قاعدة الولاء والبراء الدينية.. والمواطنة

. . ليست هناك تعليقات:


الفقهاء والمفسرون حولوا الولاء والبراء من قواعد مجتمعية الي عقيدة إيمانية ومن خلاله بثوا سموم الكراهية والبغض للآخر مستندين على نصوص صاحبت بداية الرسالة وتوسع هؤلاء المتعصبين المتشنجين في تأويلها وشرحها لتزداد شراً وتعقيداً.

بقلم: سمير زين العابدين 

في مجتمع البداوة القبلي، حيث لا وطن ولا مواطنة، وحيث القبيلة هي المجتمع الأكبر، الحاضن لكل أفراده، في مواجهة قبائل (مجتمعات) أخري، كان ضروريا أن ينحصر الولاء للقبيلة، حيث تتركز آليات التعاون في كافة مجالات الحياة، وحيث يجد الفرد الحماية اللازمة لحياته واستمرارها.
وفي زمن الرسالة، كان من المفهوم أن يجري العمل على سلخ الفرد من قبيلته ومجتمعه، لضمه الي المجتمع الناشىء الجديد بآليات وقواعد خاصة تتصف بالدينية، ولكنها في مجملها لا تختلف كثيرا عن آليات وقواعد القبائل الأخرى، فالتراث والخبرات والثقافات واحدة.
وبدلا من تسميات القبائل المتعارف عليها كقريش وخزاعة وكنانة ومضر... صار المجتمع الجديد يدعو نفسه بالمؤمنين، ويصف الآخرين بالكفرة والمشركين، وحيث أن المؤمنين جميعا كان لهم انتماءاتهم السابقة فكان ضروريا كسر هذا الانتماء، ورفعه الي انتماء أكبر هو المجتمع المسلم.
لهذا استحدثت قواعد الولاء والبراء، الولاء أو قل المحبة والانتماء للمجتمع المؤمن الجديد، والبراء أو التبرؤ أو قل الكراهية لكل ما هو خارج هذا المجتمع الناشىء، والمتمثل في المشركين والكفار وكل الذين لم يعلنوا إيمانهم، ولم ينضووا بعد تحت راية النبي وتابعيه من المؤمنين.
هذه الوحدة المجتمعية الجديدة بأعدادها المحدودة في مكة، لم تلبث أن انتقلت الي المدينة، بقبائلها الأكثر عددا وتنوعا، وأبرمت المصادقات والمعاهدات، لتحقيق تعايش مقبول في ظل تعددية دينية وعرقية، ولم تلبث أن تحولت الي وحدة سياسية، يرأسها النبي، تتوطن في بقعة محددة تشكل وطنا جديدا، وكان المفروض هنا أن ينتقل الولاء من هذه الجماعة الصغيرة، جماعة المؤمنين، الي الوحدة السياسية الجديدة بكل تعدداتها في الوطن الجديد، ولم يحدث، خاصة مع بدء الحروب الإسلامية التي يشنها المؤمنون، وبدء توسع الدولة الوليدة بصيغتها الدينية، علي حساب القبائل المحيطة، فبقيت قواعد الولاء والبراء، حافزا معنويا هاما، يشحذ الهمم ويوفر أسبابا للقتال، قد لا تبدو واقعية بدونه.
أن قواعد الولاء والبراء، بكل نصوصها المقدسة، قد نعذر وجودها، في مراحل نشأة المجتمع الجديد، وتوسعه على الأسس الدينية في شكلها الأولي. أمّا وقد صارت دولة كبيرة، تحوي عناصر ومجتمعات أخري غير إسلامية، فاستقامة الأمور كانت تحتم أن ينتقل الولاء الي الوطن الأكبر، حيث الدولة الجديدة بكل تنوعاتها، درءا للفرقة والانقسام والاحتراب الداخلي، أو بمعني آخر، كان المحتم أن يعم مبدأ المواطنة بحقوق وواجبات متساوية، في وطن يظل الجميع، وينضوي تحته كل مواطنيه، حتي يطلق عليها لفظ دولة حتي لو كانت إسلامية!
استغل الفقهاء والمفسرون والحكام أيضا الولاء والبراء أسوأ استغلال، وحولوها من قواعد مجتمعية الي عقيدة إيمانية، ومن خلاله أكثروا من بث سموم الكراهية والبغض للآخر، مستندين على نصوص صاحبت بداية الرسالة، وتوسع هؤلاء المتعصبين المتشنجين في تأويلها وشرحها لتزداد شرا وتعقيدا، وتلقفها عدد من المرضي النفسيين، المهووسين دينيا، فارضي وصايتهم علي الناس بغير حق، فاتخذوا من التأويلات نصوصا مقدسة بعد أن نقلوا القداسة الي المؤولين، ليزيدوا النار اشتعالا.
بعد أربعة عشر قرنا يعيدون تقسيم المجتمع الي مؤمنين وكفار، وعملا بعقيدة الولاء والبراء ينثرون البغض والكراهية فيصورون موالاة الكفار بأمور ينهون المؤمنين إتيانها منها :
  • التشبه بهم في اللباس والكلام .
  • التسمي بأسمائهم.
  • اتخاذهم بطانة ومستشارين .
  • السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس.
  • الإقامة في بلادهم، وعدم الانتقال منها إلا بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين .
  • التأريخ بتاريخهم خصوصًا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي .
  • مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها .
  • مدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة، والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون النظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد .
  • الاستغفار لهم والترحم عليهم.
  • هذا بعض من كمّ البلاء الكامن في الولاء والبراء، لقد كان لهم في العهدة العمرية نموذجا ومثلا، عندما أرسل الي مسيحيي الشام شروطه للتصالح ووقف نزيف دمائهم فحوت من المهانة والمذلة:
  • الا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب.
  • ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم
  • ولا يؤووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين،
  • ولا يعلّموا أولادهم القرآن
  • ولا يُظهِروا شِركاً
  • ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوا
  • وأن يوقّروا المسلمين
  • وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس
  • ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم
  • ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً
  • ولا يبيعوا الخمور
  • وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم
  • ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين
  • ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم
  • ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين
  • ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يَظهِروا النيران معهم
  • ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين.
  • فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.
في النهاية أتوجه إلى فاقدي عقولهم المنادين بالدولة الإسلامية، المناهضين للمواطنة والدولة العلمانية الحديثة، ماذا لو طبقت الدول الأجنبية ذات الأغلبية المسيحية، شروطا كهذه على الأقليات المسلمة الموجودة لديها؟
أعلم أن إجاباتكم لن تخرج عن تجهيلي وتكفيري وقد تصل الي أكثر من ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

برنامج ضروري لضبط الموقع

صفحة المقالات لابرز الكتاب

شبكة الدانة نيوز الرئيسية

اخر اخبار الدانة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية
روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة
بالتفصيل لكل دول العالم - احصائيات انتشار كورونا لحظة بلحظة

مدينة اللد الفلسطينيةى - تاريخ وحاضر مشرف

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة