هل كان السلف المشترك بين الإنسان والقردة يعيش في أوروبا؟!

من أحمد الحسنين

قام الباحثون بعمل أشعة مقطعية لدراسة تضاريس حفرية الفك السفلي لما كان يعتقد أنه أحد القردة القديمة في أوروبا، والتي عُثر عليها عام 1944 في اليونان. وذلك مع أحد الأسنان الطاحنة التي عُثر عليها في بلغاريا عام 2012، ووجدوا أن جذور الأسنان ملتحمة بطريقة لا تحدث إلا في الأسلاف البشرية أو البشر فقط. ويُعتقد أيضاً أنه كان يملك أنياباً أصغر من أنياب القردة العليا.


احد الأسنان الطاحنة (يمين) وحفرية الفك السفلي (يسار)، التي تعود لـGraecopithecus Freybergi – صورة: Wolfgang Gerber, University of Tübingen

وعند فحص الطبقات الجيولوجية المحيطة بالحفريتين اتضح أنهما تعودان لحوالي 7.18 مليون سنة (للفك السفلي) و7.25 مليون سنة (للسن الطاحن)، وكانت أوروبا في هذه الفترة شبيهة ببيئة السافانا الأفريقية -كما هو موضح في الصورة:

وهو ما يرجح أن هذه الحفريات التي تعود لـGraecopithecus Freybergi تعتبر بداية الانفصال بين الإنسان والشمبانزي، وهي أقدم بـ200 ألف سنة من أقدم حفرية بشرية معروفة وهي حفرية Sahelanthropus Tchadensis التي عُثر عليها في التشاد، وتم التعرف عليها فقط من خلال جمجمة حيث كان يُعتقد أنه كان ببداية المشي على القدمين.

لكن هذه الاستنتاجات قوبلت بانتقاداتٍ واسعة، فقد تكون أوروبا فعلا هي مكان تطور البشر، لكن هذه الصفات فقط ليست كافيةً، لأنه لدينا الكثير من الحفريات والأدلة التي ترجح تطور البشر في أفريقيا، لذلك فإننا سنحتاج المزيد من الحفريات في أوروبا لتأكيد هذه الاستنتاجات، فلو تم تأكيد أن هذه القرود كانت تمشي على قدمين فقط فستُحسم المسألة.

كما أن المشرف على البحث يقول إن هذه الحفريات لو كانت في أفريقيا لما قوبلت بهذا الانتقاد.

هذا البحث ذكرني بالجدال القديم بأن تطور البشر كان في آسيا وليس في أفريقيا. عامة أصول الإنسان القديمة هذه غير واضحة بشكل كافٍ، وحولها غموض كبير، لكن الكثير من العمل يتم في هذه اللحظة لكشف غموضها الواحد تلو الآخر، ويبقى الأمر مسألة وقت وحظ للحصول على حفريات أكثر تعطينا فكرة أوضح، فقبل 50 عام فقط لم نكن نعرف 20% ما نعرفه اليوم عن الأسلاف البشرية القديمة.