رواية " آنا
كارنينا - تولستوي
«تولستوي» ينتقد المجتمع الروسي المخملي ويعالج بعمق قضايا الحب والخيانة والتضحية
يقال عنه ضمير الإنسانية. كتب عن روسيا القيصرية. وصف بدقة متناهية أسرار وخبايا العائلات الأرستقراطية، وأثبت أن المظاهر بدون شك خداعة. المجتمع الروسي في القرن التاسع عشر كان يعيش طبقية و"فيودالية" لا مثيل لها، حيث النبيل، أو الأمير، أو الكونت، حسب درجة من يملك الأرض، ومن على الأرض أيضا. النبيل، له الحق في أن يفعل ما يشاء. مجتمع مخملي يعيش أفراده كل ليلة في حفلات، يتابهون فيها بثرواتهم، أو جمال زوجاتهم، أو إتقانهم للفرنسية. هذه الأجواء تعرف كذلك نميمة وثرثرة حول زواج هذه الأميرة من رجل لا تحب، وخيانتها له مع رجل آخر أقل منه مستوى، أو أخرى لا تعرف أصول التربية أو لا تعرف أداء رقصة "الفالتس". كل هذه الجزئيات تطرق لها الأديب الروسي العالمي " ليو تولستوي". هذا الأخير، يعتبر من أعمدة الأدب الروسي، بل من أعظم الكتاب الذين عرفتهم الانسانية.
«تولستوي» ينتقد المجتمع الروسي المخملي ويعالج بعمق قضايا الحب والخيانة والتضحية
يقال عنه ضمير الإنسانية. كتب عن روسيا القيصرية. وصف بدقة متناهية أسرار وخبايا العائلات الأرستقراطية، وأثبت أن المظاهر بدون شك خداعة. المجتمع الروسي في القرن التاسع عشر كان يعيش طبقية و"فيودالية" لا مثيل لها، حيث النبيل، أو الأمير، أو الكونت، حسب درجة من يملك الأرض، ومن على الأرض أيضا. النبيل، له الحق في أن يفعل ما يشاء. مجتمع مخملي يعيش أفراده كل ليلة في حفلات، يتابهون فيها بثرواتهم، أو جمال زوجاتهم، أو إتقانهم للفرنسية. هذه الأجواء تعرف كذلك نميمة وثرثرة حول زواج هذه الأميرة من رجل لا تحب، وخيانتها له مع رجل آخر أقل منه مستوى، أو أخرى لا تعرف أصول التربية أو لا تعرف أداء رقصة "الفالتس". كل هذه الجزئيات تطرق لها الأديب الروسي العالمي " ليو تولستوي". هذا الأخير، يعتبر من أعمدة الأدب الروسي، بل من أعظم الكتاب الذين عرفتهم الانسانية.
"العائلات السعيدة يشبه بعضها بعضا، وكل عائلة تعيسة، تعيسة بطريقتها"، أول عبارة بدأ بها "تولستوي" روايته الخالدة "آنا كارينينا". هذه الرواية قال عنها الأديب الروسي "فيودور دوستويفسكي"، إنها تشكل نموذج الرواية التامة بدون أخطاء تذكر، نشرت على مدى أربع سنوات ابتداء من عام 1873 في صحيفة "الرسول الروسي". ويقع الكتاب في 900 صفحة تقريبا، يتم غالبا تقسيمه لجزئين لتسهيل عملية القراءة. تدور أحداث الرواية حول "آنا" سيدة المجتمع الراقي الجميلة، تشع منها الأنوثة والرقة، حساسة وطيبة، وأم حنونة تجاه ابنها "سيرج" البالغ من العمر ثمان سنوات، وهي زوجة "أليكسي كارنين" الموظف السامي في الدولة، الذي يكبرها بـ 20 سنة. والجملة التي بدأ بها "تولستوي" روايته، فيها إشارة إلى ما تعيشه الشخصية الرئيسة للرواية من تعاسة، فهي رغم الغنى الذي يحيط بها من كل جانب، إلا أنها لا تحس بالسعادة. فزوجها مشغول عنها بطموحه السياسي لاعتلاء مناصب أعلى في الدولة، ولا يعير مشاعرها أي اهتمام.
تقع "آنا" في حب فارس ضابط يدعى "أليكسي فرونسكي"، هام بحبها هو الآخر طالبا منها ترك زوجها والعيش معه. "فرونسكي" تعلق بها لدرجة استعداده للتخلي عن درجته الاجتماعية، وعلاقته بأمه. "آنا" عاشت في دوامة من الحيرة، فمن جانب عشقها الشديد للحبيب الجديد، ومن جانب آخر تعلقها بابنها وعدم قدرتها على فراقه. هذه النقطة شكلت جوهر الرواية، ف"آنا" عانت من نظرة المجتمع الذي لا يغفر للمرأة أن تخون زوجها، في حين يبررها من جانب الزوج. وينتقد "تولستوي" ضمنيا العادات والتقاليد التي لا تسمح للزوج أو الزوجة بالإقدام على الطلاق، فحسب الديانة المسيحية الأرثوذوكسية لا يمكن كسر رباط الزواج، وهو ما سيضطر "آنا" إلى الهرب رفقة "فرونسكي" إلى إيطاليا والعيش هناك، بعد نظرات وأقوال المجتمع التي باتت تطاردها أينما حلت، واصفة إياها بالزانية.
ويستمر "تولستوي" في تحليل شخصية "آنا" عبر الأحداث المتتالية، فهي ستعرف حالات من تأنيب الضمير، ليس بسبب علاقتها برجل آخر، لكن بتركها لابنها خلفها، وهو الذي يمثل ما كانت تعيش من أجله، محتملة نفاق ورياء المجتمع. فبالإضافة لمعاناتها الداخلية، ستنجب طفلة أسمتها"أنوشكا" وهي ثمرة عشقها لـ"فرونسكي". أثناء عملية المخاض تطلب "آنا" الصفح من زوجها على ما فعلت، لتفاجئ بنبله ومسامحته لها، إلا أنها بمجرد مرور محنة النفاس تعود مجددا لحب حياتها "فرونسكي".
رغم حب "فرونسكي" ودعمه لها، إلا أن "آنا" لم تحتمل وصف المجتمع لها بالزانية ولابنتها البريئة باللقيطة، التي ما لبثت أن توفيت بعد أسابيع من ولادتها، وهو ما شكل صدمة لـ"آنا" التي فقدت كل شيء مكانتها الاجتماعية، ونفوذها، واحترام المجتمع، ولم يعد بإمكانها رؤية ابنها، لأن زوجها أخبره أن والدته توفيت، ليجنبه عار ما فعلت. وهو ما سيدخلها في دوامة من الإحباط، والضياع، والشك، متخيلة أن "فرونسكي" سيتخلى عنها من أجل فتاة أجمل منها ستختارها له والدته، لتعيد له مكانته وسط المجتمع الراقي.
"تولستوي"، انطلاقا من إيمانه بالعدالة والحكمة الإلهيتين، جعل شخصية "آنا" المترددة والضائعة تختار أن تضع حدا لحياتها، بعد تحقق إحساسها بتخلي الحب عنها في آخر المطاف، لأن التعاسة تبقى شخصية. وفي نفس محطة القطار التي شهدت لقاء "آنا" ب"فرونسكي"، ورؤيتها للقطار وهو يصدم أحد المارة، ستقوم برمي نفسها على سكة القطار، وهي ترى شريط حياتها يمر أمامها بسرعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق