الفوائد الكبيرة لوجود شاعر في البيت! - إبراهيم نصر الله

. . ليست هناك تعليقات:



الفوائد الكبيرة لوجود شاعر في البيت! - إبراهيم نصر الله
يحار المرء في بعض الروايات، هل كُتبتْ للأطفال، أم للكبار؟ 
وهذا النوع، في تألّقه، يملك قوة خاصة وتأثيراً سحرياً، لأنه عابر للأجـــيال، والمستويات الثقافية للقارئ.
لقد لاحظت كثيراً، أننا حين نتورط في عمل سينمائي أو أدبي موجه للأطفال، وننسى أنفسنا ونحن نتابعه، ككبار، لاحظت أن هذا العمل غالباً ما يكون هو العمل الأثير، والناجح، والسحري، بالنسبة للصغار.
رواية (هيا نشتري شاعراً) للكاتب البرتغالي أفونسو كرُوش، نموذج لذلك الأدب الذي تنطلق في قراءته، غير مهتم، إن كُتب لك، أم كتب لأولادك! وهو يذكّر برواية مثل (الأمير الصغير) للفرنسي أنطوان إكزوبيري، و (حكاية السيد زومر) للألماني باتريك زوسكيند. ويبدو أن رواية الأمير الصغير، لما احتلته من مكانة في الذاكرة البشرية وتاريخ الأدب، ستبقى مصدر إلهام، وغَيْرة أيضاً، للكتاب في كل زمان ومكان.
يورد كاتب (هيا نشتري شاعراً) مقولة للفيلسوف وعالم الرياضيات أ.ن. وايتهاد، يقول فيها: على العلم أن يتعلم من الشعر.
وفي ظني، أن العلم تعلم دائماً من الأدب والفنون، ويمكننا أن نقول إن التاريخ الأدبي كان حافلاً باختراعات مذهلة، سابقة للعلم بكثير، لا لشيء، إلا لأن سرعة الخيال، كانت دائماً أكبر بكثير من سرعة العمل في المختبرات!
في أسرَة صغيرة مكونة من أربعة أفراد، يخيّم جوّ ماديّ على كل شيء، وخارج الأسرة لا توجد أسماء للأشخاص، بل أرقام بمثابة أسماء، كما أن أي حجم من الدموع يُذرف، يقاس بالمليمترات، لا بحجم الحزن الذي فجّرها، والقُبلة تقاس بحجم كمية اللعاب الذي تركته على خدود الأبناء، لا بدفء العلاقة، ومقدار الحبّ!
في واقع كهذا، لا يمكن أن يكون فيه الشاعر والفنان جزءاً طبيعياً من المجتمع، لأن على الناس أن يشتروا الشاعر، إذا ما أرادوا ذلك، من محلات تبيع شعراء وفنانين، كما يشترون قطة أو طائر كناري، وهم حين يقررون، عليهم أن ينتبهوا للآثار الجانبية التي يسببها اقتناء رسام مثلاً، لأنه يترك الكثير من الآثار المزعجة بعد عمله، وعلى سيدات البيوت أن ينظفن وراءهم كثيراً، وكذلك الأمر بالنسبة للنحّاتين.
العائلة التي لا نعرف أسماء لأي من أفرادها، وتروي طفلة في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من عمرها الحكاية، هذه العائلة تقرر شراء شاعر، فتذهب وتنتقيه بعناية. وفي ذلك المجتمع المادي، الذي يعززه الكاتب، باختياره لرب الأسرة وظيفة في مجال الحسابات، في أحد المصانع، يظل السؤال الذي يتردّد هو: ما فائدة وجود شاعر في البيت؟ أو ما ضرورة وجود الشعراء أصلاً في هذا العالم؟!
لا تلاحظ الأسرة ذلك التغيير الذي ينتج عن وجود شاعر تحت سقفها، أو بيت الدّرج التابع لمنزلها، لكن النتيجة جوهرية في النهاية، فالأخ يحقق بالشعر ما لم يستطع تحقيقه، رغم كل محاولاته، لاستمالة قلب الفتاة التي يحبها، ولا تبادله مشاعره، والصغيرة، ينفتح عالمها على ما هو أوسع من القفص الذي تكبر فيه، والزّوجة الخنوع تجد الجرأة لتتمرّد، أما الأب الذي يعاني مصنعه من خطر الإفلاس، فإن الشعر يلهمه، فيجد الحلّ!
لكن الكاتب الذي يكتب روايته برشاقة نادرة، تشبه كتابة اليوميات، أي يوميات الطفلة الساردة، ومن منظورها للعالم ووعيها به، يجعلنا طوال القراءة نصف مبتسمين، ومنتعشين في تلك الأجواء المبتكرة، الأصيلة، التي يقدّمها في روايته، بدءاً من العنوان، حتى نهايتها، وإن كانت ابتسامتنا وأحاسيسنا المنطلقة تخسر الكثير من أجنحتها، في ذلك الفصل الذي عنوانه (ما يشبه النهاية) ويتحدث فيه عن دور الثقافة في التنمية، وآراء الشعراء والمفكرين في الشعر وأهميته، إذ بدا الكاتب أنه يريد أن يُقنعنا عقلياً، بعد أن امتلأنا بعمله إنسانياً. كان هذا الفصل بمثابة تنظير لأطروحة الرواية ومحاولة لإقناعنا بما جاء فيها، ولم نكن بحاجة إلى تنظير يحلل الشعر والثقافة من منظور رقمي ومادي، وهذا أكثر ما يزعج في هذا الفصل الدخيل على النص الأدبي.
جمالية هذا الكتاب في طرافته، وفي قدرته على توسيع الخيال بأسلوب رائع، وكتابة مكثفة، لا فائض فيها، سوى الفائض الإيجابي من الخيال الذي يحسّ المرء بأنه يحلق معه وفيه، ولذلك يمكننا القول إنه كتاب ضروري، كضرورة وجود الشاعر، والرسام والنحات، كضرورة وجود الخيال في هذا العالم، والذي لولاه لكان عالمنا في غاية الضيق، ولكانت أحاسيسنا ليست أكثر من طبقات سميكة من جليد.
ولذا يسجل لمترجمه عبد الجليل العربي، ومكتبة الفكر الجديد، هذا الإنجاز.
وبعد:
لو أن الريح أتت تسألنا أن تتفجّر أو تهدأْ
لو أن الأشجار على التلِّ أتت تسألنا أن تخضرْ
لو أن العصفور لكي ينشد طالعنا يلتمس العُذرْ
لانطفأ العالم وبقينا غرباء معاً في هذا القبرْ!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

برنامج ضروري لضبط الموقع

صفحة المقالات لابرز الكتاب

شبكة الدانة نيوز الرئيسية

اخر اخبار الدانة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية
روابط مواقع قنوات وصحف ومواقع اعلامية

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة

احصائية انتشار كورونا حول العالم لحظة بلحظة
بالتفصيل لكل دول العالم - احصائيات انتشار كورونا لحظة بلحظة

مدينة اللد الفلسطينيةى - تاريخ وحاضر مشرف

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة