نشأ علم الإستغراب كنظرية تفسير لمواجهة التغريب أو محاكاة الثقافة الغربية وحضارتها، وحدّد حسن حنفي في نظريته التحديات التي تواجه "الأمة" والموقف منها وهي: تحرير الأرض، الحريات العامة، العدالة الإجتماعية، وحدة الأمة في مواجهة التجزئة، التنمية الشاملة، الهوية ضد التغريب، وتعبئة الجماهير وحشد قواها (1)واعتبر أن "التحدي الأعظم هو كيف يمكن المحافظة على الهوية"(2)
_ فك العقدة التاريخية بين الأنا والآخر
فك هذه العقدة التاريخية على المستوى النظري في علم "الإستغراب" يبدأ بتحديد طرفي المواجهة وهما: "الوعي الأوروبي التاريخي Diachronic مقابل وعي الإسلام الماهوي Synchronic "(3)
في هذه المواجهة بين "الوعي الأوروبي التاريخي" و"الوعي الإسلامي الماهوي"، وقبل أي مسألة، لدينا كل المبررات لنقد الكلمات، دراستها ومعرفتها، من أجل فهم الكلام، فثقافة العرب هي ثقافة الكلام مع الفكر والعقل، أياً كان منحى الكلام.
- الثقافة الغربية Occedent والإستغراب Occidentalism
يجب الدفاع عن Occedent ضد Occidentalism ،عن الكلام ضد الكلامية.
إن كلمة Occedent تعني المناطق الغربية أو تقع في المناطق الغربية، وتعني أيضاً السمات المميّزة للشعوب أو السمات والأفكار المميزة للثقافة الغربية.
أما كلمة Occidentalism فيستخدمها المؤلفون:
أولاً: لوصف الصورة المادية اللإنسانية للغرب وغياب العنصر الروحي منه.
ثانياً: كنظرية خطاب أيدولوجي لمذهب سياسي أو فكري- فلسفي، كلامي مضاد للإستعمار الثقافي والحضاري الذي جاء بعد الإستقلال الوطني، وفكرته الرئيسية تحويل "الغرب" إلى موضوع للدراسة، والهدف تحويل الطرف إلى مركز.
إن كلمة Occedent تعني المناطق الغربية أو تقع في المناطق الغربية، وتعني أيضاً السمات المميّزة للشعوب أو السمات والأفكار المميزة للثقافة الغربية.
أما كلمة Occidentalism فيستخدمها المؤلفون:
أولاً: لوصف الصورة المادية اللإنسانية للغرب وغياب العنصر الروحي منه.
ثانياً: كنظرية خطاب أيدولوجي لمذهب سياسي أو فكري- فلسفي، كلامي مضاد للإستعمار الثقافي والحضاري الذي جاء بعد الإستقلال الوطني، وفكرته الرئيسية تحويل "الغرب" إلى موضوع للدراسة، والهدف تحويل الطرف إلى مركز.
_ التغرب Westernize والتغريب Westernization
لغوياً تعني: تغرّب أو تفرنج، غرّب، فرنج. وعلى المستوى الإجتماعي يتغرّب.
وفي المعاجم والقواميس الإنجليزية تعني أن تصبغ أو تتشرب الصفات المرتبطة بالبلدان الغربية خاصة البلدان غير الشيوعية في أوروبا وأمريكا.
وفي المعاجم والقواميس الإنجليزية تعني أن تصبغ أو تتشرب الصفات المرتبطة بالبلدان الغربية خاصة البلدان غير الشيوعية في أوروبا وأمريكا.
التغريب Westernization: التحول إلى التقاليد أو التقنيات الغربية أو تبنّي النمط الغربي. _ مفردة "الإستغراب"
إن دلالة مفردة "الإستغراب" في المعنى اللغوي، ليس هو المعنى الثقافي أو الأيدولوجي أو السياسي أو الإجتماعي.. الخ. ثقافياً تطلق كلمة الإستغراب على "محاكاة" ثقافة الغرب للإنتقال من التأخر إلى الحداثة ، وأيدولوجياً "القضاء على أسطورة الثقافة العالمية التي يتوحد بها الغرب، ويجعلها مرادفة لثقافته"(4) وسياسياً "القضاء على المركزية الأوروبية"،(5) أي على ثنائية المركز والأطراف، لإنهاء التبعية السياسية، وإعلامياً إنهاء سيطرة الغرب على أجهزة الإعلام، وهيمنته على وكالات الأنباء، ودور النشر الكبرى، وإقتصادياً إنهاء التبعية الإقتصادية، وتاريخياً إنهاء الصياغة الأوروبية للتاريخ، وإلغاء "التحقيب" الأوروبي القائم على ثلاثة عصور: العصور القديمة والوسطى والحديثة.
_ الوعي الأوروبي التاريخي Diachronic
_ الوعي الأوروبي التاريخي Diachronic
كلمة Diachronic مرتبطة بالزمن، ومتعلقة بالتعامل مع الظواهر حسب اللغة أو الثقافة فور حدوثها أو تغيراتها خلال فترة زمنية.
في المعنى اللغوي Dia
في المعنى اللغوي Dia
البادئة تحدث في الكلمات المستعارة من اليونانية، وفي الأصل تعني خلال، بين، تماماً، عبر، بعيداً، بمعزل، طوال، على حدّ.
ومعناها في كلمة Diachronic : خلال فترة زمنية، والمقصود فيها معنى التعارض بين العوامل الداخلية أو القوى المتعارضة كظاهرة تاريخية في مجتمع معيّن في أو طوال زمن محدد، ومن شأن هذه الحركة الداخلية التاريخية أن تضع حداً في لحظة زمنية ما، وتفرض تحولات نوعية على المجتمع في كافة المجالات، وعلى هذا ينبغي رفض مبدأ الآلية.
- الوعي الإسلامي الماهوي Synchronic
كلمة Syn بادئة تستخدم في الكلمات المركبة، ومعناها "مع" أو "معاً"، وهي كلمة تتعلق بدراسة الظواهر مثل السمات اللغوية أو الأحداث في وقت معين دون الرجوع إلى سياقها التاريخي. والمقصود بها هنا في الفكر- الفلسفي، الكلامي آن الوعي الإسلامي الماهوي كظاهرة هو "فوق التاريخ"، وليس قائماً على نظرية معرفة أو طريقة فكر، فكر ينقضّ على التاريخ، ويرفع راية "الأمة" الأصيلة، ثقافة وحضارة، وماهية، وروح ومادة في الأزلي، وليس التاريخ غير "انحراف" عنها، بمعنى آخر، البقاء خارج أمور العالم والتاريخ، والعودة إلى الأصل والأصول والأصولية، دون الإنتباه إلى خط "عبر"- الكلمة البادئة "ديا" التي "ليتنت"- من اللاتينية الغزالي، وابن رشد، وابن خلدون، والخوارزمي، وغيرهم.
_ روافد "التغريب" في الفكر العربي
منذ حملة نابليون على مصر وقعت "صدمة الحداثة"، بعدها بدأ عصر النهضة العربية، فأنتجت ثلاثة تيارات اعتبرت – حسب منظري الإستغراب- الغرب نمطاً للتحديث: مدرسة الإصلاح الديني عند الأفغاني ومحمد عبده والكواكبي، وتيار الفكر السياسي الاجتماعي الليبرالي عند رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك، والتيار العلم الطبيعي والعلمانية عند شبلي شميّل وفرح أنطون. هذه التيارات الثلاث رغم إهمالها للفلسفة، أي وحدة "المنطق، الجدل، ونظرية المعرفة" إلا أنها ذهبت إلى اختلاف حقيقي إيجابي لتكون محركاً لمشروع نهضوي للأمة، واليوم لا يريد منظورا علم "الاستغراب" اختلافاً بين "الأمة" بل يريدون "وحدة ثقافة الأمة" التي ضاعت، فتفرقت الأمة، وتجدهم يغضون الطرف عن القاعدة الشهيرة للشهيد حسن حمدان "الموت في التماثل والاختلاف حياة الزمن".
_ إزاحة التمركز الأوروبي الثقافي
عند منظري "الاستغراب" واضح أن هناك ميل إلى إزاحة خرافة وأسطورة الثقافة العالمية التي يتوحد بها الأوروبي. و"الأوربي" هنا ليس فرداً مرئياً أمامنا، بل هو وصف لمجتمعات، لعصور إنسانية دنيوية لها طابعها من الكلّي، وبالتالي هي أوصاف لأفراد. إن أي خاص فيه جانب وطابع من عمومية وكلية، وأن نتصوّر أن "الأوروبي" ليس "العالمي"، خاصّه ليس فيه جانب من عمومية، فهذا تصوّر باطل.
إن فكرة "إزاحة التمركز الأوربي الثقافي" الأيدولوجية ألغت من تاريخنا كل تجسيد "أوروبي" إيجابي حمله تاريخنا المعاصر، وأنهى إمكانية علمية موجودة، من إمكانيات واقعنا وتراثنا، فأي "علوم" يمكن أن تكون بدون هؤلأ الأوروبيين- الغربيين الذين استولوا على علوم العرب والمسلمين، وعلى كثير من الأشياء كانت عندنا ولنا؟ كانت خاصة لنا، لكن كان لها طابع العمومية أيضاً. لم يكن القادة المسلمون، ورجال الفكر وسلسلة طويلة من رجال الدين مع "خصوصيات إسلامية" بل كانوا مع الإسلامية كعموم، كعقيدة إله واحد مع الإنسان والكون، واستولوا على الفكر اليوناني والروماني والفارسي في مرحلة من مراحل العصور الوسطى، وهو ما ينطبق على رجال النهضة الأوروبية الحديثة.
_ قضية الهوية
إن حالة الركود العربية، أوضاع الصناعة والزراعة والصحة والتعليم والنقل، والموصلات..الخ، هي قضايا الفكر وتحته "قضية الهوية" التي يعتبرها منظروا علم "الإستغراب" من أهم القضايا الرئيسية في مواجهة "التغريب". عملياً إن لوثر انتصر علينا أو انتقم منا، وديكارت وهيوم ولوك وكانط. التاريخ ارتقاء، وفي التاريخ الأوروبي الصاعد فكرة الحق أسست عملية صنع القانون، نمو الحق الواقعي في واقع الناس ومجتمعهم، وهذا جانب، ومن الجوانب الأخرى، الفلسفة والأخلاق..الخ. الماهوية أو الجوهر صنم خاص ضد الكلي والحقيقة والحق. في الماهوية أو جوهر هوية الأمة يوجد مطلق واحد للوعي الحقوقي والأخلاقي: التوافق مع مصالح الأمة وليس لحق الإنسان المجرد، وهذا الإنتكاس المرعب في صالح الإمبريالية والصهيونية واستعمار الشعوب، إنه عالم جزئي، تبسيطي خارج ثقافة الإنسان الكلي والفرد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حنفي، حسن، مقدمة في علم الإستغراب، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت لبنان، ط 1، 1412- 1992، ص 21.
(2) حنفي، حسن، المرجع نفسه، ص 21.
(3) حنفي، حسن، المرجع نفسه، ص15.
(4) حنفي، حسن، مصدر سابق، ص 28.
(5) حنفي، حسن، مصدر سابق، ص 28.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حنفي، حسن، مقدمة في علم الإستغراب، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت لبنان، ط 1، 1412- 1992، ص 21.
(2) حنفي، حسن، المرجع نفسه، ص 21.
(3) حنفي، حسن، المرجع نفسه، ص15.
(4) حنفي، حسن، مصدر سابق، ص 28.
(5) حنفي، حسن، مصدر سابق، ص 28.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق