات العمل العربي المشترك، إذ إن المصير العربي المشترك لا ينبع إذن من وحدة الرؤى وقوة العلاقات التعاونية فقط وإنما ينبع كذلك من أوضاع بنيوية ينظر الآخرون بموجبها إلى الدول العربية على أنها كل لا يتجزأ ويحاولون تشكيل أوضاعها بما يلائم مصالحهم، كما فى الخطط الشرق أوسطية لصياغة مستقبل المنطقة، فإن استسلمت الدول العربية لمحاولاتهم ضاعت كما حدث فى الحقبة الاستعمارية وإن قاومت هذه المحاولات كانت الصحوة كما حدث فى مرحلة التحرر العربي عقب الحرب العالمية الثانية وحتى عدوان 1967، ولم تقم للعرب قائمة بعد الهزيمة فى تلك السنة إلا عندما قدموا نموذجاً غير مسبوق للعمل العربى الجماعى فى مواجهة التحديات.[1]
لقراءة البحث كاملا اضغط هنا
فخبرة السياسة العربية المعاصرة منذ تحقيق الاستقلال في النصف الثاني من القرن العشرين قد شهدت تناقضاً واضحاً بين رفع شعار الوحدة العربية كغاية تسعى شعوب الأمة العربية إلى تحقيقها وبين العجز عن تحقيق هذه الغاية والابتعاد عنها شيئاً فشيئاً، وحتى في الحالات التي تحقق فيها نجاحا في إنجاز هذه الغاية بين دولتين عربيتين كالحالة المصرية – السورية (1958-1961) والحالة اليمنية التي تحققت فيها الوحدة بين شطري اليمن شمالاً وجنوباً في 1990، فإن العقبات قد أحاطت بها منذ البداية فانتهت التجربة الأولى بالانفصال، وشهدت الثانية حرباً انفصالية، صحيح أنها انتهت بتثبيت الوحدة ولكنها أحدثت في بنيتها جرحاً غائراً ظل ينزف حتى وصل «الحراك الجنوبي» إلى المطالبة بالانفصال قبل تفجر انتفاضة 2011 [2]، أو حتي فى ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة اليمينية بفعل تدخلات خارجية لعبت بالورقة الطائفية ضد وحدة وسلامة الأراضي اليمنية.
ولا شك أن لدى الدولة الإيرانية مشروعاً سياسياً للهيمنة يستهدف الخليج أولاً والوطن العربى من بعده، ومصدر الخطر فى هذا المشروع لا يكمن أساساً فى موازين القوى بين إيران والدول العربية فلديها من القوة ما يمكنها من التصدى للخطر إن أُحسن توظيفها، وقد أمكن لعاصفة الحزم أن توقف امتداد السيطرة الحوثية التابعة لإيران فى اليمن على أي حال وإنما يتمثل أصلاً فى المكون الأيديولوجى للمشروع الإيراني الذي يستند إلى الطائفية التى من شأنها إن استشرت فى الجسد العربي أن تفقده مناعته بالكامل، ومع ذلك فلا شك أنه من الأمور الأساسية فى مواجهة خطر المشروع الإيراني أن نفرق بين جوهر الخطر الذى لا خلاف عليه وبين أسلوب مواجهته الذى يشهد اختلافاً بيناً، فقد أصبحت إيران رقمًا صعبًا في المعظم إن لم يكن لكل الملفات الاقليمية المطروحة على منطقة “الشرق الأوسط”، وبالنظر إلى طبيعة العداء المستحكم بين إيران والولايت المتحدة منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وهو العداء الذي ستكون دول الخليج العربي أولى ضحاياه في حال حدوث مواجهة عسكرية أمريكية ـ إيرانية، حيث إن تصورات ورؤى الولايات المتحدة وإيران لأمن الخليج تضع دول الخليج العربي بين تنازع وتصارع في مشروعات للأمن لا تضع المصلحة الخليجية في المقام الأول وإنما تضع المصلحة لإيران والولايات المتحدة في المقام الأول.
ومنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، فإن القيادة الإيرانية تسعى إلى رسم خريطة جديدة للمنطقة في مواجهة الخريطة الأمريكية، مستعينة بما لديها من مرتكزات عقائدية وفكرية وسياسية مع ما تيسر من الحركة الاقتصادية فضلاً عن ركائزها الدينية ومن استقطبته من الدول الصديقة في المنطقة باعتبار أنها تضع نظرية إقليمية تحقق مصالحها وطموحاتها وتكون قابلة للتطبيق من خلال اتخاذ الأساليب المناسبة وفق المتغيرات الدولية.
انطلاقاً مما سبق، وفى ضوء الحديث عن تشكيل تحالف استراتيجي للشرق الأوسط، بدعم ورعاية أمريكية، لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، جاءت أهمية هذه الدراسة للتعرف على هذا التحالف لارتباطه بالأساس بالدور الإيراني، ومحاولة تقييم فرص نجاح / فشل هذا التحالف، وتتمثل الإشكالية البحثية للدراسة، في عدد من التساؤلات كما يلي:





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق