بداية الصراع بين الحزب الشيوعي والاخوان في السودان

. . ليست هناك تعليقات:






لنتعرف على اليسار السوداني (1)
بداية الصراع بين الحزب الشيوعي والاخوان
==========
ترجع جذور القطيعة والخصام بين اليسار السوداني وجماعات الإسلام السياسي، إلى حادثتين مهمتين في تاريخ السودان السياسي الحديث؛ أولهما حادثة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان في عام 1965، حيث قام الإخوان المسلمون بقيادة حملة ضد الحزب الشيوعي على خلفية حديث لطالب منسوب للحزب الشيوعي بمعهد المعلمين العالي أساء فيه إلى الدين الإسلامي، وبعدها تم تجييش الشارع ضد الحزب الشيوعي.

واتخذت الجمعية التأسيسية في جلستها بتاريخ 25/11/1965، قراراً بحل الحزب الشيوعي، وتعديل الدستور لطرد نوابه من البرلمان. وبعد عام، أعلن رئيس المحكمة العليا، القاضي صلاح حسن، بطلان قرار الجمعية التأسيسية بحل الحزب الشيوعي، لكن قادة أحزاب الأمة والاتحادي والإخوان المسلمين رفضوا قرار المحكمة العليا، الأمر الذي خلق حالة احتقان سياسي وغبن عجّلت بقيام انقلاب العقيد جعفر نميري في 1969.

الحادثة الثانية

ترجع الحادثة الثانية، إلى أول أحداث عنف منظم شهدتها الجامعات السودانية في عام 1968 في جامعة الخرطوم، وذلك عندما هاجم طلاب مسلحون يتبعون لتنظيم "الاتجاه الإسلامي" عرضا لرقصة تراثية تسمى "رقصة العجكو"، كان يشرف على تقديمها تنظيم "الجبهة الديمقراطية"، الذراع الطلابي للحزب الشيوعي، ومنها بدأ النزوع إلى التشدد والميل إلى تبني الاتجاهات المتطرفة من كلا الفريقين.



لنتعرف على اليسار السوداني (2)

أن التنكيل الذي تم بقوى اليسار والعلمانيين من قبل الحكومة الإسلامية في السودان منذ عام 1989، والذي لم يخل من حوادث تعذيب وقتل، أدى إلى خلق تيار عريض متشدد تجاه كافة حركات الإسلام السياسي، وليس المتدينين، حيث يولي عدد كبير من العلمانيين والشيوعيين السودانيين اعتبارا كبيراً لمؤسسة الصوفية السودانية باختلاف مشاربها، وهي تمثل بالنسبة لهم حائط الصد الأول لتيارات التشدد وجماعات الإسلام السياسي. ويشير حافظ إلى أن أساس التشدد اليساري يكمن في تبني الرؤية الأحادية والمنظور الأحادي نحو العالم والأشياء.

ويقطع بأن بعض اليساريين يستثنون منتسبي تيارات الإسلام السياسي من أي حقوق أو امتيازات ديمقراطية، لعدم إيمان جماعات الإسلام السياسي – نفسها - بقواعد العملية الديمقراطية، مشيرا إلى أن الشواهد كثيرة في السودان أو بمصر على المستوى الإقليمي، حيث تتخذ هذه الجماعات العملية الديمقراطية كسلم نحو أسلمة وتدجين المجتمع ككل، متى ما وصلت إلى السلطة


فرصة لليسار السوداني

أكثر من مائة حزب في السودان، تتباين حجومها وفاعلياتها. ليست صفتُها أحزاباً فحسب ملحوظةً تماماً في المشهد المستجد في البلاد منذ أولى مسيرات الانتفاضة الراهنة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ تنزاح هذه الصفة في اندراج بعض هذه الأحزاب (أو هيئات منها) في التكتلات الأربعة (أو ربما أكثر) التي يتشكّل منها "إعلان الحرية والتغيير"، والذي يعد "تجمع المهنيين" أبرز قواه وأهم تكتلاته،

فالميزة الظاهرة في التجمع أن السّمْت الحزبي فيه شحيحٌ، وأن صفته للمهنيين تنطقُ بما هو عليه بالضبط، باعتباره تشكيلاً تمثيلياً لأطباء ومحامين وصحافيين ومهندسين وأساتذة جامعيين، معارضين للنقابات التي ظلت تمتثل لسلطة نظام عمر البشير. ما يجعل البعد النقابي، بروحٍ كفاحيةٍ بادية، اللون الأبرز لأداء هؤلاء المهنيين في الكيانات التي تضمهم، ويؤطّرها هذا التجمع الذي وُصف بأنه شبه سرّي، منذ تأسيسه في غضون احتجاجات سبتمبر/ أيلول 2013، ثم ترسيم معالمه في 2016، وإشهاره في 2018. والمعطى هنا أن المطلبي المعيشي الاجتماعي هو المحتوى العام لمشاغل هذا التجمّع،

كما دلت وقائع متتالية، أكدّتها وقفته الاحتجاجية في 25 ديسمبر/ كانون الأول أمام مقر المجلس الوطني (البرلمان)، ليسلّم رئاسة المجلس توصياتِه بشأن رفع الحد الأدنى للأجور، ولتتحوّل هذه الوقفة إلى مسيرةٍ باتجاه القصر الرئاسي. ثم لينعطف السودان، بدءاً من هذه المسيرة، إلى انتفاضةٍ، تدخلت قيادة الجيش في غضونها، لتزيح عمر البشير، ثم يُبرِز الاعتصامُ الثوري أمام مقر قيادة الجيش "إعلان الحرية والتغيير" عنواناً سياسياً للانتفاضة، يُفاوض المجلس العسكري المستجد بشأن المرحلة الانتقالية الراهنة.

لم تكن أجهزة البشير تكذب في اتهامها "تجمع المهنيين" بأنه يخضع لتمثيلاتٍ يسارية، منها الحزب الشيوعي، وإنما كانت تكذب في رميها المهنيين في تجمّعهم هذا بأنهم يتلقون دعماً خارجياً، ويعملون لجهاتٍ أجنبية. ولمّا كان المزاج العام في التكتلات الأربعة (وربما أكثر) لقوى إعلان الحرية والتغيير تشكّله تنويعاتٌ من يساريين وقوميين وشيوعيين وناصريين، ومع انسحاب ممثلين من حزب المؤتمر الشعبي العام (الإسلامي النزعة، الترابي التأسيس في 1999) من تكتل "الإجماع الوطني" المنضوي في "الحرية والتغيير"، يصير في الوُسع أن يُقال إن اللون الإسلامي السياسي، الإخواني وغيره، غائبٌ من هذا التشكيل العريض. أما أن ثمّة شحناتٍ إسلاميةً تقليدية، صوفية وغيرها، في الاتحادات التي تتبع حزب الأمة وغيره، وتنخرط في تكتلات إعلان الحرية والتغيير، فلا دلالة خاصة لهذا.

إنها إذن فرصةٌ نادرةٌ تتوفر لليسار في السودان، لا ليلتقط أنفاسه فقط، بعد تنكيلٍ كثيرٍ غالبه في الأعوام الثلاثين الماضية وقبلها، وإنما أيضاً لتظهير نفسه صاحب المبادرة والأهلية والفاعلية والكفاءة، في غضون انعطافة السودان إلى عهد جديد، يُفترض أن يقطع مع ركاكة الماضي. وليس من الحصافة أن يقدّم معلقٌ متعجلٌ في صحافةٍ سيّارة، كما حال صاحب هذه الكلمات، دروساً لأهل هذا اليسار في هذا البلد الذي يُغالب مشكلاتٍ عويصةً على غير صعيد، وإنما هي بديهياتٌ تذكّر بنفسها، من قبيل أن الاختبار الاستثنائي أمام قوى اليسار السوداني المتعب، والمثقل بمراراتٍ وفيرة، يفرض عليها أن تتخفّف من تأثيرات هذه المرارات ووطأتها، وأن لا تتعامل مع المغايرين لها بذهنية المنافسة في اتحاد طلابٍ جامعيين، أو المنازعة في انتخابات نقابة معلمين. الأمر هنا مختلف، يتعلق بدولةٍ، وبمسؤوليةٍ ثقيلة عن حاجات مواطنين لا تتوقف.

قوى اليسار السوداني مطالبةٌ، في غضون الفرصة النادرة الراهنة، بأن تجترح الصيغة العملية، الممكنة والملحة، لتنزيل الأطروحات والمقولات إياها عن عدالةٍ اجتماعيةٍ وحرياتٍ وديمقراطية إلى الواقع. ومن أولى لوازم هذا الاستحقاق أن يكون السودان "وطناً يسع الجميع"، الشعار الذي ذكّر به بيانٌ لإعلان الحرية والتغيير دان اعتداءً شنيعاً على اجتماعٍ لمجلس الشورى لحزب المؤتمر الشعبي، السبت الماضي. والمرجوّ أن لا يكون يساريون أخذتهم روحية الانتصار المتعجّل هم الذين أقدموا على الفعلة التي جاءت إدانة البيان لها معطوفةً على تذكيرٍ بتحمّل رموزٍ من الحزب المُعتدى عليه "وزراً كبيراً فيما حدث خلال 30 عاماً". وهذه قصةٌ سودانية، كما كثيرٌ غيرها، شرحُها يطول.
29 أبريل 2019


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

برنامج ضروري لضبط الموقع

صفحة المقالات لابرز الكتاب

شبكة الدانة نيوز الرئيسية

اخر اخبار الدانة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية
روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة
بالتفصيل لكل دول العالم - احصائيات انتشار كورونا لحظة بلحظة

مدينة اللد الفلسطينيةى - تاريخ وحاضر مشرف

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة